أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي
لمّا رأيتُ منازلَ الجوزاء - محيي الدين بن عربي
لمّا رأيتُ منازلَ الجوزاء - محيي الدين بن عربي
لمّا رأيتُ منازلَ الجوزاء ** خفيتْ عليَّ حقائقُ الأنباءِ
وعلمتُ أنَّ اللهَ يحجُبُ عبدَه ** عن ذاتِه لتحقق الأنساء
إنّ الدّليلَ مقابلُ مدلولهِ ** حكم التقابلِ بنفسه الإنشاء
انظر إلى أسمائه الحسنى تجد ** أعياننا من حضرة ِ الأسماء
فإذا بدا بالوجه أظهرَ كوننا ** بالنسخة ِ المشهودة ِ الغرَّاءِ
زلنا عنِ الأمثالِ لا بلْ ضربَها ** للهِ إذْ كنا منَ الجهلاءِ
أين الذراعُ وهقعة ٌ وتحية ٌ ** من فرضٍ قدرِ فوقهم متنائي
في أطلس ما فيه نجمٌ ثابتٌ ** يبدو يشاهد نوره للرائي
ولهُ الرطوبة ُ والحرارة ُ إذْ له ** طبعُ الحياة ِ وسرُّه في الماءِ
عصرُ الشبابِ لهُ وليسَ لكونِه ** في الرتبة ِ العلياءِ برجُ هواءِ
والدالي والميزانُ أمثالٌ له ** فالحكمُ مختلفٌ بغيرِ مِراء
حكمُ المنازلِ قدْ تخالفَ طبعهُ ** كيفَ الشفاءُ وفيه عينُ الداءَ
حارَ المكاشفُ في الدجى خيالَه ** مثل المفكر إذ هما بسواء
الأمرُ أعظمُ أنْ يحاطَ بكنههِ ** ومعَ النزاهة ِ جاءَ بالأنواءِ
حِرنا وحارَ العقلُ في تحصيلهِ ** إذ ليس منحصراً على استيفاء
لولا ثبوتُ المنعِ قلتُ بجودهِ ** المنعُ يذهبُ رتبة َ الكرماءِ
لا تفرحنَّ بما ترى من شَاهدٍ ** يبدو لعينكِ عندَ كشفِ غطاءِ
من شأنهِ المكرُ الذي قدْ قاله ** في محكمِ الآياتِ والأنباء
القصد في علمِ الأمور كما جَرَتْ ** ما القصد في حَمَل ولا جَوزاءِ
إنّ الطبيعة َ كالعروسِ إذ انجلتْ ** والبعلُ من تدريه بالإيماء
عنها تولدتِ الجسومُ بأسرها ** وتعاقبَ الإصباحُ والإمساء
فهي الأميمة للكثيفِ وروحُه ** وهو لها للنشئِ كالأبناءِ
وهم الشقائقُ يُنسَبون إليهما ** بالفعلِ لا بالتحامِ النائي
من دانَ بالإحصاءِ دانَ بكلِّ ما ** دلتْ عليه حقائقُ الإحصاءِ
لا تلق ألواحاً تضمن رحمته ** وادفع بهن شماتة الأعداء
واسلك بنا النهجَ القويمَ ملبياً ** صوتَ المنادى عند كلِّ نداء
هو حاجب البابِ الذي خضعتْ له ** غلبُ الرقابِ وآمرُ الأمراء