اماني كسيحة
اماني ..كسيحة
أنسل بخفة من الحافلة ليندس وسط الجموع التي يغض بها مدخل الجامعة، يتداخل مع الاجساد البيضاء والرمادية ، صدى ضحكات وقهقهات رنانة تضج بها باحة الحرم، تفقد اشياءه ، كتبة، جوالة ، قاموسه العلمي ، أحس بارتياح من إن كل شي على مايرام، قادته قدماه إلى كافتريا المطعم الغاص بالطلبة، فرائحة الشاي الصباحي تعبق بها القاعة، قرر إن يرتاح قليلا لينعش رأسه المثقل بليلة حبلى بالفروض المدرسية ودردشات الانترنيت ،دعك عينة فالنوم مازال يغفو عند اهدابه ، بكف باردة احتضن قدح الشاي الصباحي الدافئ يعب رشفات طويلة ليدفئ جوفة لينهض سريعا صوب القاعة ، الطريق إليها ضاج بوقع الإقدام الأنثوية التي تضرب أرضية الممر الخزفية ، دخل القاعة الغاصة بزملائه فأصواتهم تتداخل في الأجواء العاقبة ، على عجل جلس على كرسي وضع عليه دفتر أنيق ولم ينتبه لذلك، شعر ببرودة المقعد الخشبي وتحسس درجة برودة مقبضة الحديدي الاسود فلسعته برودته ودس يده في جيبه ، قلب كتبه وهو يدعك عينية ويتثاءب كجمل، حالما وقعت عينية على الدفتر الأنيق وسط كتبة تفحصه فاجتاحت عطور الياسمين انفاسة، ومثل طفل صغير فرح بلعبة صغيرة اهديت اليه، قلب دفتر ملاحظاتها خلسة وغرس عينية في اعذب وارق كلمات خطتها اناملها الرخامية وبألوان براقة زاهية معطرة بين فواصل الصفحات .
ومن دون تردد تمنى ان يكون ذلك الحبيب الذي تعنيه بذات الكلمات العابقة بشذاها وادرك انها دونت كلماتها بشذاها بل بأنفاسها، هكذا مرغ وجهة في الوريقات للدفتر الندي ، احس بشعور غريب طارئ وبفرح طفولي لا محدود وهو يمرر وجهة على اديم الورق العابق الذي تنسمه بنشوة ، تحسس برودة الورق الابيض ,وتصور لوهلة وبعينين متعبتين ناعستين بأن دفتي الدفتر هما يديها الدافئتين وهي تتلمس وجهة الكالح المشعر ، مرر شفتية على الخطوط والاحرف والكلمات , لثم بشفتية احرفها وتذوق للمرة الاولى دفئ يديها , شعر بدفئ غريب ورطوبة تسيل من فمه وعطن يتسرب الى منخريه ، احس بالدفتر ينسل بخفة وسمع صوت خط لحيتة على الورق، انتبة لنفسة ,جاس بألم فمه الذي سال لعابة , رفع رأسة لتكتحل عينية وللمرة الاخيرة بطلتها الملائكية وهي تقول :
- اعتذر ..اضطررت لاخذ الدفتر عندي محاضرة.
لطم وجهة بيدية وغاص في مقعد وهو يسمع قهقهات مكتومه واخرى تزايد صداها في القاعة.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|