جمعية الفدائية (من مواد الموسوعة الفلسطينية - القسم الأول- المجلد الثالث)
جمعية فلسطينية فدائية سرية كانت واحدة من الجمعيات التي تشكلت زمن الإدارة العسكرية البريطانية (1918-1920)
كظاهرة عامة طبعت العمل الوطني الفلسطيني آنذاك , وقد ضمّت "الفدائية " عدداً من رجال الشرطة والدرك , وعملت
مع الجمعيات العلنية الأخرى في القدس (النادي العربي, والمنتدى الأدبي , وجمعية الإخاء والعفاف) للإعداد للثورة
الشاملة بتسليح أعضائها بأسلحة خفيفة , وتهيئة قوائم بأسماء الصهيونيين البارزين والعناصر الموالية للصهيونية
من غير اليهود وتسجيل مكان إقامة كل منهم . وعملت الجمعية أيضاً على بث الدعاية الوطنية بين عشائر شرقي الأردن,
وبذلت الجهود لإعداد ضباط فلسطينيين في عمّان يكونون جاهزين للعمل إذا ماأعلنت الإدارة البريطانية سياسة موالية
للصهيونية , وعلّمت بعض أعضائها اللغة العبرية ليتابعوا ما يقال وينشر في الصحف العبرية , وعيّنت رجالاً من أفرادها
لمراقبة ما يجري في الساحة الفلسطينية , وسعت إلى الاتفاق مع بعض رجال الشرطة والدرك ليسلموا أسلحتهم أو
يسهلوا عمل الفدائيين إذا ما نشبت الثورة . كذلك اهتمت جمعية الفدائية بنشر مبادئ الوحدة العربية ولا سيما في أوساط
طلاب مدرستي الرشيدية وروضة المعارف في القدس .
كان أعضاء الجمعية يعقدون الاجتماعات مرة أو مرتين كل أسبوع دون ذكر موعد الاجتماع التالي إلا قبل حلوله ببضع ساعات
حفاظاً على السريّة . وفي اجتماع للإعداد للثورة عقد في 27/8/1919 وحضره 16 عضواً من أعضاء الجمعية تحدث
المجتمعون عن نجاح الاتصالات التي أجروها مع زعماء العشائر في شرقي الأردن , وعن الأسلحة التي تهيات لأفراد الجمعية,
وعن الفلاحين الذين ينتظرون بفارغ الصبر صدور الإشارة إليهم بالعمل . وقد ألقى جودت الحلبي أحد زعماء جمعية الفدائية
في الاجتماع خطاباً تحدث فيه عن استعداد أعضاء الجمعية للعمل ضد التحالف الإنكليزي- الصهيوني في فلسطين , وقال :" لقد
ابتعنا من الأسلحة بقدر ماأردنا وسنتلقى المزيد أيضاً . وإن عملنا الرئيسي ينبغي أن يكون ضد اليهود الذين يريدون أخذ
أراضينا , ولكن إذا ساعدتهم الحكومة البريطانية فسنكون ضدها أيضاً. وإن الكثيرين من أعضائنا وأصدقائنا هم من رجال البوليس
والدرك , وهو أمر ممتاز جداً بالنسبة إلى مستقبلنا. إن علينا ألا ننسى شهداء بلاد آبائنا وأجدادنا , شهداء كرامتنا ". وقال
عضو آخر :" إن جميع الفلاحين والبدو ينتظرون أول إشارة منا, وهو متأهبون لكل شيء".
وقد وصف وايزمان في تقرير له بتاريخ 8/2/1919 نشاط هذه الجمعية ومثيلاتها فقال : إن أعضاء هذه الجمعيات " كانوا يوفدون
أحياناً إلى القرى لإثارة الفلاحين ضد اليهود . وتحاول هذه الجمعيات كذلك تنظيم الإرهابيين والمؤسسات السرية لكي تقوم فيما بعد
بحرب عصابات ضد اليهود . إنهم يحاولون بصورة عامة خلق روح معادية جداً ضدنا. وقد انخرط الكثيرون منهم في صفوف رجال
البوليس حتى يسهل عليهم تنفيذ مهامهم . كما أن الكثيرين منهم شباب متعلمون جداً , درسوا في أوربا, وبعضهم يعرف القضية
اليهودية معرفة تامة ".
ولا شك في أن نشاط هذه الجمعية , بالاتفاق مع نشاط الجمعيات الأخرى , كان باعثاً لحركات المقاومة التي تفجّرت في القدس في
نيسان 1920 كأول حلقة في سلسلة الأحداث الدامية التي امتلأ بها تاريخ فلسطين في عهد الانتداب البريطاني والغزو الصهيوني.