[د. منذر أبوشعر]

قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا)-آل عمران:103- ،وقال: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)- الأنفال:46 - .
واليوم ،ونحن مع محاولة الأذناب أن نحْرَم وحدة الوطن، ووحدة القوم ،ووحدة الدين، نأسى لإصاخة بعض المُغرَّرين أن تفترق الأمة بين أهل سنة وشيعة وعلويين وموحدين دروز وزيديين وصابئة..ونتذكر- بحرقة - أن رجالات الثورة السورية ضد الفرنسيين (1920م- 1946م) كانوا من مناطق مختلفة ،(مَثلٌ حيٌّ للُحمة الهدف ووضوح الرؤى والتعايش الوطني الصحيح) :
فحسن الخراط (1875م - 1925م) من محلة الشاغور في دمشق .
وإبراهيم هنانو (1869م- 1935م) كردي من كفر تخاريم غرب حلب، ووالده سليمان آغا من أكابر أثرياء حلب.
وعبد الرحمن الشهبندر( 1879م- 1940م) من دمشق .
وشكيب أرسلان أمير البيان (1869م- 1946م) وأخوه الأكبر عادل أرسلان (1887م- 1954م) من بلدة الشويفات اللبنانية في قضاء عالية / محافظة جبل لبنان ،كلاهما من أكابر الدروز الموحدين .
والشيخ صالح العلي (1883م- 1950م) علوي من المريقب إحدى قرى منطقة الشيخ بدر في طرطوس.
ومحمد الأشمر بن طه (1894م- 1960م) من قرية سيجر غرب مدينة إدلب بثمانية كيلو مترات.
وسلطان باشا الأطرش (1891م- 1982م) ،شيخ الموحدين الدروز ،من قرية كفريا من منطقة صلخد في السويداء.
ومحمد نافع الشامي ( 1907م-1991م) من إدلب.
** ** **
ووقتما فكّرنا - اليوم - بتصحيح روايات من التاريخ، فلا ينبغي أن يُفهم ذلك أنَّه تجديدٌ لإثارة الخلافات ،أو جَعْل المسلمين مذهباً واحداً،أو لإذابة مذهب في مذهب ،بل كنا نبغي ترك الاستفزاز من كافة الفرقاء للفريق الآخر، فلايطعن فريق بمن يعظمه الآخر ..فلا تكفير، ولا تضليل، ولا تجهيل ،ولا شتم ،ولا لعن، ولا تحميل كلام الآخر ما لا يحمل ،وكل كلام يمكن أنْ يُؤوَّل ،أو يحمل على خلاف مايريد صاحبه..أو قد يحرَّف من الناقلين ،أو يساء فهمه من السامعين.
** ** **
ومادام القرآن الكريم واحداً عند الجميع ، وقراءات القرآن صحيحة ثابتة (وهي عند الشيعة ليست كتواتر القرآن الكريم)، فيمكن البدء من القرآن الكريم لتأسيس نواة تقريب بين أهل المذاهب.
** ** **
أما الحديث الشريف،فلأن له معاييره العلمية في نقده وروايته ، وَجَب أن يُعامل كل حديث معاملة الخبر المحتمل قبولا ورداًّ، فأيُّ خبر وصل إلى صحابي بسند صحيح قُبل وكان عمدة ،وبالتالي فلا حجة لمن انفرد بالأخذ عن مجموعة واحدة من الصحابة، أو تبرأ من أحد من آل بيت النبوة أو إحدى نسائه أو حفدته صلى الله عليه وسلم..(ومن استشكل عدالة الصحابة ،فإنه خلط بين مفهوم الصحبة ومفهوم الرواية ،وهناك من أهمل ذكر الصحابة ،وأنكر وجود بعضهم ،وكفَّر بعضهم )!
ونقول: أين الأحاديث التي كذب الصحابة في روايتها ؟! فالأحاديث التي كانت محلَّ اعتراض أجيب عنها واستبان حالها، وكل فريق وصل إلى قناعة بما هو عليه ،بناء على روايات صحت عنده ،أو عاطفة لا يمكنه الفكاك من أسرها.
** ** **
فلنتعاون إذن فيما اتفقنا عليه، فينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا عليه ،ويكون هذا خطوة ثانية في طريق التقريب بين أهل المذاهب الإسلامية. (في كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني ت: 329 هجرية ،وهو بمنزلة صحيح البخاري ، 16000مسألة فقهية منها 9000 مسألة ضعيفة في ميزان أهل السنة،و66 حديثاً صحيحاً،فلا يصح أن نقول إنَّ كتب الشيعة تعتمد الخطأ ،بل هم بقطع النظر عن رأي المخالف لهم بصحة الدليل ، لهم ما يخدم رأيهم ويصححه ، بقواعد لها خصوصية اتسعت مع الزمان).
فلنقبل إذن السنيَّ على أنه سنيٌّ لا ناصبي، والشيعيَّ على أنه شيعيٌّ لا رافضيّ ،ولا يطالب الآخر بموافقته على ما عنده من عقائد وقواعد وفقه ،ولا يعتبر عدم قبول الآخر للفهم الذي عنده خروجاً عن الدين.
** ** **
وفي مقالاتنا هنا، نسجل الحوادث والأخبار بطريقة أهل الحديث، فنهتم بالسند وحال رجال كل خبر، مع وضْع المتن تحت البحث المُجرَّد. قال أسد جبرائيل رستم ،وهو مؤرخ نصراني لبناني ، (1879 م- 1965 م) في كتابه مصطلح التاريخ: سَبَق علماء المسلمين سبقاً أولياً في مجال نقد الروايات التاريخية..فانبروا لجمع الأحاديث ودرْسها وتدقيقها ،فأتحفوا علمَ التاريخ بقواعد لاتزال في أسسها وجوهرها محترمة في الأوساط العلمية حتى يومنا هذا..ومما يذكر مع مزيد الإعجاب والتقدير، ما توصل إليه علماءُ الحديث منذ مئات السنين في مصنفاتهم في مجال
التثبت من عدالة الراوي وضبطه، نورده بحروفه وحذافيره بتدقيقهم العلمي ،اعترافاً بفضلهم على التاريخ.
** ** **
والذين جمعوا الحديث والسنة ،لم يؤمنوا بعصمة أحد ممن رَوَوْا عنهم ،ولذلك عاملوا أحاديثهم بملاحظة مَنْ يروي عنهم ويَرْوون عنه.
والذين انفردوا بالأخذ عن مجموعة واحدة من الرواة في الصدر الأول، شاركناهم في مروياتهم ،وانفردنا عنهم بزيادة علم الذين تركوهم.
كما شاركناهم حب آل البيت ،وتألمنا على ما أصابهم من ظلم ونكبات، وانفردنا عنهم بالحزن المشروع ،(والمظالم يأخذ بعضها برقاب بعض، ولهذا أثره في المرويات).
فإذا أردنا السعي لتوحيد المسلمين ،علينا الأخذ من هذه الكتب، تاركين الغلو بتفكير أو تضليل الذين نقلوا إلينا هذه الأحاديث.
ففي الصحيحين والسنن والمسانيد ،ما لا يُحصى كثرة من الروايات عن آل البيت وشيعتهم.
وفي الكتب الستة وغيرها من مصنفات الحديث ،عدد لابأس به من الأحكام ،التي قد يظن من ليس له اطلاع، انفرادَ مذهب الشيعة بها:
- كقول المؤذن: حي على خير العمل.
- ورفع اليدين في الصلاة عند كل رفع وخفض.
- والفجر في الإسفار..
بل إن أكبر المصنفات عند أهل السنة تُنسب لرجال من الشيعة ،مثل:
كتاب السيرة النبوية لمحمد بن إسحاق المطلبي (85 هجرية - 151هجرية على الصحيح) . وعداده في تلاميذ الإمامين محمد الباقر (محمد بن علي الباقر: 57 هجرية - 114هجرية، خامس أئمة الشيعة) ،ومحمد الصادق (جعفر بن محمد الصادق: 83 هجرية - 148هجرية، سادس أئمة الشيعة).
وكتاب (المصنف) للإمام عبد الرزاق الصَّنعاني(126هجرية -211 هجرية) وهو من أوائل كتب السنة وأصول الدين (احتوى على فتاوى الصحابة والتابعين وفقههم ).
وكتاب (المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري (محمد بن عبد الله: 321 هجرية - 405هجرية).
ويُلاحظ أن الإمام أبو داود (سليمان بن الأشعث السجستاني : 202 هجرية - 275هجرية صاحب السنن،وسجستان: غرب إيران) كان تلميذ الإمام أحمد بن حنبل(الشيباني ،164 هجرية- 241 هجرية) وعند أحمد عدد كبير من القواعد الكلية في أصول الفقه الشيعي.
بل إن الإمام النسائي (أحمد بن شعيب: 215هجرية - 303هجرية ،ونسا :جنوب غرب عشق
أباد عاصمة تركمانستان) موصوف بالتشيع، بمعنى الانتصار لمواقف سيدنا علي وتخطئة مخالفيه .والنسبة للتشيع في أيامهم لم تكن قدحاً ولا ذماً.
ونجد عند الترمذي (محمد بن عيسى 209هجرية - 279هجرية ،وترمذ :على مجرىنهر جيحون شرق أوزبكستان) مخالفة اصطلاح (رضي الله عنه) عند ذكر سيدنا علي بن أبي طالب إلى (عليه السلام)، حتى لبعض التابعين من أتباعه.

** ** **
فليته يتولَّى فريقٌ من كل مذهب دراسة الأصول التي يُؤمن بها كُلياًّ أو جزئياً ،ويقدِّم تلك الدراسات إلى علماء مذهبه ،ثم تؤلَّف لجنة تضم علماءَ المذاهب الأخرى، لتعرض عليهم تلك الدراسات ،فتكون للجميع .
وأما ما يجري الآن من أخْذ نُتَف من أدلة كل مذهب ومصادره، وتجريدها عن سياقها ،وعرضها مع شيء من التقديم والتعليق والبهرجة، وإثارة عواطف الذين لاعلم عندهم في هذا الأمر أصلا، فإنه لا يؤدي إلى نقدعلمي.. وماهو إلا التهوين والتهويل.

[سلمان الراجحي]

الاخ الاستاذ منذر أبو شعر...مساء الخير...ياحلم العرب وأمل سوريا...

بارك الله فيك وأثابك الى ماذهبت اليه...وجزاك الله خيرا على المجهود العظيم...

وجعله الله في ميزان حسناتك...وذلك للتقريب وازالة الفرقه بين مذاهب الامه

والتي ترجع الى أصل واحد هو الاسلام...توحيد الله والايمان برسوله

وأهل بيته وعلماء الامه المعتدلين...

تحياتي ومودتي...

أخوكم سلمان الراجحي

[فهيم رياض]

بارك الله فيك أخي منذر واتابك :
أولى خطوات التفاهم هي أن يعترف
كل فريق بحق الفريق الآخر في العيش
والحياة كما هو أي بمقوماته الخاصة
وثانيها أن يمارس كل فريق طقوسه بكل
حرية لكن داخل معبده أمّا في الخارج
فالمواطنة والدستور هما العامل المشترك
بين الجميع والمرجع الذي يستند إليه .
تحياتي ...............

[حسن ابراهيم سمعون]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهيم رياض بارك الله فيك أخي منذر واتابك : أولى خطوات التفاهم هي أن يعترف كل فريق بحق الفريق الآخر في العيش والحياة كما هو أي بمقوماته الخاصة وثانيها أن يمارس كل فريق طقوسه بكل حرية لكن داخل معبده أمّا في الخارج فالمواطنة والدستور هما العامل المشترك بين الجميع والمرجع الذي يستند إليه . تحياتي ...............

يعجبني جدا ,, رأيك أستاذ فهيم ,,, لأنني أعتقد ذات الرأي ,,, محيتي

[د. منذر أبوشعر]

أخي مهندس شجن الحرف الأستاذ سلمان الراجحي
ابني الأستاذ فهيم رياض نغم نور الأدب المتألق
أخي أمير حُسن الكلام الشاعر الأديب حسن إبراهيم سمعون:
مروركم غال، وليسمح لي أخي أمير حُسن الكلام أن أسرق عبارته: ما دمتَ محترماً حقي فأنت أخي آمنت بالله أم آمنتَ بالحجر.
والخير كله لكم ،ونبقى مع طيب صدق الحديث.

[رشيد الميموني]

هي أحلام تراودنا وتهفو أنفسنا وقلوبنا لتحقيقها على أرض الواقع إن شاء الله ..
شكرا لكل الحبة الذين تناولوا هذا الموضوع الشائك بكل تلقائية وعفوية ..
محبتي لكم .

[د. منذر أبوشعر]

أمير أناقة الحرف الجميل ،أخي الأديب رشيد الميموني:
بلى هو حلم لا يزال بعيد المنال..لكنه يبقى حلماً،ربما نراه يوماً،أو ربما نعيشه في أعماق غافي الذاكرة..
والشكر كله لك، ونبقى مع طيب صدق الحديث.