[د. محمد رأفت عثمان]

بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على خير الخلق سيدنا محمد
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

اعلم أخي المسلم أن سادة البشر الحقيقيين ليسوا من بنى مملكة تفنى و إنما من كمل في الدنيا خلقه فنال في الفردوس الأعلى مملكة لا تأكلها النيران .

أخي المسلم : اعلم أن تكليف الله عزوجل لك بحمل الأمانة العظيمة جعلت منك رجلاً من اثنين , إما مفرطاً بها أو حافظاً لها , فكن الثانية يا أخي و لا تكن الأولى فتشقى , ذلك لأن الله عزوجل يريد أمانته و هو القادر على البطش بمضيعيها و الخائنين لها , فكن الأمين الحافظ يا أخي و لا تكن المفرط المستهتر فتعرض نفسك لغضب الجبار المنتقم .
و الأمانة يا أخي هي خلق الرجال الأقوياء و السيدات العظيمات , بها يُنشر العدل و الخير و الرحمة و التكافل و الطمأنينة , و هي جامعة لمعظم الأخلاق , فالأمانة توجب عليك أن تكون أميناً مؤدياً للوديعة التي وِضِعت عندك و الأمانة توجب عليك أن تكون صادقاً و صابراً و شاكراً و بارّاً و عفيفاً و عادلاً و متقناً لعملك و حافظاً للسانك , ذاكراً لله عزوجل و مؤدياً لحقوقه و حقوق عباده .
و الأمانة التي أمرك الله عزوجل أن تحملها يا أخي هي مجموع الأوامر و النواهي التي أتانا بها الأنبياء و الرسل , فَشَمِّر عن ساعد الجد كي تحملها كما يريد منك المولى عزوجل و إياك أن تظن أنك الآن تستطيع رفضها أو التخلي عنها ذلك لأنها قد لزمت عنقك فإما أن تجعلها سائقة لك إلى الجنان أو أن تهوي بك في النيران .
و الأمانة بمعناها الضيق هي أن تحفظ و أن تؤدي أمانات و حاجيات و أموال الناس التي وُضِعَت لديك أو وُضِعتَ مسؤولاً عنها , فلا يجوز لك يا أخي أن تعتبر أموال الدولة أو أموال الآخرين ملكاً خاصاً فتتصرف بها و كأن لا رقيب عليك و لا حسيب أو كأن الأخذ منها مغنماً و مكسباً بل يجب عليك أن تتأكد أن الحساب عليها من رب العالمين سيكون دقيقاً .
و تذكر أن عِرضك و عِرض الآخرين و جسدك الذي وهبك الله إياه و حواسك و روحك و العلم الذي تتعلمه و المنصب الذي تشغله و الشهادة التي تتلفظ بها في القضاء و الحكم بين المتخاصمين و كتابة الكتب و المواثيق و أسرار الناس و كل كلمة أو نصيحة أو عمل هو أمانة و بالتالي عليك بحفظها و أدائها كما يريد الله عزوجل .
- إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) الأنفال
- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) المؤمنون
- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) النساء
- أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) الأعراف
- إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) الشعراء
- نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) الشعراء
- إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) التكوير
- عن ابن مسعود قال القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة , قال : يؤتى بالعبد يوم القيامة و إن قتل في سبيل الله فيقال أَدِّ أمانتك , فيقول : أي رب ! كيف و قد ذهبت الدنيا ؟ قال فيقال : انطلقوا به إلى الهاوية , فينطلق به إلى الهاوية و تمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه فيراها فيعرفها فيهوي في أثرها حتى يدركها فيحملها على منكبيه حتى إذا نظر ظن أنه خارج زلت عن منكبيه فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين ثم قال الصلاة أمانة و الوضوء أمانة و الوزن أمانة و الكيل أمانة و أشياء عددها و أشد ذلك الودائع .
الراوي : ابن مسعود - المحدث : الألباني في صحيح الترغيب - خلاصة حكم المحدث : حسن .
- ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا قال : لا إيمان لمن لا أمانة له و لا دين لمن لا عهد له .
الراوي : أنس - المحدث : المنذري في الترغيب و الترهيب - خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
- إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة .
الراوي : جابر بن عبد الله و أنس بن مالك - المحدث : السيوطي في الجامع الصغير - خلاصة حكم المحدث : صحيح
- قلت : يا رسول الله ألا تستعملني ؟ قال : فضرب بيده على منكبي ثم قال : يا أبا ذر إنك ضعيف و إنها أمانة و إنها يوم القيامة خزي و ندامة إلا من أخذها بحقها و أدى الذي عليه فيها .
الراوي : أبو ذر الغفاري في صحيح مسلم .
- المستشار مؤتمن .
الراوي : أبو هريرة في سنن الترمذي - خلاصة حكم المحدث : حسن
- إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته و تفضي إليه ثم ينشر سرها .
الراوي : أبو سعيد الخدري في صحيح مسلم .
مراجع :
- الدرر السنية , الموسوعة الحديثة و موسوعة الأخلاق الإسلامية
- موقع قصة الإسلام – إشراف د.راغب السرجاني

- بسبب الصعوبات التقنية فإننا نعتذر عن كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني المعتمد و استبدلنا ذلك بكتابتها بالرسم الحديث من موقع الأستاذ عبد الدائم الكحيل .

الكاتب : د.محمد رأفت أحمد عثمان/دمشق – آخر تعديل 5أيلول 2013

[فاطمة البشر]

" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ
فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا "

هذه الآية تصيبني بالخوف دائما عندما أقرأها ،
أعاننا الله على حمل الأمانة و تأدية رسالة الحبيب ..
جزاك الله عنــا خيرا د. محمد عثمان ...
ودي ووردي

[د. محمد رأفت عثمان]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة البشر " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " هذه الآية تصيبني بالخوف دائما عندما أقرأها ، أعاننا الله على حمل الأمانة و تأدية رسالة الحبيب .. جزاك الله عنــا خيرا د. محمد عثمان ... ودي ووردي

شكراً لك أختي أ. فاطمة على المرور و التعقيب , رزقك الله نور البصيرة و أسعدك بالقرب منه و بمناجاته آناء الليل و أطراف النهار و ألبسك ثوب العارفات التقيات المحبات .