التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,864
عدد  مرات الظهور : 162,378,511

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > الله نور السموات والأرض > مرافئ الروح في رحاب الإيمان > الإعجاز.القرآني.والمناسبات.الدينية والمناظرات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14 / 11 / 2013, 47 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
عدنان أبوشعر
باحث إسلامي، يكتب الأدب الاجتماعي والقومي

 الصورة الرمزية عدنان أبوشعر
 





عدنان أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

الرد على المزاعم القائلة أن(إسرائيل) ليس(يعقوب)/الباحث:عدنان أبوشعر

[align=justify]
الرد على المزاعم القائلة أن (إسرائيل) ليس (يعقوب)

قد يستنكر البعض بحثنا ويصفه بأنه تزْجيةً للوقت في خِضَّم أحداث جسام تأكل جسم الأمة وتفتته. لكنَّ ما جعلني ملزماً بالردِّ على أصحاب هذه المزاعم هو ما وجدته من خطر في دعواهم، وما يترتب عليها على صعيد مواجهة التغوُّل الصهيوني لبني إسرائيل، وزعزعة ثقة المثقفين من أبناء الأمة بتراثهم الإسلامي الثقافي، والسير في ركاب بعض من ابتدعوا نهج (القراءات المعاصرة) و(إعادة قراءة التراث) والتي يُراد منها خلخلة أسس فهمنا للقرآن والسنَّة عن طريق نسف الضوابط والكوابح المعرفية /المنهجية والموضوعية.
ولقد وقعت أثناء كتابة بحثي هذا على مقال سطَّره (سامر إسلامبولي) بتاريخ 8/4/2007 في موقع (أهل القرآن)على الشبكة العنكبوتية تحت عنوان: (الأسباط ليسوا أبناء يعقوب، ويعقوب ليس إسرائيل). وجلُّ من يكتب في هذا الموقع هم من أتباع (مدرسة أهل القرآن=القرآنيون) الذين يدعون للاكتفاء بالقرآن الكريم ووضع حديث رسول الله وراءهم ظهرياً والاعتماد على تفسير القرآن وفق ما تمليه عليه عقولهم وثقافتهم؛ دعوى شريرة وخبيثة تولى كِبْرَها محمود أبو ريَّة(1889-1957م)[1]. فسامح الله من نقلها متبنياً لها وموحياً بأنها من بنات أفكاره، وليته التزم بقواعد التأليف والنشر فأحال الموضوع والفكرة لكاتبها لسهَّل علينا الطريق، ولأدركنا أن (الإضاءة) الجديدة التي أتى يحملها إنما هي بضاعة مزجاة لحاطب ليل. وكم خاب أملي في مثله؛ يروِّجون أفكار هذه المدرسة-البدعة التي تُنكر قواعد علم الجرح والتعديل وعلوم مصطلح الحديث -التي ربما يؤمنون بها ويبنون عليها جُلَّ أفكارهم. ورغم هذا وذاك، فإني عقدت العزم على متابعة البحث يقيناًً مني بأننا ننشد الحقيقة ونسعى لتأصيل مفاهيمها في عقول القرَّاء حِسبة عند من لا تضيع عنده صنائع المعروف.

ورود اسمين لنبي واحد في القرآن:
لم يكن سيدنا يعقوب حالة فريدة في القرآن بحمله لاسمين: (يعقوب=إسرائيل)، فرسول الله محمد عليه أفضل السلام قد ذكره ربُّه باسم (محمد) و(أحمد)[2]، ففي سورة الصف: الآية 6: " وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ"، وجاء ذكره باسمه المتداول بين قومـه (أي محمد) أربع مرات[3].
وقد ذكر الله سبحانه اسمين لسيدنا عيسى في القرآن[4]، واستخدم كلا الاسمين في مواضع مختلفة؛ كلاً على حِدة تارة، ودمجَ بينهما بما يتلاءم مع السياق والموضوع تارة أخرى. ومعلوم أن الله عز وجل حدَّد لسيدتنا مريم اسم ولدها قبل أن يولد، فخاطبها في سورة آل عمران قائلاً: " يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ: الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ(45)".
وعندما نقرأ الآيات 75 و 78 من سورة المائدة فإننا نجد اسم سيدنا عيسى يذكر باسمين مختلفين في مكان واحد:
" مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78).

- الهدف من ذكر القرآن اسمين لنبي واحد:
حين ندقق في سياق نصوص الآيات الأربع التي ورد فيها اسم (محمد) – وهو اسمه المتداول والذي يُعرف به- نجدها بمجموعها تتحدث عن واقع معاش وأحداث تجري في حينها، فكان لا بد للسياق أن يشير إلى الاسم المتداول للرسول المصطفى. أما حين ينتقل النصُّ للحديث عن بشارة رسول قبل ستة قرون، فيصور مشهداً ضمَّ الصفوة من أتباعه وهم يتحدثون بلغة آرامية= سريانية، فإن من كمال التصوير الفني والإعجاز البياني أن يسخِّر الله اسم (أحمد) بتركيبته العربية- والذي هو من صفات الحمد في اسم (محمد)- ليطابق صفة الاسم (منحمنا) بتركيبته الآرامية، وبذا يظلُّ الاسم (أحمد) دليل إثبات أبد الدهر على تزييف النصارى وإخفائهم لمعناه ظناً منهم أن الله غافل عما يعملون. وهذا التفصيل هو مقاربة وثيقة الصلة بموضوعنا، وتمهِّد لإعمال الفكر في سبب ذكر اسمين لسيدنا يعقوب [5ٍ] انطلاقاً من القاعدة الهامة بأن كل حرف وكلمة جاءت في القرآن لسبب وغاية ودلالة.

- حالة اسميّ سيدنا (يعقوب):
من خلال عملية إحصائية في القرآن الكريم وجدت أن اسم سيدنا يعقوب قد ذُكِر في التنزيل باسم (إسرائيل) مرتين؛ الأولى في سورة آل عمران: 93، والثانية في سورة مريم: 58، بينما أتى على ذكره باسم (يعقوب) أربعة عشر مرة[6]. ورغم هذا الاستخدام المتكرر لاسم (يعقوب)، إلا أن التنزيل لم يعتمده في الإشارة إلى (ذرية) يعقوب، بل اختار الاسم الأقلَّ وروداً لهذا النبي (أي إسرائيل) فخاطب ذريته وأشار إليها في واحد وأربعين موضعاً بـ (بني إسرائيل[7])، ووجدت أن النصَّ القرآني قد اقتصر على ذكر (آل يعقوب) في موضعين.

- اسم (يعقوب):
بغض النظر عن التفسير التوراتي لسبب تسمية هذا النبي وهل له أصل في اللغة العربية أم لا، فإنه يكفينا أن نعلم أن الله تبارك وتعالى بشّرَ والدته بقدومه ولم ينصَّ على تسميته على غرار ما قَّرر بشأن اسمي سيدنا عيسى ويحيى، مما يعني بأن اسم (يعقوب) قد اختير له من قبل أهله[8] وأصبح اسمه المتداول بعد ولادته والذي صاحَبَه حتى مماته (كاسم سيدنا محمد). ونجد أن المواضع التي ذكر فيها اسم سيدنا (يعقوب) كانت لبيان ارتباط نَسَبِهِ بسلسلة الأنبياء الكرام من آبائه، والحديث عن علاقته المباشرة بأبنائه وأفراد أسرته.
أما اسمه الآخر(إسرائيل) فقد ارتبط بموضعين اثنين؛ الأول يتحدث عن ارتباط (ذرية) إسرائيل بالأنبياء نسباً ابتداءً بآدم، والثاني عن (التشريع) المتعلق بالذريِّة:

- " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا"؛ سورة مريم: (58).
- " كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"؛ سورة آل عمران: (93).

وذهبت أسأل نفسي؛ كيف يبدو مُبَرراً – وفق المنطق التحليلي- اعتمادُ الاسم الأقل وروداً للنبي في القرآن (إسرائيل) لخطاب ذريته من بعده والإشارة إليهم، بينما يُقصى اسمه المتداول بين قومه والذي حمله طيلة مدة حياته؟ فوجدت أن اسم (إسرائيل) وليس (يعقوب) قد ارتبط بشكل واضح بالذريَّة (بني إسرائيل) حيث يُذَّكِّرها الله بعهودها ومواثيقها وتاريخها وفضله عليها، ويدعوها لتعود لجادة الحق ويبكِّتُها لنقضها المواثيق وتنفُّشِها الزائف، ويسرد بعضاً من التشريعات التي فرضها عليها. ولذلك فإنه من كمال الإبداع أن لا يستخدم اسم النبي المتداول في حياته الخاصة/العائلية (يعقوب)، بل الاسم الذي اختص بالحديث عن الذرية/الأمة وعن التشريع أي (إسرائيل).
و حاولت جهد المستطاع أن أجد تفسيراً لهذا الاختيار القرآني من خلال استقراء كتب التفسير بدءاً من عهد الطبري ( 224-310هـ) وانتهاء بالمفسرين المعاصرين، لكني وجدتها (بمجموعها) تُثبت حملَ النبي لاسمين: يعقوب وإسرائيل، متكئة على رواية ساقها ابن عباس وتناقلتها أقلامهم بكل إجلال دون الخوض في تفاصيلها أو الاعتراض على صحتها، وهذه الرواية ليست نقلاً عن التوراة، بل تفصيلاً لما ورد في سبب نزول آية " كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"؛ سورة آل عمران: (93)، وهي حادثة تاريخية جرت في عهد النبي وحوارٌ حيٌ دار بينه وبين اليهود الذين جاؤوا ليشككوا بصدق نبوته، وردٌ مفحمٌ جاء به التنزيل لدحض فِريتهم وتشكيكهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. ونص الحديث الصحيح: " حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس : أن عصابة من اليهود حضرت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا أيّ الطعام حرَّم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرضَ مرضًا شديدًا، فطال سقمه منه، فنذر لله نذرًا لئن عافاه الله من سقْمه ليحرّمنّ أحبّ الطعام والشراب إليه، وكان أحبّ الطعام إليه لُحمان الإبل، وأحبّ الشراب إليه ألبانها؟ فقالوا: اللهم نعم". والحديث رواه أبو داود الطيالسي ( 356 )، ومن طريقه روى ابن أبي حاتم هذا الجزء: 1 / 141 ( 437 ) ؛ والحديث بطوله رواه أحمد: 1 / 257، وابن سعد في الطبقات: 1 / 174، 175، وفيه شهر بن حوشب، وفيه كلام، وقوَّاه البخاري، ويُحسِّن حديثه الترمذي، وله متابعة عند أحمد: 1 / 274، من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بنحوه، وبكير حديثه حسن في المتابعات؛ فالحديث حسن. إذن فهذه الرواية لا علاقة لها بما ورد في التوراة - سفر التكوين (32:24-29)، البتَّة (والتي تتعلق بسبب تسمية يعقوب بإسرائيل)، ولكنها تثبت بأن يعقوب هو إسرائيل على لسان الصادق الأمين.
وحيال هذا الأمر (أي تأييد الحديث الصحيح لحمل يعقوب لاسم ثان) نجد أنفسنا أمام ثلاثة احتمالات:

الأول: قبول رواية ابن عباس لصحة طُرقها وعدالة رواتها، وبذلك نقرُّ الاسمين لنبي واحد: إسرائيل= يعقوب. وهذا مالا يقبله القرآنيون وأضرابهم.

الثاني: رفض رواية ابن عباس لا لضعفها وعدم عدالة رواتها، بل لمجرد اتفاقها مع ما ورد في نص التوراة، بحجة أننا ألزمنا أنفسنا بالابتعاد عن الإسرائيليات. وأجدنا هنا نحجِّر واسعاً، وابتعدنا عن الغاية المرجوة، إذ لا يتعارض الاستشهاد بالتوراة مع ما يتوافق والقرآن ويدلِّل على صحته، بل إن الإعراض بالكليَّة عن ما جاء في التوراة يتنافى مع ما جاء في نصِّ القرآن من إحالات واضحة لاستدعاء نص التوراة الموجودة بين أيدي اليهود في عصر التنزيل (وهي توراة محرَّفة) لفضح كذب بني إسرائيل:
" قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"؛ سورة آل عمران: (93)،"الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ"؛ سورة الأعراف: (157).
كما أنه يُسقط حقاً أُعطيناه من قبل صاحب الهدي ودليل الحق:" "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"، والحديث رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة، ورواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار". وفي هذا قال الإمام الخطابي [9] (319-388هـ): " معناه الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ، وإن لم يتحقق صحة ذلك بنقل الإسناد، وذلك لأنه أمر قد تعذر في أخبارهم لبعد المسافة وطول المدة، ووقوع الفترة بين زماني النبوة".

الثالث: مخالفة (الإجماع) القائم منذ خمسة عشر قرناً، ورفض الحديث الصحيح الذي بين أيدينا، واختلاق شخصية وهمية لرجل صالح مزعوم اسمه (إسرائيل) –غير يعقوب- كان موجوداً على ظهر سفينة نوح وادعاء الانتماء إليه بحجج واهية - نقوم بتفنيدها الواحدة تلو الأخرى– لنقع في مطبَّات خطيرة واستحقاقات سياسية وجغرافية ودينية.

- لماذا لم يستخدم القرآن مصطلح (آل يعقوب) بدلاً من (بني إسرائيل)؟
يلفت انتباهنا أن القرآن الكريم رغم هذا التعدد الملفت لاسم (يعقوب) في القرآن واقتصار ذكر اسم (إسرائيل) على موضعين فيه بأنه رغم ذلك لم يخاطب (ذريته) بآل يعقوب بل (ببني إسرائيل).
وقد اختار الله تسمية ذريته من بعده (ببني إسرائيل)، تمييزاً لهم كأمَّة، وليس كأهل بيت النبي (آل يعقوب)، حتى أن القرآن لم يستخدم البتَّة اسم (بني يعقوب) والتي تساوي في المعنى(بني إسرائيل).
والسبب في هذا من الناحية اللغوية أن الذين يؤولون للمرء مآلاً صوريَّاً جسمانياً كأولاده يطلق عليهم (آله). وفيما اختاره ابن منظور الإفريقي في لسان العرب أن (آل) الرجل أهله. وذكر أن الأخفش إلى أن العرب "كانوا يخصُّون بالآل الأَشرفَ الأَخصَّ دون الشائع الأَعمّ حتى لا يقال إِلا في نحو قولهم: القُرَّاء آلُ الله، وقال ابن جني: والذي العمل عليه ما قدمناه وهو رأي الأخفش"، وبذا يمتنع على يعقوب أن تُسمّى (ذريته) بآل يعقوب لأن فيهم البر والفاسق والشريف والسفيه. وبتطبيق ما سبق على الحالتين اللتين ورد فيهما مصطلح (آل يعقوب) نجد أن الإشارة في كلتيهما كانت لأسرة يعقوب الصغيرة/ أبنائه ؛ ففي سورة يوسف: " قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)"، وفي سورة مريم:" وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)".

- ذرية إسرائيل: بنو إسرائيل:
تكرر ذكر (بني إسرائيل) كما تقدم واحد وأربعين مرة في القرآن، وحين تفحُصِنا للسياق العام للآيات فإننا نلحظ أن المعْنيين بهذا المصطلح هم:

أ‌- قوم موسى المعاصرون له، ومسرح الأحداث هو مصر في عصر أمنحوتب الثاني أو أخناتون على بعض الأقوال أي 1350 ق.م:
ب- بنو إسرائيل من بعد موسى- الفترة ما قبل بعثة سيدنا عيسى، ومسرح الأحداث هو فلسطين: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". وهي فترة امتدت 1350 سنة.
ت-بنو إسرائيل المعاصرون لسيدنا عيسى ومسرح الأحداث هو فلسطين:" وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ"، أي من سنة 1-33 م.
ث-اليهود في المدينة أثناء التنزيل أي 622 -632 م.
ج-لم ترد أية إشارة في القرآن -قبل هذه التواريخ- لتواجد ما أطلَقَ القرآن عليه (بني إسرائيل)، اللهم إلا في موضع واحد في سورة الإسراء أولَّهُ أصحاب المزاعم والظنون على أنه إشارة لبني إسرائيل وما هو بذلك: " وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلأَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلاً (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3)". وبجماع حنجرتي أقول اللهم نعم هم من ذرية من حملنا مع نوح، فنوح كان معه بقية من آمن من أهله بنص القرآن، والكلُّ هم من ذرية آدم من قبل: " حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إلاَّ قَلِيلٌ"؛ سورة هود: (40) ! كيف لا والنص القرآني يشهد على ذلك في سورة آل عمران:" إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)"، فكيف لعاقل أن يدعي متدبر لآيات الذكر الحكيم أن يدعي أن ذرية نوح وإبراهيم وما بينهما تندرج تحت تسمية (بني إسرائيل) لمجرد أنها ذرية بعضها من بعض؟؟

- ذرية من حملنا مع نوح:
وأغرب ما وقع عليه بصري في مزاعم هؤلاء هو قولهم: " و من مجرد النظر في هذه الآيات [ من سورة مريم، 46- 58]نجد أن يعقوب لا يمكن أن يكون هو إسرائيل أبداً. حيث ذكر الحق سبحانه الأنبياء بالترتيب التالي: إسحق ثم يعقوب ثم موسى ثم هارون ثم إسماعيل ثم إدريس، و قال عنهم جميعاً: أولئك (جميعاً) من ذرية واحدة هي ذرية آدم أبو البشر. وأولئك (جميعاً) من الذين حُملوا مع نوح.
و أولئك (جميعاً) من ذرية إبراهيم وإسرائيل، الذرية الواحدة التي فضلها الله على العالمين" أ.هـ. أولئك (جميعاً): أي إسحق ويعقوب وموسى وهارون وإسماعيل وإدريس من الذين حملوا مع نوح؟؟؟ أي تخريف هذا؟
ولنترك هذا العبث، ولنتناول الآية بشيء من التفصيل علَّنا نصل إلى حقيقة أن لا وجود لرجل صالح اسمه (إسرائيل) ضمن من حُملوا على سفينة سيدنا نوح:
" أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا"؛ سورة مريم: (58).
فالآية تقول بوضوح مايلي:
من ذرية آدم وممَّن (أي من ذرية) حملنا مع نوح (أي أهله) ومن ذرية إبراهيم (ذرية أبنائه إسحق وإسماعيل) و(أي وذرية حفيده) إسرائيل(أي يعقوب).
ولو أخذنا بفهمهم للآية لأصبح معناها كما يلي:
من ذرية آدم وممَّن حملنا مع نوح(أي إسرائيل- الرجل الصالح المزعوم) ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل(أي من ذرية إبراهيم وذرية الرجل المزعوم)، وهذا تكرار لذرية نفس الشخص لا يمكن للنص المعجز أن يقع فيه.
فأي المعنَيَيْنِ أقربُ للفهم وللمنطق ولغة القرآن؟
هنا لا بد لنا من تفصيل لغوي لإلقاء بعض الأضواء على (واو العطف) في " ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ" وهي من حروف المعاني، والتي تعطف الشيء على مصاحبه. وحروف المعاني من الأهمية بحيث جعلها علماء التأويل والتفسير من الأدوات التي لا بدَّ للمفسر من معرفتها كما يقول السيوطي في الإتقان:" واعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة؛ لاختلاف مواقعها، ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها"[10]، وذهبت جمهرة من اللغويين إلى أنها تفيد الترتيب مثل: " الكسائي المتوفى 189هـ، وقطرب (المتوفى 206هـ)، والفراء (المتوفى 207هـ)، وهشام (المتوفى 209هـ)، وأبو جعفر أحمد بن جعفر الدينوري (المتوفى 289هـ)، وثعلب (المتوفى 291هـ)، وغلام ثعلب أبو عمر الزاهد (المتوفى 345هـ)، وابن درستويه (المتوفى 347هـ)، والربعي (المتوفى 420هـ)"[11]. ومن جملة ما أشار إليه فقهاء اللغة أن العطف على القريب أولى من العطف على البعيد.
وبهذا التفصيل اللغوي يبدو لنا سؤال المتسائلين في مراد الباري عز وجل في:" ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ" هل هو (ذرية) أم (ذريتا) أم (ذريات) ضرباً من الجهل بقواعد اللغة ومبانيها، وذرَّاً للرماد في العيون طمعاً في تضليل العامَّة وتشويش أفهامها. وخلاصة القول المبني على العلم والدليل لا على التخيل والأباطيل هو أن مدلول الكلام هو: (ذرية إبراهيم: وانتماء المسلمين أتباع محمد له لأنهم حنفاء، وذرية حفيده يعقوب (بني إسرائيل) لانفصالهم عن الحنيفية وعن ملة إبراهيم).

- الانتماء للمبدأ و(الملَّة) وليس للذريَّة، وهو (مناط التفضيل على العالمين):
الإشكالية التي وقع فيها أصحاب هذا الزعم هي عين الإشكالية التي وقع فيها اليهود والنصارى من قبل، فأخطؤوا النجعة وراحوا يبحثون عن الانتساب لذرية نبي دون آخر، ونسوا أصلاً من أصول العقيدة وهو الانتماء للملَّة. فإذا كان البحث عن الهوية واجب لا مندوحة عنه، فإن الإسلام له محدداته التي تختلف عن سائر الثقافات التي عرفتها البشرية في هذا الموضوع. وأول المحددات هو ربط العنصر البشري بكافة أعراقه وثقافاته وإثنياته بالمخلوق النبي الأول :" كلكم لآدم وآدم من تراب"[12] فتنعدم بذلك حصريِّة تميز عرق دون آخر وقوم دون سواهم، وثانيها حصر التفضيل بين البشر بسلامة المعتقد وجلال الفكرة والذي عبرَّ عنه القرآن بالمّلة: " وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إلأَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ"؛ سورة البقرة: (130)، " قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"؛ سورة الأنعام: (161)، " وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ"؛ سورة يوسف: (38)، " ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"؛ سورة النحل: (123). وهنا أدعو هؤلاء أن يراجعوا قراءة مفهوم (التفضيل على العالمين) من خلال هذا التحديد القرآني الواضح المعالم والبيان.
تفضيل (بني إسرائيل) على العالمين:
يضعنا النص القرآني أمام حقيقة لا سبيل لنفيها وهي تفضيل بني إسرائيل على العالمين، فتقفز لأذهاننا حيال ذلك أسئلة هامة:

• هل حقاً فُضِّل بني إسرائيل على غيرهم؟
• وإذا كان الأمر كذلك فمتى كان هذا التفضيل؟ وهل يصح أن يُطلق أمره بدون ضوابط؟ وماهي هذه الضوابط ؟
• ثم هل التزم بها اليهود لتصح مقالتهم بأنهم شعب الله المختار؟
" الحقيقة أن نصوص القرآن الكريم أثبتت أن بني إسرائيل فُضِلوا على غيرهم من الناس، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم يقول - تعالى - في سورة البقرة: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}؛ سورة البقرة:47، وفي سورة البقرة أيضاً جاء قولـه -تعالى- {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}: 122، وفي سورة الأعراف أيضاً: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}:140، وفي سورة الجاثية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِيَن}:16 .
ففي الآيات السابقة أثبت القرآن الكريم مسألة تفضيل بني إسرائيل على العالمين، بل إن الله تعالى أنعم عليهم بأن جعل منهم أنبياء وملوكاً، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، يقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}؛ سورة المائدة: 20.
إذن قضية التفضيل صحيحة ومسلَّمٌ بها بنص القرآن الكريم، لكن متى كان بنو إسرائيل يتميزون عن غيرهم؟ الواقع أن ذلك الأمر كان حين لم يكن على وجه الأرض مؤمن سواهم، فقد كانت الأرض -على وقتهم- تعجُّ بالوثنية وعبادة غير الله -تعالى- خاصة في مصر التي كان يسكنها بنو إسرائيل قبل خروجهم منها على يد نبي الله الكريم موسى - عليه السلام -، فقد كانوا الفئة المؤمنة الموحدة بالله -تعالى-، وكانوا أيضاً الأمة المستضعفة التي تعاني من فرعون وظلمه - كما أخبر بذلك القرآن الكريم-، وتبعاً لإيمانهم والتزامهم بما شرع الله -تعالى- كان تفضيلهم، ومع هذا فإن إطلاق أمر الاصطفاء والاختيار بدون قيود أو شروط أمر لا يصحّ؛ إذ أن لهذا الاختيار والتفضيل شروط لم يلتزم بها بنو إسرائيل، فالله -تبارك وتعالى- فضلهم بشرط الإيمان به -سبحانه وتعالى-، والالتزام بما شرعه لهم وأوصاهم به، فبتحقيق هذين الأمرين يكون لبني إسرائيل الفضل على غيرهم في ذلك الوقت، والذي عليه واقع بني إسرائيل بعد ذلك أنهم لم يلتزموا بما أمرهم به الله -تبارك وتعالى-، بل نقضوا ما عاهدوا الله عليه، وأول ما نقضوا -الوصايا العشر- التي أوصاهم بها -سبحانه-، فقد ورد في التوراة: "لا تقتل لا تزن لا تسرق لا تشهد على قريبك شهادة زور لا تشته بيت قريبك لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئاً مما لقريبك" [13].
فالأساس الذي شرعه الله -تبارك وتعالى- من أن تفضيلهم لم يكن إلا بسبب إيمانهم وتقواهم، فمتى ما تركوا ذلك انتقض حقهم في التفضيل والاختيار، فالميزان في ذلك هو: الالتزام بالإيمان بالله -تعالى- وحده لا شريك لـه، والقيام بما شرع، وأداء ما أمر به. وهكذا كان تفضيل الله لهم لأنهم آمنوا حيناً ببعض الأنبياء، وعرفوا نور التوحيد في الوقت الذي كانت فيه معظم الشعوب مُعرضة عن عبادة الله، فلم يكن اختيار الله لهم بسبب العنصر أو العرق أو النوع أو اللون أو غير ذلك من أباطيلهم، وإنما كان تكليفاً لبني إسرائيل، واختياراً وابتلاءً أيشكرون أم يكفرون، ولهذا قرن القرآن الكريم بين آيات الاختيار والاختبار معاً فقال: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(32) وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ (33) }؛ سورة الدخان. والبلاء هو الاختبار والله قد يختبر عباده بالنعم، كما يختبرهم بالنقم، ولكن اليهود سقطوا في امتحانهم، فلم يشكروا نعمة اختيار الله لهم، وإنما انحرفوا عن منهج الله، وحرفوا كتبه، وكذبوا رسله، وهنا غضب الله عليهم ولعنهم وعدد مساوئهم وكفرهم، { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(78) كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79)}؛ سورة المائدة. كما يناقشهم القرآن في دعواهم مناقشة منطقية فيقول: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(7) }؛ سورة الجمعة. فاليهود يدّعون أن الله قد أفردهم بولايته وحبه واختياره، ولكن القرآن يصف كلامهم بأنه مجرد زعم باطل، ومع ذلك يطلب منهم أن يتمنوا الموت لكي يسارعوا إلى لقاء الله الذي يحبهم إن كانوا صادقين، بل يعقب في صراحة ووضوح بأن واحداً منهم لن يتمنى الموت لأنهم يعلمون أنهم كاذبون في دعواهم.
إذن يتضح من ذلك أن مسألة التفضيل حقيقة - ولكن ليس على إطلاقها- إنما لها شروطها التي لم يلتزم بها بنو إسرائيل فمن الشروط: الإيمان بالله -تبارك وتعالى-، فمن آمن بالله والتزم سواءٌ من بني إسرائيل أم من غيرهم فله الفضل على غيره، فأساس التفاضل إنما هو عبادة الله -تعالى-، فأكرم الناس أتقاهم كما أخبر عن ذلك القرآن الكريم، يقول -تبارك وتعالى-: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}؛ سورة الحجرات: 13.
وعلى هذا تكون أمة الإسلام هي خير أمة أخرجت للناس، يقول تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}؛ سورة آل عمران:110. وهي خيرية ليست على إطلاقها أيضاً وإنما باستيفاء شروطها، وهي: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}؛ سورة آل عمران: 110.
يقول ابن كثير رحمه الله : " فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح، كما قال قتادة: (بلغنا أن عمر بن الخطاب _ في حجة حجَّها رأى من الناس سرعة، فقرأ هذه الآية {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ثم قال: من سرَّه أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها.) [14].
ثم إن نص التوراة يؤكد على هذه الشروط فقد جاء فيه: "والآن إن امتثلتم أوامري وحفظتم عهدي ..." [15]. وهو ما يدل حقيقة على أن التفضيل هو بسبب الامتثال لشرع الله -تعالى- وأوامره لا لشيء آخر"[16].

والله الهادي للحق،
"رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"؛ البقرة: (127- 128).
" هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُو الأََلْبَابِ (7) رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ"؛ سورة آل عمران: (7- 8).



الهوامش وثبت المراجع:

1- محمود أبو ريَّة(1889-1957م)، اشتهر بتهجمه على السنة النبوية وعلى صحابة رسول الله، ومن أشهر ما كتب: (أضواء على السنة المحمديَّة).

2 - ورد الاسم في إنجيل يوحنا (26:15) – النسخة الآرامية/ السريانية- تحت اسم منحمنا (Manhamana )، وعند ترجمة النسخة الآرامية إلى اليونانية ترجم الاسم إلى البارقليط (Parakletos): " 26*وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي(منحمنا) الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي*.27 وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الابْتِدَاءِ".

3 - ورد اسم سيدنا محمد في أربعة مواضع؛ الأولى في سورة آل عمران:144، والثانية في سورة السجدة: 40، والثالثة في سورة محمَّد: 2، والرابعة في سورة الفتح:29.

4- ورد ذكر اسم (عيسى) مفرداً في القرآن الكريم في تسعة مواضع في سورة البقرة: 136*، وفي سورة آل عمران: 52*، 55*، 59*، 84*، 163*، وفي سورة الأنعام: 85*،وفي سورة الشورى: 13*، وفي سورة الزخرف: 63*، ومشتركاً في ستة عشر موضعاً ؛ في سورة البقرة:87، 253، وفي سورة آل عمران: 45، 157، ، 171، وفي سورة المائدة: 46، 78، 110، 112، 114، 115، وفي سورة مريم: 34، وفي سورة الأحزاب:7، وفي سورة الحديد: 27، وفي سورة الصف: 6، 14. أما اسمه الثاني (المسيح) فقد ورد مفرداً في ثلاثة مواضع؛ في سورة النساء: 172*، وفي سورة المائدة: 72*، وفي سورة التوبة: 30*. وورد مشتركاً في ستة مواضع؛ في سورة النساء: 45، 157، 171، وفي سورة المائدة: 17، 72، 75، وفي سورة التوبة: 31.

5 - أخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما: ( ولم يكن من الأنبياء من لـه اسمان إلا إسرائيل وعيسى عليهما السلام، فإسرائيل يعقوب وعيسى المسيح.)، وجاء الحديث في المستدرك على الصحيحين ج:2، ص:405، وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

6 - ورد اسم سيدنا (يعقوب) في القرآن الكريم أربعة عشر مرة؛ في سورة البقرة: 132، 133، 136، 140، وفي سورة آل عمران: 84، 163، وفي سورة الأنعام: 84، وفي سورة هود: 71، وفي سورة يوسف: 38، 68، وفي سورة مريم: 49، وفي سورة الأنبياء: 72، وفي سورة العنكبوت 27، وفي سورة ص: 45. وقد ورد اسم يعقوب بحالة كونه مضافاً إلى (آل) :ً (آل يعقوب) مرتين: في سورة يوسف: 6، وفي سورة مريم: 6.

7 - إحداها بلفظ (بنو إسرائيل).

8 - الأمر ليس بذي بال من حيث تأثيره سلباً أو إيجاباً على ما نحن بصدده، ولكني أردت لفت الانتباه إلى الفارق بين البشارة- التي لا تقتضي ذكر الاسم للمبشَّر به- وبين البشارة التي تقتضي ذكر الاسم للمبشَّر به:
" وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ"؛ سورة هود: (71).
" يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ"؛ سورة آل عمران (45).
" يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا"؛ سورة مريم: (7).

9 - هو الإمام أبو سليمان حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي (319-388هـ)=(931-988م).

10- جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 1 / 190، ط4 - شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1398هـ - 1978م.

11- انظر: "ارتشاف الضرب" لأبي حيان 2/ 633، و"التصريح" 2/ 156، و"همع الهوامع" 3/ 156.

12 - أخرجه أبو داود في كتاب الأدب - باب في التفاخر بالأحساب ح5116، ولفظه: "إن الله قد أذهب عنكم عبيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونُنَّ أهون على الله من الجُعلان التي تدفع بأنفها النتن".

13- سفر الخروج 20:13-17..

14– تفسير ابن كثير، 1/516. .

15 – سفر الخروج 19:5.

16- الآثار الواردة عن السلف في اليهود في تفسير الطبري، يوسف بن حمود الحوشان، ص 52-53-54، جامعة الإمام محمد بن سعود.
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 11 / 2013, 18 : 01 AM   رقم المشاركة : [2]
نوره الدوسري
أستاذة تاريخ - أديبة وقاصّة
 





نوره الدوسري is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: السعودية

رد: الرد على المزاعم القائلة أن(إسرائيل) ليس(يعقوب)/الباحث:عدنان أبوشعر

الاستاذ القدير // الباحث عدنان ابو شعر

جزيت الجنة ووالديك

بحث رائع جداً

يحمل بين سطوره خلاصة وعلم وحقائق تفند مزاعم طالما رددها بني اسرائيل

وفهمها الكثير بقصور ونقص

وهنا امطت اللثام عن مزاعم بحقائق واضحة وسلسه

امتعننا دون ملل وحشو زائد

بحق أي فائدة جنيت من هذا الموضوع الكبير وسيجني كل قارئ ومار

بارك الله لنا فيك وزادك من فضله

شكرا لك

تقديري

نورة الدوسري
نوره الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 11 / 2013, 26 : 04 AM   رقم المشاركة : [3]
عدنان أبوشعر
باحث إسلامي، يكتب الأدب الاجتماعي والقومي

 الصورة الرمزية عدنان أبوشعر
 





عدنان أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: الرد على المزاعم القائلة أن(إسرائيل) ليس(يعقوب)/الباحث:عدنان أبوشعر

الكاتبة الأديبة الماجدة نورة: أشكر عطر مرورك ولطيف عباراتك، بارك الله جهودنا وتقبلها قبولاً حسناً
عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17 / 11 / 2013, 37 : 07 AM   رقم المشاركة : [4]
عدنان أبوشعر
باحث إسلامي، يكتب الأدب الاجتماعي والقومي

 الصورة الرمزية عدنان أبوشعر
 





عدنان أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: الرد على المزاعم القائلة أن(إسرائيل) ليس(يعقوب)/الباحث:عدنان أبوشعر

[align=justify]مع تباشير الفجر وصلني رَقيمُهُ كدُّرٍ مَنثور في سَكْرَجَةٍ من ذَهَب، ألفيتُهُ – وهو جبل العلم الحسيب النسيب- يهمس في أذني ويؤدبني فكانت كلماته فَوْحَ عطر وذَوْبَ محبة، غاية في الرقة واللطف.. ولكل من اسمه نصيب. هو العالم الجليل سليل بيت النبوة الدكتور الأستاذ العلامة عبد اللطيف الفرفور، شرَّفني بقراءة بحثي وزادني شرفاً بالردِّ عليه، فأحببت أن أمتع عيونكم بدُّره المنضود وأطرح بين أيديكم توجيهه الفائق اللطف والكياسة، المملوء علماً بالتعريف بفن الخطاب والمناظرة فإليكموه:

بسم الله الرحمن الرحيم
الدعوة الربانية المجددية الإسلامية العالمية الحمد لله و صلى الله على سيدنا و مولانا محمد و على آله و صحبه و سلم

سعادة الباحث الإسلامي المفكر الأستاذ / عدنان أبو شعر حفظه الله السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد ؛
فلقد اطلعت في النبأ السيَّار / الفيس بوك / على مقولتكم العلمية الرصينة التي كتبتم في الرد على بعض الباحثين ممن لم يحالفهم التوفيق في بحثهم فذهبوا إلى أن الأسباط ليسوا أباء سيدنا يعقوب , و يعقوب عليه السلام ليس إسرائيل ؛ في قراءات معاصرة لإعادة قراءة التراث , و لكنهم أعفوا أنفسهم من الضوابط العلمية الناظمة لذلك كله . و من فن المصطلح الحديث و ما يتفرع عنه من علم الجرح و التعديل, و علم التراجم و ما إلى ذلك كله.
و إني إذ أكبر في الباحث حفظه الله رسوخه في هذه الفنون أولا, و صواب رأيه في كل ما ذهب إليه ثانيا من قضايا علمية أشاركه الرأي فيها, بل إني لأرى أن كل ما ذهب إليه من نقد علمي للبحث صواب , و ذلك لما عرض فيه من البراهين العلمية الواضحة التي لا تقبل الجدل, بَيدَ أني أخالفه في التصنيف و النوايا و أسلوب الخطاب . فإني على قلة علمي و بِضاعتي المُزجاة لا أستطيع أن أتَّهم بسوء النية و الدعوى الشريرة الخبيثة و ليس بين أيدينا دليل قاطع على ذلك و إن كنت أخالفهم في كل ما ذهبوا إلأيه في هذه القضية و غيرها و أحكم عليهم بأنهم اجتهدوا فأخطأوا, و أنا مع الجمهور من العلماء في ما ذهبوا إليه لقوة المدرك ووضوح البرهان و جزى الله عنا المحدثين من العلماء الذين أفنوا أعمارهم في تَنَخُّل الروايات و معرفة صحيحها من سقيمها. و تتبعوا الرواة فكان من ذلك علم الرجال, و علم الجرح و التعديل, و فن التراجم, و علم التاريخ, و علم الطبقات و ما إلى ذلك من علوم الحديث, و من أحب أن يتوسع فليرجع إلى منظومتي المتواضعة : ( فتح الفتاح و ثغر النرجس الفواح في علوم الاصطلاح ) في زهاء نيف و عشر أبيات مع شرحها, ففي ذلك غنية إن شاء الله ....
أما بعد ؛ فإني لأشكر للأخ الأستاذ عدنان أبو شعر غيرته المشهودة في مقولته الرائعة, و دفاعه عن السنة الدفاع المشكور الذي يرضاه الله عز و جل و رسوله و صالحوا المؤمنين . على أني أود أن ألفت نظر إخواني العلماء الكاتبين في الحقل الإسلامي أن يبتعدوا ما أمكن عن اتهام الأشخاص أو نقدهم مباشرة نقداً موجهاً لأشخاصهم, و لكن ليجعلوا النقد موجهاً إلى القضايا و الأفكار فحسب بصرف النظر عن قائلها , بمعنى : (من قال كذا أو ذهب إلى كذا فقط أخطأ ) و لاسيما أننا في زمن نحتاج فيه إلأى كل صوت إسلامي أو منبر إسلامي ينادي بالإسلام و لو اختلفنا معه في الرأي , فالخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية . كما أني أطالب الأطراف الأخرى بالالتزام بهذا المبدأ و هو قول ناصح: ( نجتمع فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) و هكذا ننتقل من خلاف التضاد المشؤوم إلى خلاف التنوع المادح للتبَّوأ هذه الأمة الماجدة بحق سدَّة الزعامة بين الأمم تصديقاً لقوله تعالى: ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله ) و حينئذ تزحف طوابير النصر نحو حطين من جديد لندخل القدس و الأقصى مكبرين مهللين و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ...
جزى الله كاتبنا الإسلامي الموفق خير الجزاء و جزاء الخير , كفاء ما قدمه من رؤية صائبة و بذل من مجهود مشكور كيف و هو من أسرة علمية إسلامية كريمة عرفت بالعلم و التقوى و خدمة الإسلام في بلاد الشام . حفظ الهة الأخ الأستاذ عدنان و بارك به و بعلمه, ووفق العاملين المخلصين من أمثاله للذود عن حياض الإسلام و في ذلك فليتنافس المتنافسون فالبقاء للأصلح قال تعالى :
( و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) صدق الله العظيم.

و كتب الأستاذ الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور الحسني
[/align]
عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أن(إسرائيل), أبوشعر, ليس(يعقوب)/الباحث:عدنان, المزاعم, الرد, القائلة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
آدم والأسماء-2/ الباحث: عدنان أبوشعر عدنان أبوشعر الإعجاز.القرآني.والمناسبات.الدينية والمناظرات 5 13 / 02 / 2014 13 : 08 PM
آدم واللغة/ الباحث: عدنان أبوشعر عدنان أبوشعر الإعجاز.القرآني.والمناسبات.الدينية والمناظرات 7 02 / 02 / 2014 17 : 02 AM
صفوة التفاسير في الفاتحة / الباحث عدنان أبوشعر عدنان أبوشعر القرآن الكريم 3 19 / 07 / 2012 22 : 10 AM
موت وطن/ الباحث عدنان أبوشعر عدنان أبوشعر الخاطـرة 12 03 / 07 / 2012 19 : 02 PM
علمني الحب/ الباحث : عدنان أبوشعر عدنان أبوشعر الإعجاز القرآني بكافة فروعه 5 27 / 06 / 2012 24 : 11 PM


الساعة الآن 13 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|