منزل لا يترك أي اثر سلبي على البيئة؟ نعم مثل هذا المنزل موجود، بل ومتوافر على شكل منزل قارب. فهذا المنزل العائم لا يترك أي "أثر" على البيئة ويحمل أسم خيفون بوت، وهي كلمة هولندية تجمع بين كلمة فون بوت والتي تعني المنزل القارب أو الحياة وكلمة خيفون والتي تعني عادي أو مريح. وهو بالفعل مسكن طبيعي مريح.
لكن الفارق الكبير بينه وبين المنازل التي يعيش فيها أغلب سكان الدول المتقدمة أنه لا يحتوي على أنابيب أو مواسير أو كابلات تدخل إليه أو تخرج منه.
فهذا المنزل قائم بالفعل على الاكتفاء الذاتي. فهو ذاتي التدفئة ويولد الطاقة التي يحتاجها ويتعامل مع مياه الصرف الصحي ويقوم بتنقيتها بل ويوفر مياه الشرب. ويبدو هذا المنزل القارب- والذي يمكن مشاهدته حاليا في مرفأ أمستردام - من أغلب النواحي أشبه بالمنازل الحديثة ذات الطابق الواحد.
وقد خرج هذا النموذج التجريبي للنور نتيجة لمبادرة واحدة من منظمات الإسكان المتواجدة بكثرة في هولندا، وهي مؤسسة دلتافونين الصغيرة نسبيا والتي تتخذ من مدينة زفولا مقرا لها. حيث كانت المؤسسة ترغب في تنظيم مشروع خاص لإحياء الذكرى الـ100 على إنشاءها. ويعكس خيفون بوت الحالة الفنية الراهنة بمعايير حياة صديقة للبيئة
ماء
ومن أجل جعل هذا المنزل ذاتي الاكتفاء تم تطبيق العديد من الحلول الإبداعية عند إنشاءه فالمياه التي تستخدم في خزانات تفريع مياه المراحيض ( السيفون) لا تأتي من مصدر مياه الشرب بل من مياه الأمطار. أما مياه الصرف الصحي فتنقل إلى صهريج خاص للمعالجة الأولية. ثم تنتقل المياه من خزان المعالجة إلى قصبات طافية بجوار المنزل
ويشرح المسئول عن تقنيات صيانة المنزل العائم يان هيزمان ما الذي تفعله هذه القصبات.
"إنها مزيج من القصبات النباتية والبامبو تقوم بتنقية المياه بينما تتولى البكتريا الموجودة هناك باقي الأمر. ولإكمال الدورة - بحيث تصبح هذه المياه صالحة للشرب- تمر المياه عبر فلاتر خاصة. لضمان أنها صارت نقية تماما وخالية من البكتريا."
التدفئة
كما يعتبر نظام التدفئة في خيفون بوت غاية في الإبداع هو الأخر. حيث أنه يعتمد على الطاقة الموجودة في المياه التي يطفو على سطحها المنزل. وربما لا تزيد درجة حرارة المياه عن 8 درجات لكن مع امتصاص كمية الدفء الصغيرة وإعادة العملية أكثر من مرة بحيث تصل درجة حرارة المياه في نظام التدفئة السفلي هذا إلى حوالي 50 درجة.
كهرباء
كذلك يقوم هذا المنزل العائم بتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق ألواح شمسية، وهو نظام بسيط ويعتمد عليه لا يتطلب إلا القليل من العناية -على أقصى حد - من جانب سكان المنزل. حيث تمتص الألواح الطاقة من الأشعة الشمسية وتخزنها في بطاريات وفي وقت الحاجة يتم سحب الطاقة المطلوبة من هذه البطاريات. وأخيرا فإن هذا المنزل مجهز بكل ما يقدمه السوق للحفاظ على الطاقة مثل الزجاج عاكس للحرارة و الأجهزة التي لا تستهلك الكثير من الطاقة. ففي حال ما كان المرء يقوم بإنتاج وتوليد ما يحتاجه من الطاقة، فإنه لن يرغب في إهدارها بصورة غير ضرورية.
نجاح تجاري
وعلى الرغم من أن خيفون بوت هو نموذج تجريبي لا يسكنه أحد، إلا أنه ليس من المفترض بالطبع أن يظل على هذا الحال. حيث أن شركة دي كي للإسكان والتي تتخذ من أمستردام مقرا لها حصلت الآن على المشروع وهي الآن تضع مستقبله نصب أعينها. فشركة دي كي تلعب دورا في سوق الإسكان أكبر بكثير من شركة دلتافونين وهي ترغب في أن ينجح المنزل القارب تجاريا. ويشرح هاري خرونمير من شركة دي كي السبب الذي يجعله يعتقد في أن الأمر سيثير اهتمام مشتري العقارات.
" نحن نعتقد أنه الطاقة في المستقبل ستكون أغلي بكثير عما هي عليه الآن. وهو ما يعني أنها ستشغل نسبة كبيرة من مصاريف الأفراد. ولكن بالاستثمار لمرة واحدة في نموذج أغلى يحتوي على كل التقنيات لإنتاج الطاقة يكون المرء قد قلل على المدى البعيد من التكاليف التي كان سيتحملها في حال أشترى منزلا عاديا.
ويبدو هاري خرونمير مقتنعا أنه لو أدرك مشترو المنازل أن المنزل القارب يوفر النقود فإن الإقبال على هذه المنازل العائمة سيكون كبيرا للغاية.
إذاعة هولندا العالمية / ترجمة: محمد عبد الرؤوف
[/align][/frame]