في الحديث الشريف عن رسول الله (ص) أنه قال :" رب أشعث أغبر مخلف بالأبواب,لو أقسم على الله لأبره" فكيف بهذا الأشعث الأغبر الذي أبره الخالق عز وجل , واهتزت له السماوات والأرض ,ونزلت في شأنه آيات العتاب, موجهة لخير البرية وسيد البشرية محمد (ص) . أي وربك الكريم,, إنه الأعمى الذي ما رأى غير الظلام,لا رأى شمسا ولا رأى القمر, يسمع الأشياء يجهل شكلها, كيف يبدو الطير أو كيف يبدو الشجر... هو ذاك الأعمى الذي علم المبصرين درسا , تعال معي نطارح معانيه ,علنا نصيب قبسا من نور الإبصار الحق . هو عمرو بن أم مكتوم , شاء له رب العالمين أن يولد أعمى , لا يرى شيئا غير الظلام , وأن يموت أعمى , لكن على بصيرة من كل المبصرين . لم يلعب مع أقرانه , ولم يركض مع أترابه , ولم يعرف للحواجز صورا , ولا للأخطار معنى , حين حبا كبا ,و حين مشى تعثر , وحين ركض وقع , فنشأ بين أقرانه منكفئا , وعاش في أهله وخلانه منطفئا , وترعرع في دنيا ليس له فيها من نصيب إلا ما قد سمع .
وها الأعمى قد أصبح رجلا يافعا, وها الأعمى قد سمع أن دينا جديدا بدد ظلام جاهلية قومه , وأن رسالة النور قد أنزلت على رجل إسمه محمد بن عبد الله , من خيرة بيوت آل مكة ,وها الأعمى يسمع أن هناك رب هو من خلقه,وخلق بني الإنسان وخلق كل الأكوان,وخلق الشمس والقمر والليل والنهار , وقدر الأزمان,وبعث في الناس رسولا يدعوهم إلى الدين الجديد , وإلى الإيمان . . أيقعد الأعمى بحسبه من دنياه ما سمع , أم يسعى إلى حيث النور ؟ . بلى وربي ,, ما قعد الأعمى وما انزوى, وعن السؤال ما ارعوى , بل هب يقصد محمدا عسى عنده ما يشفي الغليل, ويضيء ظلمة النظر الكليل . وكذلك كان ,, وقف الأعمى بين يدي سيد الورى, فأدرك بقلبه أنه رسول ما كذب وما غوى , وأيقن بحسه أنه نبي ما ينطق عن الهوى. سمعه وهو (ص) يقول :" إن الدين عند الله الإسلام " , فإذا به وقد تزلزل كيانه,واهتزت أركانه , وإذا به يقف بين يدي المصطفى الحبيب, ودمعه على الخد سكيب, يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
دخل الأعمى في دين الله , فانشرح صدره بما شع فيه من الأنوار,وانفرج همه بما انكشف له من الأسرار , وذاع خبر إسلام عمر بن أم مكتوم من دار إلى دار , :" أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه , فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله , أولئك في ضلال مبين"(الزمر 22) .ويا لهول ما فعله القاسية قلوبهم بابن مكتوم , كأنه جرح كبرياءهم , ومس أنفتهم وكرامتهم , كيف يتجرأ فيدخل في دين محمد , وهو الضعيف الأعمى الذي لا حول له ولا قوة ؟ . واللات والعزى , لا شفاعة لمن يسفه أحلام قريش حتى ولو كان أعمى ضريرا, واللات والعزى , لا عذر لمن يدخل في دين محمد صغيرا كان أم كبيرا .. أخذوه فغلوه, وشتى أصناف العذاب أذاقوه, من ثيابه جردوه , وبالتراب عفروه, وبسياط اللهيب لسعوه . أكلت الأحجار من لحمه وما ارتدع, ونفذت السياط إلى عظمه, وعن إسلامه مارجع, :" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم , مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله , ألا إن نصر الله قريب"(البقرة 214) .
ويمر به خير الورى (ص) ويرى محنته ومحنة غيره في رمضاء مكة ,من الذين اشتروا الجنة بأنفسهم من الإله الفرد الصمد, فما بدلوا تبديلا ,بل قالوا أحد أحد,ويقول لهم (ص) كلاما من ربهم يبلسمون به جراحهم وينسون به أتراحهم :" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"(العنكبوت02).يا ابن أم مكتوم,صبرا صبرا فإن الفرج قريب.
وتنفرج الغمة , ويرجع الأعمى مغتبطا بعذابه, مشتاقا إلى خير أحبابه, محمد (ص) , يجلس في مجلسه , ينهل من حوضه , ويتفيأ في روضه , وإذا بالمصطفى (ص) يروي عن ربه حديثا قدسيا فيقول (ص) : إن الله عز وجل يقول :" أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " . يسمع الأعمى من رسول الله (ص) ما سمعه الحاضرون , فلا تسعه دنياه من الفرح ... ما رأى المبصرون الجنة ولا رأوا نعائمها, ما رأى المبصرون شيئا إذ أبصروا , لم يفت الأعمى شيء إذن . ما أسعده بالسير على منهاج نور لم يسر عليه المبصرون .
ويداوم الأعمى على تلك الحال , يردف السؤال بالسؤال , ومع كل إجابة من رسول الله (ص) يزداد تقربا إلى الله .... " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " حدث بها الحبيب المختار , الخيرين من اصحابه, وابن أم مكتوم من الحاضرين في جنابه, فغيرت من حياته كل مجرى . خير الناس من كان بالقرآن أدرى . ويشهد الجميع أنه من يومه ذاك وهو يأخذ من القرآن نصيبه ونصيب غيره, يفرح بآيات الكتاب كما تفرح الأرض الظمأى برش المطر , يتعطش لكل وحي جديد , فيحفظه ويقول هل من مزيد .
وجاء ذلك اليوم الذي توكأ فيه الأعمى عصاه, وقت الظهيرة يجر خطاه, وقصد المصطفى (ص) فقال :" السلام عليك يا رسول الله , علمني مما علمك الله , أنت قلت إن من تعلم القرآن وعلمه فهو خير الناس, وهو خير أصحابك, وإني لأحسبني من أصحابك...أين رسول الله؟؟ لماذا لا يرد ؟؟ لماذا لا يقول للأعمى نعم أنت من أصحابي , وأنت من خير الناس ؟ .. رسول الله يكلم عتبة , ويكلم شيبة وأبا جهل . رسول الله في أمر جسيم , إنه (ص) يراود أبا جهل وشيبة وعتبة , عساهم أن يكفوا أذاهم عن أصحابه من المسلمين . يمكن للأعمى أن ينتظر قليلا , فلا ضير في ذلك , وهاهو مايزال متبسما في شوق إلى رد النبي الكريم , عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم . السلام عليك يارسول الله , علمني مما علمك الله , قالها ثانية فلم يلق ردا يفيض , ولا جوابا يغيظ , قطع بها حبل الكلام بين كبار قريش وبين المصطفى الحبيب , فتلقاها (ص) في غير ترحيب . أثقل بها على رسول الله (ص) فعبس , ولو أنه درى بباطن الحال ما نطق ولا نبس .. ويعود الأعمى على أعقابه , يجر اللوم في ركابه,, أتراني أغضبت رسول الله ؟ أتراني لست من خير الناس عند الله ؟ . لا أيها الأعمى , بل أنت من غضب لك الله . أيها الأعمى , أنت من اهتزت لك السماوات والأرض , يوم أن عبس في وجهك محمد ولو لم تره, أنت الذي تكلم الله في علاه, والملائكة ساجدون إلى الأذقان, فقال في حقك الملك الديان:" عبس وتولى أن جاءه الأعمى, وما يدريك لعله يزكى , او يذكر فتنفعه الذكرى , أما من استغنى فأنت له تصدى , وما عليك ألا يزكى , وأما من جاءك يسعى وهو يخشى , فأنت عنه تلهى كلا , إنها تذكرة , فمن شاء ذكره , في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة , بأيدي سفرة كرام بررة " (عبس 01) . أيها الأعمى , أيها الأشعث الأغبر المخلف بالأبواب, هذا رسول الله (ص) خير البرية وسيد البشرية , يأتيه جبريل عليه السلام بست عشرة آية كلها عتاب من رب العالمين القاهر الوهاب, تنزل على سيد الأولين والآخرين , وتشهد لك أنك من خيرة عباد الله الصالحين . نعم ايها الأعمى , ما رآك أحد كما رآك الله , وأنت خارج من بيتك تريد أن تتقرب إلى الله , سعيت وما مشيت أيها الأعمى :" وأما من جاءك يسعى " وخشيت إذ سعيت أيها الأعمى :" وأما من جاءك يسعى وهو يخشى " , فحق على الله عز وجل أن يرفعك إلى مقامات الخاشعين , وأن يجعلك في دنياك من المبشرين , وهاهو رسول الله (ص) سيد الناس أجمعين , غدا يحفل بك ويكرمك في كل وقت وحين , فإذا هللت عليه قال لك (ص) :" مرحى , مرحى بالذي عاتبني ربي من أجله " .
صبرت فنلت يا ابن أم مكتوم, " وما يلقاها إلا الذين صبروا, وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " (فصلت 35), سمع غيرك بآذانهم وأبصروا بأعينهم , وسمعت أنت بقلبك وأبصرت ببصيرتك, فلم تك من القاعدين . وحين جاء أمر الله عز وجل لعباده المؤمنين أن هاجروا بدينكم , نبا الخبر إلى مسمع الأعمى , فذهب مستقصيا لدى رسول الله (ص) . وإذا الآيات تخلخل كيانه , وتهز أركانه , وإذا رب العزة ينزل على نبيه الكريم :" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " (فصلت 33)... أذن لرسول الله (ص) بالهجرة , فأرسل (ص) مصعب بن عمير , داعية في المدينة , ومحدثا بدين الإسلام , ومعلما للناس محكم الآيات من القرآن . يا له من فضل جسيم , ويا له من فوز عظيم , يسافر المسلم فيترك أهله وداره, ويسعى داعيا إلى الله ابتغاء أن يكون أحسن الناس عند رب الناس, فكيف بمن أكرمه ربه بأن أنزل في شأنه آيات العتاب , ألا يكون أول من سمع دعوة الله , فلبى واستجاب؟؟ والله لا يقعد الأعمى عن هذه مهما كان , وليذهبن داعيا إلى دين الواحد الديان, لا يضيره في مسعاه أن يكون من العميان .
ويدخل الأعمى على رسول الله (ص) ويقول : يا رسول الله , إأذن لي أن أذهب مع مصعب بن عمير , أدعو إلى الله . نعم الطالب والمطلوب . وكيف يرفض رسول الله (ص) طلبا لعمر بن أم مكتوم, كيف لرسول الله (ص) ألا يستجيب لطلب رجل نذر نفسه للدعوة إلى دين الله الوثيق, لا يقعده عن مسعاه عماه , ولا يمنعه عنت ولا مشقة طريق . بل يأذن له (ص) , فإذا بالأعمى من فرحه يكاد يطير , وإذا به إلى يثرب يحث الخطو ويسير , يطوي السهول والجبال على الأقدام , في رحلة مدتها شهر بالتمام, ساعيا إلى رضا الله العليم العلام ,فكان مع صاحبه مصعب بن عمير , أول من طلع على أهل المدينة , يختلفان على الناس, ويعلمانهم القرآن , ويدعوان إلى سبيل الهداية والغفران .
يا لهذا الأعمى الذي يرجو أن يكون أحسن الناس طاعة , وأفضلهم عملا , ويا لهذا القلب الذي يذوب خشية ووجلا , يسمع إبن أم مكتوم رسول الله (ص) يخبر بان " المؤذنين هم اطول الناس أعناقا يوم القيامة" فيقول : إأذن لي أن أؤذن مع بلال يا رسول الله , فإني أتمنى ان يرتفع عنقي يوم تذل لله الأعناق. ويأذن له رسول الله (ص) فيتسابق الأعمى مع بلال (ض) على الأذان , حتى أن البخاري ومسلم , أوردا في صحيحيهما أن رسول الله (ص) قال :" إذا أذن بلال الفجر فلا تمسكوا , فإنه يؤذن في غلس, وإذا أذن ابن أم مكتوم فأمسكوا" . بلال (ض) يؤذن في الغلس قبي الفجر فيسبقه , والأعمى يتوخى الفجر فلا يخطئه . طوبى للأعمى هذا التكريم , وقد شهد له النبي الكريم . سبحان من يقلب القلوب بين محبته وطاعته, وها الأعمى يغضب له في سماه الرحيم الرحمان, ويشهد له رسول الله (ص) بالطاعة والإيمان , فما أجلها من منزلة , وما اعظمه من شان .
يا عمرو يا ابن أم مكتوم,, يا أيها الأشعث الأغبر , يا أيها الصادق الأعمى , الذي به ربه قد أبر , ها قد نزل من آيات الله على رسوله ما ليس لك فيه من نصيب , ها قد أوحي إلى المصطفى الحبيب , ما أسال على خدك الدمع السكيب , ها ربك قد قال جل من قائل :" فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة, ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما " (النساء 74). أنا أبيع نفسي يا رسول الله , فكيف إلى القتال من سبيل , كيف يكون الله عز وجل هو البائع ولا أكون من المشترين ؟ :" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون , و عدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن , ومن أوفى بعهده من الله , فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به, وذلك هو الفوز العظيم" (التوبة 111) . أنا مستعد للصفقة مع الله , لكن ما يفعل الضرير يا رسول الله , ما يفعل ضرير لم يمسك في حياته سيفا , ولا امتطى ظهور الجياد , ما يفعل ضرير قعد مع القاعدين عن الجهاد , القلب منه انكسر , والدمع من مقلتيه انهمر ... وإذا الأرض والسماوات تهتز للأعمى , وإذا الذي يسري عن الأعمى رب العباد , المطلع على ما في الفؤاد , :" لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ,والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم , فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة , وكلا وعد الله الحسنى , وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما " (النساء 95). :" ليس على الأعمى حرج", يقولها رسول الله (ص) لعمرو بن أم مكتوم , وهو (ص) يرى لوعته , ويعلم غصته , و يعلم الباري سبحانه وتعالى أن الأعمى لا ترضيه إلا أعلى الدرجات,فيكتبها له فيما هوآت.
بأبي وأمي أنت يا رسول الله , مات أرحم خلق الله , مات محمد بن عبد الله عليه صلوات الله . إنقطع الوحي , وفي صدر الأعمى كدر ثقيل ثقل الجبال , ولهفة إلى الموت في ساحات القتال , ومات بعد رسول الله (ص) خليفته أبو بكر (ض) , والأعمى لا يزال يتوق إلى الشهادة , ويتمنى على ربه الحسنى وزيادة . ثم صار الأمر إلى أمير المؤمنين عمر (ض) , فامتشقت السيوف , وهب إلى الجهاد كل راغب في الجنة ملهوف , يريدون لقاء الفرس في القادسية , فهل يقعد الأعمى مستكينا لعماه , أم يهب شوقا إلى لقاء مولاه ؟ .. يدخل عمرو بن أم مكتوم على أمير المؤمنين عمر (ض) فيقوم له كل الحاضرين , إنه الضرير الغالي عند الله , إنه الأعمى الذي من أجله عوتب رسول الله , مرحبا بابن أم مكتوم , هل من حاجة فنقضيها ؟ ويجيب الأعمى فيقول : يا أمير المؤمنين , سمعت أنكم تقصدون القادسية لقتال الفرس , نعم قال عمر (ض) , فقال الأعمى : إني خارج معكم . إذا أردتم لقاء العدو , فألبسوني الدرع وأقيموني في الصف وأعطوني الراية ــ راية لا إله إلا الله ــ فإني أعمى . بهت كل من حضر , وبالكاد نطق عمر : يا ابن أم مكتوم , بالحق تكلمت , فأنت أعمى , وهل في عماك من مزية ؟ أي وربي , قال الأعمى . إني أعمى , والأعمى لا يفر , وإنكم والله لن تروا راية لا إله إلا الله تولي الأدبار , فإما أن ترتفع فتنتصر , وأنا في مقدمة الصف , وإما أن أقتل دونها . :"أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها , أو آذان يسمعون بها, فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " (الحج 46) . طبت أيها الأعمى , وطاب ذكرك في مقامات الشهداء . هاهو الأعمى في مقدمة الصف يلبس الدرع , ويحمل راية لا إله إلا الله , يتقدم واثق الخطو ثابت الجنان , يشق صفوف أهل الكفر والعصيان . هاهو الأعمى يخط أعظم ملحمة في تاريخ الإنسان , دامت ثلاثة أيام , وانتهت بنصر أهل الإيمان , وهزيمة أهل الظلم والعصيان . سقطت دولة الفرس , وانكسرت جيوشها تحت راية لا إله إلا الله , راية يحملها رجل من العميان .
أعل أعل بالأذان أيها المؤذن , أعل بلا إله إلا الله , وأسمع بها البطاح والوديان . أين عمرو بن أم مكتوم ليؤذن في الناس ؟؟ بحثوا عنه فافتقدوه, ثم رأوا الراية فقصدوه , فإذا براية لا إله إلا الله مضمخة بدم الأعمى , قد تدثر بها يضمها في عناق , ويتلحف بها في اشتياق , وما من موضع في جسمه إلا وبه غرزة رمح أو طعنة سيف , :" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا , بل أحياء عند ربهم يرزقون " ( آل عمران 169). .. مات الأعمى , مات عمرو بن أم مكتوم ,ما ولى الأدبار, وما قال حي على الفرار , بل نصرالجند وصدق الوعد , واشترى من ربه الفردوس , فغدا من الرابحين , وأصاب من سهام الجنة وهو الضرير , ما لم يصبه غيره من المبصرين . أصاب الأعمى فماذا أصبنا أنا وأنت ؟ قل لي بربك أينا الأعمى وأينا المبصر , قل لي بربك ما تجدي الأبصار إذا عميت البصائر . فاللهم يا من له الحكم والتدبير,يامن إليه المرجع والمصير,اللهم يا نعم المولى ويا نعم النصير, دبر لنا فإننا لا نحسن التدبير, ألطف بنا فإنك أنت اللطيف الخبير, إغفر لنا فإنك بذنوبنا بصير, اسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .