[د. منذر أبوشعر]

أحياناً نفهم القرآن حسب لهجتنا الدارجة، وليس حسب مفهوم اللغة؛ وبالتالي، نبتعد عن المعنى التي تريده الآية. ومن الأمثلة القريبة على ذلك:
1 (فجاءها بأسنا بياتاً أو هم قائلون) - الأعراف: 4 - ، من القيلولة وليس من القول، يعني نهاراً في وقت القائلة، وهي الاستراحة نصف النهار عند العرب، وإن لم يكن مع ذلك نوم، والدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها، قال تعالى: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً وأحسن مقيلاً) - الفرقان: 24 - يقال: قال يَقيل قَيْلاً وقائلة وقيلولة ومَقالاً ومَقيلاً.
2 (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) - الأعراف: 21 - ، من القسَم بمعنى الحلف وليس من القسمة، أي حلف لهما بالله على ذلك حتى خدعهما، وقد يُخدع المؤمن بالله؛ وكانوا يقولون: مَنْ خادعنا بالله خُدعنا، ومنه قوله تعالى في قيل التسعة الرهط الذين يُفسدون في أرض حِجْر ثمود ولا يصلحون: (تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله) - النمل: 49 - ، أي تحالفوا بالله لنبيتنَّ صالحاً وأهله ، فلنقتلنه.
3 (كأن لم يغنوا فيها) - الأعراف: 92- ، أي لم يقيموا فيها وليس من الغنى وكثرة المال.
4) إن تحمل عليه يلهث) - الأعراف: 176 - ، أي تطرده وتزجره وليس من الحمل، لأن الكلاب لا‌ يحمل عليها .يقال: لهث (بالفتح فكسر) ولَهَث (بفتحتين) يَلْهَث: أخرج لسانه عطشاً أو تعباً أو إعياء.
5) وقاتلوهم حتى لا‌ تكون فتنة) - الأنفال: 39 - ، الفتنة الكفر وليس النزاع والخصومة. أي قاتلوا المشركين الذين يقاتلونكم حتى لا يكون شركٌ بالله، وحتى لا يُعبد دونه أحدٌ في أمره ونهيه.
6 (ويتلوه شاهدٌ منه) - هود: 17 - ، أي يتبعه وليس من التلاوة .والشاهد: جبريل عليه السلام.
7 (يظنون أنهم ملاقو ربهم) - هود: 29 - ، الظن يعني اليقين وليس الشك، والعرب تسمي اليقين " ظناًّ " والشك " ظناًّ " نظير تسميتهم الظلمة " سُدفة " والضياء " سدفة "، والمغيث " صارخاً " وما أشبه ذلك من الأسماء التي تسمي بها الشيء وضدَّه .ونحوه قوله تعالى على لسان سيدنا يوسف: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك) - يوسف: 42 - فالأنبياء غير جائز منها أن تخبر بخبر عن أمرٍ أنه كائنٌ ثم لا يكون، أو أنه غير كائن ثم يكون، لأن ذلك لو جاز عليها في أخبارها، سقطت حُجَّتها على من أرسلت إليه، فلا تُخبر بخبر إلا وهو حق وصدق.
8) أو اطرحوه أرضاً) - يوسف: 9 - ، أي ألقوه في أرض بعيدة، وما أرادوا إيقاعه على الأرض. يقال: طرحه واطَّرَحه يَطْرَحه طرحاً: رماه وأبعده.
9 (أيمسكه على هون) - النحل: 59 - ، أي على هوان وذلّ وليس على مهل، يقال: هان يَهون هُوناً وهَوَاناً ومَهانة، ذل واستخزى .
10 (ويستحيون نساءكم) - طه: 8 - ، أي يتركونهن على قيد الحياة، يستبقوهن للخدمة. ولمَّا كانت الصَّبايا داخلات مع أمهاتهن في الاستحياء، وأمهاتهن لا شك نساء، قيل: (يستحيون نساءكم)، يعني بذلك الوالدات والمولودات، كما يقال: أقبل الرجال، وإن كان فيهم صبيان. وأمَّا من الذكور فإنه لمَّا لم يكن يُذبح إلاَّ المولودون، قيل: (يذبحون أبناءكم) ولم يقل: يذبحون رجالكم.
11 (فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها) - الحج: 36 - ، المقصود الإبل أي سقطت جنوبها بعد نحرها. والوجوب ليس بمعنى الإلزام، يقال: وَجَب الحائط يَجِب، ووجب البيت وكل شيء: سقط إلى الأرض مع هدَّة. وقوله تعالى: (فكلوا منها) خرج مخرج الأمر، ومعناه الإباحة والإطلاق، أي إذا نُحرت فسقطت ميتة بعد النحر، فقد حُلَّ لكم أكلها، وليس بأمر إيجاب. وكان المشركون لا يأكلون من ذبائحهم، فرُخص للمسلمين، فمن شاء أكل، ومن شاء لم يأكل.
12 (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) - الشعراء: 129 - ، المصانع: المباني من القصور والحصون المشيَّدة والقرى والآبار، وغيرها من الأمكنة العظيمة، والعرب تسمي كل بناء عظيم مَصنعة، وليست هي المصانع المعروفة اليوم .
13 (كأنها جانّ) - النمل: 10 - ، هي نوع من الحيات سريع الحركة، أكحل العينين، يضرب إلى الصفرة، لا يؤذي، وليس الجنّ .
14 (ولقد وصَّلنا لهم القول) - القصص: 51 - ، أي بيّنا وفصلنا القرآن، وليس المراد إيصاله إليهم، يقال: وَصَّلَ الشيءَ إليه: أنهاه إليه وأبلغه إياه، والأصل في ذلك من وَصْل الحبال بعضها في بعض، إذا ضمَّها وجمعها ولأمَ بينها.
15 (أو يزوجهم ذكراناً وإناثا) - الشورى: 50 - ، أي منوعين إناثاً وذكوراً، وليس معناه يُنكحهم .
16) ‌ًإذا قومك منه يصِدُّون) - الزخرف: 57 - ، بكسر الصاد من صَدَّ، ضجَّ وجلَّب وصاح، وليس من الصدود.
17 (خلق الإنسان من صلصال) - الرحمن: 14 - ، الطين اليابس الحُرُّ، خُلط بالرمل، ولم يُطبخ، ولم تصبه نار، فإذا جفَّ ونقرته صار يتصلصل وسمعت له صلصلة. فإذا طُبخ بالنار فهو الفخَّار. وكل يابس فهو يُصَلصل، أي يصوِّت.
18 (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) - الرحمن: 24 - ، الأعلام هي الجبال وليست الرايات، والعرب تسمي كل جبل طويل عَلماً .شبه السفن بالجبال. والمنشآت: السفن الجواري في البحار، المرفوعات القلاع، اللاتي تقبل بهن وتدبر، فما رُفع قلعه من السفن فهن منشآت، وإذا لم يرفع قلعها فليست بمُنشأة.
19 (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ) - المزمل: 6 - ، الوَطْأ والمُوَاطأة: المُوافقة، يقال: هذا وَاطأ ذاك وذاك وَاطأ هذا. يقول تعالى: إن ناشئة الليل، وهي ساعاته وأوقاته، أشد ثباتاً من النهار، وأثبت في القلب. أي هي أشدُّ مواطأة بين القلب واللسان، وأجمع للخاطر، في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار، لأنه وقتُ انتشار الناس ولَغَط الأصوات وأوقات المعاش، فيواطيء السمع والبصر والقلب بعضه بعضاً.
20 (لوَّاحة للبشر) - المدثر: 29 - ، أي مغيرة لبشر أهلها - يعني نار جهنم - ، تحرق الجلد حتى تسوِّدَه، وليست تلوح للناس .
21 (وسبحه ليلا‌ً طويلا‌) - الانسان: 26 - ، المقصود الصلاة وليس ذكر اللسان .
22 (وأذِنت لربها وحقت) - الانشقاق: 2 - ، أي انقادت وخضعت، يقال: حقَّ عليه الشيء، واستحقَّ، فهو يَحِقُّ حُقوقاً: وجب وثبت، وصار حقاًّ لا يشك فيه، وليست هي من السماح .أي أوجبها الله للاستماع لأمره والانتهاء إلى طاعته، في إلقائها ما في بطنها من الموتى إلى ظاهرها أحياء.
23 (وثمودَ الذين جابوا الصخر بالواد) - الفجر: 9 - بمعنى قطعوه وليس أحضروه، يقول تعالى: الذين خرقوا الصخر، ودخلوه فاتخذوه بيوتاً. يقال منه: جاب فلان الفلاة يَجوبها جَوْباً، دخلها وقطعها.
24 (فَقَدر عليه رزقه) - الفجر: 16 - ، أي ضيق عليه وليس من القُدرة، أي ضيَّق عليه رزقه، وقتَّره، فلم يكثر ماله، ولم يوسِّع عليه. يقال: قَدر عليه: ضيَّق عليه، والقَدْر والتقدير: التضييق.
25) أجر غير ممنون) - التين: 6 - ، أي غير مقطوع ، وليس بغير منّة ، من قولهم: حبلٌ مَنين، إذا كان ضعيفاً. يقول تعالى: الذين عملوا الصالحات في حال صحتهم وشبابهم، فلهم أجر غير ممنون بعد هرمهم، كهيئة ما كان لهم من ذلك على أعمالهم في حال ما كانوا يعملون وهم أقوياء على العمل.
26 (فأمُّه هاوية) - القارعة: 9 - ، أي مسكنه ومأواه النار، وليس المقصود الأم الحقيقية. وإنما جعل النار أمَّه، لأنها صارت مأواه، كما تُؤوي المرأة ابنها، فجعلها - إذ لم يكن له مأوى غيرها - بمنزلة أم له. وهاوية: جهنم، بغير الألف واللام، ممنوعة من الصرف.

[ناز أحمد عزت العبدالله]

جزاك الله عنا خيرا دكتور منذر أبوشعر
تعم الفائدة علينا أن شاء الله بما أنعم الله عليك رحم الله والديك
شكراً جزيلاً وبارك الله لنا بك *

[د. منذر أبوشعر]

الأستاذ الأديب ابني ناز أحمد العبد الله، زهرة نور الأدب المتجددة شباباً وعبق طيب خير:
الشكر كل الشكر لجميل طيب مرورك، ويدا بيد نتابع بهجة متعة الدرب.

[نصيرة تختوخ]

شكرا على إفادتنا د.منذر.
دمت بكل خير

[د. منذر أبوشعر]

فارسة الكلمة الآنسة الودودة أختي نصيرة تختوخ:
كل عام وأنت بخير- وأسرتنا أسرة النور-، بقوة عزم يقيننا، فنزيفنا في غزة ينهر مزيد تصميم إرادة وأمل فرج بخير غد.
أهلا وسهلا بك ثانية، فمرورك طاقات بركة أسعد بها دائما، والشكر كل الشكر لك.

[د. منذر أبوشعر]

فارسة الكلمة الآنسة الودودة أختي نصيرة تختوخ:
كل عام وأنت بخير- وأسرتنا أسرة النور-، بقوة عزم يقيننا، فنزيفنا في غزة ينهر مزيد تصميم إرادة وأمل فرج بخير غد.
أهلا وسهلا بك ثانية، فمرورك طاقات بركة أسعد بها دائما، والشكر كل الشكر لك.

[د. منذر أبوشعر]

فارسة الكلمة الآنسة الودودة أختي نصيرة تختوخ:
كل عام وأنت بخير- وأسرتنا أسرة النور-، بقوة عزم يقيننا، فنزيفنا في غزة ينهر مزيد تصميم إرادة وأمل فرج بخير غد.
أهلا وسهلا بك ثانية، فمرورك طاقات بركة أسعد بها دائما، والشكر كل الشكر لك.