حسن الحاجبي
|
بردا وسلاما يا معاذ
لازال دين الله تعالى منذ أن بزغ فجره واستضاء نوره يهاجم من قبل أعدائه ,ولازالت الحرب الضارية التي تريد أن تنال من هذا الدين شرسة مستعرة ,هدفها أن تهدم أصوله وأركانه وثوابته,ومكمن الخطر اليوم أنها صارت حربا فكرية تتوسل إلى أهدافها ومراميها بسلاح التكنولوجيا وقوة الإعلام وتأثير الصوت والصورة .كل هذه الترسانة العلمية والإمكانيات الإعلامية الرقمية لأجل خدمة هدف واحد هو تشويه صورة الإسلام والتأثيرعبرالفضائيات وشبكةالأنترنيت في عقول الشباب بالشبهات التي يضعف أمامها المتلقي والمشاهد بسبب ضعف العقيدة وقلة التأصيل الديني,وهذه الشبهات قل منا من يتصدى لها ويفحم أصحابها ويرد عليهم بصورة أقوى منها.فتصل الشبهة إلى القلوب القلقة المريضة وتفعل فعلها ونحن أمامها فاغرون.وقد نجح أصحاب هذا القصد إلى حد بعيد في مسعاهم فعرضوا ويعرضون من مشاهد الشبهة ما يفيد أن الإسلام دين إرهاب ودين قسوة لا يعرف الرفق ولا الرحمة,ودين متعطش للدماء يمزق الأوصال ويقطع الرؤوس ويحرق بالنارومعاذ الله أن يكون الإسلام الحنيف كذلك,بل هو دينالله المنة المهداة والنعمة المسداة والدين الذيارتضاه الخالق عزوجل لأهل السماء والأرض ليسعدوا به دنيا وآخرة. أفيرضى الله سبحانه وتعالى دينا لأهل الأرض ويخرج علينا من يطعن في اختيار الله لعباده؟.الإسلام صمام أمان للعالمين,وهداية للحائرين ومنارة للضالين لكن مصيبتنا العظمى هي أن من بين ظهرانينا منتسبون للإسلام يعشقون الظلام ويحبون إطفاء مصابيح النور .الإسلام مشعل هداية ومصباح نور ,أنا وأنت موكول إلينا أمر إنارة الطريق أمام كل ضال وغافل ,أنا وأنت منوط بنا أن نضيء السبيل لكل متعثر منكفئ في عتمة الظلام الدامس,لكن مصيبتنا هي أن هناك من يريد أن يطفئ مصباحي ومصباحك فيحرم الناس من النور, عميان ختم الله على بصيرتهم وأطفأ نور قلوبهم فصاروا يتباهون بالقتل والسبي والحرق بإسمي وبإسمك وبإسم الإسلام ,وما عدنا في حاجة إلى الآخر كي يشوه صورتنا وصورة ديننا أمام العالم, ففيهم الكفاية فيما صنعوا ويصنعون.نعم أيها الإخوةالموحدون,إن ما أصاب الأمة من تسلط أعدائها الخارجيين,لم يكن ليحصل إلا بعد أن تسلط عليها من الداخل أهل الأهواء والأنواء,وأهل البدع والضلال ممن ينتسبون للإسلام وممن أصبحوا أشد نكاية بالأمة من كل كافر.بشبهاتهم التي تضر بالعقيدة وتفسدها وبمنكراتهم التي تصرف عن الهدى وتصد عن الحق,يوغلون في الدماء ويشتغلون بالباطل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.ولهؤلاء الجهلة نقول :أعطونا دليلا واحدا من القرآن أو من السنة يقول بحرق الأسير بالنار؟ لا يحرق بالنار إلا الله تعالى ولا يعذب بالنار إلا رب النار,ورب العالمين عاتب نبيا لأنه أحرق قرية من النمل وهاهو رسول الله (ص) يوصي ويقول :"أغزو ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ".وفي غزوة بدر الكبرى يقع سبعون من الأسرى بين أيدي المسلمين فماذا فعلوا بهم ؟هل عذبوهم هل نكلوا بهم هل أحرقوهم بالنار ؟مر بهم رسول الله (ص) وهم في وثاق الأسر فقال للحراس:"إستوصوا خيرا بهؤلاء" وأمر (ص) بأن تدفن جثث القتلى من المشركين حتى لا تأكلها السباع أو الطير إكراما لإنسانيتهم على الرغم من أنهم أعداء لله ولدين الله. يقول المولى جل وعلا في صفات الأبرارذاكرا بعض أفعالهم الجميلة التي استوجبت لهم حسن الذكر عند ربهم:" ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا". يطعمون الأسير ولم يكن الأسير يومئذ إلا مشركا,بل ويفضلون الأسير على أنفسهم ,لقد كانوا في جهاد وكان الرجل منهم لايقع في يده أكثرمن كسرة خبز يابس أوشق تمرة يقتسمها مع أسيره إمتثالا لأمر الله تعالى,وفي موقعة بني قريضة,وقد هزم اليهود بعد أن خانوا عهدهم مع رسول الله ونكثوا وألبوا الأحزاب على رسول الله بالمدينة فوقعوا في شر فعلتهم ومكن الله تعالى للمسلمين منهم فاستحقوا القتل ليس لأنهم أسرى وإنما بسبب غدرهم وخيانتهم للعهد ,فاقتيدوا إلى ساحة القصاص تحت حر شمس لاهبة في يوم قائظ ,وإذا برسول الله يمر بهم فيقول لمن سينفذون الحكم :"لا تجمعوا على هؤلاء حر الشمس وحر السلاح ولكن قيلوهم واسقوهم حتى يبردوا" أي والله يوقفون تحت الظل ويسقون الماء وبعدها ينفذ فيهم حكم الله.الإسلام لا يعذب الأسير ولايضطهده ولا يهينه ولا يؤذيه,وهاهو القول الفصل في الأسرىوفي مصيرهم كيف يكون يأتي من رب العالمين إذ يقول جل جلاله:" فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها".إما المن أي عتق في سبيل الله وإما الفداء أي أخذ مقابل من المال يتقوى بهالمسلمون ويكون بمقدور أهل الأسير دفعه,وكان أكثر تصرف رسول الله (ص) مع الأسرى هو المن ,من على أسرى بدرفقال إذهبوا فأنتم الطلقاء,ومن على ثمامة بن أثال (ض) وكان سيد قومه فأعلن الرجل بعدها إسلامه إيمانا وتصديقا بأن من كانت هذه أخلاقه لا يمكن أن يكون إلا نبيا مرسلا.,,عن أبي يعلى شداد بن أوس عن رسول الله (ص) قال :"إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فإحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"بل إن امرأة زانية دخلت الجنة في كلب سقته شربة ماء,وامرأة أدخلت النارفي قطة حبستها ومنعت عنها الطعام,هذاهوالإسلام الحنيف الرحمة فيه بالكلاب تغفرالخطايا للبغايا فكيف بمن يؤمن بالله ويوحد رب البرايا. الناس في إنسانيتهم سواء وفي آدميتهم سواء والإسلام لم يهن بشرا إلا حيث شاء الله له أن يهان ومن يهن الله فما له من مكرم.
,,أمة تشتري خبزها وتشتري سلاحها لايمكن أبدا أن تكون أمة منصورة وقد بدأت الأمة تنتقل من مرحلة أزمة الوعي إلى مرحلة وعي الأزمة,وهذه مرحلة فكرية تقتضي منا عموما ومن شبابنا خصوصا أن يفندوا الشبهات في حق الإسلام فيجددوا ويبينوا ويصححوا.صفحات طويلة يجب على شبابنا أن يفتحوها وأن يقدموا صورة الإسلام الحقيقية بلغات أهل الأرض وبسلاح العصر,عصرالعولمة وعصرالأنترنيت ليعرف الجميع أن الصورة مشوهة .وأن قطع الرؤوس وإحراق الأسرى أحياء لايمت إلى الإسلام بصلة,بل هو فعل شنيع بربري همجي لا يمكنه يستنكره العقل ويتبرأ منه الدين.هذه ليست أفعال المسلمين أبدا بل هي أفعال مقصودة من طرف الحاقدين على دين الإسلام والعاملين على تشويه صورة المسلمين أمام أنظار العالم,حتى يقال هذا هو دين محمد.واسأل معي أيها المسلم أيتها المسلمة: ماذا فعل الغرب المتبجح بحرية الإنسان وبالقوانين والمعاهدات ؟ نكلوا بالأسرى من المسلمين واغتصبوهم وعلقوهم وأطلقوا عليهم الكلاب تنهش أجسادهم وصعقوهم بالتيار الكهربائي وانتهكوا كرامتهم وامتهنوا آدميتهم في سجون العار بأبوغريب وكوانتانامو ,هذا ما فعله الغرب الكاذب الذي له في كل عاصمة تمثال للحرية ونصب للعدالة,أما نحن فقد فعل نبينا الكريم (ص) مع أسرى ممن ليس معهم مال يفتدون به أنفسهم من الأسر,فعل معهم مالم يفعله أحد من قبله,طلب منهم أن يعلم كل واحد منهم القراءة والكتابة لعشرة من أبناء المسلمين لقاء حريتهم ,هذه هي قيم الإسلام ومبادؤه وسماحته ,فما أشبه اليوم بالأمس. أنا وأنت اليوم أسرى الشبهة التي تحوم حول دين الإسلام ,شبهة تفيد بأن دين محمد (ص) دين متعطش لسفك الدماء وتمزيق الأشلاء ,وأعظم خدمة نقدمها لهذا الدين هي أن نحول قيم الإسلام إلى شهادة خلقية على أرض الواقع,هذا وقت العلم يا معشر الشباب,والعالم لن يتعرف علينا ولن يحكم علينا من خلال الخطب الرنانة , العالم لن يحكم علينا من خلال وقوفنا عند حد الغضب لنبينا ثم الرجوع إلى بيوتنا وكأن شيئا لم يكن, بل سيحكم علينا من خلال واقعنا ورؤيته لنا ونحن نتقدم علميا وفكريا وسلوكيا ,لذلك أنا لا أجد حرجا في القول :إن ضغطة زر على الكومبيوتر في سبيل نصرة الدين أبلغ من كل خطب الدنيا, إن نصرة الدين من خلال الدراما الهادفة والفن الملتزم والصورة المؤثرة والفكرة الإبداعية لها من التأثير ما يمكن أن يكون لعشرات المواعظ والدروس. أيتها الشابة أيها الشاب ,يامن أثرت فيك صورة الأسير وهو يحرق حيا على يد الفئة الضالة, لا تيأس ولا تنهزم,بل إرفع رأسك لأنك مسلم ,وقم أيها الموحد وأسمع العالم كله خفقات قلبك الذي يوحد الله ,قم وأبدع في مجالات الأنترنيت ,قم واسق الدنيا من كأس الفطرة المحمدية وأخرج الضالين الغافلين من دياجيرالجهالة إلى نور وسماحة الإسلام.بردا وسلاما يامعاذ, بردا وسلاما أيها الرمز الشهيد السائر نحو العلا بشموخ, بردا وسلاما أيها الميت واقفا في زمن الإنبطاح والرضوخ. فاللهم ارحمه وارحم كل الشهداء واجمع شمل الأمة على كلمة سواء ,كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله,اللهم لم شعثنا ووحد كلمتنا وانصرنا على من عادانا وأتنا من لدنك رحمة,وهيئ لنا من أمرنا رشدا.اللهم كما أحسنت بدء هذا الدين بنبيك الكريم ,أتمم علينا فضلك العظيم وخيرك العميم,واكتب لنا جوار المصطفى في جنات النعيم,عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|