التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,850
عدد  مرات الظهور : 162,325,265

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > الـميـزان
الـميـزان (( ورشة مفتوحة للنقد الأدبي )) إعداد الشاعر الأديب والناقد طلعت سقيرق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09 / 05 / 2015, 02 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

Hasri ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النقد

[frame="1 70"]ليل مزنر بالنجوم / د. منذر أبو شَعر[/frame]

[align=justify]
1

لا يزال هناك، في مكان ما، ضوءُ أمل خافت يتلامح من بعيد، يذكرني أن صفحة
الليل، بكثافة سوادها، تحتضن مئات النجوم، وأن عزيمة إصباحات التفاؤل آتية غداً
أو بعد غد.
وحدي مع سكون المدى، لكنني مع بدء رعشة اضطراب تنظيم هدوء أفكاري،
أشعر ـ ربما لأول مرة ـ ببداية تسلل شيء كما فقدان شهية التركيز عمن حولي،
فأغرق بالعدم وبالفراغ، ويغشاني كما سكونُ بارد الموت.
الفضاء واسع.. خال دون بهجة أنيس. وأضواء بيوت دمشق تتلامح خافتة
وانية، ربما تعارك وهْمَ الفراغ، فيحاصرني من جديد السؤال الصريح: ماذا تريد،
وإلى أين المسير ؟!
على أعتاب الستين صرتُ، وصور عدد سنوات الماضي صارت بقايا نزيف بهجة
خيال لن تعود ـ ربما قد تتجدد بصيغ أخرى، لكنها لن تحمل بصمة الزمن الراحل
وجمالَ أفراحه أبداً ـ وبساعدي، وصار كليلاً، بنيتُ كما الأحلام أسطورةَ ما يصبو
إليه كل إنسان: مالاً ومالاً ومالاً، وصروح عزٍّ، وأبراج عمارات، وأسطول
سيارات، وخدماً، وآلاف الموظفين، وحراساً لحماية مجدي ولسلامة أفراد أسرتي،
ولصيانة عسل أسوار ذاتي !
لكنني اللحظة أنا وحيد، أشعر بقارس برد، ودبيب خواء يحبو بصبر دؤوب لاحتواء
كياني، فيعاودني السؤالُ: ماذا تريد، وإلى أين المسير ؟
على شرفة المنزل، مع فنجان قهوتي، ودخان سيجارتي، وأصوات ضجيج حياة
سيارات تمر مسرعة تسابق توالي الزمن بسذاجة ـ كأنها تخشى انسراب الوقت
منها، ولا تدري أنها منخل مهتريء والوقت ينسرب من بين فروجها برتابة ونظام
دقيق، غيرَ مبال بآثار قسوة وئيد وقع خطوه ـ أسمعها بوضوح، لكنها تصافحني
ضباباً دون ملامح، فأدخل غرفتي دون أفكار..
أفتح شاشة العرض الأنيقة، أقلب محطات التلفزة دون هدف، فتتّابع الصور
والأخبار وعوالم الفنون، تنتظمها جميعها متعة الجذب والابهار وهشاشة الفكرة
وسذاجتها وغرابتها.. فأتابعها بشرود، وأنا أشعل سيجارة أخرى، ثم أطفئها بتقزز
وأنا أقول: تباًّ للدخان والتدخين وكل عوالم سخف رخيص المتع.
الحياة هدفٌ لصنع شيء نقدمه لغرور ذواتنا، أننا حققنا أمراً ما، فكوَّنا مملكتنا
الخاصة بنا، وننسى، أننا لسنا وحيدون، وأن هناك آخر قد لا يرغب بالشكل الذي
نرسمه، ويتوق إلى صيغ أخرى تعارض حثيث سعينا الدؤوب، وأنَّ (بنت بحدل) ما
زالت تزعق بحرقة في داخلنا، تبكي خيمتها، وتتوق إلى خفق تتابع أرواح مزق
غافي ذكرياتها.
أذرَعُ واسع صالون منزلي بخطى متلعثمة، وطرقات عصا عكازي طرقات وانية
كما الشكوى، أو كما أنين تذمر من قادم آت من سحيق الزمن. وأقول بحزم: الفعل
الصادق فعْل المجموع وليس فعْلَ الفرد، والمشاركة مع الآخرين نبْض فعل وليس
زينة كلام وبهرجة صور، والعطاء عطاء حقيقي صادق وليس مَناًّ وانتظار مكافأة
معسول كلام.
الساعة قاربت الثالثة مساء، وزوجتي في دبي مع الخادم (سالي) للتسوق والفرجة،
وابني الأكبر (معتز) في فرنسا يتابع بنودَ خطوات معمل ينتج مستحضرات تعيد
وهم حيوية حلم راحل شباب، وابنتي الصغرى (نجوى) في روما تتابع آخر
صيحات الموضة لإنتاجها في دمشق بأقمشة أفضل وأيد أرخص، وأحفادي محورُ
اهتماماتهم متابعة آخر أغنية وآخر خبر طلاق ممثلة وزواج ممثل، وتتبع
أخبار أبطال فرق كرة القدم الأجنبية، ومتابعة آخر دهشة أفلام هوليود.
وببساطة يقيمون فروض الصلاة، ويذهبون إلى المسجد أيام الجمع والأعياد،
ويتبرعون للفقراء، وهم يحلمون بفتاة أنيقة وبيت يضم آمالهم، فالدين شعيرة وعادة
واعتياد، وساعة لربك وساعة للشيطان.
هُبَلْ.. هُبَلْ رمز السخافة والدجل
وثن يقود جموعهم.. ياللخجل
وسعيُ القطيع غباوة.. يا للْبطل
أهرش رأسي وأبتسم ببلاهة. الحوادث في ذهني تسير دونما اتجاه، والماضي نقاط يختزن مساحات متعددة، ربما ظاهره يكون بطعوم مختلفة، لكنه في جوهره واحدٌ يتكرر ولا يبلى على التكرار، كما توالي الليل والنهار، وكما فصول السنة، وكما تجدد أشواق غافي أرواحي. يقول التاريخ: في عام 1917 م وجَّه لينين وجوزيف ستالين عند قيام الثورة البلشفية نداء للمسلمين جاء فيه: أيها المسلمون مساجدكم، صلواتكم، أعيادكم، تقاليدكم في أمان، قوموا وساعدوا الثورة ضد القيصرية لقد جاءت ساعة خلاصكم. وظنها المسلمون أنها ساعة خلاصهم، فهبوا بحماس للتخلص من القيصرية، ولم يعرفوا أنهم وقعوا بين فكي تنين قتل منهم 65 مليوناً لغبائهم السياسي وطيبة قلوبهم.
أخي سَتبيد جيوش الظلام
ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها
ترى الفجر يرمقنا من بعيد
تذْرَعُ الصالون جيئة وذهوباً، وأنت تدمدم بأغنية قديمة، وتستغرب من اضطراب
أفكارك ومسيرها كإبل هيم، تريد الماء والماء تحمله ولا تصل إليه:
أيها السائرُ بين الغيهب
عاثر الخطو جليَّ التعب
ضارباً في لُجة غامضة
من محيط العالم المضطرِب
لا تقف حيران مشبوبَ الأسى
هكذا نهباً لشتى الرِّيَب
أنت لا تعرف من أنت ولم
تقرأ التاريخَ يا ابن العرب
تقف لحظة، تلتفت يميناً وشمالاً.. تهرش رأسك ثانية وثالثة.. كل شيء عندك منظم، غاية في الإناقة والفخامة والذوق الرفيع: التحف من إيطالية وفرنسا، والسجاد من تبريز وأصفهان، والفرش الوثير عمله لك مهرةُ عمال دمياط، والأنتيكات من صالات كريستي وسوذبي وبيدون وبونهامز في لندن وجاليري سمرقند وديفيد في باريس دفعت بها غالي الثمن لترضي دائرة ذاتك ـ وما رضيَتْ، وبقيتَ منهوماً
لحوْز الجمال ورفعة ترف جوع العين. فبلغتَ جنة الأرض، وشوق الشوق، وتهاويم
السكر، ولذة النفس.. ومع كل ذلك.. مللت اليوم جميعه بالكُلِّية ! ويغمرك شعور
بالقرف والاشمئزاز ! وزيفٌ كل الزيف ما صنعته بيديك الضاويتين !
دائرة اهتماماتك ما تجاوزتْ محورَ ذاتك ! وما بنيته كان لك وحدك، رسمتَ
تفاصيله بدقة عالية وحرفية اكتسبتها من جولاتك في أصقاع العالم، ولم يك عملك
مشاركة وجدانية حقيقية ! كان مظاهرَ وأصباغ وبهرجةً لتسليط مزيد أضواء عليك
وتصفيقاً بحرارة لإنجازاتك الفردية. وتناسيت أن الأشياء الجميلة مبدؤها بداخلك
وليست في الأحداث التي تصنعها، وجمال إبداعاتك مقرون بجمال آفاق روحك، وأنك عندما تمتلك عيناً جميلة سترى كل شيء جميلاً، وعندما تملك نفساً راضية سترضى بالقليل، فغياب ما تحبه، كغياب اللون عن الصورة ! هو لا يفقدك الحياة إنما يفقدك طعم الحياة.
تنظر إلى ساعتك الذهبية.. ثمنها ثمن بيت في حي شعبي، وقد جاوزت الرابعة، وما
زال النوم مسافراً عن عينيك، يأبى العودة ولا يكف عن الرحيل، لتبقى عيناك مرفأ
مهجوراً ينتظر قوارب رحلة صيد ربما لن تؤوب، وطائرَ نورسٍ نسي دفء عشه
فأدمن الرحلة والطيران، وتكسرت أجنحته وما زال يطير ولا يكف عن الطيران.
وعلى عجل تبدِّل منامتك، وترتدي بنطالاً عشبي اللون، وقميصاً مائلاً للأصفر،
وتقود سيارتك باتجاه الجنوب، وأنت تسمع فيروز بصوت حالم يأتيك من عوالم
الأنس والشفافية: يا جبل صنين بالعلالي يا جبل صنين بالجبل.. خبِّر الحلوين على
حالي، خبر الحلوين يا حجل.. يا طير يا طاير على طراف الدني، لو فيك تحكي
للحبايب شو بني.. يا طير يا واخد معك لون الشجر، ما عاد في إلاَّ النطرة
والضجر.
فتدمع عينك، وتجهش بالبكاء، وتشعر بارتياح وأنت تبكي. فتوقف قيادة السيارة
قليلاً، وتفرغ شجوك، فيمر قربك زرافاتُ مصلين، ويتجرأ أحدُهم ويسألك: ـ السلام عليكم، صلِّ على العدنان، كل مشكلة ولها ستون حلاًّ.
فتهز رأسك، ويعلو صوتك بالبكاء أكثر: ـ الحمد لله، الحمد لله.. شكراً، لا شيء،
لا شيء، مجرد شعور عارض، ورغبة بالبكاء دون سبب.
يعلو حاجبيه شفقة: ـ الجامع قريب، تعال نصلَِّ معاً.. تعال يا عم.
مغسول بالطيب والوداعة. ضاو كغرس زيتون، وشامخ كعطاء نخل: ـ سآتي معك،
شكراً لك يا بني، شكراً لك.
تركن سيارتك، وتذهب للحمام تتوضأ، فتغسل وجهك بماء دافيء، وتطيل الوضوء،
وما زلت شارداً تقطف نجوماً كثيرة، تخبؤها في حركة يديك. ويأتيك الصوت
الطاهر: ـ من زمزم يا عمي. (وبصوت عذب أخذ يدمدم بعذوبة):
يا بائعاً في أرض طيبة عنبرا
بجوار أحمد لا تبع العنبرا
إن الصلاة على النبي وآله
يشدو بها من شاء أن يتعطرا
صلوا على خير البرية تغنموا
عشراً يصليها المليك الأعظم
من زادها ربي يفرِّج همه
والذنب يعفى والنفوس تنعم
فتأخذك صدق شفافية وبساطة الكلمات، وترحل معها بعيداً بعيداً،ويداك جناحان من
نور تطير بهما بحرية في سماء المطلق، وروحك تركض بعزم حماس شباب على غمامة أثير بلا أمداء. وتمنيت أن يظل ينشد وينشد ولا ينتهي إنشاده، لكنه قال لك بهدوئه الرزين: ـ تعال فقد قامت الصلاة. اسمي كرمو (عبد الكريم حسيني)، إمام الجامع هنا.
ـ أنا مراد علايا، رجل أعمال.
ـ أنت الباشا ؟! الباشا مراد بنفسه ؟ الباشا هنا ؟! أهلاً وسهلاً يا باشا، أهلاً وسهلاً.. نورت قريتنا بوجودك، شرف كبير أن تأتي لعندنا.. لا بد أن أكسبك للحظات بعد الصلاة.. أهلاً وسهلاً ومرحباً بك، أهلاً وسهلاً.. تفضل.. تفضل. زارتنا ـ والله ـ أنوار النبي العدنان.
شعرتَ بنشوة لا توصف، أحببتَ نفسك، فأنت لك وجودٌ وأثرٌ ملموس، وكلُّ ما بنيته كان حقيقياًّ وليس خيالاً عابراً.
وتساءلتَ: أهذا ما حلمتَ به، وتمنته روحك ؟ أهذه هي البساطة الحقيقية وسعادة
توق التوق ؟
كان شيئاً غير مألوف، تعجز مفردات اللغة عن وصفه، ولا تستوعبه كل اللغات.. لذة راقية دون كلام، ودون ترتيب عبارات، يحتويك الدمع والصمت والدهشة والفرح الدائم وإصباحات أنداء الفجر، فتبقى مع الخشية والرجاء وشفافية الحب وبحار التوق وولادة مساكب أضواء السعادة. وقال لك بعد انتهاء الصلاة والدعاء الصادق المتصل بأعتاب أهداب عالي السماء: ـ تفضل سيدي إلى غرفتي، ولو أنها لا تليق بالمقام.
خطوتَ بتهيب الآمل.. وأنت تطير بأجنحة عوالم النور، ونشوة سكر الروح. كانت غرفة بسيطة، غاية في التواضع والخجل، وزكمت أنفاسَك رائحة رطوبة، أو شيءٌ كما رائحة عفن فم أو جوربٌ قذر أو حليبٌ يحترق، فتحرك جوفك، فأشعلت سيجارتك لتغيِّر مسار أفكارك باتجاه آخر، وحزنت كيف بدأ ينطفيء ألقُ أرواحك شيئاً فشيئاً، وكيف صارت عيناك تبحث عن تافه الأشياء بدقة: البساطة بساطة القلب، والفقر فقر الروح. وتابعتَ ـ وأنت شارد ـ سربَ نمل يجر صرصاراً، فيتعثر ثباتُ خطوه، ثم يحاول من جديد.
كان يتحدث عن فضل دمشق، وفضل أهل دمشق، وأولياء دمشق، فذوى خفق فضاء
روحك، واختلط الحديثُ بالخرافة والأحلام وآهاتِ الأمل، وقلتَ له وأنت حزين: ـ يا بني، الحمد لله أنا أحفظ عدداً لابأس به من الأحاديث الشريفة، ولي إلمامٌ جيد بأحوال الرجال والأسانيد، فعرفتُ ـ بفضل الله ـ الفرقَ الكبير بين نسج مقامات صحيح الكلام.. وكلٌّ منا يستطيع إدراكَ ذلك بمزيد قراءة وبمزيد صبر دراية.
وتابعتَ دون حماس: جل أحاديثِ فضائلِ المدن أحاديثٌ موضوعة، وقصصُ وعاظ.. وقيمتها معرفة مسار حركة فكر فائت، لكنها تخبرنا ـ بمنتهى الصدق ـ عن أرضية منبتها، ومعرفةِ دوافع مُنشئها، وحماسِ واضعها، ولا قيمة دينية لها.
فصفق بحبور: ـ ما شاء الله وكان.. الله أكبر. هذا وسام آخر لك، ما شاء الله، نور على نور. أنت ولي الله. (وأقبل نحوي يريد تقبيل يدي) !
: ـ العفو يا بني، أنا لا أحب هذا.. أنا عبد فقير، أبغي بهاء وجهه.
فقفز راقصاً: ـ الله أكبر.. الله أكبر. ألم أقل لك إنك ولي الله. بركاتك سيدي، بركاتك مولاي. (وتطلعتَِ إلى وجهه الشاحب، وكانت ملامحه قد أخذت تتبدل في عيني قلبك من غرس زيتون وشموخ النخل إلى بساطة جاهل ورؤى جمع رعاع. ولاحظتَ بدهشة أن جدار الغرفة يحمل صورة له بإطار متآكل وهو واقف مبتسماً ببلاهة أمام برج إيفل): ـ هل زرتَ باريس ؟
: ـ طبعاً لا.. أنا لم أعرف غير الشام وحدود (براق). طلبت من المصورِ وضع هذه الخلفية للصورة.. أليست جميلة ؟ إنها في غاية الجمال أليس كذلك ؟
: ـ ولماذا برج إيفل وليست الكعبة أو المسجد النبوي أو قبة الصخرة ؟! لخلفية
الصور رموز ومعان تأخذك إلى مناطق اللاشعور وتخومِ غافي الأفكار.
: ـ ألم أقل لك إنك ولي الله ؟ الله أكبر يا سيدي، درر يا باشا، والله درر. لقد سئل حبيبي العدنان عن علم الباطن: ما هو ؟ فقال: سألت جبريل عنه, فقال: يقول الله: هو بيني وبين أحبائي وأوليائي وأصفيائي أودعه في قلوبهم, لا يطلع عليه أحد لا
ملك مقرب ولا نبي مرسل. وقام راقصاً ثانية، فتأملت قدميه، وكانت أعقابه متشققة، وأظافر قدميه معوجة في أطرافها آثار اصفرار، وبقايا وسخ متراكم. وتابع بجزل: الأنبياء قادة, والفقهاء سادة , ومجالستهم زيادة، ومن خرج في طلب العلم حفته الملائكة بأجنحتها, وصلت عليه الطير في السماء والحيتان في البحار, ونزل في السماء منازل سبعين من الشهداء، وإن أهل الجنة ليحتاجون إلى العلماء، ومن زار العلماء فقد زارني، ومن صافح العلماء فقد صافحني، ومن جالس العلماء فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا أجلس إليَّ يوم القيامة. فكيف حالي اليوم وقد زارني وليٌّ من أولياء الله ؟ بركاتك يا باشا بركاتك يا تاج راسي.
ولم تعد تحتمل، ولم تستطع أن ترحم سيل دموعه وآهاته. هل هي تمثيلية احترف اتقانها ؟ أم هي عادة صدَّق وهْمها فمارسها سلوكاً ؟! كان كلامه يخرج من أقصى جوفه، ويقفز مع كل كلمة، ويتلوى يميناً وشمالاً كما الملسوع، وقلتَ بحزم: ـ للأسف، كل ما قلتَه من بابة الحديث الموضوع. فردد بآلية واستغراب وقد همدت حركاته : ـ حديث موضوع.. حديث موضوع !؟ اسمع يا باشا، للحديث نور يتلمسه أهلُ الله، لا يهمهم ما قاله أهلُ الحديث عنه.. (وجلس، وتربع، واشرأب كهيئة الخطيب) لكلام العدنان صلى الله عليه وسلم نور على نور، وهو نور.. حبيبي رسول الله.
(ومسح وجهه، فلاحظت ثانية طول أظافره، وتشقق أطراف أصابعه) يهمني أثر الحديث وحاله في النفس. وكلامُ أهلِ الظاهر سخفٌ لا ينطبق على أحوال أهل القلوب. لهم دينهم ولي دين. المشايخ يعلموننا السنوات الطوال دروسَ الطهارة والاستنجاء والطاهر المطهر والطاهر غير المطهر، ويغفلون عن تدريبنا طرق طهارة القلوب وتزكية النفوس. وعاود الرقص ثانية وهو جالس، ومال عنقه يميناً وشمالاً، فازداد نفوري منه،
وهاتفتَ السائق: ـ أبو أحمد تعال حالاً إلى (براق) بالتاكسي، فمعي السيارة
الصغيرة.. تعال حالاً واترك من يدك كل شيء.
: ـ ولماذا السائق يا سيدي ؟ أنا أوصلك بنفسي إن كنتَ متعباً. (وأبرز من جيب جلبابه شهادة سواقة) أنا أجيد قيادة السيارات، (وهو يغمز بعينه) وأجيد قيادة القلوب بفضل الله عز وجل.
: ـ شكراً، شكراً، لا داعي لذلك.
انتظرتَ مجيء السائق. ربما انتظرتَ قرناً، أو ربما شاخ الوقت، أو مات الزمن وأنت لا تدري، فعشتَ ـ دون سابق إرادة ـ معاني لوحة (استمرار الذاكرة) لسلفادور دالي: ساعاتٌ رخوة، أرهقتها دقّات الزَّمن المتتالية باستمرار، فانصهرتْ وارتختْ وضيَّعتْ شكلها عمداً، وسالت اعتباطاً، ومع ذلك تُصرُّ الذاكرة على الاستمرار، رغم أن كلَّ ما حولها في حالة سيلان وانسياب وانصهار.
ترسم على الأرض بشاهدتك وهي تتكيء على إبهامك خطوطاً بلا انتظام.. وما زال الوقت يتثاءب.
هل أراد دالي المحافظة على الذاكرة، أم أراد تذويبها وتمييعها عبر رسمها ؟ أم أراد اختراع ذاكرة مضادة للزمن القاتل ؟ هل ثمة زمن يمضي وآخر لا يمضي ؟ وهل ثمة ذاكرة تتذكر، وذاكرة تنسى، وذاكرة لا تصلح إلاَّ للذكرى الباهتة بعد زوال الحدث ؟ ومن أنت ؟ ولماذا أتيت ؟ ومن هو الإمام كرمو، وقرية (براق)، وولي الله (براق) ؟

وهذه الأضواء الذاوية في أرواحك، لم انطفأت ولم اشتعلت، وكيف اشتعلت وكيف انطفأت ؟ هل كانت وهْماً، أم حلماً، أم مجرد خيال، أم صورَ رغبة خيالِ ذاكرة ؟

صوتُ السائق أبو أحمد حاداًّ في الخارج. تهرع إليه، وتقول بقسوة : ـ أبو أحمد، هذه آخر مرة أقول لك لا ترفع صوتك.. لسنا في خان. متى تعرف أنك لست في مفرزة العسكر ؟!

: ـ أمرك يا معلمي. أمرك تاج راسي. ليس بيدي، سأضبط نفسي، أوعدك، سأضبط نفسي.

تركب معه السيارة، وتودع إمام الجامع على وعد أن تزوره مراراً، وتلتفتْ إلى السائق: ـ أشعر برغبة في النوم، لا توقظني إلاَّ في المنزل.

وترجع الكرسي إلى الخلف، وتغفو.. تغفو طويلاً، وعيناك دامعتان، وروحك تبكي ألم انكساراتها، وليل كثيف دون نجوم يحاصر فضاءات روحك، ويدوس بقسوة خضرة أحلامك، فتتأوه جرحاً ثاعباً، وألماً إنما دونما أدنى كلام.
** ** **

2
لعدة أيام عافت نفسك الزاد ولم تقرب الطعام، اكتفيت بقطعة كروسان وكوب حليب، وأهملت نفسك تماماً، فنبتت لحيتك البيضاء، وصار منظرك مثيراً للشفقة: بقايا شعر أسود فاحم، ولحية كثة بيضاء بلا تشذيب، وشعرات أنف متفرقة تطل برؤوسها دون استحياء من فتحات أنفك، وخطوط الستين واضحة الملامح على صفحة وجهك، ونوم يتبع نوماً ويتبع مزيد نوم، وكم تمنيت أن لا تستيقظ أبداً، فتستمر في رفاغة هناءات شفيفه.

ورنَّ جرس المنزل بإلحاح. فتحتَ البابَ وفي عينيك بقايا أهدابُ نوم طويل.

: ـ ميريام ؟! الحمد لله على السلامة حبيبتي ! (وأنت تعانقها) لماذا لم تتصلي لأرسل لك أبو أحمد.

وجهٌ صبوحٌ منمنم التفاصيل، وشعرٌ ليلي فاحمٌ طويل يزيد بهجة إشراقة الوجه.

كانت ترتدي فستاناً سنجابي اللون، مفتوح الأكمام، تزينه وردة حمراء كبيرة على فتحة الرقبة فتكسبه جمالاً وأناقة مظهر ورفعة ترف ملحوظ : ـ أخبرته بنفسي. هو أوصلني من المطار. أحببت أن يكون قدومي مفاجأة لك.. لكن خير.. خير يا مراد ؟ ما بك ؟!

: ـ هو الشوق لك يا حبيبتي أنساني نفسي. بالفعل قدومك أجمل مفاجأة.

: ـ أبداً.. هناك شيء غير طبيعي فيك. على كل سأعرف بنفسي. (وهي تبتسم): سالي، أدخلي الحقائب إلى هنا.

الأسعار نار يا مراد، نار، شيء لا يصدق، لكن حبيبتك ميريام تعجبك.. لم أنسك أبداً.. أحببتُ لك هذا الطقم الأسود بخطوط رمادية طولية من جورجيو أرماني، ولم أقاوم هذا القميص من فريد بيري، وربطة العنق الساحرة من جيفينشي. ما رأيك ؟! آه نسيت، لم أنس هذا الحذاء من شابيه. انظر، ما رأيك يا حبيبي ؟ البسْ وتبحبحْ يا مراد.. (وهي تخرج علبة سماوية عليها تشطيبات عشوائية بيضاء) وهذا البارفان من سي أتش كارولينا هيريرا، إنه ساحر، كالحلم، أنت ستعشق سحر رائحته كثيراً. لكن، عجباً، ما بك يا مراد ؟! لست كعادتك على الإطلاق. ألم تروقك هديتي ؟!

: ـ أبداً، مجرد صداع عارض، وتعب غريب يفتك بجسمي كله. شكراً، حبيبتي، ذوقك لا كلام عليه.

: ـ سلامتك.. سلامتك. أظنه دلعاً لفراقي !

: ـ ربما.. أرجو ذلك !

طوقت عنقك براحتيها، وألصقت خدها على جبينك: ـ وقل لي مبروك، ألم تلحظ أنني قد تغيرتُ أيضاً !؟

: ـ ازددتِ فتنة وسحراً.

: ـ زرتُ عيادة بيو لايت !

: ـ بيو لايت ؟!

: ـ مجرد رتوش.. عيادة خمس نجوم، بل عشرة نجوم.. حضارة يا مراد، حضارة دون حدود.. مساج، وعناية بالبشرة، ولا مانع من شد بعض التجاعيد. (وانفلتت كظبية، تتهادى بغنج) الشباب نعمة لا نعرفها إلاَّ بزوالها. وأنت يجب أن تذهب لعندهم.. ستشعر بطعم للدنيا غير طعم. انظر.. انظر إلى وجهي، وقوامي.. أنا جميلة ، أليس كذلك ؟ بقي أن أشفط هنا قليلاً في زيارتي القادمة لهم، على شرط أن تكون برفقتي.

(وأنت تضحك بعمق): ـ أنت ملكة جمال قبل التعديل وبعد التعديل أيضاً.. الجمال منك أعرفه، وأعيش فيه، وسأبقى هانئاً فيه. أنت حبيبتي أبداً، ومن عينيك تنمو كل غراس آمال غدي !

: ـ الله، الله يا شاعري الحبيب !

: ـ الشعر يصاغ من حركة أعطافك، وسحر عينيك، وأناقةِ عالي ذوقك.. أنتِ أمسي، وغدي، وحلوُ آتي أيامي. أنا أحبك يا حلوتي، أحبك كثيراً يا عيون قلبي وعقلي !

لم تكن تتصنع حلوَ الكلام، أردتها بصدق ورغبة، كأنك تتعرف إليها أول مرة، وأحسست بشعور شباب عارم، وذهبتَ واغتسلتَ وحلقتَ لحيتك وأنت تدمدم:

حبيبي مهما سافرت
ومهما بعدت و مهما غبت
يا روحي عني قريب مني
مهما طالت رحلتك مستنياك


مستنياك يا روحي بشوق كل العشاق
مستنياك تعبت تعبت من الأشواق
وجاءك صوتها المبحوح الشاكي، وهي تزعق من المطبخ بغضب محبب: ـ ما هذا


يا مراد ؟ أنت لم تأكل شيئاً ! لقد عملتُ لك الطعام الذي تحبه لعشرة أيام، ولم أنس حتى السلطات التي تفضلها، وقد قلت لك: افتح البراد وسخِّن بالميكرويف وكلْ بالهنا والشفا طيلة غيبتي ! هل تعاقبني يا مراد لأنني رفضتُ أن تجلبَ لي طبَّاخاً؟! ما معنى هذا ؟! هذا عمل لا أحبه ولا أرضاه ! أنا زعلانة.. زعلانة جداًّ، وغاية في القهر.

: ـ ألم أقل لك إنني مريض ومتعب جداًّ ؟! والله إنني متعب، ولم أغادر البيت منذ

أسبوع. هذه أول مرة أستعيد فيها نشاطي.

وهي تتطلع إلى وجهك الحليق: ـ نعيماً يا حبيبي نعيماً.. (ولمستْ وجهَك بأطراف أصابعها الرشيقة) هذا مراد الذي أحبه وأريده وأحيا من أجله.

وطبعتْ على شفتيك قبلة طويلة أنستك قلقك ويأسك وأزمنة سوادك: ـ آسف يا ميرتي آسف يا حبيبتي، لكنها فرصة لنتعشى معاً الطعام الذي عملته يداك، كل شيء لا يزال كما هو ينتظرنا. الدنيا جميلة بأنس حضورك.

وهي تبتسم بحبور: ـ ليت معتز ونجوى والأولاد معنا. (وأخرجت الموبايل من غلافه الأنيق): ألو.. معتز، حبيبي، أين أنت الآن ؟! نعم يا حبيبي، نعم، هل ذهبت في شارع الريفولي ؟ ليس بعيداً أبداً. Le Meuriceإلى المطعم الجميل في أوتيل

فقط خمسة دقائق من ميدان الكونكورد وجادة الشانزليزيه، وهو قريب كثيراً من متحف اللوفر. نعم ؟! لا، أنا بخير، اليوم جئت من دبي، الحمد لله بخير، كلنا عال العال. بالسلامة إن شاء الله، سلم على حبيبتي (سوسية) والأولاد.. أنا أحبك. مع السلامة. أبوك يسلم عليك. مع السلامة يا حبيبي.

(وعلى عجل، وهي تطلب رقماً آخر): ألو.. حبيبتي نجوى. كيف حالك ؟ اشتقت لزوجك وللأولاد جميعاً. هل انتهت رحلتك ؟ نعم، كله ظريف ومرتب وأنيق.

دبي عاصمة الدنيا، لكن الأسعار نار نار يا حبيبتي. لابيرغولا ؟! طبعاً، طبعاً، في أوتيل كافالييري.. يطل على روما القديمة. يجنن، صحتين وهنا، كأني معكم. اطلبي سلطة الكافيار بالسلمون. سلامي لفاروق. وقبلي لي الأولاد. بالسلامة إن شاء الله، بالسلامة، أبوك يسلم عليك وعلى زوجك والأولاد. مع السلامة يا حبيبتي، مع السلامة. (وتابعتْ بعجلة الحازم): سالي، حضري كل الطعام من البراد، ورتبي أريد سفرة ملوكية تليق بحبيبي. Grape Fruitالسفرة كما علمتك، ولا تنسي الـ

(والتفتت نحوك) سآتي يا حبيبي، سآخذ دشاًّ لدقائق، وسأكون جاهزة تماماً، استرح في الصالون قليلاً وسأحضر لنتعشى معاً. (وهي تخطو برشاقة باتجاه الحمَّام)

الأولاد سيأتون مساء غد إن شاء الله.

صوت مياه الدُّش يصل إلى مسامعك واضحاً، فدغدغ حبك القديم للضحك، ففتحتَ

باب الحمَّام متسللاً بهدوء، فانتبهتْ إليك، واستترتْ بستارة البيكادوش وهي تصيح: ـ مراد.. لا أحب هذه الحركات.. أرجوك، اخرج حالاً.

: ـ أريد أن أرى فاتنتي بعد التعديل.

: ـ أرجوك يا مراد.. لا أريد لا أريد. أنت غليظ. غليظ جداًّ.

وطوقتها بغتة، وأنت ترشف فماً وماء ورغبة جموح، وهي تصيح: ـ لا أريد.. لا أريد، لن أكلمك أبداً أبداً.
** ** **

3
تلك الليلة لن تنساها ما حييت..

على العشاء، وكانت ميريام تأكل بنهم المُترف، بأسلوب غاية في الإناقة، انتبهتْ فجأة نحوك: ـ مرادي، إنك لا تأكل !

: ـ يبدو أنني لا زلت متعباً.

: ـ هذا عادي، لقد صمتََ لفترة طويلة دون زاد. جرِّب هذه اللقمة من يد حبيبتك.

فتحتََ فمك، وغصصتََ، وكأنك تأكل صبَّاراً، بل كنتَ كمن اشتهى الطعام فباغتته شعرة، أو أحبَّ السمك فعلقت في حلقه شوكة.
ماذا حدث لك ؟
هل تشرق بالسعادة، أم السعادة لا يُشرق بها ؟ وهذا الانطفاء في أحاسيسك لماذا يدنو منك، فيلبس مشاعرك ببرود، ويُطفيء شباب جموحك ؟

: ـ ميري، لا أعرف كيف أبدأ الكلام.. أنا.. متعب (واجتنبت النظر إلى عينيها

وخبطت بيدك على الطاولة عن غير قصد، فصرخت الصحون وتكسر أحدها تذمراً) سأتناول حبتين سيالس !

: ـ يكفي واحدة.. لا تكون متهوراً يا مراد. لا تنسى أنك في الستين.

أخذت الأولى والثانية، ولم يحدث شيء.

كنتَ أرضاً جدباء كانتْ وارف بستان ذات يوم، بل كانتْ كذلك قبل لحظات.. قوياًّ

نشيطاً تريد قبيلة نساء، وأنتَ اللحظة متعب وحزين، فقدتَ ألق السماء في (براق)

وفقدتَ طين الأرض في بيتك ! ففقدتَ المتعتين، وصرتَ صفراً.. تمزقتْ روحك

وتمزقتْ روحك.

: ـ أنا آسف يا حبيبتي، لا أعرف ماذا اعتراني !

: ـ لا تهتم، قربك يُدفئني !

: ـ بت أخاف من نفسي ! هل هو العمر يهزأ مني ؟

: ـ لسنا صغاراً.. لا يهمني هذا الأمر أبداً أبداً، يكفيني دفء حبك !

: ـ مرحبا حب ! (وأحسستَ برأس دمعة أوشكتْ أنْ تخرج من مكمنها فزجرتها بقسوة، فتحوَّلت هَدَجاً في صوتك) قمة المتعة انصهارُ الجسد.

: ـ أخاطبكَ كامرأة.. أنت لي بوجودك معي.

: ـ سأجرب ثانية، لكنني ربما أحتاج أن أبتعد عن البيت قليلاً.

لطمها جادُّ كلامك كصفعة: ـ تبتعد عن المنزل ؟! أنت تمزح، ومزحك غليظ، غاية في السماجة. قلتُ لك لا يهمني هذا الأمر.

: ـ أنا لا أمزح، أنا جاد كل الجد.. سأترك البيت وأذهب إلى المزرعة ! بل سأذهب الآن دون تأجيل.

: ـ فيلة يعفور ؟! في هذا الوقت ؟! يبدو أنك جُننت حقاًّ ! وما الفائدة ؟! أنت تجلد ذاتك ! الحل بسيط.. أقسم أنني لا أحب هذا الأمر. أنسيتَ أنني في الخمسين وأنتَ في الستين ؟!

: ـ نعم، أنا الآن شبه مجنون.. بل أنا مجنون بامتياز.. أنت لا تعرفين شعور الرجل عندما يفقد رجولته. سأذهب حالاً.. ورجاء: لا أريد أن يأتي إليَّ أحد !

: ـ لماذا تقول إنك فقدت رجولتك ؟! هو تعب عارض لا أكثر.. ولو لم يكن تعباً عارضاً فذلك لن يهمني. (ورفعتْ بجمع كفها وجهك وهي تحدق إلى عينيك بصرامة مازجتها شفقة) مراد.. مراد، غير معقول ! يا ربي ماذا دهاك ؟ ماذا حصل لك فجأة ؟! (وفتحتْ فمها لتنادي، فتراجعتْ عن ذلك، وهرعتْ مسرعة باتجاه صيدليتك الصغيرة بالحمَّام، ثم أتتْ نحوك): ـ لن ترتاح سوى بهذه الحبة، خذ اثنتين على الفور.

: ـ ما هذا ؟!

: ـ دورميكوم.. ستهدأ حالاً !

: ـ لا أريد.. لا أريد. هل سأتعزى بالنوم ؟ تريدين أن تتخلصي مني بالنوم ؟! وما فائدة النوم ؟! هل سيرجع لي رجولتي ؟! (وصحتَ بعصبية) خسرتُ ربي وخسرتُ رجولتي ! (وأنت تضحك بسوداوية) عصا الشرطي صارت عوداً، ورجلي الثالثة صارت عود بشام ! حبتان يا ميري وليست واحدة ولم أتحرك !

: ـ أنت بحاجة إلى دكتور، لن يفهم عليك غير الدكتور رشدي. (وأمسكتِ الهاتفَ بلهوجة ملحوظة) ألو الدكتور رشدي ؟ أنا مدام مسيو مراد، آسفة على هذا الإزعاج في هذا الوقت. مسيو مراد يهذي، ولا أعرف ماذا حصل له. السائق أبو أحمد سيكون عندك في الحال. (وصاحت بك:) خذ الحبتين بالإجباري .. !

أخذتَ كرجل آلي الحبتين، ومانعتَ النوم عابثاً، لكنه خذلك وجاء فمد سوادَ جناحيه على عينيك، فغفوتَ كالأطفال.

وفحصك الدكتور رشدي ـ وأنت نائم ـ فحصاً دقيقاً: ـ الحمد لله لا شيء يستدعي القلق. سأمر غداً وأطمئن عليه. سينام على الأقل أربع ساعات. هو الإرهاق لا أكثر.

فقالت ميريام بذعر: ـ وإذا استيقظ وأصر على الرحيل ؟!

: ـ دعيه يذهب.. لا تعارضيه على الإطلاق، ولا تخافي، سأتابع حالته. نحن أهل، لا تخافي أبداً.

فتحتَ عينيك، ونظرت إلى ما حولك. ميريام نائمة على الكرسي حذائك وآثارُ بقايا بكاءٍ على عينيها، وغطاءٌ رقيق فوقك.. وما حدث كان كابوساً غاية في الإزعاج. لكنك لا زلت قلقاً، وبفمك تلك المرارة لا تزال، وحلقك جاف، ورغبة الهرب من الدنيا تنغر بحواسك بدأب دون كلل، كأنها صوت نقيق ماء من صنبور قديم.

ما فائدة حياتنا دون متعة دفء المرأة، ودفء حركة حياة غنجها، ومساكب عطر

وجودها ؟! بل ما فائدة وجودك في الدنيا وأنت تكره الدنيا هذه اللحظة أكثر وأكثر ؟!

الحياة اثنان، وأنفاسنا عنصران، وأنت تختنق، والحل لا يزال في الهروب المستمر، أو.. أو.. ربما يكون بـ .. بـ .. الانتحار ! هل نسيت أنك تخشى الله ولازلتَ تحبه ؟!

كيف تفكر بمثل هذا الأمر الجلل ؟!

الانتحار ؟!

هل أنت جاد ؟!

إنَّ من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماًّ فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ؟!

ماذا تفعل ؟!

الأبواب مرتجة حولك، أبواب نحاس وأنت في قفر وحيد .. بلا رجولة والآن بلا الـ .. الله !

ورددتَ بآلية، وأنت تفتح باب المنزل بمنتهى الحرص كيلا توقظ أحداً: تعبتُ وعمر الأسى مستمر، عمر الأسى مستمر.. لكنك ستنهي كل ذلك في التوَِّ:

لن تتردى من جبل..

ولن تحتسي السم..

ولن تقتل نفسك بحديدة.
** ** **
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 / 05 / 2015, 06 : 11 PM   رقم المشاركة : [2]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النقد

التتمة

[align=justify]
[/align]
[align=justify]
4
السيارة الـ الفيراري السبور تناسب جنونك، وبين منزلك ويعفور عشرين دقيقة وربما أقل.. يا ربي سامحني، أنا أحبك وأتوق إليك وأرجوك في كل أموري، أنت ناظر إليَّ، وعارف بخفايا ذاتي، لكن هذا كثير كثير، وما عدتُ أحتمل.

ورغم كثافة سواد همِّك ردَّدتَ بقلب يحترق كدتَ تشم نزيز احتراقه، بل أنت تشمه

حقاًّ:

على أي أرض أحط الرحال

فإنني مللت السفر
وكل العواصم ملَّت أنيني
وحزني وطول السفر
أجوب.. على كاهلي وِزرُ كلِّ القرون
تعبتُ.. وعمر الأسى مستمر


سآتي إليك يا ربي، واعذرني، فأنت تعرف أن ما أفعله ليس احتجاجاً على إرادتك، إنما ما عدتُ أستطيع احتمال المزيد ! ما عدتُ أحتمل !

وأزَّت السيارة على أوتوستراد المزة بجنون، وكاميرات إشارات المرور تلاحقك بغرابة. وتمنيت لو صادفتك دورية سير لتعتقل حماقتك وتقودك إلى مشفى ابن سينا !

يا ربي، هذا ليس انتحاراً.. هذه حادثة سير كارثية أدت إلى وفاتي !

لكن السيارة لم تتمايل على الإطلاق، وتجاوبت بسلاسة مع ضغطك المستمر على البنزين كأنها تشمت بك، بل أخرجت لسانها بسخرية استهزاء بك.

ووصلتَ إلى الفيلا بصحبة بكاء متواصل وأنت غاية في الانهاك، تشعر أن الطريق القصير كان طويلاً طويلاً بلا انتهاء. وأخرجتَ المفتاحَ الآلي من جيبك لتفتح البوابة، ففوجئتَ بالناطور (عز) وزوجته (مزكية) باستقبالك على الباب، وبادرك قائلاً: ـ اتصلتْ بنا المدام.. كل شيء كما تحبه وتريده.

لم تقل شيئاً، وبحزم قلت له: ـ اسمع يا (عز)، لا أريد أن يأتي لعندي أحد، ولا أحب

أن تكلمني أيضاً. (وخطوتَ باتجاه خُن الدجاج): لا أريد أدنى كلام.. لا أريد أدنى

كلام. دعني وحدي.

قعدتَ على الأرض الرطبة، ورائحة الدجاج تزكم أنفك.

وعاودك السؤال الغافي: ماذا تريد ؟ وإلى أين المسير ؟

كان عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]من الأشراف، وكان أبوه من الملوك المياسير، كثير المال

والخدم، والمراكب والجنائب والبزاة، فبينا هو في الصيد على فرسه يركضه، إذ

بصوت من فوقه: يا إبراهيم، ما هذا العبث ؟ ألهذا خلقت ؟ أم بهذا أمرت ؟

(عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]اتق الله، عليك بالزاد ليوم الفاقة.

هل يأتيك الصوت في هذا الخُن ؟ وأغمضتَ منهك عينيك..

تقول الأسطورة: جلس إبراهيم مرة على شاطئ جبلة يرتق ثيابه، فسقطت الإبرة من يده، فخرجت بعد قليل سمكة وفي فمها الإبرة التي سقطت منه وقد فقئت إحدى عينيها، فسألها عن سبب ذلك، فقالت له: عندما سقطت الإبرة من يدك، تصارعتْ مخلوقات البحر للظفر بها وأعادتها إليك، ولمَّا استطعتُ أخذها لأعيدها لك، لطمني أحدُ الحيتان فقلع عيني. فمسح إبراهيم بيده عينَ السمكة فعادت سليمة، وقال لها: اذهبي، فلحمك حرام عليَّ. وقال لك صياد عجوز خرجت برفقته ذات صباح بعيد: إن إبراهيم تضور جوعاً ذات يوم، فجلس أمام شاطئ جبلة، ففوجيء مع غروب الشمس، بسمكة تقفز من البحر وترتمي أمامه، فمسكها ليأخذها كصيد جاء لوحده، فأدركه الورع، فتركها وقال لها: عودي إلى البحر، فأنت حرة طليقة وحرام عليَّ تناولك.

أحلام ذاكرة رعاع. وتضيف السُّوقة وتتمم ولا تنسى التهاويلَ وكبارَ الدرر لمزيد تشويق وإثارة.

هل التاريخ قصة تكبر وتكبر حتى يكاد يُنسى الأصل والبدء ؟!

: ـ عفواً معلمي.. فقط ضع هذه البطانية تحتك.. الأرض في هذا الوقت رطبة.

: ـ قلت لك لا أريدك ولا أريد أحداً.. ألا تفهم ؟! إياك أن تأتي إلى هنا مرة أخرى.

هل فهمت ؟ لا أريد أحداً !
ووضع البطانية وهو مكسور الجناح، صقراً فقد قوة قوادمه، بل غزالاً شارداً أضاع
رئمه.. هذا الشهم القادم من أقاصي الشمال: ـ كما تريد.. كما تريد. لن نفعل سوى

ما ترغبه وتحبه.

كانت زوجته تقف مذعورة غير بعيد، وتوارت بجسمها المصوص عن عينيك في لحظات مع (عز).

أهذا هو الهدوء الذي ترغبه ؟

أنت الحُوذي أيونا ودجاجات الخُن حصان غوغول !

ومرة ثانية وثالثة وعاشرة محورُك ذاتك ثم ذاتك وذاتك ! من أنت لترى النور وتعانقه ؟! وماذا فعلت حتى يأتيك النور ؟! حاولتَ الانتحار، وذهبتَ إلى خرافة (براق) فتوهمتَ فنقمت ؟!

وأصابكَ داء الشيخوخة فهربتَ !

هذا ليس البدء الذي يحبه الله ويرضاه. هو هروبٌ آخر تمارسه بكامل اتقان، بهدف مزيد إثارة ومزيد تسليط ضوء ! كأسطورة إبراهيم بن أدهم ! اعترف أنك لاتزال تجيد اتقان فن التمثيل !

وهربتَ من دائرة التفاهة إلى دائرة الإثارة !

فعبثٌ كل ما تريده.. معرفة الله والوصول إليه ليست في رخص هذه الطريقة ! وهي ليست في طريقة هَبَل شيخ براق !

والتاريخ حكاية صحيحة إن عرفنا ميزان الخبر، فرُزناه بميزانه، وميزانه جمع مصادره ودراسة رجالته.

تسمع ضجيج سيارات في المدخل ووقع أقدام..

اللعنة، لن يتركوك تهنأ بنعمة عزلتك. أسوار صين ذاتك ليست كشموخ سور الصين ومنعته. دخلتْ سيارة الفيراري كحلية اللون أولاً، وتبعتها المرسيدس السوداء، فالبيجو الحمراء. ونزلت ميريام، فابنك معتز مع الدكتور رشدي، فنجوى مع ابنها الأكبر (راقي)، والحمد لله لم يُحضروا معهم أزواجهم. وسمعتَ زوجتك تأمر:

ـ (عز) اذهب و(مزكية) مع السائقين خارج الفيلا إذا سمحتْ، وسأطلبك عندما

أنتهي.

وخطتْ باتجاه الفيلا، فناداها (عز): ـ مدام أم معتز.. الباشا مع الدجاج !

وهي تكتم استغرابها وتتأكد أنك فقدتَ عقلك: ـ خير خير.. اذهب كما قلتُ لك، وسأنادي عليك. لا تنسى موبايلك !

وهمستْ في أذن الدكتور: ـ هل سمعتَ ؟!

كانت ترتدي طقم جينز من سيلسا جينز، وحذاء رياضياً ملوَّناً من ريبوك، وعقصتْ شعرها إلى الوراء، فبدت أصغر من عمرها بكثير، فرثيت لها. وتبعتها نجوى فخفق قلبك فزجرته.. كأنها صورة أمها قبل عشرة أعوام، بفستان سماوي محتشم برقبة بيضاء، يرافقها معتز، الصورة القديمة لك، بجسمه المفتول، وعينيه الحادتين، وجبهته العريضة، وخطوط شيب أتقن إخفاءها غزتْ رأسه بغتة قبل الأوان. يمشي وراءهم حفيدك (راقي) بحيوية الستة عشر عاماً، وهشاشة آفاقها، بشعره الحليق، وذقنه غير المشذبة، وهمشرية مظهره، يرتدي جيليت جينز بلا أكمام، وتي شيرت عليه رسوم عشوائية، بقدمه بوط رياضي مفكوك الرباط، وهو يقفز بنشاط وعافية كنقزان عصفور أفلت من عشه. ووراءهم متمهلاً الدكتور رشدي برأسه الحليق، وكرشه ووجهه المربع، وعينيه اللوزيتين تحت حاجبين عريضين، ومحفظته الطبية التي لا تفارقه كاسمه.

واقتربتْ نحوك ميريام أولاً، ولمَّا صافحتْ عيناها عينيك أخفتْ وجهها وهي تبكي بصوت مرتفع وجسمها كله يرتجف. فتقدم اتجاهك الدكتور رشدي: ـ ما هذا يا مراد ؟! (وحاول فتح الخُن فوجده مقفلاً) افتح الباب وإلاَّ كسَّرتُ المزرعة فوق رأسك ! (كان بحكم الألفة جريئاً عليك، ولمَّا وجد منك تتابع الصمت) قلتُ لكَ افتح حالاً. أنا لا أمزح.

وأصررتَ على السكوت، وأصرَّ هو على الدخول.. ولمَّا يئس منك، أخذ يهزُّ الباب

هزاًّ عنيفاً كاد يكسره، فصحتَ بملء فمك: ـ لا أريد أحداً.. دعوني وحدي.

وبكيتَ، وارتجَّت المزرعة لبكائك، وقوقت الدجاج وباضت، وشاهدتَ ميريام تبكي ثانية فيبكي معها الجميع.

لكن الدكتور رشدي لم يرحمك، وصاح بك بغضب، وقد تجاوز كل حدود اللياقة: ـ كفى ولدنة. قلت لك افتح.. مهما فعلتَ لن أتحرك، ولن آبه لحركاتك. قم وافتح. ألا تسمع ؟

ملحاح كقراد، ولم يأبه لتذمرك، ولكسره حدود الأدب معك. وقمتَ كالمنوَّم، وفتحتَ

الباب، فأشار بيده إلى أهلك بالانتظار قليلاً : ـ ما معنى هذا ؟! تتصرف كالصبيان ! (وفتح محفظته) مُدَّ يدك. وقاس الضغط، وجهَّز حقنة سريعاً وأعطاها لك دون أن تعترض، فهدأتْ نفسك قليلاً

: ـ قم.. قم معي.

قمتَ مسلوب الإرادة، ثقيل اللسان. ولمَّا وصلتَ إلى الفيلا شعرتَ بارتخاء مفاصلك، وأنك توشك أن تنام.

: ـ سينام أربع ساعات قليلاً.. توتر وإرهاق. اقترح أن نتركه. لا أحد يتصل به. دعوه على الأقل يومين. وسآتي لعنده. لا تخافوا.

فقال حفيدك (راقي): ـ وأنا سآتي معك لأطمئن على جدي.

وقال الجميع: ـ كلنا سنأتي.

وغمز الدكتور رشدي بعينه ميريام، فقالت بعينها للجميع: ـ اتركونا لدقائق.

: ـ مراد يعيش حالة توتر شديد.. وهو بحاجة إلى الهدوء التام.. ولا ضرورة في الإلحاح عليه بالعودة إلى المنزل. دعيه يوماً أو يومين، أو حتى أسبوعاً.. أنا لن أتركه أبداً وسأطمئنك عليه كل يوم.

كانت عينيها تدمع باستمرار، وشهقت مرات، وكانت (نجوى) تشاركها البكاء من بعيد. وتابع: ـ تفضلوا إلى منازلكم.
** ** **

5
يا رب، كم أنا بحاجة إليك.

دققتُ بابك، فتكسرت يدي، وما زلتُ أدق.

وناديتُ، فبح صوتي، وما زلتُ أنادي، وسأظل أنادي.

وخاطبتك دموعي، وأحزانُ روحي، وأشجانُ قلبي، ولن أملَّ.

أنا واقف على أعتابك، أشكو ضعف حالي، وران قلبي، وانكسارَ آمالي. ليس لي غيرك، ليس لي إلاَّك. يا ربي، أعرف أنك معي وناظرٌ إليَّ، تحميني وترعاني، لكنني ما زلتُ أطمع بعفوك، وصفحك، وواسعِ مغفرتك. فارحمني يا كريم.

وأعرف أنه ما يُغني الأعمى سَعة نور الشمس وهو لا يُبصرها، وما يُغني العالِم كثرةُ العلم وهو لا يعمل به. وأنا عرفتُ واهتديتُ وصاممتُ أذن روحي وابتعدتُ ! جعلتُ كنوزي في الأرض فأفسدها السُّوس والدود، وحيث يَنقَب السُّرَّاق، وتناسيتُ أن حيث يكون الكنز يكون القلب، وأنَّ العين هي سراج الجسد، فإذا كانت العين صحيحة فإنَّ الجسد كله يضيء.

وجلالَك، ما أردتُ بغفلتي مخالفتك، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بعقابك جاهل. لكن سوَّلت لي نفسي بجهل. فالآن مِنْ عذابك مَنْ يستنقذني، وبحبل مَنْ أعتصم إنْ قطعتَ حبلك عني ؟

وا سَوْأتي من الوقوف بين يديك.. ويلي.. كلما كبرتْ سِني زادت غفلتي ! ما أوْحشَ الطريق على مَنْ لم تكن أنيسه، وما أضيقَ الطريق على مَنْ تكن دليله. وا سَوْأتي من الوقوف بين يديك، وا سَوْأتي من الوقوف بين يديك.

كان الوقت ظهراً، وأنت تبكي، لكنك فاقد الحماس في كل شيء. وها قد مضى أسبوع على مغادرتك منزلك، وما زلتَ في مكانك لا تريم.. يتصل بك الدكتور رشدي كلَّ يوم، وتتصل ميريام بـ (عز) وتطمئن عليك. لكنك استطعتَ ـ رغم كلِّ أساك ـ أن تقرأ كتباً هامة في تاريخ حركة الفكر الإنساني، ربما أنستك همَّك للحظات.

كنتَ متمدداً على الأريكة بارتياح، ففُتح الباب بغتة، فامتعضتَ لدخول شاب غريب دون استئذان. فبادرك بلهوجة: ـ السلام عليكم، أنا طاهر عبد السلام .

ببرود: ـ أهلاً !

: ـ كان باب الفيلا موارباً، فلمحتُ سيارتك فأيقنتُ بوجودك، فدخلتُ خلسة دون معرفة (عز) و (مزكية). فعذراً منك.

عجبتَ من معرفته بـ (عز) و (مزكية): ـ بصراحة أنا لا أستقبل أحداً هنا.. وأنا

أيضاً متعب، وإذا أردتَ مني شيئاً فراجع مكتبي في شارع الحمراء واطلب الأستاذ

فايز، وإن شاء يتيسر أمرك.

لصق كثقل جبل ثهلان: ـ يبدو أنك لم تعرفني ! اتصلتُ بك مراراً دون فائدة، وطلبتك في المكتب فقالوا لي إنك مسافر !

: ـ الرقم الذي لا أعرفه لا أرد عليه أبداً !

: ـ أنتَ أعطيتني رقمك، وسجلتَ رقمي !

: ـ عذراً.. يبدو أنني محوته لأني نسيت اسمك !

: ـ توقعتُ ذلك ! ما زال يُلح كخنفساء، وأثقل الناس من أشغل مشغولاً. وهاتفتَ (مزكية) من الإنترفون بجانبك: ـ احضري لي كوب برتقال إذا سمحتِ.

جاءتْ على عجل، وهي فرحة مشرقة الوجه، فقد ظنتْ أن العصير لك، ففوجئتْ بطاهر، فخاطبته بحدة بخطاب الأنثى: ـ أنتِ كيف دخلتِ إلى هنا ؟!

: ـ كان الباب موارباً.. أنا أعرف الفيلا، فدخلت.

: ـ هذا لا يجوز.. كيف تجرأتِ على ذلك.

: ـ دعيه يا (مزكية)، وانتبهي في المرات القادمة. لا أحب أن يتكرر مثل هذا.

كانتْ كتلة من الاستياء. ووضعتِ العصيرَ على الترابيزة بعيداً عن (طاهر) وغادرتْ وهي تدمدم بلهجتها.

وتبعها (عز) بعد دقائق، فطرق الباب، وكانت (مزكية) خلفه: ـ يا باشا أنا أعتذر. (وهو يتفحص طاهر) أنا جاهز.

: ـ لا داعي.

: ـ لو سمحتْ، أنا في الخارج مع (مزكية).

: ـ قلتُ لا داعي. انتبه في المرة القادمة. لا أريد أن يأتي إليَّ أي مخلوق.

: ـ أنا أعتذر.

وأطلَّتْ (مزكية) برأسها: ـ والله نحن آسفون. لو شاهدتُها لأكلتها بأسناني.

: ـ الله يعطيك العافية.

كان طاهر مرتبكاً، ناكس الرأس، يفرك أصابعه صامتاً، وقلتَ له: ـ تفضل اشرب

العصير.

أمسكَ كوب العصير بأصابع ترتجف. وكنتَ خالياً من المشاعر تجاهه. وتفرستَ به:

هو سمح الوجه، في الأربعين من العمر، يرتدي جلباباً نظيفاً، وبقدميه حذاء لامعاً، وتزين وجهه لحية كثة زادته سماحة وطيبة. وجاءك صوته وهو يرتعش: ـ أنا ابن مؤذن الجامع هنا.. بفضلك درستُ في المعهد الشرعي ودخلتُ كلية الشريعة في جامعة دمشق وتخرجتُ منذ سنتين.

: ـ ابن عبد الهادي ؟! ما شاء الله، ما شاء الله.. يا الله، كنتَ صغيراً. وكيف أبوك ؟! شغلتني الدنيا عنه !

: ـ رحمه الله.. أوصاني أن لا أنسى أصحاب الفضل !

: ـ هذه المرة أنا الذي سأعتذر منك ! همومي كثيرة يا بني، وكبيرة دون حدود. لكنني أوصيتُ الأستاذ فايز رئيس المحاسبة عندي بمتابعة أموركم.

: ـ الأستاذ فايز لم يقصِّر أبداً، واللهُ على الدوام في عون العبد.. كان الله في عونك.

: ـ هل تحتاج شيئاً ؟!

: ـ أبداً أبداً.. أموري رائعة والحمد لله. أنا إمام جامع قرية الروضة قريباً من هنا، وأملك بيتاًُ في نفس البلد.. ابني (عبد الهادي) في الصف الثامن، وابنتي (إسعاد) على اسم أمي في الصف السادس، وزوجتي (فريال) ماهرة في فن التفصيل ومعها شهادة بكالوريا.

: ـ جيد.. جيد. أنا جاهز يا بني.

: ـ جزاك الله كل خير.. لا أريد منك شيئاً.. وكما قلتُ لك: جئتُ لأنفذ وصية والدي رحمه الله ! لكَ علينا فضلاً كبيراً.. ومن الفضل شكرُ أهلِ الفضل.

: ـ أستغفر الله.. أستغفر الله.

سعدتَ بسلاسة حديثه.. وأحببتَ أن تعرف عنه أكثر، وتزيل ارتباكه، وأدركت

ببساطة أن الجسد ما هو إلاَّ رداء خارجي للروح، وأنت طلبت الرداء: ـ أخبرني

عن نفسك أكثر.

: ـ تخرجتُ من كلية الشريعة بفضلك.. والجامعة كما تعرف تعطي نقاط معرفة،

وهادي طريق، ولا تعطي كامل المعرفة ومسارب كلِّ الطريق.. لذلك تابعتُ تتمة

العلم بمفردي، والحمد لله، عرفتُ جلَّ مشايخ دمشق وقرأتُ عليهم.

: ـ هل تقوم بالتدريس أيضاً ؟

: ـ أنا خطيب المسجد والإمام، وعندي جلسة علم كل إثنين.. أقرأ حديثاً من صحيح البخاري، وأختار شخصية من التاريخ ألقي الضوء عليها، ويسألني أهل البلد عن بعض الفتاوى.

: ـ هذا يعني أنك تملك مكتبة واسعة.

: ـ ليست مكتبة بالمعنى الحرفي.. لكن ولله الحمد، جميع المصادر والأصول عندي، وإذا احتجتُ إلى كتاب فـ (النت) قريبٌ سهل الاستخدام.

: ـ النت ؟!

بفخر محبب: ـ حتى زوجتي تستخدم (النت).. تفتح على دور الأزياء وتنقل تصاميم الملابس وتعدَِّل عليها بما يتناسب مع عاداتنا ! تجار المالكي والشعلان والصالحية والحمراء يتقاتلون على إنتاجها.

أثار فضولك، وارتسمت بذهنك رحلة ابنتك نجوى لروما: ـ سأذهب معك وأشرب عندك فنجان قهوة.

أشرق وجهه الأسمر، واهتز نشوة وطرباً: ـ صحيح ؟ هذا يوم المنى !

: ـ الآن.. ما رأيك ؟ لن نؤجل الزيارة.

: ـ أهلاً وسهلاً في أيِّ وقت.

وأنتما في الممر باتجاه السيارة قال لك: ـ فهمتُ من كلام (عز) و (مزكية) أنك متعب قليلاً، ولا تحب استقبال الناس في هذا الظرف الطاريء ! وإذا رأى أهل القرية سيارتك سيسارعون بالمجيء إليك، لكن إذا كنتَ معي، فسيظنون أنك شبيه الباشا وليس هو !

: ـ ماذا تقصد ؟!

: ـ أقصد أن تتكرم وتنزل معي !

: ـ لم أفهم !

: ـ ما رأيك أن تركب دراجتي النارية ؟

: ـ دراجتك ؟!

: ـ سآخذ طريقاً جانبياً ولن يراك أحد بإذن الله، وإذا رأوك فلن يعرفوك !

جرأة.. لكنك لا تزال تقول في نفسك: سأذهب لأرى آخرتها.

ظللتَ صامتاً، وظلتْ عيناه تقولان لك: لم تقل رأيك !

ولمَّا سمع (عز) وزوجته وقع خطاك، سارع (عز) يفتح لك باب السيارة، فأشرتَ له أنك ستركب مع طاهر، فكاد يفترسه، وعاودت (مزكية) تتمتم بلهجتها.

: ـ لن أغيب طويلاً.

: ـ مع السلامة يا باشا.

وقالت (مزكية): ـ الله يحفظك ويحميك.
** ** **

6
من غير أن تسافر بعيداً.. تستطيع أن تعرف العالم كله.
ومن غير أن تنظر من النافذة.. تستطيع أن ترى طريق السماء.
وكلما ابتعدت أكثر، كلما قلَّت معرفتك.


كان (طاهر) يسير بطمأنينة وشموخ، كأنه يقلُّ أميراً.. وكان صامتاً، تتحدث عيناه ببهجة، ويطربك شدو خفق قلبه.

دع أذنك تتوقف عن السماع، وعقلك يقف عن تقليب الأفكار.. لتصير روحك فراغاً تحتوي كل شيء.

كن قانعاً بما لديك، واحتفل بالأشياء كما هي.. فعندها ستدرك أنه ﻻ يوجد شيء ناقصاً.. وأن كل العالم صار ملكك.

وثق أنك لن تستطيع السفر في الطريق، حتى تصبح أنت نفسك الدرب.

القرية وادعة أليفة، تستقبلك مفتوحة اليدين، فكل بيت يصافحك ويقول لك: تفضل.

ورغم أن (طاهر) تجنب السير في طريق القرية الرسمي، فقد شاهده بعض المزارعين وسلموا عليه بحرارة، وبالطبع لم يعرفوك، لكنهم دعوك إلى بيوتهم بطيبهم وصدقهم وبساطتهم.

: ـ هذا هو منزلي.. أهلاً وسهلاً.

وفتح ابنه الباب، وقال لك بعينيه الذكيتين: ـ أهلاً يا عمي.. تفضل من هنا.

دخلتَ، فاستقبلك فوح مساكب ورد في كل اتجاه: ـ ما شاء الله، ما شاء الله، اهتمامك بالورود واضح تماماً.

شمخ ثانية شموخه المحبب: ـ نعم، الحمد لله.. هذه الياسمين العراتلي، وهذه القرنفل، وهذه النرجس، وهذه الأقحوان، وهذه الزعفران، وهذه الكاميليا، وهذه الفل. مجموعة متكاملة كمذاقات البشر.. أحبها جميعها.

: ـ غاية في الجمال والذوق.. ما شاء الله، ما شاء الله. (ولتريه أنك مثقف) قال جلال الدين الرومي: الزهور التي في القلب لا تذبل أبداً.. كذلك زهور أنس شفافية حضورك.

واختلستَ منه نظرة، فشمخ ثالثة الشموخ المحبب.

ودخلتَ غرفة (المضافة) في صدر البيت: طراريح على الأرض، توحي بالألفة والحميمية، وتكايا على الجوانب، وفي الصدر خمسة رفوف تحمل كتباً مصفوفة بعناية.

ذهبتَ نحو الكتب بفضول معرفة العناوين، فناداك صوت الصغير (عبد الهادي) وهو يحمل شاياً: ـ تفضل يا عمي.. أهلاً وسهلاً.

وأنت تأخذ منه كأس الشاي: ـ ما شاء الله، ما شاء الله. في أي صف أنت ؟

: ـ في الصف الثامن.

: ـ وما المواد التي تحبها ؟

: ـ كل المواد.

: ـ احضر لي دفاترك لأرى خطك.

كنت تتأمل شعره الناعم، وعينيه المتوقدتين ذكاء، وملابسه النظيفة. ودخل باسماً:

لكن (باسل) أشطر مني، لا أستطيع أن أجاريه.

ـ ومن هو (باسل) ؟:

: ـ (باسل) صديقي في المدرسة. الأول دائماً.

: ـ وأنت أول أيضاً. (وأنت تقلب الدفتر) خط جميل، وترتيب رائع.

وأخرجت من جيبك نقوداً، فقال: ـ شكراً يا عمي شكراً.. سأريك شيئاً.

ظلت النقود بيدك، وغاب ثانية لدقائق، وعاد وهو يحمل صندوقاً صغيراً وضعه على الطاولة أمامك، وقال لك وهو يفتحه: ـ انظر يا عمي.. معي الكثير. في العطلة أستلم محل جارنا أبو بشار كاملاً.

ازددتَ إعجاباً به، وقبلته ثانية وأنت تلمس شعره بحنان: ـ وماذا ستفعل بهذا المال ؟ ستشتري دراجة !

: ـ الحمد لله عندي دراجة.. سأشتري لأمي ماكينة خياطة آلية، ولأختي (فلة) وملابسها، (وهو يضحك) استأذنت من أختي (إسعاد) بتأجيل شراء لعبتها حتى نوفر ثمن ماكينة الخياطة. (وتابع، وفيه شيء كثير من أبيه) إسعاد لا تحب التوفير.. تصرف مدخراتها دائماً.

: ـ سآخذ معي الصندوق وأشتري معك ماكينة الخياطة و(فلة) وملابسها.

: ـ شكراً يا عمي.. شكراً.

وأخرجتَ الموبايل من جيبك وأنت تبتسم: ـ ألو.. أبو أحمد، اشتري لي ماكينة خياطة آلية منزلية من الحريقة، اكتب: سنجر أو براذر، واشتري لعبة (فلة) وملابسها من محل سبيس تون، مواجه حديقة المدفع. واتصل بي عندما تنتهي.

وأرجعتَ لعبد الهادي الصغير صندوقه، فبادرك بالقول: ـ أبداً.. لقد اتفقنا.

وتدخل الأب وهو في غاية السرور: ـ الاتفاق اتفاق. (وبجدية) هذا كثير.. كثير جداً، الله يبارك بعزك وبصحتك ويخلف عليك بالخير.

: ـ الله يديمك فوق رؤوسهم وتشاهد فيهم الخير.

وخرج الصغير لحظات وعاد مع أمه وأخته.

كانت جيدة الهندام، محجبة دون أدنى مساحيق، وجهها كتلة احمرار صحة: ـ شكراً

سيد أبو معتز، شكراً كثيراً، لكن هذا دين برقبتنا. (وأخرجت رزمة أوراق مالية) هذه دفعة على الحساب، لن أقبل بغير ذلك.

وقالت الصغرى: ـ شكراً يا عمو.. شكراً جزيلاً.

وجهها عينان بريئتان. ورفعتها وأنت تقبلها، ففاحت منها رائحة ياسمين: ـ وأنت شاطرة مثل عبد الهادي ؟

هزت رأسها، فأجاب أخوها: ـ توجع قلبي دائماً.. أنا أدرسها.

وقلتَ للأم: ـ أين إنتاجك ؟

: ـ تفضل.

ذهبتَ إلى الغرفة الثانية، فأذهلتك أناقة الملابس التي تحيكها، فاتصلتَ بابنتك: ـ حبيبتي، يجب أن تحضري حالاً.. نعم، الطريق خلف الكازية التي في أول طلعة مضايا، قولي للسائق وهو سيعرف، وعندما ستصلون إلى مدخل البلد اتصلي بي. نجوى حبيبتي، أنا جائع، احضري معك الكبب التي أحبها، وستعمل الشوربة أم هادي.

: ـ سأطلب من ماما أن تحضر معي.. هي أميرة الذوق في مثل هذه الأمور.

وأنت تضحك: ـ مثل هذه الحركات لا تخفى على أبيك.. لقد سافرتِ إلى روما دون أمك.. لعبة ذكية منك. لكن ربما لا يعجب أمك مثل هذا المشوار.. نعم.. نعم.. كما ترغبين. لا مانع عندي.
** ** **

7
وقفت السيارة المرسيدس السوداء قرب منزل طاهر، ونزلت منها ميريام ونجوى والخادم سالي، بينما وقفت شاحنة سوزكي غير بعيد ونزل منها السائق أبو أحمد، فكوَّن أطفال القرية مظاهرة قرب السيارتين، فزجرهم أبو أحمد بصوته المرتفع،

ففروا في كل اتجاه، ثم اجتمعوا ثانية إنما بعيد، فصرخ أبو أحمد ثانية: ـ يا ولاد

الكلب، إذا لم تذهبوا سأضربكم جميعاً.

فخرج طاهر مبتسماً، وقال: ـ تفضلوا.. تفضلوا أهلاً وسهلاً (والتفتَ نحو الأولاد ونادى) عبدو، هؤلاء ضيوفي، لا تسوَِّدوا وجهي معهم.

: ـ أمرك أستاذ، سأحمي السيارتين بنفسي. (واقترب من طاهر بأدب، وهمس في أذنه) السائق الذي معهم وحش يحتاج إلى تأديب.

فربت على كتفه: ـ هم ضيوفي، لا تقل عنهم ذلك. (وبحزم) اذهب إلى المنزل واحضرْ له شاياً. أنت الآن رجل، وسأظل أعتمد عليك في أموري، لا تجعلني أغير رأيي فيك.

تذمَّر بصمت: ـ حاضر.. الشاي سيأتي للسائق في الحال.
** ** **

8
دخلتْ ميريام ونجوى، ففوجئتْ ميريام بجنة الورود، فهتفتْ: ـ يا الله، ما هذا الجمال ؟ جنة ساحرة.

وقالت نجوى: ـ ياي ي.. مو معقول. إبداع مدهش. ما شاء الله، ما شاء الله.

وقالت سالي: ـ بابا، حلو كتير.. حلو كتير.

وكانت (فريال) باستقبالهم على الباب بوجهها الحيي الشديد الاحمرار، وهي تشعر بغبطة واعتزاز، وورائها ابنتها الصغيرة (إسعاد)، موقنة أن نساء البلد سيتحدثن عن هذه الزيارة كثيراً.

وقالت ميريام: ـ سالي، أحضري الأغراض. (ثم وهي تتجه نحوك) اشتقنا إليك يا مراد كثيراً. كيف صحتك الآن ؟

وركضت نجوى وعانقتك وهي تبكي وتقول: ـ الدنيا ليست جميلة دون وجودك معنا.

وقال طاهر: ـ تفضلوا إلى (المضافة).

فقالت ميريام: ـ هل يصح أن نبقى هنا جانب الورود ؟!

: ـ طبعاً، طبعاً. (ونادى) الكراسي يا عبدو.

وبرقة قالت ميريام: ـ أحببنا أن نتغدى عندكم، وقد أحضرتُ لأبو معتز بعض الأكلات التي يحبها.

فضربت (فريال) على صدرها: ـ ليطلب السيد أبو معتز لبن العصفور فيكون بين يديه ! جرِّب سيد أبو معتز. نحن في الخدمة.

: ـ لا، ليس القصد كذلك، مجيئنا كان بمحض الصدفة. وأحببت أن لا أتعبك معي.

: ـ والله أنتم في عيوننا، العتبة لنا وأنتم في الصدارة.

فقالت ميريام : ـ والله إنك أصيلة بنت أصيل، الرجاء أين المطبخ ؟ سنأكل الآن كيلا يبرد الطعام.

: ـ وقهوة أهلاً وسهلاً ؟!

: ـ سنشربها معاً بعد الطعام. لكنْ أريد طاولة لو سمحتِ. سالي ابقِ مع الهانم. ستعجبكِ سالي.. لا تعذبي نفسك، هي ستقوم بكل شيء.

أحضرتْ سالي الطاولة المتآكلة، فجاءت (فريال) ومدت فوقها غطاء أخضر نظيفاً، مشغولة أطرافه بـ (التنتنه)، ثم جلبت إبريق ماء زجاجي وضعت فيه طاقة من الورود، فقالت ميريام: ـ يا سلام، والله عشرة نجوم. سلمتْ يداك. استريحي حبيبتي، البيت بيتنا.. ستقوم سالي بتحضير كل شيء.

: ـ لا أقدر.. لا بد من المساعدة.

: ـ إذن سآتي معك.

وقالت نجوى: ـ وأنا أيضاً.

: ـ لكنْ هذا لا يصح.

: ـ البيت بيتنا، اتفقنا على ذلك.

تناهى إلى سمعك ضحكة ميريام من الداخل بوضوح بصوتها المبحوح: ـ كله ظريف، كله ظريف. أنت فنانة يا حبيبتي.. جميل، جميل في منتهى الأناقة والذوق.

وقالت نجوى: ـ واوو.. بيجنن. (وصفقتْ بفرح)، مذهل، مذهل. (وتابعتْ) والله متل ما يقول ابني: شي بـ (يشلُّ) بل بـ (يعقّد).

فطالت فريالُ النجوم، بل هي طالتها فعلاً ووضعتها كلها في صدرها.. كانت طائراً

خرافياً بأجنحة من نور يحلق في فضاءات الكون متباهياً بحسن جمال أجنحته وقدرته على التحليق دون تعب.

وركضتْ نحوك الصغيرة (إسعاد) وطوقت عنقك وهي تغمرك بقبلات الملائكة: ـ شكراً عمو. شكراً عمو.

فقلت وأنت ترفعها عالياً: ـ الشكر لأخيك (هادي) ثم لي.

: ـ بل الشكر لكَ أولاً ثم هادي. (وأمسكتْ يدك) تعال من فضلك، تعال.

فقال طاهر: ـ حبيبتي فيما بعد.. عمو متعب قليلاً، بعد الطعام إن شاء الله.

: ـ باااابا.

: ـ بعد الطعام كما قلت.

كادت الدمعة تهرب من عينها: ـ كما تريد.

فحملتها ثانية ومسحتَ شعرها بحنان: ـ سأذهب معكِ مشياً إلى الصين. أنا جاهز يا حبيبتي.

فسألتْ بعينيها أباها، فقال: ـ اذهبي، ولا تكوني (لزِّيقة).

: ـ أنا آسفة يا عمو.. لكن ماكينة الخياطة خيال، حلوة كثير يا عمو. أنا أحبك كثيراً كثيراً.

: ـ والماكينة أيضاً من أخيك (هادي).
** ** **

9
لم تنس ميريام شيئاً في اختيارها لأنواع الطعام الذي جلبته من المنزل.. كل صحن كان في منتهى الشياكة: طبق التبولة، فسلطة الناتشوز الرائعة، فبرك الجبنة وبرك اللحمة، فكرات الكروكيت، فشوربة العدس الشهية، فالكبة التي تحبها. وقال طاهر وكأنما حاز هو الآخر كنوز علي بابا، وشعر أن زوجته (فريال) إنما هي بوران بنت الحسن بن سهل وهو الخليفة المأمون واليوم زفافهما: ـ يسلم خيركم، والله الأكل يكفي قبيلة. هذا كثير، كثير جداًّ.

: ـ صحتين وهنا.. مطرح ما يسري يمري.. مسيو مراد أمَرَ وعلينا التنفيذ. لكن تفصيل زوجتك غير معقول.. كأنه من باريس وروما. الله يعطيها العافية. والله شيء يرفع الراس.

أكلتَ كما لم تأكل من قبل، بشراهة ونهم، ومع كل لقمة تردد: ـ يا سلام.. يسلم إيديك يا ميري، والله عشر نجوم.

وتردد نجوى خلفك كنغمة قرار أتبعتْ نغمة جواب: ـ اليوم عيد لنا جميعاً.. عاد وجه بابا إلينا، وعرفنا إبداع مدام فريال، ونأكل الآن من طعام سيدة الطعام ماما.

: ـ والله أخجلتموني. شكراً.. شكراً.

وعملتْ ميريام صحناً قائلة لسالي: ـ قدِّميه لأبو أحمد والأولاد في الخارج.
** ** **

10
نظر (طاهر) إلى ساعته وأخرج الموبايل، وتحدث لدقائق، ولمَّا انتهى قال باسماً: ـ أوكلتُ من يؤذن ويقيم الصلاة غيري.. ما رأيكم أن نصلي معاً ؟

كان المؤذن يقول في ذات الوقت: حي على الفلاح، حي على الفلاح. فقلتَ بارتياح: ـ سرقنا الوقت ولم نشعر.. لتتوضأ النساء أولاً.

أسرعت (سالي) بتوضيب شكل الطاولة، وارتدت امرأتك وابنتك لباس الصلاة، فقالت (فريال): ـ والله يا مدام (أم معتز) أنك جميلة جداًّ بالحجاب أنت ومدام (نجوى)، والله نور على نور. اللهم صلى وسلم على سيد النور.

وأقام (طاهر) الصلاة فقرأ من سورة الحديد بصوت عذب: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللهوما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون).

فبكيتَ، وبكى الجميع. فإنْ كنتَ تريد الفرح الدائم فعليك ألاَّ تنصتَ ـ بعد اليوم ـ بأذنيك بل بقلبك، ثم عليك ألاَّ تنصتَ بقلبك بل بروحك، ودع الأذن تتوقف عن كل سماع. ولتعلم يقيناً أن

الانتصار على النفس هو أصعب من الانتصار على كل غير، وأننا نتشكل بأفكارنا، ونصير وفق ما نفكر به.

: ـ تقبل الله يا جماعة.. في فمي كلمتان.. إذا سمحتم أحب أن نتناقش حولهما للحظات.

فقالت (نجوى) برفعة وهي تتحدث من رؤوس شفتيها: ـ عذراً.. إنْ كان الحديث عن الدِّين، فأنا لا أرغب في سماعه.

باستغراب: ـ لماذا افترضتِ ذلك ؟

: ـ لأنني أعرف ماذا تريد.. ربما غرَّتك دموع خشيتنا. حدث ذلك معي في صلاة التراويح في شهر رمضان الماضي.. (وبحدة طارئة لا تتناسب مع سماحة حديثها) الدِّين ليس كما تقدمونه إلينا. أنا أصلي والحمد لله، لكنني لا أحب التزمت. وطبيعي أن أبكي بين يدي ربي.

ورأتها (ميريام) فرصة لمتابعة الكلام: ـ أنا والأولاد نقوم بالفروض الدينية كلها، لكننا نحب الحياة، فالله خلقنا لنستمتع بها بما أباحه لنا، ولا نتقيد بالشكليات.. الإيمان هنا في القلب، ليس إرخاء لحية، وشظف عيش، أو زهداً وبُعداً عن الناس.. للأسف مشايخنا إمَّا مشايخ (سَلْتة) و(تلبسة) همُّهم بطونهم، وإمَّا مشايخ سلطة مهمتهم التزلف إلى الحاكم وتبرير تصرفاته دينياً !

وكان طاهر يبتسم، ويهز رأسه وهو يقول: ـ صحيح.. صحيح.

وبقيتَ بمفردك، ترعى نبتة غراس روحك، فطالتْ رعايتك لها حتى نسيتَ مَنْ حولك.

لا يُشترط أن ترحل حتى تكون وحيداً في وطن آخر؛ فقد تكون وحيداً في بلدك وبيتك وفي طريقة تفكيرك.

وشوك غصة روحك مَنْ يشعر بها ؟

وأنين صمتك، وليل تقرِّح جفونك، وخرافيُّ حنينك، ودمعة خفق قلبك من بَلَّ لهاة تعبها ؟

مَنْ ينقذك مِنْ تيه تجاعيد الذكرى وما زلتَ تترنح في طرقات الرتابة والضجر ؟

هل تجلس على قارعة القنوط كزهرة أعطت كل ما لديها وما عاد عندها سوى وَهْم

شاحب فتنة فائت شكْلٍ لن يعود ؟

أما آن إيابُ النورس ؟!

هل سيعود ؟! هل آفاق الروح طائر عنقاء تتجدد روحه على الدوام ؟

أما آن إيابُ النورس ؟ هل سيعود ؟ بلى سيعود.

وغمزتْ نحوك ميريام: ـ يا أخونا.. نحن هنا ! أين شردتَ يا مراد ؟!

: ـ أبداً.. أبداً أنا معكم !

ابتسم الجميع، وقال طاهر: ـ المشكلة عندنا هي غرورنا بقشور معرفتنا أننا نعرف كل شيء، فاختلطت في الذهن كل الأوراق، فما عدنا نعرف ضابط صحيح الراوية.

فالزهد، والقرب من الله، ليس رثاثة حال وابتعاداً عن واضح تعاليمه، بحجة الباطن والظاهر، وخرافة تقسيم المؤمنين إلى أهل حقيقة وأهل شريعة، وسخف توهم أن كل صاحب لحية شيخ، وكل باكي عين هو صوفي مستجاب الدعوة، وكل رث الثياب هو القطب الفرد ! أبداً أبداً. الدين رفعة وسمو، وبهرجة الأرض نسعى لها، ونطلبها، لكنها تبقى في اليد وليست في القلب.
عبد الرحمن بن عوف حاز زخرف الأرض وملك مقعده في السماء.. كان أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد السابقين البدريين، وأحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام، قدرت ثروته وقت وفاته بثلاثة ملايين ومائتا ألف دينار. تصدق منها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، وحمل على خمس مائة فرس في سبيل الله، ثم حمل على خمس مائة راحلة في سبيل الله. وأعتق ثلاثين ألف بيت. وكان أهل المدينة عيالاً عليه: ثلث يقرضهم ماله، وثلث يقضي دينهم، ويصل ثلثاً. وأوصى لزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بحديقة، قومت بأربع مائة ألف. وأوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار. وأوصى بألف فرس في سبيل الله. وقسم لكل امرأة من نسائه بعد موته مائة ألف، اقتسمن ثمنهن ثلاث مائة ألف وعشرين ألفاً. فهو امبراطور المال، والغني الشاكر، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى. فمن قال إن الزهد فقراً وكسلاً وذلَّ حاجة ؟
كانت كلماته تثير كامن حماس، وفتوَّ عزم شباب، ولن تأسى بعد اليوم فالليل ما يزال مزنراً بالنجوم. وقلت مع نفسك بيقين: لقد أمضيتُ زمناً وأنا أدق الباب، ولمَّا فتح الباب، اكتشفتُ أنني كنتُ أطرقه من الداخل، ولم أعرف أن جراحي كُوَى ستدخلني إلى عوالم النور.
ولمَّا صرتَ بالسيارة، وكان أبو أحمد سائقاً، تكلمتَ مع ميريام ونجوى بالفرنسية: ـ حبيبتي، قولي لي رأيك بالتفصيل ؟
: ـ مهما فعلنا ستظل هناك فوارق بين طبقات الناس، ولا يعني هذا أنني أتكبر على من هو أدنى مني، بل يعني أنَّ لهم مساحات صعبٌ أن ألتقي بها معهم، وبالتالي لا أستطيع أخذهم كأصدقاء، ولا أتصور أن أقوم بدعوتهم إلى منزلي، أو أتكلم معهم عن خاص همومي.. ففرق المستوى المادي وهمومه ينسحب على مستويات الكلام أيضاً، فيخلق بالتالي التباين الكبير بين الطبقات. طبعاً أنا أرتاح في طريقة تعاملهم، لأنهم في منتهى الصدق والبساطة، لكن الحدود التي أنا فيها، أحبها، ولا أرضى أن أتجاوزها.. أحب أناقة الملبس والشكل والكلام والتصرفات، وأستمتع بطيبات الحلال.

كل الناس تسمع صوتي إلاَّ أنت تسمع خفق قلبي. ورغم أن أرواحنا تئن في محبسها فقد نسينا أن مفاتيحها فيها.. فهل لا بد لنا من الصمت بعض الوقت حتى نتعلم طرق الكلام ؟ ونجم في ذهنك قول إبراهيم الفقي: لا تتحدث عن أموالك أمام فقير، ولا تتحدث عن صحتك أمام عليل، ولا تتحدث عن قوتك أمام ضعيف، ولا تتحدث عن سعادتك أمام تعيس. اجعل مراعاة شعور الآخرين جزءاً من شخصيتك.
وكان كلامها قد صدمك كصفعة: ـ كيف نجمع الصدق والبساطة وهناءة الحياة؟
: ـ حبيبي (الدروشة) في القلب، وليست في الشكليات.. حتى أنت، لا تستطيع التخلي
عما اعتدتَ عليه فتعيش طريقة عيش الموظفين الذين عندك.
: ـ أتمنى ذلك من كل قلبي. : ـ قد تستطيع العيش زمناً محدداً، وليس زمناً دائماً.
: ـ كان الخلفاء يرسلون أولادهم إلى البوادي ليمارسوا شظف العيش.. ما أسعد من استطاع التخلص من الأغلال التي كبَّل بها حياته.
: ـ أولاد الخلفاء لم يعيشوا في الشظف إلاَّ فترة محددة، ثم يعودون ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي.
أنت داخل المعنى ولستَ ظاهر الكلمات، وعيون من حولك ترى مظهراً لا حقيقة، وتناست أنها ستصير يوماً بصحبة خلوة الدلال، لكنها تصر أن تقيم وراء ستر الأسرار ؟ متى تعرف أن مقامها ليس في هذا الثوب الفاني ؟! وهذا العشق الذي يتوالد فيك من نبع لا تدرك مصدره، لماذا يجذبك لتسير معه فتسلم له قلبك وروحك، فتستمتع به أذنك، ولا تمل شفاهك وهي تردد همس عباراته، لماذا يفتح لك عوالم يقين الأمل، فتصير شرارة تبدأ منها النار ؟
وصرخت بحماس: ـ إصباحات الفجر في ذواتنا.. إصباحات الفجر في ذواتنا.
[/align]
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09 / 05 / 2015, 27 : 11 PM   رقم المشاركة : [3]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

Llahmuh رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النقد

[align=justify]
يسرني أن أقدم لكم هذه الرواية في ميزان النقد ، للأديب الدكتور منذر أبو شعر.
يمتاز الأديب أبو شعر بلغته العربية القوية وإجادته لمفاتيح قواعدها بشكل سليم غير معقّد للقراء من مختلف المستويات الثقافية واللغوية من فهمها والاستمتاع بقراءتها – هذا بصورة عامة - أما بشأن هذه الرواية القصيرة وسبب اختياري لطرحها على الأدباء والقراء في ميزان النقد ، في المقام الأول لتعرضها لشريحة صغيرة – برجوازية عربية – إذا جاز التعبير- اصطلاحاً – يعرض الصور الطبقية - لكن لفئة منهم غالباً لا يتعرض لها الكتّاب – فهي شريحة سوية إلى حد ما، ملتزمة إلى حد كبير بالقيّم الأخلاقية وملتزمة دينياً باعتدال - من منطلق مختلف – من وجهة نظر هذه الطبقة..
غالباً يسلط الكتّاب الضوء على الفساد من مختلف وجوههه وأوجهه بين الأثرياء وفي مجتمعات أهل المال من شرائح – يصطلح المجتمع بتسميتها - بحديثي النعمة، وعدم تمييز هذه الشريحة من الأغنياء بما فيها من مثالب ومساوئ ومزايا إنسانية وسلبيات – وطبقية غالباً ما تكون غير طارئة – منعمة لكن دون أن تكون ظالمة ومستبدة ومستعبِدة للطبقات الدنيا الفقيرة في المجتمع..
هذا من جهة ومن جهة أخرى يسلط الضوء على ما يمكن أن يمر به الرجال في أواسط العمر وما يعتريهم من إحباطات نفسية ومهما كانت أوضاعهم المادية ..
محاكمة النفس .. ماذا فعل ، ماذا قدّم لغير ذاته وكيف لا يمكن أن تهبه هذه التحف الثمينة من حوله والحياة المرفهة السعادة ؟؟!!
شده البسطاء لكن التزلف لشخصه من قبل إمام المسجد الذي صادفه ودخل غرفته الفقيرة ، جعله يشعر بالقرف والاشمئزاز في حين وجد ضالته عند تلك الأسرة الريفية المتماسكة السعيدة بما لديها والتي استطاعت أن تخرجه من عزلته وتعيده إلى الحياة.. ولكن ورغم إعجابه وعائلته بهذه الأسرة!..
بقيت الحواجز الطبقية تحكمه وعائلته – بنظر الأغنياء لكل مجتمعه وأسلوب حياته - لن يكونوا أصدقاء – بعض عطايا الغني للفقير تكفي مقابل ما منحوه له من سعادة ، ليعود لحياته المرفهة..
الفضيلة ليست في شظف العيش والحياة المرفهة نعمة وإصباحات السعادة تنبع من الداخل ومن القلب السليم...
تحف وسيارات وشركات وعمليات تجميل متاحة لمحاربة آثار الزمن من جهة وورود جميلة تحيط بالبيت البسيط وأسرته المتماسكة وابتكاراتها من الجهة الأخرى...
أين هي السعادة؟!!
حوار النفس ودور الزوجة الذي يبدو مؤثراً يختزل الأم والحبيبة في مثل هذه المرحلة العمرية عند الرجال ..
ليل مزنر بالنجوم.. وكم يطول سواد الليل لو لم يكن مزنراً بالنجوم...
يهمني جداً قراءتكم ونقدكم لهذا النص الغني المتميز.
بانتظاركم
[/align]
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 05 / 2015, 22 : 02 AM   رقم المشاركة : [4]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

بداية أشكرك أستاذة هدى على اختيارك الموفق وتنبيهنا لهذا العمل المتكامل للدكتور منذر.
بعد أوّل قراءة يمكنني أن أشير لتناول د.منذر للحياة وتنوعها وتفاصيلها المُشَتِّتَة التي كما تكون عامل جذب تتحول إلى عامل إتعاب.
لقد ربط الكاتب شخصيات القصة بمظاهر يتيحها توفرّ المادة لكنّه وضّح كيف أن الأب الستيني وحده من توقف ليواجه أزمته الوجودية بينما ظلّ باقي أفراد الأسرة منخرطين في نمط حياتهم كما تعودوا عليه.
إيجاد التوازن المريح والقبض على الطمأنينة المرضية أمر قد يتمنى القارئ أن ينجح بطل القصة في تحقيقه لكن الكاتب يتصرف باحتراف ويبقي النهاية شبه مفتوحة بدون تفاصيل كثيرة على قدر عمق الأزمة النفسية التي يلزمها بصيص نور ليتضح شكل الطريق فيبدأ الخروج من النفق الصعب.في مقاطع كثيرة بيّن الكاتب أنه ليس منفصلاً عن مجتمعه وأنّه ابنه المتابع لما حوله، ليس المنفيّ بين كتب المعرفة والمستسلم لخياله بل المتأمّل الذي يستطيع التحليل والنقد والقياس حسب معرفته وتجربته وإحساسه الإنسانيّ. لكنه السارد الحذر الذي لا يقدّم موقفا جاهزا بل يرافق بطله في رحلة التيه حتّى يتبين أصل الفجر في ذاته.
بالنسبة لي فإن الكاتب كان موفقا في رهانه السّرديّ وأنّه جمع بين الإنسان خارج التصنيف الاجتماعي وداخله فلم يغص فقط في الجانب النفسي الفرديّ ومايعتري النفس من قلق وقيود بل و رسم تلك الجزر التي تتقارب وتتباعد داخل المجتمع الواحد فتتقارب بحكم التكافل و تواصل محدود لكنها لاتقترب بشكل يصل حدّ الالتصاق و الإحساس بالتشابه الكافي لإلغاء الحواجز.
تقديري لما قدّمه د. منذر ودام وجوده وعلمه وأدبه الذي ينير المنتدى.
تحياتي لك أستاذة هدى وللدكتور منذر وكل من سيشارك في الملف.
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 05 / 2015, 23 : 02 AM   رقم المشاركة : [5]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

الأديبة الأخت هدى نور الدين الخطيب
لي عودة بإذن الله ريثما انتهي من القراءة المتأنية
شكرا لك سيدتي وشكرا لأديبنا الرائع منذر ابو الشعر
حتى ذلك الحين اتمنى لكم الراحة والسكينة
توقيع رأفت العزي
 "
كل ومضة نور في وسط الظلمة تدفع السائرين إلى الأمام خطوة !
وكل تصويب لمسيرة النضال على الطريق تقدم للنجاح فرصة !
" !!
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 05 / 2015, 27 : 06 PM   رقم المشاركة : [6]
رهف عدنان أبوشعر
مجازة في آداب اللغة الانكليزية ، تكتب أدب الأطفال
 





رهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of lightرهف عدنان أبوشعر is a glorious beacon of light

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

إليك أهدي كلماتي..إلى قلمك المشتعل ذكاء، و دواتك التي تعَبّأ من بحر فكرك الزّاخر..

ماأشدّ إعجابي عندما قرأتُ ما خطّته أناملك الغالية ، و سكبه فكرك المتّقد ، ولكم تعاظم فخري بانتمائي إلى عائلة (أبوشعر) بعد انتهائي من قراءة الرواية!

عمي الحبيب:

لقد نسجتَ كلماتك حول صورة واقعية مؤلمة تتكرّر في مجتمعاتنا العربية في هذا العصر، وألقيتَ حزمة ضوء على التفاوت الطبقيّ الذي ينخر في ثناياها ، فيسبّب الأدواء والأوجاع المخبوءة الكامنة لغنيّها قبل فقيرها!!

ثم إنك قد أجدتَ في وصف أحوال أفراد ذلك الواقع المرير بكلماتك الجذابة وأسلوبك المتميّز والقريب، رغم زخره بعالي الصور والتشبيهات البلاغية والأخيلة التي لم تزده سوى واقعية وجاذبية متفرّدة.

وإنني أعتقد انّ الاساتذة والسيدات القارئين سوف يشاطرونني الرأي بأنّه قد تمّ لك بنجاح إخراط القارئ في واقع (مراد علايا) ، وتفاعله مع صراعاته وأحواله النفسية والفكرية من البداية وحتى النهاية.

فليس كلّ غنيٍّ سعيداً، وليس كلّ ثريِّ جيب تالفاً أو تافهاً في جوهر فكره، أو حتى روحه التي يمكن أن تعاني وتتالّم بصمتٍ دفين.

أعجبني تفاؤلك الذي احسبه جزءاً من شخصك، وأبوابُ الأمل المشرعة أبداً نحو كبد السماء، وثقتك بأنّ أجمل الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد!!

أثارتْ إعجابي سعة اطلاعك، وآفاق فكرك ، وإلمامك بالمتعدّد والوفير من الأشياء التي سمحتَ لي من خلا ل كوّة قصّتك بإبصار النذر اليسير من مساحات عوالم معرفتك بها .

فهنيئاً للمنتدى، وهنيئاً لقرّائك، وهنيئاً لأدبنا العربيّ.. و هنيئاً لكل مكانٍ حللت فيه ثم انتميتَ إليه!


(رهف عدنان أبوشعر)
رهف عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 05 / 2015, 02 : 07 PM   رقم المشاركة : [7]
زين العابدين إبراهيم
أديب روائي

 الصورة الرمزية زين العابدين إبراهيم
 





زين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond reputeزين العابدين إبراهيم has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

شكرا لسيدة النور الفاضلة الأديبة والأستاذة هدى على طرح هذا النص البديع والرائع ... الزاخر بكل ما يحمله الفكر الإنساني من قيم وأفكار سامية خالدة إن هذه التحفة الأدبية لايمكن الاقتراب من مناقشتها أو تحليل معانيها ومراميها إلا إن كان المرء يحمل في مخيلته وذاكرته مجمل الفلسفات الإنسانية وعصارة النبوغ الفكري والأدبي منذ قرون خلت إلى يومنا هذا ... ناهيك عن اللغة والبيان المحكم في اللفظ وبديع البلاغة في نسق الخطاب إضافة إلى العمق الديني والتجلي الصوفي المرن في الكشف عن نزعات عقائدية في فكرنا العربي الحديث ....
إن كل فقرة من هذه الرواية الملتزمة بقواعد الحكي الكلاسيكي تبحر بالقارئ بين جزر تحوي أمهات المراجع والأطروحات الإنسانية التي عرفها التاريخ البشري فكيف تريدين منا مناقشة النص ونحن لانملك منها إلا اليسير القليل؟ فمثلا قوله في خاتمة النص:

أنت داخل المعنى ولستَ ظاهر الكلمات، وعيون من حولك ترى مظهراً لا حقيقة، وتناست أنها ستصير يوماً بصحبة خلوة الدلال، لكنها تصر أن تقيم وراء ستر الأسرار ؟ متى تعرف أن مقامها ليس في هذا الثوب الفاني ؟!
يكفي أن يكون جلال الدين السيوطي حاضرا في هذه الفقرة وابن القيم في الظاهر والباطن إضافة إلى واجب ستر عيوب المسلمين كما في الحديث ... وأننا هنا بكل قوة بين دفتي كتاب الحلي في الثواب والعقاب ...
إن هذا النص سيدتي إن كان سهلا في الأسلوب فهو ممتنع في العديد من المعاني إذ يحتوي على شقين غاية في العمق والتعقيد الفلسفي منه والأدبي
لذلك لايسعني أن أقول سوى شكرا لأستاذنا الفاضل ذ/منذر أبو شعر على هذه التحفة الخالدة فهي تبدو كلوحة دالي التي تتداخل فيها الألوان الهادئة ويخضع الرمز والضوء والظل لذوبان الزمن المستمر

زين العابدين إبراهيم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 05 / 2015, 59 : 11 PM   رقم المشاركة : [8]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

انتهيت من القراءة الأولى للإستمتاع..وسأعيد القراءة والقراءة..ولي عودة بإذن الله ..فالدكتور منذر يستحق أن نقرأه مرات ومرات..شكرا لكما ...
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 05 / 2015, 03 : 04 AM   رقم المشاركة : [9]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

((......وتناسيت أن الأشياء الجميلة مبدؤها بداخلك ،وليست في الأحداث التي تصنعها، وجمال إبداعاتك مقرون بجمال آفاق روحك، وأنك عندما تمتلك عيناً جميلة سترى كل شيء جميلاً، وعندما تملك نفساً راضية سترضى بالقليل، فغياب ما تحبه، كغياب اللون عن الصورة ! هو لا يفقدك الحياة إنما يفقدك طعم الحياة.))
-
-قراءة في رواية ((ليل مزنر بالنجوم ... للروائي د/ منذر أبو شعر ))
بقلم د / رجاء بنحيدا




"ليل مزنر بالنجوم " رواية قصيرة للروائي الكاتب د منذر أبو شعر، هي رواية للتعبير بصيغة سردية عن تلك الغلالة الزائفة التي تسربل المظاهر الخارجية ، وخاصة مظهر الإنسان ، الذي قد يبدو على حالة البهجة والثراء النفسي والترف الجسدي المثخن بالفخامة والذوق الرفيع والأناقة (شأنه كشأن فضاء مسكنه وحياته .. ترف داخله فراغ ،، وصحراء وجدب .. )) ولكن في العمق قلق وتوتر وفراغ بل تصدعات كبيرة وعميقة ،..
إذ يمكن من خلال تتبعنا حركية الوقائع والأحداث ، لمس ذاك الضوء الخافت الذي يعارك الذبول والاستسلام بصك - أمل - في ليل بهيم شديد السواد ، هو صك يوقعه الراوي في بداية الرواية وفي نهايتها ،" صك بداية "ليل مزنر بالنجوم و" صك نهاية " إصباحات شروق ..
الشيء الذي يفتح لكل التفاصيل والأحداث بشخوصها لهذا القارئ للاقتراب أكثر من أعماق الراوي ومتاهاته، التي تتيح التأمل في تفاصيل أخرى قد تبدو متشابهة ، متناقضة متداخلة ..
لتحدد الحركات والأحداث في سياق موحد مترابط، ولتدعم حركة الفعل الروائي بتلك المفارقات الاجتماعية الفكرية الثقافية ، وكل تلك التناقضات .. التي نسجلها كلما تقدمنا في قراءة الرواية ،
فالشخصية الرئيسية تبرز في مقدمة الأحداث ، متعبة منهكة حائرة ، وهي على أعتاب الستين ،
تكاد تختفي وراء مسحة من حزن دفين مصدره الإحساس .. بالذبول .. مع إصرارالذاكرة على الاستمرار في الزمن في الحياة بل الاستمرار .. في اقتحام ..الأحداث.
إنه اقتحام إلى قلب الأحداث، بإشارات لتفاصيل ، تمهد لوقائع تبدأ بغزل خيوطها على القارئ حتى لا يتمكن من الإفلات عن الرواية ..بنسيج محكم من قياسات لهذا الارتخاء والبروز ولهذا الانسياب والانصهار " ولهذا البعد و" القرب " بين الأمل والإحباط بصوت ذكوري - منهك - وبعين-آملة - تقيس الأشياء وتصفها انطلاقا من أزمتها ..وشعورها .. بالانطفاء في الإحساس .. والبرودة في الجسد.. تجسدها ذاكرة مستمرة (( ساعاتٌ رخوة، أرهقتها دقّات الزَّمن المتتالية باستمرار، فانصهرتْ وارتختْ وضيَّعتْ شكلها عمداً، وسالت اعتباطاً، ومع ذلك تُصرُّ الذاكرة على الاستمرار، رغم أن كلَّ ما حولها في حالة سيلان وانسياب وانصهار.))
..........
وهل ثمة ذاكرة تتذكر، وذاكرة تنسى، وذاكرة لا تصلح إلاَّ للذكرى الباهتة بعد زوال الحدث ؟
....
وهذه الأضواء الذاوية في أرواحك، لم انطفأت ولم اشتعلت، وكيف اشتعلت وكيف انطفأت ؟ هل كانت وهْماً، أم حلماً، أم مجرد خيال، أم صورَ رغبة خيالِ ذاكرة ؟))


إنه انطفاء من جهة ، و اشتعال أضاف وهجا لهذا الفعل السردي في سيرورته وسكونه بضمائر نحوية تنوع وجهات النظر ، وتنوع حضور شخصية المؤلف كصوت سردي بين باقي الأصوات ، وكصوت الفرد ..الذي قد يتعارض مع باقي الشخصيات (( ...... )) والذي قد يبرز ظاهريا نوعا من التعاطف والاندماج - ولو مرغما - مع طبقة متفاوتة الانتماء المادي .. و التكوين الفكري..
((لكنك لا تزال تقول في نفسك: سأذهب لأرى آخرتها.))
((وأخرجتَ الموبايل من جيبك وأنت تبتسم: ـ ألو.. أبو أحمد، اشتري لي ماكينة خياطة آلية منزلية من الحريقة، اكتب: سنجر أو براذر، واشتري لعبة (فلة) وملابسها من محل سبيس تون، مواجه حديقة المدفع. واتصل بي عندما تنتهي.))
في علاقة تجعل الشخصية الرئيسية -مراد -.كائنا إنسانيا لا كائنا ورقيا ، .. كائنا يؤكد وجوده الواقعي يرتبط بالراوي - وقد يحمل بعضا منه - فيصعب أن نفرق بينه وبين الكاتب الضمني -((يذكرني..وحدي مع سكون المدى.. أشعر... على أعتاب الستين صرتُ......أفتح شاشة العرض الأنيقة، ...أذرَعُ واسع صالون منزلي... *
إنه إعلان عن هذا الكاتب الضمني ، كصوت داخلي متكلم في النص ، يقوم باستحضار الشخصية الرئيسية و بتوجيه الخطاب لها عن طريق ضمير المفرد المخاطب..
أخي سَتبيد جيوش الظلام
ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها
ترى الفجر يرمقنا من بعيد
تذْرَعُ الصالون جيئة وذهوباً، وأنت تدمدم بأغنية قديمة، وتستغرب من اضطراب
أفكارك ومسيرها كإبل هيم، تريد الماء والماء تحمله ولا تصل إليه ..
**تقف لحظة، تلتفت يميناً وشمالاً.. تهرش رأسك ثانية وثالثة.. كل شيء عندك منظم،
**وأنك عندما تمتلك عيناً جميلة سترى كل شيء جميلاً، وعندما تملك نفساً راضية سترضى بالقليل، فغياب ما تحبه، كغياب اللون عن الصورة ! هو لا يفقدك الحياة إنما يفقدك طعم الحياة................ .. ))
* فتتداخل الضمائر النحوية في التحام ليتهدم ذاك الحاجز بينهما ، وتخلق للقارئ لحظة إرباك بين هذا المتخيل وذاك الواقعي ، بين المتخيل الذي يخرج إلى الواقع على لسان الراوي ومن تأملات وأزمة .. البطل (( مراد )) -لتبدو أحداث الرواية تتأرجح بين حقيقية وواقعية / متخيلة ، وطابعا مشوشا يثير التساؤل أثناء تقليب أوجه التداخلات بينهما ، رغم أن الأبحاث اللسانية تؤكد أن للضمائر الشخصية موقعا غير قار في البنية الخطابية ، يجعلها مكونا فارغا" يحتاج لمن يمنحه دلالاته ((إذ أن استعمال ضمير المتكلم لا يعني بالضرورة أن السارد متماثل حكائيا، إذ يجب بالإضافة إلى ذلك أن يكون أحد شخصيات عالم السرد ... وعلى العكس من ذلك ، فإن تبني ضمير الغائب لا يعني أن السارد ليس شخصية .)).. 1
'وبعبارة أخرى ، فصوت السارد الحاضر الغائب ، لا يستطيع أن يخفي صوت مراد وتصوره وآلامه وآماله ، كواقع أو حلم ، كوهم أو حقيقة ..فكل فعل سردي يدرك انطلاقا من حضور باقي الشخصيات وفق تقسيم ثنائي / ذكر أنثى ، بورجوازي / بسيط ، شاب / كهل ... تاريخي / خيالي .. ديني / دنيوي انطلاقا كذلك من مجموعة من القيم .....والصفات .. .


وهذا كله يفند مهارة الراوي /د منذر أبو شعر وقدرته على التحكم في الشخصيات حتى يوصل ما يريد قوله .. وما يريد سرده من أحداث ، عن طريق الإخبار بالحدث تارة ، وأخرى بالتأمل والمونولوج الداخلي ((، كل الناس تسمع صوتي إلاَّ أنت تسمع خفق قلبي. ورغم أن أرواحنا تئن في محبسها فقد نسينا أن مفاتيحها فيها.. فهل لا بد لنا من الصمت بعض الوقت حتى نتعلم طرق الكلام )) وأخرى بعرض السؤال والاستفسار (( متى تعرف أن مقامها ليس في هذا الثوب الفاني ؟! وهذا العشق الذي يتوالد فيك من نبع لا تدرك مصدره، لماذا يجذبك لتسير معه فتسلم له قلبك وروحك، فتستمتع به أذنك، ولا تمل شفاهك وهي تردد همس عباراته، لماذا يفتح لك عوالم يقين الأمل، فتصير شرارة تبدأ منها النار ؟))
مما جعل كل هذه التفاصيل في مسرح الأحداث - السردية - تدب فيها حياة الصدق .. وأنفاس أصوات الحياة المتنوعة .. التي يبحث عنها الراوي في كل هذه الجزئيات .. بمقدرة سردية .. فنية موسومة بميسم إنساني .. يأمل إصباحات شروق .. ونجوما تزنر هذا الليل البهيم .
((أنت داخل المعنى ولستَ ظاهر الكلمات))- جلال الدين الرومي ..
************************************************** ******************************************




1- واين بوث : نظرية السرد من وجهة النظر إلى التبئير ( مؤلف جماعي ) ت . مصطفى ناجي ط1 -1989ص 103
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 05 / 2015, 53 : 11 PM   رقم المشاركة : [10]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

:sm160: رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق

[align=justify]
تحية نور أدبية إيجابية مستمتعة بقراءة الإبداع والمساهمة في القراءة النقدية..
عدد القرّاء لبضعة أيام لهذه الرواية المميزة للأديب الدكتور منذر أبو شعر في ملف ميزان النقد بلغ كما يظهر للجميع حتى الساعة 607 قارئ ، وهذا رقم هام لقارئ يجيد الاستمتاع بالقراءة الأدبية وتذوق الأدب الجيد والمتميز - وكما يعرف الجميع - لا يقرأ الرواية إلا القارئ المتذوق المهتم فعلياً بالأدب وجمالياته وليس القارئ السطحي العابر وكذلك لا يهتم بمتابعة نقد هذا الأدب الجيد إلا القارئ الأدبي المثقف والمتمكن ، وليس بالتأكيد المدّعي والمستثقف..
أشد ما يسعدني في مثل هذه الملفات أنها تعطيني فكرة واضحة عن الشريحة التي تقرأ وتتابع وتبحث عن اللؤلؤ في محار نور الأدب ، القارئ الأديب والمثقف الذي يجيد الإبحار والغوص عميقاً في بحار الأدب ...
ينقصنا العضو الناقد الإيجابي ، فبقدر ما هو مستوى القراء جيداً بقدر ما يتردد الأدباء والنقاد الأعضاء في المشاركة في تفعييل القراءة والمشاركة بالرأي والاسهام بالورشة النقدية..
ميزان النقد لا يطلب منك أن تكون ناقداً أكاديمياً متمرساً في مجال النقد الأدبي - يكفي أن تكون قارئاً متذوقاً - تجيد القراءة والتعبير عن رأيك بما قرأت بعيداً عن سطحية المجاملات التي لا ترضي أي كاتب ولا يستشف منها الرأي الحقيقي بجهده ومولوده الأدبي..
قرأت هنا رواية
يهمنا أن نعرف رأيك وانطباعاتك ومشاركتك لنا في قراءة ما نقدم لك من أعمال أدبية في ميزان النقد، فهذا الهدف الأساسي من فتح ورشة النقد للجميع، لمن يريد أن يتعلم وأو يعلم فن القراءة وفن النقد.
بانتظار المزيد من القراءات حول هذه الرواية المتميزة
[/align]
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
للأديب, منذر أبو شعر, أشهر, الأجزاء, النقي, بالنجوم, بساط


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصيدة لا تريد أن تنتهي - للشاعر الفلسطيني محمود مرعي - في الميزان على بساط النقد هدى نورالدين الخطيب الـميـزان 10 13 / 09 / 2015 36 : 10 AM
قراءة في رواية (ليل مزنر بالنجوم للروائي د/ منذر أبو شعر )) بقلم د / رجاء بنحيدا د. رجاء بنحيدا نقد أدبي 0 15 / 05 / 2015 15 : 04 AM
وفى بوعده - قصة للأديبة فاطمة يوسف عبدالرحيم - في الميزان على بساط النقد هدى نورالدين الخطيب الـميـزان 41 15 / 03 / 2014 41 : 12 PM
حبيبي أصولي - قصة للدكتور منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النقد هدى نورالدين الخطيب الـميـزان 14 01 / 07 / 2013 42 : 07 PM
(حين جاؤوا كالذئاب الجائعة) للقاصة هدى الخطيب في الميزان على بساط النقد هدى نورالدين الخطيب الـميـزان 23 25 / 04 / 2013 23 : 09 PM


الساعة الآن 24 : 10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|