موسوعة الفلسفة بأجزاءها الثلاثة
يقول بدوي في تصديره للموسوعة : " هذه موسوعة للفلسفة وهي تلبي حاجة ماسّة يستشعرها القارئ العربي ليس فقط المتخصص في الفلسفة ، بل وكل مثقف بعامة : فهي تسعف الأول بما يزيغ إليه من معلومات موجزة عن الفلاسفة والمعاني والمذاهب الفلسفية ، وهي تزوّد الثاني بما يغنيه معلومات عن هذا الفرع الأساسي من فروع المعرفة الإنسانية ، الذي يهيئ له التكوين العقلي الحرّ ويوسّع من أفق تفكيره ، ويبث فيه الروح النقدية ، ويمكنه من تكوين نظرة في الحياة والوجود ، ويشغل ذهنه بمشاكل الإنسان والكون ، وبالجملة : يسمو بالجانب الإنساني حقا في الإنسان " .
تتكون الموسوعة من جزءين وملحق . تناول فيهما حوالي : 298 فيلسوف منهم اليوناني والغربي واللاتيني والروماني والعربي والإسلامي . وليس هذا فقط ، بل تناول أهم المفاهيم الفلسفية والفرق والمذاهب .. بالشرح والتفصيل .
ويتناول كل فيلسوف من جوانب متعددة : سيرة حياته ، أهم أعماله ، عرض لمذهبه ، ومراجع ومصادر تتكلم عنه وعن مذهبه . عدد صفحات الموسوعة مع الملحق : 1614 صفحة . وفي آخر كل مجلد مجموعة صور لبعض الفلاسفة .
هناك فلاسفة لم يعطهم بدوي حقهم ، كماركس ، وهناك من تخلى عن العرض العلمي بإزاءهم محولا كلامه عنهم إلى هجاء محض ، كأينشتاين ، ولكن الموسوعة بالمجمل : شاملة ووافية ، وهي ركن أساسي في مكتبة كل عربي لديه اهتمامات فلسفية.
فصول الفكر اليوناني : ربيعه وصيفه وخريفه وشتاءه
"هاهنا معبد الروح فطوبى للداخلين ، وها هنا ميلاد العقل ، فهلموا نحتفل به يا من بالعقل تؤمنون . هلموا ، فهنا ، وفي لحظة قدسية عالية ، اهتزت الروح الإنسانية لأول مرّة هزة الخلق ، فانتفض عنها جنين العقل ، وبالعقل .. كان الإنسان الأعلى.
هنا اجترأ الإنسان ، فنحّى الإلهي نقابه ، وافترع الكون ، فانفضت منه أسراره ؛ واستشرف إلى عين الوجود ، فتجلّى في نور الفجر .
هنا أنبياء العقل الأزلي الخالد ، أرسلهم في ساعة السرور المقدس ، كي ينفخوا في الإنسان روح الحرية والنبل والقداسة ، روح الحق والخير والجمال .
أرأيت إليهم وقد أطلوا على سرّ السرّ من عليائه ، وعلى جباههم مسحة من البساطة المقدسة ، وفي عيونهم برقان الدهشة الساذج ، ومن نظراتهم إشعاع الطفولة الأبدية ! ... " من تصديره العام لـ "ربيع الفكر اليوناني " .
بهذا التصدير ، دشن بدوي مشروعه حول الفلسفة اليونانية . واعتبرها كالسنة لها بفصولها الأربعة : ربيع ، فصيف ، فخريف ، فشتاء .
في الربيع ، وهو الكتاب الأول ، يبدأ بمقدمتين : الأولى حول مشاكل "تأريخ الفلسفة" ، والثانية حول "الروح اليونانية" : خصائصها وعصورها . ثم بعد ذلك ، يبدأ بتناول "ربيع الفكر اليوناني" فيبحث خصائصه ، ثم يتعرض لمسألة نشأة الفلسفة اليونانية : هل نشات عن فلسفة شرقية أم لا ؟ .. ثم يتطرق إلى اهم المدارس الفلسفية في هذا العصر : المدرسة الفيثاغورية ، المدرسة الإيلية ، والذريّون . ويستعرض آراء أهم فلاسفة ذلك العصر : هرقليطس ، أنبادوقليس ، أنكساغورس .
وللإنتقال لصيف الفكر اليوناني ، مرت السنة اليونانية بمرحلة انتقالية هي "النزعة السوفسطائية" ، فيعمدها بدوي باسم " عصر التنوير" ... متبنيا نظرة مختلفة لهذه النزعة . وبهذه النزعة يختم هذا الكتاب الذي يقع في 180 صفحة .
بعد الربيع يأتي الصيف ، وصيف الفكر اليوناني هما فيلسوفان اثنان ، خصص لكل واحد منهما كتابا خاصا : الأول كتاب أفلاطون ، فأفلاطون هو " الحي ، هذا الملهم الأكبر ، هو الذي نقدمه الآن إلى المؤمنين بالروح الجديدة لحضارة جديدة من أبناء هذا الجيل. نقدمها هنا مادة ساذجة حاولنا - قدر المستطاع - أن نستخرجها كما هي في متحف التاريخ ، أعني كعضو حي في روح الحضارة اليونانية . مثّل - هو - واستاذه سقراط وتلميذه أرسطو - صيف هذه الحضارة - أي أوجها وأعلى ما بلغته من سمو حضاري ، وهم - من أجل هذا - يكونون ثالوثا عضويا متحد الأقانيم ، الأب فيه سقراط ، والإبن أرسطو ، والروح المقدس أفلاطون." . وفي هذا الكتاب يتناول لحياة أفلاطون بالتفصيل ومذهبه الفلسفي .
بعد أفلاطون ، يأتي " أرسطو" الذي يقول عنه : " وها نحن أولاء نقدم لهذا المارد الفكري صورة تحليلية دقيقة ، راعينا فيها التطور الحي ، أعني الأشكال المستمرة والتوتر الفكري الحاد والتناقض الخصب الذي ينحل على أساس المنهج التاريخي حتى نستطيع أن نجدد في نفوسنا اليوم ما عاناه من تجربة هائلة لعلها أن تكون أعظم ما عرفته الروح الإنسانية من تجارب حتى الآن" . وسار في هذا الكتاب كما سار في كتاب أفلاطون .
وبعد الصيف تتساقط أوراق أشجار الفكر اليوناني عند قدوم الخريف ، ففي "خريف الفكر اليوناني " يتناول خصائص هذا العصر الثالث ، ويقدم بحثا متكاملا حول المدرستين الاخلاقيتين الأهم في هذا العصر : الرواقية والأبيقورية . ويختمه في بحث مستوف عن الشكّاك .
وياتي الشتاء ، شتاء الثلوج .. شتاء المطر . في النصف الثاني من كتاب "خريف الفكر اليوناني" ، ويتناول فيه آخر عصور الفلسفة اليونانية : الأفلاطونية المحدثة . فيبدأ بفيلون لينتهي بأفلوطين . وفي نهاية هذا الكتاب الذي يقع في 181 صفحة يقدم بحثا حول المصطلح الفلسفي اليوناني وتاريخه.
عن/ نادي الفكر العربي