الحمد لله الذي خص شهررمضان بالعفو والغفران,فطوبى لمن تلقاه بأحسن قبول وعمرأزمنته بالعمل الصالح وصانها عن كل معصية وغلول,نحمده تعالى حمدا يليق بجلاله ونسأله العفو فهو أفضل مأمول وأكرم مسؤول ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها صمديا وربا لا يزول,ونشهد أن محمدا رسوله ومصطفاه خيرنبي و أجل رسول,صلىالله عليه وعلى آله وصحابته الذين كملت منهم العقولصلاة وسلاما نجد بركتهما يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتمتد الوقفة وتطول...آمين.
عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله قال :"إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة كما تراءون الكوكب في السماء"أهل الجنة في الآخرة هم أهل الإيمان في الدنيا,والإيمان منازل,أعلاها منزلة الأنبياء وأدناها منزلة المتأدبين,وبين هاته وتلك منازل عديدة :منزلة الصديقين ومنزلة الشهداء ومنزلة الصالحين ومنزلة المخلصين ومنزلة التائبين ومنزلة المريدين ومنزلة المتوكلين ومنزلة الزاهدين ومنزلة المستغفرين ومنزلة الخائفين ومنزلة المحبين ومنزلة المنيبين ومنزلة الفارين ومنزلة العالمين ومنزلة المحسنين ومنزلة المتبتلين ومنزلة الموحدين ومنزلة الصائمين . فالصوم منزلة من منازل الإيمان ,ولكل منزلة مقامها في جنة الرضوان ,لكن وجب التنبيه إلى أن المنزلة ليست هي الدرجة,لأن الدرجات هي السلم الذي يرتقيه المسلم للوصول إلى منزلة من منازل الإيمان,وبذلك تكون المنزلة حالا تصف صاحبها وصفا دائما,أي أن الإنسان المسلم حينما يكتسب منزلة إيمانية فإنه يبقى في تلك المنزلة حتى يلقى ربه عزوجل,ليثيبه على منزلته تلك بما يستحقه عنده تعالى من مقام من مقامات الجنة وغرفها التي حدثنا عنها رسول الله (ص) لأن لكل منزلة مقام أما الدرجات فهي العوارض التي تطرأ على القلوب,والتي يسميها العلماء بالأحوال وأنا اليوم أحدثك عن منزلة الصيام لا عن حال الصيام,فحال المسلمين في رمضان هو أنهم جميعهم صائمون,ولكن ليسوا كلهم ممن سيبلغون منزلة الصائمين.
,,إنما جعل الصيام في رمضان سبيلا إلى بلوغ منزلة الصائمين,لأنه تيسر فيه العبادة وتسهل فيه على المؤمن مسالك العروج إلى الله تعالى, أبواب الجنة تفتح وأبواب جهنم تغلق والشياطين تصفد,فيكون رمضان فرصة مواتية أمام المسلم ليعقد العزم على اكتساب منزلة الصائمين,حتى إذا خرج رمضان وأغلقت أبواب الجنة وفتحت أبواب جهنم وأطلقت الشياطين من أغلالها,وجد المسلم في نفسه القوة والقدرة على مغالبة الشيطان,ووجد نفسه قادرا على الثبات على منزلته التي اكتسبهافي رمضان ألا وهي منزلة الصائمين.لكن الصوم بهذا المعنى لا يكون إلا بشروطه الروحية والتعبدية,إذ لا تدرك منزلة الصائمين إلا بعبور درجات ثلاث: درجة المنقطعين المتوجهين,ثم درجة التائبين المتقين,ثم درجة العارفين المبصرين وتلك هي السبل الموصلة في آخر رمضان إلى منزلة الصائمين.فكيف ذلك؟
للحديث بقية .
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: حديث الصائم // منازل الصائمين
[align=justify]
السلام عليكم أستاذ حسن
جزيل الشكر والتقدير على هذا الملف الرمضاني المبارك ، جزاك الله خيراً وجعله في ميزان حسناتك وجعلك من عتقاء الشهر الكريم
تقبل الله منا ومنكم وجزيل الشكر الموصول على توقيعكم في هاته الصفحة
أعاد الله عليكم أيام رمضان الفضيلة باليمن والبركات , ورحم الله الوالدة وأسكنها فسيح الجنان مع الشهداء والأنبياء وحسن أولئك رفيقا .
أخي الغالي محمد الصالح الجزائري
وهل يكون للنور نور دون حضورك أيها الجار العزيز
بك وبجميع القامات المديدة في نور الأدب من كتاب وكاتبات يزهو هذا الصرح العالي
شكرا لك أخي على المتابعة ورمضان مبارك .
... أنا وأنت نعلم أن الصيام ليس هو ذلك التعريف التقليدي بأنه انقطاع عن شهوتي البطن والفرج,ولكن الصيام أولا وأخيرا هو التوجه إلى الله تعالى و من هنا كانت أولى درجات تحقيق منزلة الصائمين هي درجة المنقطعين والمتوجهين في ذات الوقت إلى الله تعالى بصيامهم, إذ الصيام الحق هو أن يكون لك قصد السير بعملك وصومك رضا ربك عزوجل لتصل إلى ما يدعوك إليه ربك,إلى منزلة الصائمين ومقام الصائمين في الجنة,ذلك المقام الذي ستعبر إليه من باب إسمه "باب الريان"والذي أخبر به نبي الهدى (ص) حين قال"إن في الجنة بابا يقال له باب الريان لا يدخله إلا الصائمون" .
بصيامك أيها المسلم تنقطع عن الدنيا وتقبل على الآخرة,أما الإنقطاع البهيمي فذلك حدث في شأنه المصطفى (ص) فقال "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش".الصيام الحق فيه لاءات عديدة:لا تأكل ولا تشرب ولا تجامع ولا ترفث ولا تساب ولا تصاخب,ولكن فيه أيضا "نعم"واحدة ,هي أنك لبيت نداء ربك عزوجل حين ناداك "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم",.
يقول المولى سبحانه في الآية ذاتها "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "فالله سبحانه وتعالى يدعونا إلى اكتساب التقوى وهذا هو الشرط الثاني من شروط بلوغ منزلة الصائمين.إكتساب التقوى هو الغرض الذي من أجله شرع الصيام وليس الغرض التعطيش أوالتجويع,فمن صام ولم يحصل صفة التقوى فإنما صام بدنه ولم تصم نفسه,هومن الصائمين حالة,ولكنه ليس من أهل منزلة الصائمين.وإنما تشريع العبادات كلها جاء من أجل تزكية الأنفس,وليس من أجل تزكية الأبدان والعبادات كلها جعلها الله عزوجل لتربية النفس "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها".فالصيام يشذب النفس يهذبها ويربيها وتلك هي علامات التقوى,وحين تكون من المنقطعين المتوجهين,ثم ترتقي إلى درجة التائبين المتقين,فأنت تقترب من منزلة الصائمين.