إِلَيْكُمَا دَائِمًا أَيُّهَا الشَّاعِرَانِ الصَّدَفَانِ النُّبُوئِيَّانِ الْبَدْئِيَّانِ الْحَالِمَانِ الْقُطْبِيُّ الْعَاتِرِيُّ الْحَوَاسِّيُّ إِبْرَاهِيمُ بَشَوَاتْ وَالصَّارِخُ الْأَهِـﭬَّـارِيُّ مَبْرُوك بِيبِي بِالنَّوِّي أُهْدِيكُمَا نَبْضًا بِئْرِيًّا رَدًّا عَلَى
رَائِعَتَيكُمَا "تِنْهِنَانُ وَخِيَّامُ الْبَدْءِ" وَ"ذَرِينِي وَحُزْنِي".
(((نُبُوءَةُ الْبِئْر)))
تَعَالِي اجْتَذِي عِشْقِي هُنَا الْقَلْبُ يَمَّمَا**عَذَابَاتِهِ الشَّقْرَاءَ بِالطُّورِ خَيَّمَا
طُوَى الشَّوْقِ فِي عَيْنَيْكِ آنَسْتُ نَارَهُ**لِتَحْضِنَنِي الْأَهْدَابُ وَالثَّلْجُ أُضْرِمَا
تَعَالِي اسْتَوَتْ فِي رِحْلَةِ التِّيهِ غُصَّتِي**لِيَعْزِفَنِي الْإِمْـﮋَادُ مَا الْغَيْثُ رَنَّمَا
أُحَطِّمُ فِي بُعْدَيْكِ أَصْنَامَ وِحْدَتِي**وَأَكْبَرُهُمْ مَا إِنْ هَمَسْتِ تَحَطَّمَا
أُسَفِّهُ أَوْثَانَ الْعِرَافَةِ فِي دَمِي**وَكَاهِنُهُمْ فِي حَضْرَةِ الْجُرْحِ طَلْسَمَا
نَأَى فَاشْرَأَبَّتْ كُلُّ أَوْرِدَتِي هَوًى**وَدَاعَبَ رَمْلَ الشَّوْقِ سِرًّا وَتَمْتَمَا
طَوَى سِفْرَهُ عَنِّي فَأَشْرَقْتِ آيَةً**وَعَنْ تِنْهِنَانِ الْخُلْدِ فَجْرٌ تَبَسَّمَا
أُسَافِرُ فِي نُورِ الْجَلِيدِ وَنَارِهِ**وَفِي جَنَّةِ الثَّلْجَيْنِ تِهْتُ مُنَجِّمَا
أُغَازِلُ عَيْنَيْكِ الْجَمِيلَةَ شَاعِرًا**وَمِنْ ثَلْجِهَا الْمَرْصُودِ تَفْنَغْتُ طِلْسَمَا
نُبُوءَةُ بِئْرِ الْعِطْرِ فِي كَفِّ عَاشِقٍ**يُدَوْزِنُ لَحْنَ الرُّوحِ أَنَّى تَرَنَّمَا
يُمَزِّقُ غَيْمَ الذَّاتِ عَنْ وَدْقِ أُمَّةٍ**مِنَ الزُّرْقِ تَاهَتْ فِي الْمَدَى حِينَ غَيَّمَا
إِلَى جَنَّةِ الصَّحْرَاءِ رُؤْيَايَ لَمْ تَزَلْ**تُعَانِقُ سِرَّ الْيَازِ يَوْمَ تَلَثَّمَا
لِثَامُكَ يَا ابْنَ الْجَدَّةِ انْدَاحَ سِرُّهُ**تُخَالِجُهُ الْأَعْمَاقُ وَالْعِشْقُ لَمْلَمَا
شَتِيتَيْنِ كُنَّا سَكْرَةُ الْحُبِّ مُرَّةٌ**وَأَعْذَبُ مَا فِي الْكَأْسِ سُؤْرٌ تَأَلَّمَا
أَبُثُّ ضُلُوعِي شَطْرَ قِدِّيسَتِي مَدًى**وَأَحْضُنُ فِي أَفْيَائِهَا مَنْ تَكَتَّمَا
أُعَانِقُ بَثِّي فِي غَيَابَاتِ شُقْرَةٍ**وَفِي كَهْفِهَا الْمُمْتَدِّ قَلْبِي تَيَتَّمَا
نَثَرْتُ مَعَانِي الْعِطْرِ قُرْبَ ضَرِيحِهَا**وَعِنْدَ تُخُومِ اللَّيْلِ أَيْقَظْتُ أَنْجُمَا
وَنِمْتُ وَجَدَّاتُ الْخَفَاءِ حَمَلْنَنِي**إِلَى عَالَمِ الْأَحْلَامِ مَاكُنْتُ مُرْغَمَا
بَسَطْتُ عَذَابًا بِالْوَصِيدِ مَلَأْتُهُ**وَوِسْعَ احْتِضَانٍ جَادَنِي الشِّعْرُ إِذْهَمَى
نَطَقْتُ فَصِيحَ الْيَازِ أَبَّنْتُ رُوحَهَا**وَعِنْدَ اكْتِهَالِ الْحُزْنِ صَوْتِي تَلَعْثَمَا
وَعُدْتُ إِلَى هَمْسِ الْجَلِيدِ وَبَثِّهِ**وَمَدُّ هَوًى مِنْ وَحْيِ عَيْنَيْكِ أَلْهَمَا
قَبَضْتُ عَلَى جَمْرِ الْمُحِبِّينَ عَاشِقًا**وَأَجَّجْتُهُ فِي لَيْلِ عَيْنَيَّ مُضْرَمَا
تَقَاذَفَنِي مَوْجٌ مِنَ الْهُدْبِ سَافِرٌ**وَأَكْفَرُهُ فِي سِحْرِ عَيْنَيْكِ أَظْلَمَا
وَجُسْتُ مَعَ الْأَسْلَافِ فِي عِزِّ بَوْحِهِمْ**وَإِبْدَاعُهُمْ مَازَالَ فِي الصَّخْرِ مُلْهِمَا
رَسَمْتُكِ وَشْمًا كَافِرَ اللَّوْنِ ثَائِرًا**وَمِنْ أَخْصَبِ الْأَحْقَابِ لَمْلَمْتُ مَوْسِمَا
وَمِنْ شَهْقَةِ الْإِمْـﮋَادِ أَنْشَدْتُ قِصَّتِي**وَمِنْ أَفْصَحِ الْأَوْتَارِ لَحْنِي تَكَلَّمَا
رَمَيْتُ عَذَابِي لِلرَّبِيعِ وَلَمْ يَزَلْ**يُسَدِّدُ قَلْبِي لِلسَّمَاوَاتِ مُذْ رَمَى
أُحَطِّمُ لَحْنِي فِي تَرَاتِيلِ غُصَّةٍ**وَتَجْمَعُنِي الْجَدَّاتُ حَرْفًا مُحَطَّمَا
أَيَا أَنْتَ يَا مَنْسِيُّ فِي رَمْلِ تِيهِهِمْ**وَفِي بِئْرِهَا الْمَنْسِيِّ مَازِلْتَ مُظْلِمَا
أَيَا مُشْرِقَ النَّايَاتِ بُثَّ مَوَاجِدِي**وَسِرَّ احْتِرَاقِي لَمْ أَزَلْ بَعْدُ مُعْتِمَا
عَذَابِي لَهَا أَرْسَلْتُهُ عِطْرَ جَدَّةٍ**وَأَنْفُثُهُ عِشْقًا مِنَ الْبِئْرِ مُؤْلِمَا
أَبُثُّ هَوًى مِنْ عَهْدِ آدَمَ عِبْؤُهُ**عَلَى كَاهِلِ الْهُـﭬَّـارِ طِفْلًا مُتَيَّمَا
رَمَيْتُ إِلَى الْأَسْلَافِ عِبْءَ سَعَادَتِي**إِلَى وَاحَتَيْ ثَلْجَيْكِ يَمَّمْتُ مُغْرَمَا
وَجُرْمِيَ أَنِّي بُحْتُ بِالْحُبِّ سَيِّدًا**وَعِنْدَ اكْتِهَالِ الْبَوْحِ كَمْ كُنْتُ مُجْرِمَا
مَسَنْسَنُ يَاجَدَّاهُ هَلَّا بَثَثْتَنِي **إِلَى صُوفُنِيبَ الضِّلْعِ هَمْسًا مُنَمْنَمَا
وَهَبَّتْ رُخَاءُ الْغَزْوِ ذَاتَ نُعُومَةٍ**وَمِنْ رِقَّةِ الْأَهْدَابِ زَحْفٌ تَقَدَّمَا
جَحَافِلُكِ الشَّقْرَاءُ تَغْزُو جَرِيئَةً**تُغَطِّي سُهُولَ الرُّوحِ مَجْرًا عَرَمْرَمَا
أُسَالِيتُ هَلَّا تَذْكُرِينَ جَحَافِلًا **بِتَشْرِيقَةِ الْأَسْلَافِ لَيْسَتْ تَوَهُّمَا
أُلَامِسُ رُوحَ الْعَدْلِ فِي عَزْمِ جَيْشِهِ**وَشَاشَنْقُ فِي عُمْقِ الْمَسافَاتِ هَوَّمَا
جَلَسْتِ عَلَى عَرْشِ الْجَلِيدِ أَمِيرَةً**وَتَاجُكِ مِلْءَ الْيَاسَمِينِ تَنَعُّمَا
وَلَوَّحْتِ وُسْعَ الشَّوْقِ بَيْنَ أَسَاوِرٍ**وَأَجْرَاسُهَا الْكَسْلَى تُغَازِلُ مِعْصَمَا
نَثَرْتِ عَلَى قَلْبِي رَنِينَ سَعَادَةٍ**تُعَمِّدُنِي حَتَّى نَسِيتُ التَّوَهُّمَا
وَأَيْقَظْتِ مِنْ قَوْسَيْكِ أَوْتَارَ فِتْنَةٍ**وَفِي رَفَّةِ الْأَهْدَابِ تَمْتَدُّ أَسْهُمَا
رَمَيْتِ فَثَبَّتْتِ النُّبُوءَةَ فِي دَمِي** وَهَا سَهْمُكِ الْهُدْبِيُّ يُهْرِقُنِي دَمَا
وَسِلْتُ عَلَى كَفَّيْكِ حِنَّاءَ لَمْ تَزَلْ**بِمِسْكِ دَمِي فِي خَطِّ كَفَّيْكِ مَعْلَمَا
وَصَوَّبْتِ ألْهَبْتِ الشُّعُورَ بِشُقْرَةٍ **أُقَدِّسُهَا مِنْ سِحْرِ قَوْسَيْكِ إِذْ رَمَى
تَطِيرُ شِفَاهُ الشَّوْقِ هَمْسًا وَرِقَّةً**مُمَرَّدَةَ الْأَلْوَانِ خَمْرِيَّةَ اللَّمَى
نُبُوءَةُ أَهْلِ السِّرِّ تَكْتُمُ وِجْهَتِي**وَتَفْضَحُنِي الْأَنَّاتُ مِمَّنْ تَكَتَّمَا
إِلَيْكِ إِلَى أَطْلَنْطَسِ الْحُلْمِ لَمْ أَزَلْ**أُرَمِّمُ فِي أَسْوَارِهَا مَا تَهَدَّمَا
بَنَيْتُ لَكِ الْأَحْلَامَ صِدْقَ نُبُوءَةٍ**وَأَعْذَبُ مَافِي الْحُلْمِ قَلْبٌ تَرَمَّمَا
وَأَرْوَاحُ أَسْلَافِي تَحُومُ جَرِيئَةً**وَيَازُ الْأَعَالِي الْحُرُّ فِي الْأُفْقِ حَوَّمَا
مَسَنْسَنُ يَا جَدَّاهُ يَا خَيْرَ فَارِسٍ**تَعَالَ أَثِرْ فِينَا الْجَوَادَ الْمُسَوَّمَا
تَعَالَ أَثِرْ فِي الْمُزْغِ نُورَ نُبُوءَةٍ**وَجَدِّدْ لَهُمْ عَهْدًا أَيَا جَدُّ مُحْكَمَا
أَعِدْ صَفَّهُمْ قَلْبًا وَرُصَّ شَتَاتَهُمْ**لِأَنَّكَ مَازِلْتَ الْمُهَابَ الْمُعَظَّمَا
وَيُوغِرْثِنُ الْمِغْوَارُ عَاشَ مُقَدَّسًا**لِأَجْلِ تَمُزْغَا أَيُّهَا الْجَدُّ أُعْدِمَا
لِأَجْلِ تُرَابِ الْأَرْضِ قَرَّبَ رُوحَهُ**وَخَائِنُنَا الْمَلْعُونُ يَاجَدُّ قَدَّمَا
تَعَالَ أَقِمْ رَايَاتُنَا الصُّفْرُ نُكِّسَتْ**وَيَازَاتُهَا السَّوْدَاءُ تَبْكِيكَ وَالدِّمَا
بَوَاخِيسُنَا خَانُوا وَيَأْجُوجُ نَسْلِهِمْ**يَذُرُّ خَؤُونًا فَاسِدَ الرُّوحِ أَظْلَمَا
تَعَالَ وَزُرْ أَحْفَادَ صُلْبِكَ فَارِسًا**فَنَسْلُكَ يَا إِﭭْلِيدُ أَشْرَفُ مَنْ حَمَى
رَمَيْتَ رَبِيعًا فِي تَمُزْغَاكَ حَالِمًا**فَنَمْ هَانِئًا فِي الْمَوْتِ يَاخَيْرَ مَنْ رَمَى
***
عادل سلطاني ، بئر العاتر يوم الأحد 14 جوان 2015