رأي قارئة في منتصف سبتمبر
أذكر أن أحد أصدقاء ألبير كامو المقربين منه جدا تحدث عن شخصية هذا الأخير في إحدى الندوات واعتبر فقدانه خسارة للمشهد الأدبي ليس فقط لكونه أديبا لامعًا بل لأنه ينتمي لفئة الكتاب المقبلين على الحياة .
أمر أستعيده لتأييده لأن الفئة الجميلة تبدو أحيانا قليلة و من يعصرون غيومهم الرمادية على الورق عكسها يتكاثرون لايترددون أمام نفوس تقابلهم طيعة بالتعب. يحفزون دوائر الألم والجمهور داخل الحلقة ذات الجدار العالي يكبر, خلفه ساحة الحياة واسعة تنتظر.
واقع غريب أن يختار الكاتب المبدع حافظ أسرار الكلمات ورحلاتها الأثيرة إخماد الحياة عوض إشعالها, أن يقتات على الألم في الظلام الفسيح و يتلف كائناته وحيله التي تعرف طريقها إلى شمعة الاحتفال. هو الساحر مركِّب الصيغ العجيبة الذي بإمكانه أن يخرج للوجود شخصا بلا تاريخ و يتفرج . له أن يمحو معالم الزمن و الحدود ويلعب. يمنح كائنه الجديد إن شاء دمعة أو ابتسامة أو طيارة ورقية أو حتى حقيبة وكأنه على سفر و يتأنّى . يسترجع معه تاريخه. يعود معه لأيام الكهف ومنها يصعد ناجيا من المخالب و الأنياب والكوارث والأسلحة الحادة وتلك النارية حتى يستقر في الورقة ويجيد تكريمه.
لأنه الإنسان المذهل استحق بذل الجهد من أجله وليس للمبدع إلاّ أن يكون مجتهدا جزيل العطاء و عندما يهدد الانكسار فصيلته أن يسعفها بوردة . لا شيء آخر, كما تُنطق المزهريات الفارغة تنزل الوردة بما يلزم من شجاعة في القلب. تعرف سطوة الجمال الذي ينسي الحزن . وذاك الحنان المجتمع نُعُومَةً في تكوينها يمسح على العاطفة, فلا حذر .
نثرًا أو شعرًا تكون الوردة بكامل أناقتها عندما يهديها الكاتب للقارئ بما أوتي من إتقان وإبداع وينتصر للتشارك الذي يربت على الكتف وذاك الذي لا يقبر الحياة. لايعدمها لأنها الأهم ، تماما كما غنى جيلبير بيكو" الوردة هي الأهم ".
--16-9-2015 Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|