كرش الثقافة...
كنتُ على وشك تحطيم آخر أقلامي، نكاية بالثقافة التي منحتها عمري فلم تمنحني سوى الفقر والقهر والإهمال الاجتماعي..
لكن ما كدتُ أحطِّمه، حتى وقف قبالتي محذِّراً:
ـ إياك..!!!
هالني مرأى كرشه الكبيرة المندلقة على فخذيه حتى الركبتين.. فسألتُه، والدهشة تتدفق من عينيّ:
ـ بماذا ملأتَ هذه الكرش، حتى صارت بهذا الحجم؟
ضحك بصوت عالٍ، راحت أذني تتابع ارتطامه بطبلتها، بينما كانت عيناي تتابع اهتزازات كرشه الضخمة على إيقاع ضحكته الرنانة المدوية التي ختمها بقوله مجيباً:
ـ بماذا ملأتُها؟... بالثقافة طبعاً..!
أسرعتُ أُصَحِّحُ له ما ظننتُه خطأً في التعبير، فقلت:
ـ تقصد من الثقافة وليس بالثقافة..
ـ لا فرق.. المهم ألا تتوقف أنتَ وأمثالك عن إنتاج الثقافة، حتى لا تتوقف كرشي عن الانتفاخ..
قال ذلك، ثم تجشَّأ بصوت مُدَوٍٍّ، فانتشرت من فمه رائحة الكتب والمعارف، مُنَكَّهَةً بما لا يُحصى من رائحة الأرقام والوثائق..
وما إن بلغت أنفي هذه الرائحة التي ما أحببتُ، في حياتي، رائحة غيرها، حتى تقيَّأت..
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|