التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,830
عدد  مرات الظهور : 162,251,344

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > أوراق الباحث محمد توفيق الصواف > قصص قصيرة
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09 / 09 / 2016, 58 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

ثمن الشرف في زمن الفساد...

ملاحظة:
[align=justify]هذه محاولة قصصية طويلة، هي بين القصة الطويلة جداً، والرواية القصيرة جداً، ولا أدري أيّ هذين المصطلحين غير المُتدَاوَلَين ينطبق أكثر على هذا النصّ، لذلك أترك اختيار أحدهما لآرائكم، سيداتي وسادتي، بعد الانتهاء من القراءة.. كما أنَّ هذا النص القصصي مكتوب بضمير المُخاطب، ولذلك قد يبدو صعب الهضم إلى حدٍّ ما.. إذ ليس من المألوف جداً كتابة القصص بهذا الضمير بل بأحد ضميرَي الغائب أو المتكلم.. لذلك أرجو المعذرة على الإملال..[/align]
المشهد الأول
[align=justify]أخيراً، تمكَّنُوا منك... لا تُكابر.. لا تقلْ لا.. فقد حاصروك تماماً... صار هذا واضحاً كالشمس.. ألا ترى، لقد سدُّوا عليك جميع المنافذ.. لم يتركوا لك خرم إبرة تستطيع الهرب منه.. وعليك، أنتَ الواقعي، أن تُقرَّ بذلك.. وبالتالي، عليك أن تستسلم لهم.. فلا فائدة من محاولتك الهرب مرة جديدة.. لأنهم سيمسكون بك كفأر صغير، وسيعاملونك كفأر صغير، على الرغم من جسمك العملاق.. هذه حقيقة... وأنتَ تدركها تماماً.. فأيديهم، كما تعرف، طويلةٌ جداً، وقويةٌ جداً، وكذلك أساليبهم ماكرة، ولا ضمائر لهم.. لذا، فلا نفع في مقاومتك لهم، أياً كان شكل هذه المقاومة.. فاستسلم إذن.. هذا أفضل لك.. أفضل؟! نعم، أفضل بكثير، أم تُراكَ نسيتَ أنهم وعدوك، إن استسلمتَ طوعاً، واعترفت بكل ما لم ترتكب من المخالفات والجرائم التي اتهموك بها، أن يخففوا مدة عقوبتك.. ماذا؟ لا تصدقهم؟ أنا معك.. ومن يمكنه أن يُصدِّقَ أمثالهم إلا إن كان مخبولاً؟ وعليه، أنا لا أقول لكَ صَدِّقهم.. ولكنكَ ذكيٌّ، وتعلم علم اليقين أن تظاهركَ بتصديقهم، مع كل ما فيه من سلبيات، قد يُخفف قليلاً من غضبهم عليك، أما إذا أصررتَ على قول (لا) لاتهاماتهم لك، ستؤجج غضبهم عليك أكثر، وستدفعهم إلى التفنن في إيذائك، وربما إيذاء كل من يلوذ بك، وأولهم زوجتك وأولادك وأبواكَ.. لا، لا... هم لن يسجنوهم معك، ولن يقتلوهم شنقاً أو رمياً بالرصاص أو دهساً بحادث سيارة مفتعل... لا، لا... فهم أذكى من ذلك، كما تعلم... لكنهم سيُشهِّرون بك، وسيجعلون من جرائم فسادك التي اختلقوها وألصقوها بك، قصة على كل لسان، من ألسنة جيرانك وأهلك ومعارفك وأصدقائك، والناس أَمْيَلُ دائماً إلى تصديق السوء، وبهذا سيجعلون أهلك يطأطئون رؤوسهم خزياً وذلاً طيلة ما بقي لهم من عمر، في هذه الدنيا.. وبهذا يكونون قد قتلوهم بطريقة أسوأ بكثير من الشنق أو الرمي بالرصاص أو الدهس بسيارة... سيجعلونهم يتمنون الموت فلا يجدونه.. أليس كذلك؟ أليس هذا ما فعلوه مع كل من حاول الوقوف حجر عثرة في طريق فسادهم وبغيهم؟ أم تراك نسيت؟ لا، لا.. لا أظنك نسيت أو يمكن أن تنسـى.. ولذا من الأفضل لك مطاوعتهم، والقبول باتهاماتهم لك، والإقرار بها أمامهم سراً، بدلاً من أن يفضحوك بها علناً، بعد أن يجردوك من كل وسائل دحضها ونفيها..
مع ذلك، ما زلت مُصراً على التشبث برأيك وموقفك، في رفض عروضهم؟ يا لكَ من أحمق... إن بأيديهم قوى كثيرة، ووسائل افتراء أكثر.. وليس لكَ الخيار في تصديق ما يعدونك به أو تكذيبه، لأنك في الحالين، ستظل متهماً لا يملك وسيلة دفاع عن شرفه وكرامته.. وبالتالي فالخيار الوحيد المتبقي لك هو الأمل في أن يمنعهم إقرارك بالذنب على نفسك، من أن يتمادوا في عقوبتك، فيشملوا بها ذويك، وخاصة أولادك الذين عاشوا حتى الآن رافعي رؤوسهم فخراً بسيرتك الحسنة وشرفك الذي رفضتَ أن تساوم عليه مقابل كل الإغراءات التي عُرضَت عليك.. تُرى ماذا سيفعلون حين تصدر الصحف، ذات صباح، وصورتُك على صفحاتها الأولى، مع عناوين بالبنط العريض تتهمك بالفاسد والمرتشي والحقير الذي تم تخليص الناس من شروره؟ يا الله، كم سيشعر أولادك بالأسى والحزن عليك، وبالخزي والذل أمام الآخرين الذين لن تُجدي أي وسيلة في إقناعهم بأنك بريء، وأن كل التهم التي اتهموك بها، لا أساس لها من الصحة، وأنها مجرد افتراء عليك لسلوكك الشـريف.. سترى معظم الناس الذين عرفوك وكانوا يؤكدون لك، بمناسبة وبغير مناسبة، أنهم يحبونك، يبتسمون بصفاقة أمام زوجتك وأولادك وأبويك، وهم يرددون، بتهذيب مصطنع: (لا دخان بلا نار..). بالطبع تُدرك الآن تماماً أي ألم سيسكن قلوب هؤلاء المساكين الذين تحبهم أكثر من نفسك.. فلماذا لا تحاول إنقاذهم، وإن كان بأمل ضعيف، في أن يَصْدُقَ جلادوك معك، بعدم التشهير بك، إذا قبلتَ باتهام نفسك خطياً، بما أنتَ بريء منه؟
لا..؟! [/align]
[align=justify]تقول إنك ستعذبهم بإصرارك على براءتك، وبعدم تسليمهم دليلاً يدينك بخط يدك، وخصوصاً أمام من تحبهم؟ لنفترض أنك على صواب، وأنني على خطأ.. لكن قل لي، بربك، كم ستستطيع أن تصمد؟ لا يهم؟ كم أنت عنيد.. الحق معهم في تعذيبك..! رأسك يابس بالفعل... اسمع، ولكنك الآن في قبضتهم.. أنتَ موقوف منذ ستة أشهر تقريباً.. وتُمارَس عليك ضغوط لا تُحتمَل.. زوجتك تبكي ليل نهار.. أولادك ما زالوا يجهلون سبب غيابك عنهم، كل هذه المدة الطويلة، وأنتَ لم تغب مثلها من قبل، فقد أوهمتهم أمهم أنك في مهمة خارج البلاد.. ولكن، قل لي: إلى متى يمكن لهذا الوهم أن يستمر، وخصوصاً إذا تجاوز غيابك السنة أو أكثر؟ إن الصغار لن يتوقفوا عن السؤال، وستأتي اللحظة التي ستنهار فيها زوجتك، وتبوح لهم بالسر الخطير.. أي بأنك موقوف بتهم فساد كثيرة، أقلها الرشوة.. ماذا تظنهم سيفعلون عند ذلك، وخصوصاً ابنك الكبير الذي بدأ وعيه يتفتح؟ إنها كارثة.. لن يبكي.. صدقني.. بل ستخترقه مرارة فظيعة، قد تقطع قلبه.. بالتأكيد لن يحتقرك، لأنه لن يُصدق الاتهامات الموجهة إليك..، ولكنه سيتساءل عن السبب، ولن يقتنع بسهولة، وربما لن يقتنع مطلقاً بصوابية إصرارك على انتهاج الشرف والأخلاق الحميدة في عملك، وأنت تعرف سلفاً الثمن الباهظ الذي ستدفعه، وتجبر أولادك وزوجتك على دفعه معك، مقابل هذا الإصرار..
مع ذلك، ما تزال مصـراً على موقفك.. أنتَ حر.. ولكن، ألم ترَ ما فعلوه بزملائك في العمل الذين افتروا عليهم وزجوهم في السجن قبلك؟ وها هم أخيراً قد قبلوا بالشروط التي طرحوها عليهم، وأقروا بكل الاتهامات التي وُجهَت إليهم، وهم منها براء.. والمثل يقول: (الكَيِّسُ من اتعظَ بغيره). لا مفر في النهاية من النزول عند رغبتهم، فلماذا تُطيل عذابك بين أيديهم؟ اعترف وارْتَحْ وارحهم.. ستمضي فترة عقوبة قصيرة كما وعدوك، ثم تخرج إلى حريتك من جديد، وعندها افعل ما تشاء.. استقل من عملك.. وأعدك أنبهم سيوافقون على الاستقالة فوراً.. غادر البلاد إلى بلد لا أحد يعرفك فيه ولا يعرف شيئاً عن قصتك.. وأكمل بقية حياتك مع زوجتك وأولادك بهدوء وأمان.. أليس أفضل من أن تظل رهن الاعتقال؟ [/align]
[align=justify]تقول إنهم لن يدعوك تسافر؟ لا تكن متشائماً إلى هذه الدرجة.. بلى سيدعونك تبتعد عنهم ليرتاحوا منك.. لن يفعلوا؟ لماذا؟ تقول لأنهم يخشون أن تفضحهم بما تعرف عنهم انتقاماً منهم للافتراء عليك؟ هذا مجرد افتراض، وهو ضعيف على أي حال، لأنهم ما عادوا يخجلون مما يفعلون.. ثم إنهم على ثقة بأن أي اتهام ستتهمهم به سيذهب أدراج الرياح، لأن من ستروي لهم اتهاماتك آملاً بعدلهم سيخذلونك لسبب بسيط جداً وهو أنهم مع المفترين عليك.. وكيف لا وهم الذين وضعوهم حيث هم، وما زالوا يدعمون بقاءهم، بتسترهم على كل ما يقترفونه من ذنوب وما يرتكبونه من جرائم بحق الناس... عليك أن تعود لواقعيتك، وتترك الأوهام جانباً، فلست في مثل قوتهم، بل لا قوة لك على الإطلاق..
ما بك؟ لماذا تبكي الآن؟ متألم؟ لا؟.. إذن؟ تقول إنك اشتقت لزوجتك والأولاد؟ هذا طبيعي.. ولذلك عليك أن تفعل كل ما بوسعك لتتخلص من ابتعادك الإجباري عنهم.. ماذا؟ تقول لأنك تحبهم لا تريد أن تورثهم ذلاً لا حدَّ له؟ يا رجل.. إن عدم استسلامك لآسريك هو الذي سيورثهم هذا الذل، وإن كان عن طريق الكذب والافتراء عليك.. [/align]

المشهد الثاني

[align=justify]ماذا أفعل بك؟ قل لي بربك؟ هل أخنقك الآن بيدي هاتين، هل أمزقك وآكل لحمك نيئاً؟ أما ماذا أفعل بك؟ لقد ورطتني.. قلت لك مراراً إن هؤلاء أناس لا أمان ولا عهد لهم، وأنهم كذابون ومحتالون من الدرجة الأولى، فبقيت تقنعني بأن أنصاع لطلبهم، وأوقع على وثيقة إدانتي بيدي.. أيها الحقير، أي ورطة أوقعتني بها، أي ورطة؟....
لن أنسى ما حييت وجه المحقق حين سمعني ألفظ كلمة موافق على طلبه... لقد اتسعت ابتسامته حتى ملأت وجهه كله.. وفيما هو ما يزال بين مصدق لما سمعته أذناه ومكذب، سحب ورقة بيضاء من درج طاولته، ثم قال لي: تفضل وقِّع.. وحين سألته على أي شيء سأوقِّع؟ قال بسذاجة مصطنعة: على هذه الورقة طبعاً.. ولكنها فارغة.. بالتأكيد، فأنا أيضاً أراها مثلك فارغة.. وهل تظنني مجنوناً لأوقع لك على ورقة فارغة؟ إذن، علامَ تريد التوقيع؟ على ما تطالبونني به، أي اتهام نفسي بما أنا بريء منه.. لا، نحن سنضع لك التهمة التي تعجبنا.. لكن لم يكن كلامك معي هكذا.. أنا ولد، وغيرت كلامي السابق، لحسته.. إذن لن أوقع.. إذن تبقى عندنا في السجن إلى ما شاء الله.. لكن هذا ظلم، وأنت تعرف ذلك.. أعرف بالتأكيد، وأعرف أيضاً أنك أحمق.. لقد كنت في غنى عن كل هذه المتاعب.. ماذا لو أكلت وتركت غيرك يأكل؟ ألم يكن ذلك أفضل من أن تبقى في السجن؟ إذن أنت تعترف أنني بريء.. أعترف؟ يا لك من ساذج... ومن لا يعرف ذلك؟ لكن ليس مهماً أن نعرف أنك بريء ونعترف ببراءتك، المهم أن تعترف أنت بأنك مذنب وفاسد، وتشهد على ذلك بنفسك، حتى لا تسبب المتاعب لمن يخالفونك الرأي، وبذلك يأكلون كما يشتهون، دون خوف من الحمقى أمثالك..
ياه.... ماذا تقول؟ إنه الوطن يا رجل.. إنه شعبنا هذا الذي تأكلونه.. وطن... شعب... مرحبا وطن.. مرحبا شعب... مرحبا أخلاق وقيم.. يا رجل اصح من غفلتك.. عن أي وطن تتكلم وعن أي شعب؟ الكل يأكل الكل، فما هذا الغباء؟
وبماذا تريدون اتهامي بعد توقيعي على هذه الورقة البيضاء؟ هذا يعود إلى سلوكك بعد الإفراج عنك.. فإن أعجبنا سلوكك اخترنا لك تهمة بسيطة تافهة.. وإن عاودتك نوبات الشـرف، داويناك منها بتهمة تغيبك في ظلمات السجون إلى قيام الساعة.. الأمر منوط بك.. لا.. لا تتكلم بكلام كبير وبلا فائدة.. الأفضل أن توقع فتستريح وتريحنا.. هيا.. هاك القلم.. تفضل وخلصنا... وإلا سأنادي الحارس كي يعيدك إلى السجن حتى يعود إليك رشدك وتقبل بالتوقيع... ماذا قررت؟ لا.. لا يوجد أمامك سوى هذين الخيارين.. التوقيع مع إطلاق السراح، أو رفض التوقيع والبقاء في السجن إلى أجل غير مسمى.. هيا.. هيا.. مد يدك وخذ القلم ووقع وخلصنا... حسناً.. بعد أيام فقط، سيتم إصدار أمر بإطلاق سراحك وعودتك إلى عملك أيضاً.. فلابد من بعض الإجراءات الروتينية، كما تعرف... سلام.. [/align]

المشهد الثالث

[align=justify]يومٌ وراء يوم، وأسبوع وراء أسبوع، وتصير الأسابيع شهوراً، والشهور سنوات، وأنتَ قابع هنا، في هذا المعتقَل الكريه.. لم يفدك اعترافك بجنايات لم ترتكبها، ولم يفوا بوعدهم لك، فيطلقوا سراحك، بعد أن اعترفت بنفسك على نفسك، مسايرة لهم، ورغبة في استعادة حريتك.. فماذا أنت فاعل الآن؟ بالتأكيد كبُر الأولاد.. وقد يكون الشيب قد بدأ يُلوِّن شعر زوجتك الشابة... تُراها ما تزال على وفائها لك؟ من يدري.. أظنها ما تزال وفية.. خلقها الله هكذا، ولهذا أحببتُها وأردتُها أن تكون أماً لأولادي.. لكن.. ثمة حدود للصبر.. وغيابي طال كثيراً، عنها وعن الأولاد.. وأظن أنها أنفقت جميع مدخراتنا القليلة، وتعيش مع الأولاد في حرمان، منذ فترة.. تُراها حكتْ لأهلي وأهلها عما جرى لي؟ لا مفر لها من ذلك.. فغيابي طال كثيراً، ولن يجديها الاختباء خلف جدار الكذب طويلاً... كما أنها بحاجة إلى مساعدة أهلها وأهلي.. أنا واثق أنهم لن يتخلوا عنها وعن الأولاد، حتى لو لم يُصدقوا إصرارها على براءتي.. لكن أي حياة تعيش الآن يا تُرى؟ ليتني أعلم.. فقد انقطعت عن الاتصال بي منذ زمن طويل، منذ أن حرموها الحديث معي على الهاتف.. ثم نسوني، في هذه الزنزانة الحقيرة.. ولكن ماذا لو لم يساعدها أحدٌ من أهلي وأهلها؟ إن الله لن يتخلى عنها وعن الأولاد.. ولذلك أنا واثق أنه سيرسل لهم من يساعدهم.. ثمة أصدقاء كثيرون لي في حياتي، وقفت معهم جميعاً، ولابد أن واحداً منهم على الأقل في قلبه ذرة وفاء تدفعه للوقوف مع أسرتي.. ولكن من؟ أشعر بأن الألم يعتصـر قلبي، وأنني على وشك الاختناق حزناً وكمداً، لقلة حيلتي وإحساسي الجائر بالعجز عن فعل شيء.. أي شيء.. وإذا أردت ألا أفقد عقلي، فعلي ألا أفقد أملي بالحرية والعودة إليهم ذات يوم.. وأرجو أن يكون ذلك اليوم قريباً.. لن أفقد أملي.. لأنني ما زلت أشعر أن الله معي، والله له حكمة فيما أعانيه، فلأصبر.. على الأقل لهذا السجن حسنة واحدة، هي أنني حفظت خلال مدة اعتقالي القرآن الكريم بكامله.. إنهم يسخرون مني كلما رأوني منكباً على حفظه.. بعضهم يقهقه ضاحكاً وهو يقول لي: صلِّ له واقرأ قرآنه، وسنرى إن كان سيستطيع إنقاذك من بين أيدينا.. لكنني واثق أنه سيستطيع ـ سبحانه ـ وأن هذا الهازئ سيلقى مصيراً مخزياً.. لكن متى؟ دعْ الأمر لله.. ولتبقَ على صلتك معه، كي لا تفقد عقلك على الأقل.. نعم.. فلم يتبقَ لي غيره الآن.. أتشعر بالأسف لأجلي؟ أتشجعني الآن على التمسك بإيماني بقوة أكبر؟ أتشعر بالذنب بعدما تخليت عني أنتَ أيضاً أيها التافه؟ لكن الذي خلقني لن يتخلى عني.. أنا واثق من ذلك، ثقتي بأنه في الوجود.. أما أنت، فلتبق بعيداً عني.. لأنني أكرهك.. كم كنت تبدو لي وفياً، ولكن سرعان ما ورطتني في هذه الورطة اللعينة التي لا أستطيع أن أغفرها لك أو أسامحك على توريطي بها.. يا لك من تافه مجنون.. ليتني لم أعترف على نفسي ظلماً وافتراءً.. على الأقل، كنتُ سأبقى كبيراً في عيونهم.. أما الآن، فأنا مجرد تافه مثلك.. هكذا ينظرون إلي، وهكذا صرت أنظر إلى نفسي وإليك.. دعني وحدي.. هيا ابتعد عن زنزانتي.. دعني لآلامي وأحلامي.. دعني لربي، فهو أرحم من الجميع بي وبأسرتي.. أسرتي؟ آه كم اشتقت للأولاد.. ولزوجتي الطيبة.. أتُراها ما زالت طيبة؟ لكم أرجو هذا.. أتُراني سأراها والأولاد ثانية؟ أيضاً أرجو هذا..[/align]

المشهد الرابع

[align=justify] ما هذه الجلبة في الخارج؟ عسى أن يكون الأمر خيراً.. ثمة أصوات خطوات مسرعة ذاهبة آيبة، في الممرات بين الزنازين.. فماذا يحدث، بحق الله؟ انتظرْ.. لابد أن يتضح كل شيء بعد قليل.. الخطوات تقترب من زنزانتك.. أتراهم سيطلقون سراحك، أم سيعدمونك؟ أم ماذا؟ إهدأ.. الخطوات تقترب أكثر.. آه.. نعم... نعم.. ها هم قبالتك أخيراً.. وجوه غاضبة بشكل مرعب.. ما الذي حدث؟ لماذا ينظرون إليك هكذا، وكأنهم يريدون أن يمزقوك بأسنانهم؟ ماذا فعلت لهم؟ لا أدري.. فأنا منذ... منذ.. منذ لا أدري من الزمن لم أغادر هذه الزنزانة.. ولم أرَ أحداً حتى وجه سجاني.. كنت أسمع صوته فقط حين يأتيني بالطعام، ويناديني لأسحبه من تحت الباب، ثم لأعيد إليه الصحن القذر من تحته أيضاً.. لم أتكلم معه سوى مرة واحدة، سألته فيها عن تاريخ اليوم الذي نحن فيه.. فسخر من سؤالي، ثم أجابني بصوت ممطوط: الجمعة.. ومضى دون أن يعلمني أي جمعة هو، في أي شهر وأي سنة.. فأنا، منذ زمن طويل لا أعرف كم مضى عليَّ مرمياً في هذه الزنزانة.. لاشك أنني هنا منذ سنوات.. لكن.. ها هم يأتون إلي أخيراً... أنا فرح بقدومهم، رغم شرر الغضب المتطاير من عيونهم.. فعلى الأقل رأيت وجه بشر أخيراً.. إنهم يقتربون.. يقتربون أكثر فأكثر.. أرى يد أحدهم تحمل مفتاحاً، إنه يُدخل المفتاح في قفل زنزانتي.. يا الله! أيُعقل أنني سأغادرها أخيراً، ولو لبعض الوقت؟ طيب.. أمر رائع، مفاجأة لم تكن بالحسبان.. ليحدث بعد ذلك ما يحدث، فلست آبَهْ.. هل حان وقت إعدامي؟ اخرس.. شنقاً أم رمياً بالرصاص؟ قلتُ لك اخرس.. وإذا لم أخرس هل ستعدمونني مرتين؟ اخرس... اخرس... الممر طويل ومظلم، لكن لابد له من نهاية.. لماذا تسدون أنوفكم هكذا؟ ألهذه الدرجة رائحتي كريهة؟ لقد اغتسلتُ، منذ.. منذ.. لا أدري؟ فأنا لا أعرف كم مضى علي في تلك الزنزانة.. آخر مرة رأيت فيها النور، كانت بعد أن تشاجرت مع مدير المعتقَل.. قلت له يومها إنني بريء وإن الله سينصفني من ظلمه.. أذكر أنني ضربته ورميت به على الأرض، وكدت أقتله لولا أن أنقذه من يدي رجال طوال عراض بأيديهم هراوات انهالوا بها على رأسي حتى لم أعد أرى شيئاً.. ثم فتحت عيني فوجدت نفسي في تلك الزنزانة.. في وقتها بدأت أعد أيامي فيها.. ثم سئمت، ولم أعد أعرف كم مضى علي.. كم مضى علي؟ هل يخبرني أحدكم؟ لا أحد يريد أن يتكلم؟ قلت اخرس.. اخرس... اخرس... ألا تعرف من اللغة غير هذه الكلمة؟ اخرس.. اخرس...[/align]

المشهد الخامس

[align=justify]نفس الغرفة... نفس الستائر... نفس الطاولة... لكن الذي يجلس الآن خلفها رجل آخر.. رجل لا أعرفه.. أين اختفى الآخر الذي تشاجرت معه وضربته؟ لعله خاف أن أضربه مرة أخرى.. ربما.. وربما تغير وحلَّ هذا محله.. إنه ينظر إلي بإمعان.. يتأملني من رأسي حتى أخمص قدمي.. ولكن إلى متى؟ أراه يُحرك شفتيه كمن يريد أن يتكلم، ولكن سرعان ما يتراجع.. لماذا؟ أخيراً.. ها هو يشير إلي أن أجلس.. أجلس؟ حسناً.. إنها بداية جيدة.. وأخيراً، فتح فمه سامحاً لصوته الأجش أن يخرج من بين شفتيه: المقدَّم..... نعم.. أنا هو.. هل تذكرني؟ لا؟ متأكد؟ وأفتح عينيَّ على سعتهما وأنظر إليه محاولاً التذكر، ثم أهز رأسي بالنفي: لا أتذكرك.. يبتسم.. يا الله.. لأول مرة منذ زمن طويل أرى فماً ينفرج عن ابتسامة.. إذن، ما زلتَ بعقلك.. أنتَ فعلاً لا تعرفني.. حسناً.. ولكنك حتماً تعرفُ لمَ أنتَ هنا.. لا؟ كيف لا تعرف؟ أليس هذا توقيعك؟ نظرت إلى الورقة التي مدها لي.. وبسرعة البرق عادت بي الذاكرة إلى ذلك اليوم المشؤوم الذي وقعتُ فيه على هذه الورقة.. تُرى ماذا كتبوا عليها؟ كانت فارغة حين وقعت عليها.. لكنها الآن مكتظة بكلمات كثيرة.. لأقرأ بعضها على الأقل.. لكنه يسحبها من تحت عيني بسرعة.. هيه.. ماذا قلت؟ ألا زلت لا تذكر؟ لا.. أليس هذا توقيعك؟ لا.. ماذا؟ انظر جيداً.. إنه خطك.. توقيعك.. لا.. فأنا وقعتُ على ورقة فارغة، وليس على هذه الورقة التي لا أعرف ما هو مكتوب عليها.. إنها اعترافاتك بالتهم التي وُجِّهت إليك منذ خمس سنوات.. خمس ماذا؟ هل مضى علي هنا خمس سنوات؟ ماذا تقول يا رجل؟ دعك من اصطناع البلاهة الآن.. وقل لي، أليس هذا توقيعك؟ قلت لك لا.. عدنا من جديد إلى نفس القصة.. أي قصة؟ قصة رأسك اليابس.. لا.. فأنا لم أوقع على ورقة مكتوبة يومها، بل على ورقة بيضاء.. حسناً.. حسناً.. كانت هذه الورقة بيضاء فعلاً.. لكن هذا لا يهم الآن.. المهم أن تعترف بأن التوقيع الذي عليها هو توقيعك.. أعترف؟ يا لي من أحمق فعلاً إن اعترفت.. كأنه لم يكفهم إيقاعي في الخديعة مرة واحدة، فها هم يريدون إيقاعي بها مرة أخرى.. لكن لن ينالوا مني هذه المرة ما يريدون.. فعلى الأقل لم يعد لدي الآن ما أخاف عليه.. يومها كنت خائفاً على زوجتي والأولاد.. أما الآن، فلست خائفاً على أحد أو من أحد.. لقد أخطأت مرة ولن أخطئ ثانية.. هيه.. لا تعذبنا وتعذب نفسك.. اعترف بأن التوقيع لك، وأرحنا.. نفس العبارات.. يا لهم من حمقى.. ليغيروها على الأقل.. ليس توقيعي.. إصرارك لن يفيدَك شيئاً.. بل سيزيد عذابك بشكل لا تتصوره.. ليس توقيعي.. سنضم إليك زوجتك وأولادك، سنلم شملكم داخل نفس الزنزانة.. ها ها.. ستصبح زنزانة عائلية.. ما رأيك؟ هل هذا توقيعك؟ لا.. ليس توقيعي.. أتظنني أمزح معك؟ أنا جاد في تهديدي.. ما علي سوى أن أضغط على هذا الجرس، لترى زوجتك وأولادك مكبلين بالحديد، لتذهب وإياهم إلى نفس الزنزانة التي كنتَ فيها.. إذا كنت لا تريد لهم مثل هذا المصير، فاعترف أن هذا التوقيع لك وارتح وأرحنا.. هيه؟ ماذا قلت؟ ليس توقيعي.. إحدى الأصابع تضغط على الجرس.. العينان الوالهتان تتعلقان بالباب تنتظران رؤية الأعزاء.. لابد أنهم كبروا.. وزوجتي الطيبة؟ سأرى الجميع بعد قليل.. الباب ينفتح.. القلب يكاد يقفز من الصدر.. العينان تجحظان.. رجل كبير يدخل.. يا بني.. نحن لا نريد الأذى لعائلتك.. لذلك اعترف بأن التوقيع لك، وخلصنا.. ليس توقيعي.. تتلاقى عيون الرجلين: المحقق والرجل الغريب الذي دخل للتو.. ثمة حيرة.. ثمة خشية لا أتبينها بوضوح، ولكنني أشعر بها.. ثمة صوت ما بداخلي يقول لي تحداهم.. لا تخف من تهديداتهم لك.. أنظرُ في عيني الرجل مباشرة.. ليس توقيعي.. افعلوا ما شئتم.. لكنه ليس توقيعي.. حسناً.. كما تريد.. أنت الجاني على نفسك.. كنا سنجنبك العذاب الذي ستجلبه الآن لنفسك.. كنا سنُبقي لك الحلم الذي كنت تتسلى فيه داخل زنزانتك والذي جعلك تصبر وتحتمل كل تلك المدة الطويلة.. لكنك منذ اللحظة ستعيش أسوأ كابوس عاشه إنسان، على ظهر هذه الأرض.. كابوس لن ينزاح عنك إلا بالموت.. إليك آخر الأخبار.. ولكن مهلاً.. أما زلت مصراً على أن هذا التوقيع ليس توقيعك؟ ليس توقيعي.. حسناً.. إليك آخر الأخبار.. زوجتك الطيبة ماتت منذ سنة بعدما هدتها المسؤوليات والحزن على فراقك.. كذلك مات أبوك حزناً وكمداً عليك، وخزياً من سمعتك التي جعلناها أسوأ من سمعة إبليس... أولادك أخذهم أخوك إلى بيته، بعد وفاة أمهم.. ولأنه فقير لم يستطع أن يُنفق عليهم وعلى أولاده، فباع البيت الذي اشتريتَه بعرق جبينك، وبدأ ينفقه عليهم.. ابنك الأكبر ترك المدرسة وخرج إلى العمل في فرن لواحد من أصحاب أخيك... وابنك الأصغر ترك المدرسة أيضاً، وضاع في الشوارع مع رفاق السوء، وبدأ يدخن ويتعاطى الكحول.. أصدقاؤك لم يعد أحد منهم يتعرف عليك.. أو حتى يذكرك.. ما رأيك الآن؟ بإمكانك أن تبقى مصراً على إنكار أن يكون هذا التوقيع توقيعك.. هل هذه هي كل الأخبار التي لديك؟ نعم.. وهل تريد أكثر لتشنق نفسك؟ اطمئن.. سنوفر لك حبلاً متيناً لتلفه على عنقك الليلة وترتاح.. خذوه.. أعيدوه إلى الزنزانة... [/align]

المشهد السادس

[align=justify]حارسان ضخمان يجرانه إلى الزنزانة جراً بعدما لم تعد رجلاه تقويان على حمله.. فجأة يشعر أن ثمة إشفاقاً بدأ يجتاح قلبيهما عليه.. كان شعوره صحيحاً.. فها هو أحدهما يقرب فمه من أذنه، ويهمس فيها: كل ما قالوه لك كذب.. لقد أرادوا أن يدفعوك إلى قتل نفسك.. لماذا؟ همس له الآخر: ليتخلصوا منك بيديك.. بعدما صاروا مضطرين للإفراج عنك.. لم تثبت عليك أي تهمة.. لو قلت لهم إن التوقيع الذي على تلك الورقة هو توقيعك، كانوا سيقدمون لك ورقة أخرى ويطلبون منك التوقيع عليها، ليثبتوا أنهم لم يجبروك على التوقيع الأول.. وعندها سيحظون بحكم مؤبد عليك بالسجن، ويرتاحون منك.. ولما لم تعترف بأنه توقيعك، تيقنوا بأنك لن توقع غيره.. لقد طلب منهم القاضي الجديد ذلك.. وقال لهم: إذا وقع مرة أخرى فهو مذنب فعلاً، أما إذا لم يوقع فسأطلق سراحه غداً.. وخوفاً من أن تفضحهم إن هم أطلقوا سراحك، اخترعوا لك تلك الأخبار لتيأس من حياتك وتنتحر بالحبل الذي أرسلوه لك معنا.. فلا تفعل.. غداً إن بقيت حياً سيكونون مضطرين لإخلاء سبيلك.. والآن.. ادخل إلى الزنزانة.. وإياك أن ترتكب حماقة قتل نفسك.. أهلك بخير.. ثم.. وهم يقفلون باب الزنزانة.. من أنتما بحق الله.. لم يجيبا.. بل مضيا مسرِعَين دون أن يلتفتا إليه.. لم أرهما من قبل.. أيكونان ملكَين أرسلهما الله لكي لا أرتكب حماقة الانتحار؟ ربما.. وربما هما رجلان صالحان أشفقا علي.. أياً ما كانا.. لا يهم.. لن أنتحر.. فما زال أملي بالله كبيراً... لكن.. ماذا لو كان ما قاله لي ذلك الرجل الغريب صحيحاً؟ يا ويلي.. إنها كارثة بالفعل.. أشعر بقلبي يغوص إلى أسفل قدمي.. لا.. لا.. ليس ما قاله صحيحاً.. لقد أكد لي الحارسان أنه كان يكذب علي ليدفعني للانتحار.. لن أنتحر.. لن أنتحر.. فأنا بريء.. بريء يا رب.. فإلى متى هذا العذاب؟ إلى متى؟ زوجتي الطيبة ماتت؟ لا.. لا.. لم تمت.. ما زالت على قيد الحياة وتنتظر خروجي بفارغ الصبر.. وسأخرج وأضمها إلى صدري.. وسأعوضها عن كل العذاب الذي قاسته طيلة السنوات الخمس الماضية.. ولكن الأولاد؟ محال أن يكون قد تدمر مستقبلهما كما أخبرني ذلك الحقير.. محال.. وبيتي؟ أين سأذهب وأين سأعيش إن كان أخي قد باعه فعلاً؟ لا.. هراء.. كل هذا هراء.. محال أن يفعل أخي مثل هذه الفعلة الشنيعة.. إنهم يكذبون كما قال لي الحارسان.. يريدون مني أن أشنق نفسي بحزني ويأسي.. لكن لا.. لن أفعل.. لن أفعل.. لن أفعل... وها هو الحبل الذي تركوه لي لأشنق نفسي به، سألقي به من تحت باب الزنزانة لأتخلص منه بشكل نهائي.. ولكن.. أين هو ذلك الحبل؟ أين الحبل؟ لابد أن السجان قد رماه في مكان ما.. سأعثر عليه في هذه الظلمة وسأجده.. ها.. ها هو.. وها.. هأنذا ألقي به من تحت باب الزنزانة.. لكن.. آه.. آه يا ربي.. آه... سامحني.. آه...[/align]

المشهد السابع
[align=justify]ضوء الصباح يغمر الغرفة النظيفة التي وجد نفسه فيها، ممدداً على سرير نظيف.. لاشك أنني أحلم.. بالتأكيد أنا أحلم.. أين أنا؟ أين الزنزانة القذرة ورائحتها الكريهة؟ ما هذه الغرفة؟ بالتأكيد ما زلتُ حياً.. وهذه الغرفة ليست إحدى غرف الجنة.. لكن أين أنا؟ وأغمضَ عينيه من جديد.. وراح يفكر.. لكن لم يطل به التفكير.. فقد تناهى إلى سمعه صوت أليف يعرفه تمام المعرفة.. صوت لم تستطع الزنزانة ولا الغياب الطويل في فيها أن ينسيه لمن يكون هذا الصوت.. إنه صوتها.. صوتها بالتأكيد.. هل يفتح عينيه ليتأكد؟ الأفضل أن يفعل. صباح الخير.. هل نمت جيداً؟ هل أنت مرتاح؟ فتح عينيه بحذر.. نظر جهة صاحبة الصوت.. إنها هي.. هي.. زوجته تماماً كما تركها بوجهها الوضاء.. وضحكتها الآسرة.. وبراءتها.. ما بك؟ هل نسيتني؟ لماذا تنظر إلي هكذا، كأنك لا تعرفني؟ نهض جالساً في السرير.. إنها هي.. هي.. يا إلهي.. أين أنا؟ في بيتك.. هل نسيت بيتك أيضاً؟ في البيت؟ أي بيت؟ كلا.. لم يكن بيتي هكذا حين غادرته، في ذلك الصباح المشؤوم.. إذن أي بيت هذا؟ لعلني في... هل أنا حي؟ هل مت ودخلت الجنة، وها أنذا ألتقي زوجتي فيها؟ لا.. لا يُعقل أن تكون هذه الجنة.. إذن؟ جلبة تأتي من الخارج.. إنها أصوات ولديه.. يدخلان عليه يرتميان على السرير ويقبلانه بنفس المحبة التي اعتادها منهما، كل صباح حين يستيقظ.. ربما أنا في بيتي فعلاً.. وربما نسيته.. وربما.. لا.. إنهما يضحكان ويمرحان.. ماذا يحصل لي؟ أين أنا؟ أين أنا؟ وأين تلك الزنزانة؟ كيف خرجتُ منها، ومتى؟ أين أنا؟ أين؟ وفجأة، غابت الغرفة.. غاب السرير الأبيض النظيف.. غاب وجه زوجته الحبيبة.. غاب وجها ولديه وأصواتهما.. تقلَّب حيث ما زال ممدداً.. أحس برودة الأرض تحته وخشونتها.. لقد كنت أحلم إذاً.. وهاأنذا في الزنزانة من جديد، لم أبارحها بعد.. والحبل.. أين ذلك الحبل؟ هل ألقيته فعلاً خارج الزنزانة؟ وأين الحارسان؟ أين ما وعداني به من قرب الإفراج عني؟ كم مضى علي وأنا نائم بعد أن أعاداني من غرفة التحقيق إلى الزنزانة؟ وهل الوقت نهار الآن أم ليل؟ أصوات أقدام تقترب.. صوت يتناهى إلى أذنيه: ما زال حياً.. وها هو الحبل خارج الغرفة.. لم يشنق نفسه.. لم يمت.. وإذاً؟[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 09 / 2016, 39 : 03 AM   رقم المشاركة : [2]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...

[align=justify]أخي الأكبر الدكتور الصواف..لن تصدّق ربّما لو قلتُ لك بأنني التهمتها التهاما ولم أشعر بطولها أبدا أبدا !!! حسنا فعلتَ عندما وضعتَ تلك الملاحظة (القصة الطويلة جداً، والرواية القصيرة جداً)..هنا أجيبك وبسرعة..هي قصة طويلة وفقط (ابتسامة) لم أجد التفاصيل الصغيرة جدا جدا أي تفاصيل التفاصيل التي تميّز الرواية ، فليست رواية قصيرة !! أنا أعتبرها قصة طويلة..سأعيد قراءتها مرات ومرات وسأعود بإذن الله لأدلي برأيي..شكرا لك على متعة القصّ..[/align]
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 09 / 2016, 26 : 06 AM   رقم المشاركة : [3]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...

أستاذنا الكريم .محمد توفيق الصواف ..إنها رائعة وأكثر..مؤلمة.. وأكثر ..وأثناء قرأتها ..كنت على يقين بواقعيتها..لكأن كاتبها هو صاحبها ..كتبت..فأبدعت..وأقنعت..وربما بنفس المشاعر التي مرت بالكثيرين دون أي إختلاف.. ومن المؤكد مر ملايين المعتقلين ..منذ القدم ..إلى يومنا هذا بنفس الأحداث بل وأكثر .. لكن سرعان ما تبادر لذهني ..لحظة قرأتها..الضعف الشديد ..الذي أحاط بالرجل..والوهن الذي ألم به ..وتذكرت على الفور كل الآيات ..والأحاديث ..التي جاءت تحض على الجماعة ..والجمع ..والترابط..ونظرت فوجدت الرجل يواجه مأساته وحيدا..يحدث ذاته فتارة يثنيها للباطل ..وتارة يشدها للحق .. لا أحد يشد أزره ..سوى ذاته ..وكيف ذلك .. وقد خلق الإنسان ضعيفا.. وتذكرت حالنا ..في ظل فرقتنا الحالية..في الملة الواحدة .. وفي البلد الواحدة وفي العائلة الواحدة ..وربما في الأسرة الواحدة ..إلى أن إمتدت الفرقة ..لغربةالإنسان عن نفسه ..فلا تكاد إجتماعاتنا تقتصر على حتمية العزاء في المآتم ..وربما في حفلات الأعراس ..وتلك الأخيرة نادرة..الجميع يلهث في الحياة وحيدا..لا يفكر ..ولا يشغله ..سوى ذاته ..وليس مجبر على تلك الوحدة ..بل رغبة فيها ..مدعيا ..إراحة الرأس..فصار جميعنا ضعيفا لا حول له ولا قوة ..يتحسر ويهجو الزمان ..على ما إقترفت يداه..فماذا لو إعتصمنا جميعا بحبل الله ..وكانت لنا كلمة واحدة ..ورأي واحد ..وأودعنا حقيبة الخلاف جنبا..وعدنا إلى سجادتنا الأولى..التى إجتمع عليها من قبل أجدادنا الكرماء ذوات العزة ..والكرامة..والإباء.. لكم تحسرت على ذلك الرجل ..وأمثاله ..الذين في مثل حاله اليوم ..ولكم تحسرت علينا ..صرنا غثاء كغثاء السيل ..كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. الذي ما ينطق عن الهوا ..أسأل الله أن يعزنا بما أعز به أجدانا ..وأن يهدي المسلمين والمسلمات ويعز الإسلام..بهداةالمسلمين..إنه ولي ذلك والقادر عليه..شكرا لك أستاذنا الفاضل..وبكل التحية والتقدير تقبل مروري.
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10 / 09 / 2016, 32 : 03 PM   رقم المشاركة : [4]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...



الأديب المبدع محمد توفيق الصواف
ممتع هذا السرد الإشكالي .. وشائق فقد جعلت البطل يرينا العالم كله من ... بؤرة الحلم ..
والأجمل في كل هذا ، هو الاشتغال الجمالي السردي بصيغة المخاطب الذي جعل حال القارئ كحال المخاطَب ..
دمت مبدعا مائزا..
مع تقديري واحترامي
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 09 / 2016, 35 : 04 PM   رقم المشاركة : [5]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...


قصة شدت أنفاسي إلى علامة الاستفهام
تنهل من واقع لسجنين مختلفين سجن واقعي يعاني منه عدد كبير من الأبرياء
وسجن ضمني يؤسر النفس الأبية فتتورط بين الاعتراف بإذانتها و بين التنصل من التهمة الموجهة إليها
أ. محمد الصواف قصصت فأبدعت سرد ممتع أحداث مترابطة لشفيرة بين الحلم والحلم
تحياتي وتقديري
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12 / 09 / 2016, 12 : 01 AM   رقم المشاركة : [6]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...

أخي الحبيب محمد الصالح والرائع..
كلّ عام وأنت بخير..
وكلَّ نصٍّ أكتبُه وتعليقُك يُزيِّنُه بأجمل الكلمات التي تشفُّ عن ذائقة أدبية مميزة وعن ذوق في التعبير لطيفٍ كصاحبه..
أنا بانتظار ما ستضيفه لأستضيء به، وليس لأُسَرَّ به فقط..
دمتَ لي أخاً وناقداً محباً..
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12 / 09 / 2016, 21 : 01 AM   رقم المشاركة : [7]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...

[align=justify]المبدعة الغالية عزة..
كل عام وأنتِ بخير..
لم يفاجئني تفاعلُك مع النصِّ بهذا الشكل، وأنتِ تلك المبدعة الحساسة.. ولا أُخفيكِ أنَّه سرَّني جداً وصولُ المضمون إليك بهذا الزخم، لأنَّه علامة على نجاح النص في الوصول إلى متلقيه..
دمتِ قارئةً متميزة لنصوصي أعتز برأيها، وأنتظر أن تدلني على ما لا يُعجبُها في نصوصي وليس على ما يُعجبُها فقط، لأنَّه، في رأيي، ما نَقَدَ الكاتبَ ككاتبٍ مثله..
لك مودتي وتقديري..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12 / 09 / 2016, 27 : 01 AM   رقم المشاركة : [8]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...

[align=justify]الدكتورة رجاء..
مساء الخير، وكلّ عام وأنتِ بخير..
مميزٌ تعليقكِ دائماً، ليس لأنه يصدر عن أكاديمية مثلك فحسب، بل لأنه يصدر عن قارئة متذوقة أيضاً.. قارئة تستطيع أن تَعْثُرَ على الخيط الرئيس الرابط لجزئيات النص، وأن تتذوق جمالية الربط بينها ثم تُبرزها للآخرين..
أشكركِ على اهتمامك بكتاباتي وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك دائماً..
تقبَّلي مودتي واحترامي..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12 / 09 / 2016, 35 : 01 AM   رقم المشاركة : [9]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: ثمن الشرف في زمن الفساد...

[align=justify]الأخت المبدعة ليلى...
كلّ عام وأنتِ بخير..
شكراً لمرورك اللطيف، وسرَّني جداً مدى اندماجك بالقصة واستمتاعك بها.. ومنبعُ سروري بذلك أنَّك أديبة مبدعة ومتذوقة للأدب أيضاً، وبالتالي، لرأيك وتقييمك قيمة أعلى..
تقبَّلي مودتي واحترامي..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشرف, الفساد...


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
غالب الغول / الفساد المالي غالب احمد الغول الشعر العمودي 6 23 / 03 / 2015 21 : 09 PM
غالب الغول/ تداعيات الفساد غالب احمد الغول المقــالـة الأدبية 5 19 / 08 / 2014 02 : 10 AM
لك العزّة و كلّ أوسمة الشرف هدى نورالدين الخطيب رسائل أدبية 11 18 / 04 / 2010 47 : 11 PM
الفاسدون وصناعة الفساد عزام الحملاوي القضايا الوطنية الملحّة 1 03 / 02 / 2010 00 : 07 PM
الفساد السياسي أسماء بوستة أمثال - دبابيس- طرائف 2 29 / 12 / 2009 10 : 04 AM


الساعة الآن 13 : 06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|