جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة
بالملح ينصهر القيد
بـالـمـلـح يـنـصـهـر الـقـيـد
وانتظرت كثيراً حتى يقولوا خرجوا، أو يكلّفوني بمهمّة رش الفلّ والنّرجس؛ أو يقولوا غنّي لهمْ أهازيجَ الفرحِ بصوتِكِ الأجشّ؛ فطالَ انتظاري!
أردتُ أنْ أخاطبكم قبْلَ ثلاثين صباحاً ونيّفٍ فما استطعت، وأمامكم جَبُنْت، وقُبَالتكم عجِزْت. كيف أخاطبُ مَنِ الكرامة تستسقي معانيها منهم! ماذا أقول في مَن أسماؤهم اعتَلَت عرش السماء، وأصبحوا منارات وطنٍ بأكمله! كيف بإمكان قلمي أن يكتبَ لمَنْ في حضورِهم تجفّ الأقلام والصّحُف، ويتعسّر الكلام!
آلامكم تزيدني ألماً، فيصرخ ألمي بحرقةٍ تمزقني، تقتلني، ثم تدعني أشلاء مشتتة في الفيافي، تبحث عن بعضها فيكم. أوجاعكم باتت وجعي الذي يقضّ مضجعي، فيلبسني السّهادُ، وترحل غفوتي إليكم علّها تمنح عيونكم شيئاً من الدّعة. صوت أمعائكم الخاوية سيمفونية إباءٍ، ونغمة عزٍّ، تطربني، وتُنشيني وطناً عزيزاً وانعتاق. أوزانكم التي فقدتموها أتَتْ تطوف بيننا، تحكي لنا قصصَ سموّكم على السّجّان. نظركم الذي بدأ يخْفت غَدَا قناديل نورٍ معلّقة على جوانبِ طريقنا، ترشدنا نحو التحرّر والانتصار.
حتى هواء السجن تعبّق برائحة صمودكم الجبّار، وشموخكم العالي، وقيل أنّه كان يحاولُ تجديد نفسه لكم إكباراً. جدران الزنزانة احمرّت خجلاً، تلوّت أمام السّجّان لتبتعد قليلاً، ولربما سمعناها تتشقق رويداً رويداً أمام جبروتكم. والقيد في أيديكم يئن، يتوجّع، يريد أنْ ينكسر، يرى نفسه ذليلاً صاغراً أمام أيديكم وأرجلكم الشريفة. وتلك الحشرات التي تحوم حولكم، ما هي إلا عَبَدَة في محرابكم، تصلّي لكم، وتستحقر نفسها لأنها تسؤكم. ذاك التفتيش المتكرر ما هو إلا برهانٌ على رعبهم، ورجفِ قلوبهم، وما يزيدكم إلّا غروراً وأَنَفَة. ملابسكم التي صارتْ جزءاً منكم باتت تغنّي طرباً لملامستها أجساداً طاهرة، وأرواحاً خالدة، وأفعالاً لا تستطيع الجبالُ احتمالها.
فأنتم أيها الأشاوس، مَعَقِلُكم سَامٍ، وحِرزُكم عالٍ، ومَلاذُكم شاهق، ومُعْتَصَمُكم باسق. كيف لا وأنتم تقاومون بأمعائكم الخاوية، سلاحكم ماءٌ حُقِنَ ببعض الملح، ونظراتٌ متمرّدة، ومواقفُ صارِمة! وإنّكم أيها البواسل، رغم التنكِيلِ صامدون كحجارةِ باب العامود، رغم التعذِيب ثابتون كشمسِ الأصيل في كبدِ السماء، رغم العزْلِ راسخون كجذور الزيتون في وطني.
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
رد: بالملح ينصهر القيد
[align=justify]الله يا فاطمة ..
لم تتركي لأحد أن يضيف أكثر مما قلت ، أو يعبر أبلغ مما عبرت ..
قربتنا من هامات طالت قاماتها الجبال وأعطيتنا صورة صادقة عن الصبر والتحدي والشموخ في ابهى معانيه .
شعور بالخجل يكتنفنا ونحن نقف متفرجين لا نملك سوى التحسر والغضب اللذين لا يسمنان ولا يغنيان من جوع ..
لكنهما حسرة وغضب وإن كانا يتقوقعان في خانة السلبية فإنهما أفضل بكثير ممن داسوا على قيم الإنسانية وتشدقوا بحقوق وكرامة الإنسان بين دهاليز تلك المنظمات التي عشش فيها النفاق المقيت .
دمت متألقة فاطمة ..
عاشت فلسطين وعاش أسرانا النشامى مثالا للصمود .
[/align]
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة
رد: بالملح ينصهر القيد
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
[align=justify]الله يا فاطمة ..
لم تتركي لأحد أن يضيف أكثر مما قلت ، أو يعبر أبلغ مما عبرت ..
قربتنا من هامات طالت قاماتها الجبال وأعطيتنا صورة صادقة عن الصبر والتحدي والشموخ في ابهى معانيه .
شعور بالخجل يكتنفنا ونحن نقف متفرجين لا نملك سوى التحسر والغضب اللذين لا يسمنان ولا يغنيان من جوع ..
لكنهما حسرة وغضب وإن كانا يتقوقعان في خانة السلبية فإنهما أفضل بكثير ممن داسوا على قيم الإنسانية وتشدقوا بحقوق وكرامة الإنسان بين دهاليز تلك المنظمات التي عشش فيها النفاق المقيت .
دمت متألقة فاطمة ..
عاشت فلسطين وعاش أسرانا النشامى مثالا للصمود .
[/align]
هو شعور الخجل الذي يعترينا ولا نستطيع التخلص منه أمام هؤلاء الجبابرة ....
أسرانا نبض قلبنا، وكل ما فينا ..
شكرا على مرروك الجميل أ. رشيد
ودي ووردي
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: بالملح ينصهر القيد
[align=justify]
الله .. الله .. الله
الأديبة الحبيبة أستاذة فاطمة
أحييك على هذا النص الفلسطيني المقاوم الشامخ بشموخ أبطالنا
تحية فخر واعتزاز لأبطالنا في معتقلات العدو الصهيوني المحتل
تحية إكبار ..
هم من يستحقون أن نتصاغر أمامهم ومن يشرفنا أن نقبل الأرض تحت أقدامهم
هؤلاء هم العظماء بحق لا زعماء الخيانة والتآمر والمقايضة لصالح كراسيهم المهترئة ولا قتلة شعوبهم!!
كم أتمنى وأحلم أيها البطل مروان البرغوثي لو تغدو أنت رئيس السلطة الفلسطينية ، فأنت حقاً من تمثلنا وتعبر عنا..
من أجمل ما قرأت لك أديبتنا الشابة الرائعة
سأقوم بنشرها اليوم في مجلة نور الأدب ، وسأضعها في الملف المخصص لكتاب نور الأدب الالكتروني
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: بالملح ينصهر القيد
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة البشر
بـالـمـلـح يـنـصـهـر الـقـيـد
آلامكم تزيدني ألماً، فيصرخ ألمي بحرقةٍ تمزقني، تقتلني، ثم تدعني أشلاء مشتتة في الفيافي، تبحث عن بعضها فيكم. أوجاعكم باتت وجعي الذي يقضّ مضجعي، فيلبسني السّهادُ، وترحل غفوتي إليكم علّها تمنح عيونكم شيئاً من الدّعة. صوت أمعائكم الخاوية سيمفونية إباءٍ، ونغمة عزٍّ، تطربني، وتُنشيني وطناً عزيزاً وانعتاق. أوزانكم التي فقدتموها أتَتْ تطوف بيننا، تحكي لنا قصصَ سموّكم على السّجّان. نظركم الذي بدأ يخْفت غَدَا قناديل نورٍ معلّقة على جوانبِ طريقنا، ترشدنا نحو التحرّر والانتصار.
فاطمة البشر
أ. فاطمة:
لِنصك نكهة مُختلفة عن أي نصٍ جادت به قريحتك
كتبت بنبض الصدق والحُب والوفاء، فسرت بأعماقنا مشاعر التبجيل والتقدير
لهامات سكنت لها السماء
تم التثبيت قبل قراءة النص
ـ العنوان أفصح وأبلغ
صهرنا القيود
تحياتنا لهم وجّل تقديرنا
التعديل الأخير تم بواسطة Arouba Shankan ; 22 / 05 / 2017 الساعة 29 : 10 PM.
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
رد: بالملح ينصهر القيد
إن شاء الله هذا الموضوع سيعيدني إلى ساح الوغى
بمنتديات نور الأدب . بالملح ينكسر القيد المنبعثة لعلعة
لرصاص الأمعاء الخاوية ، فلا نامت أعين الجبناء .
شكرا لك أستاذة فاطمة على هذا النص التضامني مع
الأسرى الفلسطينيين البواسل الذين اتخذوا قبل الأسر
النضال والجهاد والفدا سبلا لمناهضة الإحتلال الصهيوني
و واصلوا كفاحهم حين الأسر بالبطون الخاوية.
اللهم أنصرهم و أجعل جوعتهم سهاما تصيب قلوب أعدائهم
و تحقق آمال وطوحات شعبهم في الإنعتاق والحرية و الإستقلال
إنه ولي ذلك والقادر عليه و المجد والخلود لشهداء أرض الرباط
في كل مكان وزمان .
كالعادة الأستاذة فاطمة حاضرة وبقوة في المشهد الوطني
اعتدنا في كل عام على ثورة من نوع آخر يشعلها شعبنا على المحتل الغاشم
نعم أسرانا هم أبطال المشهد الآن وهم من يتكفل بإعادة القضية الفلسطينية للمشهد مجددا في زحمة الأحداث والصراعات الجانبية ومؤتمرات الخزي التي تعج بها منطقتنا المنكوبة
لقد نجحت في صياغة لوحة فنية نضالية راقية
تحياتي لك أستاذة فاطمة
أتمنى لأسرانا البواسل النصر والتمكين وتحقيق مطالبهم العادلة عما قريب
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب
رد: بالملح ينصهر القيد
[align=justify]والله زمان أستاذة فاطمة.. أسعد الله أوقاتكِ يا ابنتي بكلِّ خير..
سعيدٌ بقراءة إبداعكِ من جديد، وسعيدٌ بما ارتقى إليه أسلوبك خلال الفترة القصيرة الماضية.. فهذا النص يتوهج ألقاً، ليس بموضوعه الوطني النبيل فقط، بل بصياغته الإبداعية العالية والمُتقنَة أيضاً، هذه الصياغة التي تُخبِرُ عن ارتقاء صاحبتها في سُلَّمِ العطاء فناً..
أتمنى لكِ مزيداً من العطاء ومزيداً من الارتقاء، ودمتِ تلك المبدعة المُدهِشَة..
مع محبتي وتقديري...[/align]