(( يَا رَاعِيَ الدَّار )) قَصيدةٌ على البحر البسيط شعر : عصام كمال
.................................................. ................
يَا رَاعيَ الدَّارِ ، إنَّ الدَّارَ خَاوِيةٌ = سُقُوفُهَا سَقَطَتْ تَأسُو لِمَاضينَا
غَزَا لَهِيبُ الْأَسَى أَيَّامَنَا وَ سَرَى = عَلَى دِيَارِ المُنَى عِشقًا يُنَاجِينَا
صَوبَ الْأسَى ، وَ الشَّجَى تَحْنُو منَازِلُنَا = صَارَتْ جُسُورُ الوَفَا تَلْقَى تَعَازينَا
مَنْ ذَا الَّذِي ضَيَّعَ الْآمَالَ ثُمَّ ذَوَى = حَتَّى تَكَالبَ سُوءُ الطَّلعِ يُشْقِينَا
أينَ الوَلَاءُ ، وَ أَيْنَ الدَّوحُ وَارِفةٌ = تَهَدَّمَ الْأَيْكُ ، يَبكِي العُوْدُ (نِسْرِينَا)
وَ الطَّيرُ تَنعَى بدَمْعِ اليَأسِ حَارِسَنَا = لَمَّا هَوَى – وَ الْأسَى بَأسٌ يُغَادِينَا
وَلَا نَرَى غَيرَ أَطيَافٍ يُحَرِّكُهَا = أمَامَنَا شَبحٌ يَدعُو مَرَاثينَا
سَفِينةُ الحُبِّ فِي عُمْقِ الرَّدَى غَرِقتْ = شَطُّ الْأمَانِ لَنَا يَيْكِي المُصَابينَا
تِلْكَ السَّفِينَةُ كَانَتْ مُلتَقَى أَمَلٍ = نَصْبُو لَهَا ، إنَّمَا شَاقَتْ تَرَاقِينَا
فَوحْدَةٌ بِيَقِينِ الوَعدِ قَد هَتَفَتْ = لَكنِّمَا فِي الدُّجَى غَابَتْ أَمَانينَا
وَ أمَّةٌ غَابَ عنَّا في خُواطِرِنَا = مَجدٌ لَهَا ، ثمَّ صَارَ المَجدُ شَاكِينَا
سَرَى بِنَا الْأَمَلُ الْمَعقُودُ مِنْ قِدَمٍ = لَكنَّمَا احْتَدَمَتْ أَهْوَاؤنَا فِينَا
كُلٌّ عَدَا صَوبَ عَرشِ الحُكْمِ يِحْمِلُهُ = حَتَّى نَسِينَا العِدَا ، وَ الحِقدُ يَرمِينَا
إِنَّ الرَّبيعَ الَّذِي يِأتِي الدُّنا عَبَقًا = أَتَي إلينَا بِرُمْحِ ( الغَربِ ) يَدْمِينَا
رَبيعُ زَهْرِ الرَّوَابِي الْآنَ مُحْتَضرٌ = وَ (الغَيرُ ) يَجنِي المُنَى ، وَ النَّفسُ تَرْثِينَا
سِرنَا إِلَى الْأَمسِ عَلَّ اليَومُ يَسْمَعُنَا = فَمَا جَنَينَا سِوَى حَسْرَى تُنَاجِينَا
يَاربِّ سِرنَا إلى يِأسٍ وَ مُعْتَرَكٍ = كُلٌ رَأَى مَخرَجًا يَبدُو ميَادِينَا
صِرنَا طَرَائقَ وَ الْأَحقَادُ تَجْمَعُنَا = وَ نَجتَبي مَذهَبًا يُرضِي أَعَادِينَا
صَارَتْ قُيُودُ العِدَا مِنْ حَولِنا ذَهَبًا = لَا نَشتكِي نَدَمًا بَلْ نَلتَقِي لِينَا
أَعدَاؤنَا جَلبُوا الْأَوهَامَ زاحِفَةً = حَتَّى شَرِبنَا الْأَسَى سُّمًا بِأَيْدِينَا
هَوَىَ السَّبِيلُ بِنَا وَ الصَّمْتُ سَاكِنُنَا = بَدرُ السَّمَاءِ لَنَا يَدعُو المَيَامينَا
فَلَا وَمِيضٌ سَرَى وَ البَأسُ يَقتُلُنَا = أَزرَى الزَّمَانُ عَلينَا مِنْ تَلَاهينَا
وَ غَابَ كُلُّ بَدِيعٍ عَنْ مناقِبِنَا = وَ شَدوُ كُلِّ جَمِيلٍ عَنْ أفَانِينَا
وَ بَاتَ كُلُّ غَريبٍ فِي مَجَالِسنَا = كَرْهًا ، وَ طَوْعًا وَ لَو عَابَ السَّلَاطينَا
كَوَاكِبُ العُرْبِ في الْأزمَانِ خَابِِيِةٌ = وَ الصَّمْتُ ظِلُّ رَجَاءٍ ، سَلَّ سِكِّينَا
يَدمِي الصُّدُورَ ، وَ أَوتَارُ القُلُوبِ هَوَتْ = وَ صَرْخةُ القَهرِ لَا تَلْقَى صَدَىً فينَا
نَارُ الفَجِيعَةِ قَد ثَارَتْ حَرَائقُهَا = نَرَى دُخَانَ الفَنَا يَسْرَي ، وَ يُفِنيْنَا
يَا قَومُ مِنْ عَجَزٍ : أَلقَى الزَّمَانُ بنَا = لِمُلتقَى نَدَمٍ ، وَ القَهرُ شَانِينَا
نَفِرُّ مِنْ عَتَمٍ ، كَي نَلتقَيْ غَمَمًا = وَ القَلبُ فِي وَخَمٍ شَكْوَى يُنَاجِينَا
وَ الكَأسُ صَاخِبةٌ ، والنَّفسُ لَاهِيَةٌ = بِهُوةٍ سَقَطَتْ وَ الوَيلُ يَرمِينَا
إِذَا العُيُونُ بِدَمعِ اليَأسِ قَد حُجِبتْ = فَلنْ نَرَى مُبْصرًا لِلنُّور يَهدينَا
يَا شَادِيَ الْأَمسِ : دَارُ (العُرْبِ) في هَدَمٍ = وَ السَّيفُ في الغِمْدِ مِثلُ الصَّمتِ بَاكِينَا
( صُهيُونُ ) فَانْعَمْ ، وَقِرَّ العَينَ مُغْتَبِطًا = إِنَّ الضَّيَاعَ غشَى طَوْعًا أمَانينَا
كُنَّا جَوَاهرَ دَامَ الحُبُّ مَعدَنَها = لمَّا تبَدَّلَ قَالُوا : مِنْ غَوىً فِينَا
كُنَّا لُيُوثَ الشَّرى فَوقَ الرُّبا وَثَبَتْ = لَا شئَ عنْ فتحِنَا الأَصقَاعِ يُقصِينَا
لَو يَرْجِعُ الفَجرُ لَاسْتَدعَى مَلَائِكَهُ = لَصَارَ نَهْجُ الوَفَا نَجوَى حَوَاشينَا
(بِاللهِ) يَا حسَرَاتِ القَلبِ مِن عَتَبٍ = كَيفَ انْتَهَى أَمرُنا وَالكَونُ يَبكِينَا
لَا أكذِبُ النَّفسَ- كَانَ (اللهُ) نَاصِرَنَا = لَكنْ ضَللنَا الهُدَى وَ اللَّغوُ سَاقِينَا
وَ الرُّوحُ أَشيَبُ ، وَ الأحزَانُ دَامِيةٌ = وَ الصَّبرُ ضَاقَ بِنَا والدَّمعُ شِاكِينَا
يَا(َربِّ) كَيفَ نَجَاةُ القَومِ مِنْ فِتَنٍ = تَمَكَّنَ الشَّرُ وَ الأرجَاءُ تَرثينَا