03 / 04 / 2008, 45 : 02 AM
|
رقم المشاركة : [1]
|
فنان وناقد تشكيلي وصحفي
|
الفنان فارس سمور
[frame="2 98"]
الفنان فـارس ســـمور تجربة رائدة في التشكيل الفلسطيني المعاصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ فتحي صالح
E.Mail :fathi-saleh@maktoob.com
التحدث إلى الفنان فارس سمور له متعة خاصة ، هذا الفنان الذي يحمل الروح المرحة و الدعابة اللطيفة ، حتى أنك إذا جلست لا يفارقك الشعور بصلتك القوية به ، و هذا الشعور نابع عن أن السخرية تمس حياتنا اليومية و الهموم التي وجدت متنفساً خاصاً لديه . لكن تأمل أعماله يمنحك شعوراً آخر ، فهو ينقلك إلى جو مشحون بالألم الممزوج بالحزن و الغضب . ماذا عن هذين التناقضين بين فارس سمور في العلاقات الاجتماعية و فارس سمور الفنان ؟ ليس من قبيل الصدفة أن يجتمع هذان التناقضان في شخصه ، لأن ذلك يشكل توازناً انفعالياًَ لديه ، فهو لا يمكنه أن ينفصل عن علاقاته الاجتماعية الواسعة و التي تدفعه دائماً لأن يكون فاعلاً ، و أسلوبه في النقد يأتي على شكل السخرية مما يحمل المتحدث إليه للاعتقاد بأنه يمكن أن يكون رسام كاريكاتير ناجح طالما أن هذا الاتجاه في الفن يعتمد على السخرية اللاذعة ، وفي ذات الوقت لا يستطيع الفنان أن يتحرر من آلامه ومن الضغوط النفسية التي تجد طريقاً سهلة إليه لما يمتلكه من الحساسية المفرطة تجعله أكثر ارتباطاً بالواقع .
وفارس سمور يمثل حضوراً واضحاً في الفن التشكيلي الفلسطيني على الساحة السورية مما يجعلنا نقول : إنه يكاد يحمل لواء التعبيرية الفلسطينية في هذه الساحة ، على اعتبار أن التعبيرية تربط الفن بالمشاعر و الانفعالات الإنسانية المعاشة ، فالخط ليس مجرد خط إنه خط و تعبير ، و اللون ليس مجرد لون أنه لون و تعبير .
و الدافع وراء اختياره " التعبيرية " هو ما يحمله من ضغوط نفسية تجد طريقها في التعبير العميق للمدلولات النفسية التي تحملها شخوصه المتواجدة باستمرار في أعماله الفنية ، فالإنسان هو القضية الأولى التي يجب على الفن أن يرتبط بها ، ليعبر عن أزمته و عن مشاعره الداخلية لأن ما هو هام في اللوحة هو الصورة النفسية و ليس الصورة الخارجية ، و هو التعبير .
و لهذا يعكس الفنان أزمة الحياة الخانقة و الهم الوطني من خلال الشخوص التي تأخذ بعدا أعمق من الشكل الواقعي الذي يرسمه . و هو عندما يتحدث عن ذلك يستشهد بتعريف الفنان الهولندي الثائر " فان كوخ " للفن بأنه : ( الطبيعة مضافاً إليه الإنسان ) و يعطي هذه المقولة بعداً أعمق مما قصده " فان كوخ " في تلك الفترة ، هو يقول : ( إذا كانت هذه العبارة تعني في الماضي الإنسان مضافاً للطبيعة الخارجية جبل ، بحر ، أشجار ...الخ ، لكنها حالياً في مرحلة الفن التعبيري تعني الإنسان بشكل رئيسي مضافاً إليه طبيعته الشخصية ، طبيعة الإنسان بالموجودات التي تحيط به . ) و يقول أيضاً : ( الظروف الحياتية – الظروف التاريخية – الظروف البشرية وضعت معظم الفنانين لأن يتحدثوا عن مفهوم الفن كدور وظيفي ، كدور محرض ، كدور في المعركة ، لكن قبل كل شيء يوجد الفن الجمالي ، الفن الإنساني ، الفن الذي يدخل بتركيبة الإنسان ، هذه مسألة الفن عموماً ، التذوق الجمالي ، الإحساس بجمالية الطبيعة ، الإحساس بالإنسانية ... ) .
و هذا ما يفسر اختيار الفنان للعنصر الإنساني في أعماله المحفورة و المصورة . و إذا كان الكثير من التعبيرين يبالغون في الشكل الواقعي على حساب التعبير و الفكرة المطروحة ، فإن فارس سمور يحافظ على النسب الواقعية للشكل المطروح على سطح اللوحة ، و يظهر التعبير النفسي العميق من خلال المبالغة في تعابير الوجوه على وجه الخصوص لتتناسب و حجم الموضوع الذي يطرحه ، و أ حياناً تأخذ بعداً أعمق من الفكرة التي يعالجها ، و هذا التمسك بالنسب الواقعية ناتج عن شعور الفنان بأنه لا يزال يدور في فلك الموهبة ، و أن الأكاديمية لم تأخذ حقها بعد لذلك فهي " الأكاديمية " تلعب دوراً هاماً في ضبط الشكل الفني الذي يبدو متماسكاً و قوي البنيان ، و يأتي اللون ليدُخل على اللوحة مضمون الحالة الانفعالية و ليضفي عليها لمسات الحزن و الجمال ، و يدخل الخط كقوة تعبيرية مؤكدة لما يريد أن يطرحه و هذا الانفعال و الانسجام مع ما يفكر به الفنان يمنحه الجرأة في استخدام اللون المدروس دراسة عميقة و المعالج على سطح اللوحة بتقنية عالية ، و يمنحه القدرة على التوزيع المنطقي للإضاءة و الظلال . و عندما يتحدث الفنان عن تجربته الفنية يظهر متواضعاً أكثر من اللازم فهو يقول " ( لم تأخذ هذه المرحلة – مرحلة الأكاديمية – حقها لدي ، و لا يوجد فصل ما بين الأكاديمي و ما بعد الأكاديمي ، و المطلوب أكاديمياً قبل كل شيء المبادئ الأولى في الفن و من ثم الدخول لعمق اللوحة الفنية ، بمعنى الدقائق الأولى للرسم وصولاً للوحة الكاملة ) .
و فارس سمور خريج كلية الفنون الجميلة / قسم الحفر ، مارس الحفر أثناء دراسته ، وأعماله في تلك الفترة تدل على أنه حفار جيد متمكن من أدواته ، فالدرجات اللونية " التونات " موزعة بشكل متناسق ، و التضاد يظهر في المكان الناسب ، و التكوين متماسك ، و من أهم أعماله في الحفر لوحة " وجهان – 1984 " ، اعتمد فيها الفنان على الأرابسك ، امتداد الخط العربي من بداية اللوحة حتى نهايتها بشكل متواصل ، و هي تمثل رجلاً و طفلاً يرتديان الزي الفلسطيني . ومنذ عام 1987-1988 انتقل الفنان لإنتاج اللوحة الزيتية ، بعد أن هجر الحفر لأنه كما يقول : ( يحتاج لمواد و طبيعة عمل لا تتوفر في أي مكان ، بينما يمكن ممارسة التصوير بأنواعه في البيت ) .
و قد انحسرت استفادة الفنان في خبرته في الحفر في مجال التصوير في تحديد البقع الضوئية و توازن اللوحة . و من الملاحظ أن تجربة الفنان في التعامل مع اللون الزيتي تتطور باستمرار و بشكل متسارع ، و هذا ما يدعونا لأن نشد على يده لما يمتلكه من طاقة إبداعية هائلة تمكنه من الاستمرار في إبداع ما هو جديد و متميز ، كما يدعونا للقول بأنه لن يقف عند هذا الحد رغم المعوقات التي تعترض عمله الفني و هي المادة ، الوقت ، المكان .
ومن أهم أعماله في التصوير الزيتي " مجموعة المدن الفلسطينية " و يعكس من خلالها بعض ما يميز هذه المدن سواء على صعيد الثوب الفلسطيني المطرز ، أو ما تشتهر به كسور عكا ، و عنب الخليل ، و برتقال يافا ... الخ ، و تتألف هذه المجموعة التي رسمها عام 1990 من خمسة أعمال هي " يافا يافاي ، ورود حب إلى قاسم أبو خضرا و عكا ، الشهد في عنب الخليل ، أناشيد حجارة من غزة ، صفد حبي " .
و في الوقت الذي صور فيه باللون الزيتي ، صور بالمائي مجموعة أعمال تتميز بأنها تأثرت بأسلوبه في التصوير الزيتي . و من أهم مائياته لوحة " التحام " و هي تتحدث عن قوة الانتفاضة الفلسطينية داخل الأرض المحتلة بالتحام أبنائها و وقوفهم في وجه المعتدي الصهيوني الغاصب ، و لعل هذا العمل هو واحد من بضعة أعمال لا نلمس فيها حزناً مباشراً .
• بطاقة الفنان :
- فارس سمور مواليد حمص 1959 / البلد الأصلي صفد – فلسطين .
- خريج كلية الفنون الجميلة / دمشق / قسم الحفر .
- عضو الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين / فرع سوريا .
- أمين رابطة حمص لاتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين
- يشارك في معارض الاتحاد محلياً و دولياً .
- معرض شخصي عام 1990 .
- يزاول التصوير الزيتي ، و يعمل في الإخراج الصحفي ، والخط العربي ، و تصميم الأغلفة .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|