موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي
هذا فعلك بمن عصاك فكيف رفقك بمن يطيعك
منقول من (القصص الواقعية)
عن (التوابين لابن قدامة المقدسي)
هذا فعلك بمن عصاك
فكيف رفقك بمن يطيعك
قال يوسف بن الحسين: كنت مع ذي النون المصري على شاطئ غدير، فنظرت إلى عقرب أعظم ما يكون على شط الغدير واقفة، فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير؛ فركبتها العقرب، فجعلت الضفدع تسبح حتى عبرت.
فقال ذو النون: إن لهذه العقرب لشأنا، فامض بنا.
فجعلنا نقفوا أثرها، فإذا رجل نائم سكران، وإذا حية قد جاءت فصعدت من ناحية سرته إلى صدره، وهي تطلب أذناه، فاستحكمت العقرب من الحية فضربتها، فانقلبت وانفسخت، ورجعت العقرب إلى الغدير فجاءت الضفدع فركبتها، فعبرت.
فحرك ذو النون الرجل النائم، ففتح عينيه.
فقال يا فتى انظر مما نجاك الله، هذه العقرب جاءت فقتلت هذه الحية التي أرادتك، ثم أنشأ ذو النون يقول:
يا غافلا والجليل يحرسه // من كل سوء يدب في الظلم
كيف تنام العيون عن ملك // تأتيك منه فوائد النعم
فنهض الشاب، وقال: إلهي، هذا فعلك بمن عصاك، فكيف رفقك بمن يطيعك؟ ثم ولى، فقلت: إلى أين؟
قال: إلى البادية، والله لا عدت إلى المدن أبدا.