أسباب إدمان المخدرات
إن الأسرة هي نواة المجتمع وبصلاحها يصلح المجتمع , و الأسرة هي التي تخرج لنا الأجيال . وبهذا كان صلاح الجيل من صلاح الأسرة فإذا كانت هشة في بنيانها ضاع الجيل إلا من رحم ربي جل في علاه .
فالأسرة التي تعصف بها رياح المشاكل وسوء التفاهم و انعدام الحب و فقدان الحوار الإيجابي هي من تخرج لنا جيل المخدرات , جيلا فاسدا يضر بنفسه و بأسرته قبل أن يصل ضرره إلى المجتمع ثم إلى الأمة بأسرها .
إن أسرة لا تهتم بمسؤولياتها هي من تفتح الباب أمام دعاة الفجور والمسكرات ليدخلوها من الباب الواسع . إن بيتا لا نظام فيه هو من يشرع النوافذ لدخول المخدرات لشرايين أبنائه . إن الأب الذي يتيه بين أصدقاء السوء في الإستراحات و المقاهي و لا يعلم شيئا عن نمط عيش أبنائه إلا ما يسلمهم من مصروف يملأ الجيب و من طعام يملأ البطن ومن أثواب تملأ الدولاب لهو من يحقن إبرة المخدر لابنه قبل المروج .
إن أمّا تائهة في عالم تطقيم اللباس ؛ بين المشاغل و محلات العطور و باعة الجزم والحقائب ...إنها هي من ترمي بأبنائها إلى عالم الإدمان .
كما أن لأصدقاء السوء حظ كبير في الإدمان لكنني أؤمن بأن التربية الحسنة و الأسرة الهادئة من المستبعد أن تخرج جيل المخدرات .
ما هي المخدرات ؟
هي كل مسكر يخامر العقل و يذهبه , هي كل ما يبعد الإنسان عن إنسانيته , هي كل ما يفقد المرء صوابه فيصير مثل البهيمة لا فرق بينه وبين الحيوان ينطق بالألفاظ البديئة و يقوم بالأفعال الدنيئة .
نتائج الإدمان
قال ربي جل في علاه :
((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ )) (219)
سورة البقرة .
هذا ما يكتسب متعاطي المخدرات الإثم أولا و هو إثم ليس بهين بل هو إثم كبير كما بين ربي جل في علاه .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) سورة المائدة.
و هنا دعوة صريحة لإجتنابه لقذارته ولأنه من عمل الشيطان ويبعد عن الخيرات كلها .
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) سورة المائدة .
يوقع العداوة بين الناس لأن المتعاطي يكون كالبهيمة لا عقل يوجهه وبالتالي يتصرف تصرفا يؤذي الناس مما يسبب العداوة و البغضاء و طبعا يصد عن ذكر الله ؛ فكيف يذكر الله من لا يراقب نفسه , كيف يذكر الله ويقف بين يديه مصليا خائفا منه راجيا رحمته متوكلا عليه من أدمن المخدرات وتاه في الطرقات .
((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ )) (15) سورة محمد .
وهذا جزاء من اتقى الله وترك خمر الدنيا , خمر الآخرة الذي فيه لذة ولا يُذهب العقل و الله للذة الآخرة أطيب من لذة الدنيا , لذة تحافظ على عزة المرء , لذة دون فقدان الصواب , لذة الآخرة نعمة وهي لِمن هجر خمر الدنيا .
المخدرات هي التي جعلت الشباب يموتون في دورات المياه أكرمكم الله , المخدرات هي التي أشاعت الفواحش , المخدرات هي التي سببت القتل و السفاح والإرهاب الفعلي ....هي أم المصائب كلها .
العلاج
العلاج بالمصحات النفسية مع القرب من الله بالعبادة و التوبة النصوح و مساعدة الأهل يعطي نتائج على مدى بعيد وتتغير حياة المدمن إلى الأفضل وأغلب من نهجوا هذا السبيل صاروا دعاة للبعد عن المخدرات ومصلحين اجتماعيين بمن الله وكرمه .
وفاء النجار
الثلاثاء 8 أبريل 2008