التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,821
عدد  مرات الظهور : 162,195,018

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > الـميـزان
الـميـزان (( ورشة مفتوحة للنقد الأدبي )) إعداد الشاعر الأديب والناقد طلعت سقيرق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 24 / 09 / 2020, 22 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

قراءة في نص "شاطئ طفولتي" للكاتبة عروبة شنكان

"قراءة في نص "شاطئ طفولتي"

بادئ ذي بدء، لا بد من الإشارة إلى أنه ليس من السهل إنتاج نص قصصي محكم البنية والبناء؛ فالقصة القصيرة فن أدبي مواكب لكافة التحديات المجتمعية، وفي هذا المقام سأحاول تقديم نقد على مستوين كل على حدة؛ مستوى دلالي وآخر يتناول بنية النص، هدفه البناء لا الهدم؛ فكل قراءة نقدية ما هي إلا بوتقة لإظهار محاسن العمل الأدبي وما اعتوره من هنات، وهو آلية تسعى لتطوير وتقنين مضامينه.
فمن حيث الدلالة نطل على نافذة النص "شاطئ طفولتي"؛ فنجدها تشي بحكي عن مرحلة الطفولة البريئة؛ وهي أجمل العمر على مسرح أحد أجمل مكون طبيعي لكوكب الأرض؛ إذن نحن أمام جمالية مزدوجة؛ جمال الطفولة زينة العمر، وجمال الشاطئ بهجة النفوس، والمتوقع في السرد أنه سيترك في نفس القارئ آثارا سارة طيبة عن تلك الطفولة البريئة.
لنسبر أغوار النص لمعرفة هل صدقت النافذة رؤيتها أم أن القصة تفنذ حقيقة التوقع؟
"حضن براءتي ومختلف فصول نجاحاتي، شاطئ المتوسط الممتد في شراييني"؛ روعة في التعبير هذا المستهل به النص؛ جملة ذات حمولة دلالية ورنة قوية تهز القارئ هزا، وتجره على وثيرة فائقة السرعة ليلتهم النص في قراءة أولى عجلى فضولية للإطلاع على مضمونه؛ وهي جملة لم تخطئ التوقع؛ بل تكاد تكون الجملة الوحيدة داخل إطاره، والمعبرة عن عتبة النص؛ وكأنها تشكل وحدها قصة منفردة بذاتها داخل إطار التوقع لماذا؟
لأن الجملة مجرورة بحرف "على" تجر القارئ إلى نافذة أخرى مغايرة لسابقتها، تستفز توقعه لطفولة بريئة على شاطئ جميل، وتدخله سردابا مظلما غير واضح المعالم، يأوي أساطير عبور لآلاف الوجوه والعبرات؛ لكل وجه قصة ولكل دمعة زفرة؛ باتت حبيسة السرداب لم يفصح عنها السرد إلا في فعل أمواج الشاطئ المتلاطمة والمعبرة عن غضب ماض؛ لكنه ممتد في شرايين طفولة بريئة قبرت الرياح أسوار قلاع أحلامها؛ فكانت عرضة لغرق نجت منه، ومحاولات انتحار باءت بالفشل.
لكن السؤال المطروح هو؛ كيف يشكل شاطئ المتوسط نقطة هامة في حياة البطلة ويشهد مختلف فصول نجاحاتها وقد دمرت الرياح أسوار قلاع أحلامها المشيدة على رماله؟ هذا ما سنبحث عنه في النص بقراءة متأنية لفصول سرد اعتمدت فيه الكاتبة توظيف لغة إيحائية رمزية تعبيرية.

-"كبرت"؛ فعل يعبر عن انتقال من مرحلة عمرية متلهفة للعب غير عابئة بما حولها، إلى مرحلة تليها واعية بمجريات الأحداث التي تعايشها؛ وإذا تمعنا النص جيدا نجد أن البطلة ولدت كبيرة وترعرعت خارج الزمن؛ لا يليق بها فعل "كبرت" الذي يعبر عن قفزة كبيرة في مسيرة الحياة؛ لأن الحلقة الأساس في عمرها مغتصبة؛ تفتقد لعمودها الفقري الذي ترتكز عليه مرحلة ما بعد الطفولة؛ لذلك جاعت البطلة للطفولة بمعناها الحقيقي المتولد من طبيعة الإنسان الفسيولوجية، لا المفروض عليها بحكم الغدر؛ فالطفل داخل البطلة أبى أن يكبر؛ لأنه عاش لوحا بلا مجداف تتقاذفه أمواج الأحزان، فمن جهة ظل فريسة للآلام المتراكمة والحلقات المتوالية لمعنى الفقد في المنفى، ويصارع من جهة أخرى أمواج الغربة المحتمة قسرا؛ على واقعه كطفل، ويحلم ذات الوقت بوطن يبعث من الركام، فأي ركام هذا الذي خلق الأحزان؟
صاغت لنا الكاتبة الأحداث بلغة الدمع؛ ابتداء بالفاجعة التي اتحدت مع الآلام الغافية وراء السطور؛ والتي داهمت أسِرَّة الأسرة وأرقت وسائدها لتزيد الطين بلة، وتسرق ما تبقى في جعبتها من أحلام باصمة حزنا مضافا؛ إنه الحريق على مستويين بكل معانيه أتى على الحابل والنابل؛ رمزت القاصة على ظاهره بالثاوي خلف القص؛ وقد حرم الطفولة حقها في اللعب وأحرق عالمها مع آمالها وأحلامها، مخلفا فوضى ومأساة حقيقية مع احتراق الغابة الممتدة على الشاطئ، وقد عبرت عن الفاجعة بلغة بديعة الوصف (الأرصفة الملتهبة – فوضى تدمي القلوب- نكشت الريح شعرها، مزقت الأغصان المتكسرة ملابسها) فوضى قطعت على المصطافين راحتهم؛ فعادوا أدراجهم فارين من كارثة مفتعلة في محيط الاصطياف إلى غير رجعة إليه.
وتظل الطفولة لصيقة بالبطلة وهي ترحل إلى عالم قرر والدها الهجرة إليه (قبل أن أكبر بقليل نسيت أن ألقي بألعاب طفولتي)، إنها تتشبث بهذه المرحلة التي كسرتها الأهوال، فرغم ترك الأسرة لكل ما يثير الذكريات ويحرك الحنين إلى كل غال متخلى عنه قسرا -عبر باخرة السلام التي لم تختر البطلة اسمها عبثا؛ إنما ترمز به الهروب من فواجع أدمتها إلى حيث النجاة والأمان في أرض الغربة- فإن ذهنها ظل عالقا ببيت الأسرة على الشاطئ، ومراكب التنزه الذي تزين خاصرة ساحله بألوانها الزاهية، وعيناها الدامعتان أمام مشهد الحريق الذي انفجر في قلبها ففقدت الراحة إلى وقت غير معلوم و ظل الشوق والحنين إلى وطنها يؤرقها (غادرت سريري إلى أجل غير مسمى).
وفي الحديث عن تغيير الموانئ، والأرصفة ومنازل الاستئجار تحيد الكاتبة عن ذاتها؛ لتفرد مساحة من القص بذوات لصيقة بها؛ لكنها خارج إطار تفكيرها ومعتقدها الذي تتشبث به؛ أولا أختها التي تتمتع بحياتها، وترغب بالاستقلالية ممن يخالف توجهها في الحياة، وثانيا أخوها الذي عاد يروج لتيار حسنائه التي جلبها من دولة أخرى، كل ذلك أوقع الكاتبة في ضغط نفسي متتالي؛ رغبت في الهروب منه (اريد أن أتنفس بشيء من الحرية- أريد أن أهرب من جلدي لأعود إلى جلدتي، لقد تغير كل شيء) لم تتنازل عن مبدئها وأفكارها؛ وهي الساهرة على تثبيتها في معتقد إخوتها، لكن الظروف زحزحتهم عن منحاها وتطلعاتها لذلك سافرت عبر أحلامها إلى وطنها لأنها تفتقد دفئه.

انتهت القصة وبقي السؤال معلقا؛ كيف يشكل شاطئ المتوسط نقطة هامة في حياة البطلة ويشهد مختلف فصول نجاحاتها؟ لم تفصح الكاتبة عن الجواب؛ وأوقعت المتلقي في دائرة التخمين، لربما كان اختيارها لمهنة الصحافة من وحي الوقائع التي شهدتها في حياتها؛ فحققت فيها نجاحا كبيرا، كما أبرت الأزمات قلمها البديع لتتحف قراءها بما جادت به قريحتها؛ خاصة في فن الخاطرة.

ومن حيث الشكل؛ يعتبر النص تجربة إبداعية لها رونقها وتجليها الحر، وتعد محاولة لإنتاج نص قصصي، اعتمدت فيه الكاتبة على نقل الواقع المعاش بحَرفية دقيقة، وكأنها دأبت على تسجيل الوقائع، واستنساخ ما التقطته عدسة العين وما أدمى الفؤاد؛ باعتماد إيقاع سريع في عرض الأحداث؛ وهو الأمر الذي أوقع كاتبتنا في المحظور؛ لتلاشي المبادئ الأساس، وتجاوز القواعد واللبنات المؤسسة للعالم القصصي؛ والمفروض في النص أن يشكل لوحة سردية ذات بناء متكامل، إلا أنها حولت النص من بنية إلى عناصر متفككة تبدو عليها علامات التكلف؛ وكأنها نقلت من منبث الخاطرة فسائل لواعج النفس ومكنوناتها، وغرستها في فضاء القصة بسماد دون تربة، فكان الأجدر أن تتجاوز المنزلق، وتعمد على بناء هرم أحداث تفاعلي، وتصميم منهج يقوم على اختيار الأحداث وتنظيمها، ووضعها في نسيج فني يشكل فيه مستهل النص لبنة أولى في عملية الحكي، ثم تتوالى الأحداث تباعا لتتشابك وتتأزم؛ فينتج الصراع وتتدرج نحو الانفراج لتستخلص القصة نهاية تحمل بين طياتها رسالة ذات قيمة نبيلة أو عبرة دفينة، بينما تؤثث الشخصيات العمل القصصي من خلال تفاعلاتها وأدوارها المحركة للأحداث؛ في حين يكون الوصف مجرد آلية لتجسيد مظاهر التحول في الصفات والأحوال بدل أن يستحوذ على مجمل النص.
ولعل إشراقات هذه المحاولة القصصية كما سبق الذكر؛ هو توظيف الكاتبة للغة إيحائية رمزية تعبيرية تناغي النفس فتبعث فيها الارتياح؛ فالكاتبة تفننت في لغة المحكي وأغدقت عليها أسلوبها وبصمتها الفسيفسائية في بناء النص.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24 / 09 / 2020, 47 : 12 AM   رقم المشاركة : [2]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: قراءة في نص "شاطئ طفولتي" للكاتبة عروبة شنكان

قرأت قصة عروبة قبلا والآن اتشرف بقراءة هذه الدراسة المفيدة للنص.. دراسة نجحت في أن تغوص بالبحر المتوسط للقصة فترتاح نهاية بشاطئ عذب...
شكرا ليلى
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24 / 09 / 2020, 51 : 12 AM   رقم المشاركة : [3]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: قراءة في نص "شاطئ طفولتي" للكاتبة عروبة شنكان

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
شاطئ طفولتي للأديبة عروبة
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 24 / 09 / 2020, 55 : 12 AM   رقم المشاركة : [4]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: قراءة في نص "شاطئ طفولتي" للكاتبة عروبة شنكان

شكرا خولة على قراءتك الواعية وعلى إدراج رابط النص القصصي
محبتي
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 02 / 2022, 35 : 04 AM   رقم المشاركة : [5]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: قراءة في نص "شاطئ طفولتي" للكاتبة عروبة شنكان

بارعة أنت في وصف مكنونات تلك الطفلة الكاتبة التي أحرق الإرهاب أمانيها والعابها وغزا شواطئ الأمن في حياتها، كل الشكر لقراءتك المتأنية ليلى، دراسة مستفيضة تدفع قلمي إلى الأمام، دام نبضك في نور الأدب إبداعا وألقا، كل الشكر لخولة ونشر رابط القصة محبتي وتقديري.
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
"شاطئ, للكاتبة, شنكان, عروبة, طفولتي", قراءة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قراءة عابرة لنص "المفاجأة" للأديب محمد توفيق الصواف ليلى مرجان الـميـزان 9 26 / 03 / 2022 53 : 11 PM
ترجمة القصة القصيرة جدا "صدفة " للأديبة عروبة إلى الفرنسية رشيد الميموني ترجمة الأعمال الأدبية والخواطر 8 07 / 09 / 2021 35 : 11 AM
شاطئ طفولتي ـ قصة قصيرة ـ عروبة شنكان Arouba Shankan الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 6 19 / 02 / 2021 28 : 06 AM
ترجمة خاطرة "في الليل" للأديبة عروبة إلى الفرنسية رشيد الميموني ترجمة الأعمال الأدبية والخواطر 8 29 / 01 / 2017 33 : 12 PM
قراءة فى رواية "بغل المجلى" لعبد الجواد خفاجى عبد الحافظ بخيت متولى نقد أدبي 1 28 / 10 / 2010 36 : 05 PM


الساعة الآن 05 : 02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|