[خولة السعيد]

سجل.. أنا عربي

؛

هكذا ظل يردد محمود درويش وهكذا يعيد كل من ينبض حس العروبية فيه، وهكذا أكد سميح القاسم:

مثلما تغرس في الصحراء نخله
مثلما تطبع أمي في جبيني الجهم قبله
مثلما يلقي أبي عنه العباءه
ويهجي لأخي درس القراءه
[...]هكذا تنبض في قلبي العروبة

وثار نزار :

أنا يا صديقة متعب بعروبتي
فهل العروبة لعنة وعقاب؟
أمشي على ورق الخريطة خائفا
فعلى الخريطة كلنا أغراب

يؤلمني ما تتناقله أخبار العالم عن بلادنا العربية.. مع أني أتجنب الأخبار ولا أحب سماع الأنباء، إلا أنها تصلني ولو بندر يسير. كنت في طفولتي أحب قراءة الجرائد إن أحضرها أبي طبعا إلى البيت، وأحب الاستماع إلى الأخبار، لكن ما إن تبدأ النشرة حتى تأخذ أمي حاكوم التلفاز وتغير القناة، أما الجرائد فكنت آخذها لأبي إذ كان غالبا ما يحضر جريدة الصباح فيما أذكر، وكثيرا ما يأتي بها إلى بيتنا يوما واحدا في الأسبوع هو الثلاثاء _ هذا طبعا إن كنت مازلت أذكر التفاصيل _ كان ذلك اليوم يتميز بصفحة تخصص لذكر أخبار بشعة؛ مؤلمة؛ ومؤثرة بأقسى حزن، وكنت في خلسة أقرأ من تلك الجريدة ما يثيرني قبل النوم، ولعل هذا الأمر من الأشياء التي كانت تؤثر على اضطراب نومي المستمر إذ في كثير من الليالي كنت أوقظ أمي وأبي بصراخي في جوف الليل، ربما لهذا لم أعد أجد تلك الجريدة، أخبرتني أمي أن أبي لا يحب أن أقرأها..
لا أقرأ الجريدة.. لا أتابع نشرات الأخبار، ولا ولا ولا ولا .... استمر الحال هكذا حتى ما عدت أهتم للأخبار، صار أبي اليوم يحثني على متابعة الأخبار السياسية أو الدولية، ويقول إنه من العيب ألا أعرف ما يجري بالعالم ، لكني أنا من صرت أجد ذلك مزعجا ، بعض الأخبار تمثيل والآخر تدمير فلِمَ أهتم ؟ عالمنا العربي صار محزنا إن حدث وأخبرتني العصفورة بواقعة عربية أو بحادثة عالمية ....أو إن حدث وصادفت نقل الأنباء على شاشة التلفاز أو غيرها أجد فرائصي ترتعد، وأسناني تصطك غضبا..
نعم؛ لم أعد أهتم للأخبار، لم تعد لي رغبة في أن أبكي أكثر أو أن يظل العبوس رسما علي.. أحيانا أستمع لعناوين النشرة، لأرى هل من شيء يمكن أن يلفت انتباهي عن عالمنا العربي؟ فلا أجد وأتذكر قول تميم البرغوثي متحدثا بلهجة أمه:

في العالم العربي تعيش
كما قط ساكن تحت عربية
عينيه ما تشوفش م الدنيا دي حاجة الا الجزم
[...]
ولو سألوك تقول الحمد لله ربنا يديمها نعم
في العالم العربي تعيش
كما دمعة في عيون الكريم
المحنة تطردها يرجعها الكرم
في العالم العربي تعيش
تلميذ في حوش المدرسة من غير فطار
عينه على الشارع وبيحيي العلم
في العالم العربي تعيش
بتبص في الساعة وخايف نشرة الأخبار تفوت
علشان تشوف ع الشاشة ناس
في العالم العربي
تموت

نعم في العالم العربي إن لم تجد احتلالا أو استعمارا غربيا تجد فوضى داخلية، وكل بلد عربي ينتظر متى ستصيب الطلقة بلدا عربيا آخر...
في العالم العربي حكام أو مسؤولون مستبدون، الموظف مقموع، المسكين موجوع، والكل نقص المحبة أشعره بالجوع، فلم يبق إلا أن تهرق الدموع

أنا لست أهجو الحاكمين وإنما
أهجو بذكر الحاكمين هجائي

(أحمد مطر)
ونرى الأندلس وقرطبة يتكرر سقوطها بفعل الجبناء، نبيع دماءنا ببيع أراضينا، فنظل مواطنين بلا وطن

سقطت غرناطةٌ
للمرة الخمسين من أيدي العرب.
سقط التاريخ من أيدي العرب.
سقطت أعمدة الروح, و أفخاذ القبيلة.
سقطت كل مواويل البطولة.
سقطت إشبيلة.
سقطت أنطاكيه..
سقطت حطين من غير قتال.
سقطت عمورية..
سقطت مريم في أيدي الميليشيات
فما من رجلٍ ينقذ الرمز السماوي
و لا ثم رجولة..

ماذا ننتظر من هذا العالم العربي وهو ينهار أمامنا و أعيننا تصيح ( آش هاد الحال؟) نتصارع مع ذواتنا ضد ذواتنا ، ماذا ننتظر من عالم عربي كلما أحببناه وتعلقنا به أوجعنا وأردانا قتلى؟
عرب يا عرب
ما عاد شيء يحيي النفوس.. ابتلينا بنا، حتى الربيع الذي به قد تفاءل الكثير أسقط أوراقا كثيرة وأسال الأنهار فيضانات و بعد ذلك حل الجفاف..
جفاف العروبية.. جفاف الوطنية... جفاف العلاقات الإنسانية، خراب عربي يزلزل الروح الصامدة.. يدمر القلوب القوية..
لم يعد العربي منتصب القامة ولا مرفوع الهامة، وكلما حاول ذلك وجد نفسه قصيرا جدا ولا يقاوم، وأنا ما زلت منذ طفولتي أحاول رسم بلاد تسمى مجازا بلاد العرب ، أتساءل كيف كان الخليفة الواحد يحكم مشارق الأرض ومغاربها واليوم؟؟؟ آه على اليوم

أيا وطني: جعلوك مسلسل رعبٍ
نتابع أحداثه في المساء.
فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء؟؟ [...]
رأيت العروبة معروضةً في مزاد الأثاث القديم
ولكنَّني ما رأيت العرب

فهل ما زال الوقت لنحقق دعوة الشابي:

إذا الشعب يوما أراد الحياه فلابد أن يستجيب القدر؟

https://youtu.be/35wriEJvhWI

[عزة عامر]

سنموت .. كما مات درويش ، ومطر ، ودنقل ، وسقيرق ، سنموت وما بنا سوى الأماني .. :(

[خولة السعيد]

تلك الآمال تتحقق بالعمل والعبادة

[عزة عامر]

نعم صدقت ..

[خولة السعيد]

مساء الخير يا عرب..
ترى مازال العرب بالأغنيات يتساءلون:
وين وين وين؟
الشعب العربي وين؟
الغضب العربي وين؟