إنه صدى الفراغ حين تنطفئ جذوة الإيمان في قاعات الروح
د. رجاء بنحيدا
في ذلك البيدر المنسي من الروح، حيث تتهاوى النجوم كدموعٍ بلوريةٍ خلف ستائر اليأس، وتتلاشى همسات الأمل كأنفاسٍ أخيرةٍ في زوايا القلب المظلمة، هناك، يتجلى الحرمان الحقيقي بوجهه العاري، بوحشيته الصامتة.
ليس الحرمان فقدا لمال أو جاه، ولا رحيلًا لأحبة أو أصحاب، بل هو ذلك الصدى الأجوف الذي يتردد في قاعات الروح، حين تنطفئ جذوة الإيمان كشمعة ذابلة، وتتلاشى أنوار الهداية كسراب في صحراء قاحلة.
الحرمان هو أن تسير في دروب الحياة كغريب أعمى، تتلمس الطريق فلا تهتدي بنور القرآن، وتستجدي الأنس فلا تجد إلا صمت الدعاء. هو أن تنظر إلى السماء فلا ترى إلا سقفا من رماد، وإلى الأرض فلا تجد إلا صحراء من وحشة.
الحرمان هو أن تعيش في الدنيا كمسافر وحيد، وأن تموت فيها كنزيل غريب، وأن تبعث فيها كأسير مكبّل. هو أن ترى الحق كنورٍ ساطعٍ فتغمض عينيك، والباطل كظلامٍ دامسٍ فتستأنس به، وأن تسمع صوت الضمير كصرخة مكتومة فلا تصدقه.
فتعيش في ظلام دامس، وتموت في ظلام حالك، وتُبعث إلى ظلامٍ أبدي.
هذا هو الحرمان الحقيقي !!