التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,826
عدد  مرات الظهور : 162,238,159

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > إسرائيليات > إسرائيليات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 09 / 05 / 2008, 59 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
سامر عبد الله
شاعر - كاتب - صحفي

 الصورة الرمزية سامر عبد الله
 





سامر عبد الله is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

اليهود واليهودية والصهونية..سامر عبد الله144


[gdwl]

سلسة مقالات (منقولة ) من دراسات مفيدة جدا "للدكتور عبد الوهاب المسيري" بعنوان:
((موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية ))
يدونها ويحمعها:سامر عبد الله144
أولا :أسباب نشر الموسوعة

موسوعة اليهودية:


يعود تاريخ أول موسوعة متخصصة في تراث أعضاء الجماعات اليهودية والعقيدة اليهودية إلى منتصف القرن الثامن عشر حين ظهر في
مدينة فيرارا بإيطاليا عام 1750 أول جزء من موسوعة يهودية ٬ جمعها وألفها طبيب يد عى إسحق بن صمويل لامبرونتي) وانتهى نشرها
عام 1888 ) وتقع في ثلاثة عشر جزء ا. والموسوعة تعالج تراث اليهود وتاريخهم ٬ ولكنها كانت تخلط بين التاريخ والتلمود ولا تفصل بين
الواقع التاريخي والنصوص الدينية. ثم ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر موسوعة ألمانية متخصصة أخرى ٬ جمعها وكتب مادتها جيكوب
هامبرجر ٬ كبير حاخامات إحدى الإمارات الألمانية. وكانت هذه الموسوعة ٬ مثل سابقتها ٬ ذات طابع ديني محض. ثم تتالت الموسوعات ٬
٬ وهي الموسوعة اليهودية ( ذا جويش ( فظهرت أول موسوعة عن اليهودية باللغة الإنجليزية في أوائل القرن الحالي ( 1901 1906

التي تتألف من 12 جزء ا حررها أ. سنجر. أما الموسوعة اليهودية العالمية ( ذا يونيفرسال The Jewish Encyclopedia) أنسيكلوبيديا
٬ فقد حررها إسحق لاندمان و نشرت في نيويورك بين عامي 1939 The Universal Jewish Encyclopedia ) جويش أنسيكلوبيديا
و 1943 وظهرت في عشرة أجزاء. و نشرت موسوعة سيسل روث وجفري ويجودر في جزء واحد عام ٬1958 كما نشرت منها عدة

. طبعات كان آخرها طبعة 1970

وظهرت أول موسوعة متخصصة في الصهيونية وإسرائيل (دون تراث أعضاء الجماعات اليهودية) عام 1971 بعنوان موسوعة الصهيونية
٬ و كتبت تحت رعاية زلمان The Encyclopedia of Zionism and Israel ) وإسرائيل ( ذا أنسيكلوبيديا أوف زايونيزم آند إسرائيل
شازار ٬ أحد رؤساء الدولة الصهيونية السابقين. وظهرت منها طبعة جديدة مز يدة ومن قحة عام 1994 وح ررها ويجدور. وأخير ا ٬ في عام
٬ وهي أكبر عمل موسوعي حتى الآن يختص Encyclopeia Judaica ) ٬1972 ظهرت الموسوعة اليهودية ( أنسيكلوبيديا جودايكا
بتراث أعضاء الجماعات اليهودية بكل جوانبه ٬ وضمن ذلك الصهيونية وإسرائيل ٬ وتقع في 16 جزء ا. وهي تعت بر تلخيص ا لكل الدراسات
السابقة وتصنيف ا لكل جوانب تراث أعضاء الجماعات اليهودية عقيد ة وتاريخ ا ٬ و تصدر هذه الموسوعة كتاب ا سنوي ا يعمل على تزويد قارئ
الموسوعة بالمعلومات الحديثة .

وابتدا ء من عام ٬1935 ظهرت موسوعة عبرية تحت إشراف كلاوزنر في ستة أجزاء ٬ وظهرت موسوعة عبرية أخرى بين عامي 1950
. و 1961 في ستة عشر جزء ا. ولكن أهم الموسوعات العبرية هي الموسوعة العبرية التي صدرت في 31 جزء ا بين عامي 1941 و 1971

وقد ظهرت موسوعات إنجيلية مختلفة ولكنها لا تهمنا كثير ا ٬ لأننا في مجال دراستنا للصراع العربي الإسرائيلي لا نهتم باليهودية إلا كأحد
عناصر هذا الصراع ٬ والموسوعات الإنجيلية لا تهتم باليهودية إلا كدين وحسب. كما ظهرت موسوعة لشخص يد عى سيجيلا فيري تصفها
وإن صدق هذا القول ٬ فإن مثل هذه الموسوعة لن تنفعنا كثير ا لأنها مليئة ولا المعادين للسامية « المصادر اليهودية بأنها كتبت تحت رعاية
شك بادعاءات عنصرية ولا تفيدنا من قريب أو بعيد في إدارة أي صراع أو في فهم أية ظاهرة ٬ وهي في نهاية الأمر لم تن شر كاملة.

والملا حظ أن كل الموسوعات آنفة الذكر (باستثناء الموسوعات الإنجيلية وموسوعة فيري) قام بتأليفها باحثون يدينون باليهودية ٬ بل الأهم من
هذا أن معظمهم لهم ولاءات صهيونية (باستثناء محرري الموسوعة اليهودية الروسية التي نشرت بين عامي 1906 و 1913 في 16 جزء ا
٬ كما يمكن القول بأن محرري موسوعة لاندمان « قومية الدياسبورا » وحررها يهودا كاتزنلسون وسيمون دبنوف من منظور مؤيد لما يس مى
لا يدينون بالولاء للصهيونية) .

ومعظم إن لم يكن كل الموسوعات اليهودية التي صدرت بعد احتدام الصراع العربي الإسرائيلي قام بكتابتها يهود متحمسون للمشروع
الصهيوني الاستيطاني. وقد كان لهذا الوضع أعمق الأثر في وجهات النظر التي تبرزها هذه الموسوعات. ولتوضيح هذه النقطة سنضرب
مث لا بالموسوعة اليهودية الأخيرة باعتبار أنها أهم عمل موسوعي يختص بتراث الجماعات اليهودية والصهيونية وإسرائيل .

تذكر مقدمة هذه الموسوعة أن محررها هو سيسل روث المؤرخ اليهودي المعروف" بورعه وتقواه وتدينه العميق". وأنه استقر في إسرائيل
بعد أن تقاعد من عمله الجامعي في وطنه الأصلي إنجلترا. وأنه قام بالتدريس في إسرائيل في جامعة بارإيلان الدينية حيث ا تهم ٬ رغم ورعه
وتقواه ٬ بالانحراف عن الشريعة اليهودية ٬ و أصيب بنوبة قلبية فاستقال. وفي مجال تقديم روث للقارئ في الموسوعة اليهودية (جودايكا) ٬ تذكر
مقدمتها أن هذا العالم سافر ليلة الخامس من يونيه من نيويورك إلى القدس ليكون مع شعبه في إسرائيل ٬ وأنه حينما وصل إلى القدس جلس في
المخبأ طيلة هذه الليلة. ثم تقول المقدمة إن روث نظر من شرفته ورأى المعارك التي أعادت القدس لليهود بعد ألفي عام.. وبعد أن سكتت
المدافع ورأى الحجاج بالألوف يحجون لحائط المبكى ٬ أصر على أن يلقي صلاة خاصة في هذه المناسبة ٬ ثم ألقى خطاب ا على العاملين معه
في الموسوعة .وقد تكون هذه كلها أحداث ا شخصية لا علاقة لها بالعمل الموسوعي الضخم الذي ي ع د الآن أكبر مصدر مع تمد للمعلومات في
العالم عن اليهودية واليهود والصهيونية. وقد يقال إن ولاءات روث الدينية وحتى السياسية لا علاقة لها بالعمل الذي قام به ٬ ولكن كاتب مقدمة
الموسوعة اليهودية لا يترك لنا أية فرصة للتخمين أو المناورة من أجله ٬ فهو يؤكد بما لا يقبل الشك أن رؤية روث لحرب 1967 جعلته
يضيف بعد ا آخر للأحداث العظيمة التي كانت تتكشف أمامه. وقد كتب روث نفسه في مذكراته قائ لا: "إن الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط
والتي توجت بالنصر الإسرائيلي المدهش قد جعلت كل المراجع السابقة غير متطابقة مع الواقع ولهذا السبب أصبح نشر الموسوعة
اليهودية أمر ا ملح ا أكثر من ذي قبل


" ٬ أي أن انتصارات إسرائيل العسكرية قد عدلت رؤيته التاريخية (ولروث كتاب عنوانه تاريخ اليهود منذ
ميلاد يسرائيل حتى حرب الأيام الستة) .

وقد يقال إن هذا التحيز أمر يختص بسيسل روث وحده دون بقية ال ك تاب المشتركين في الموسوعة. ولكن ٬ مرة أخرى ٬ حينما يفتح القارئ أول
صفحة في أول مجلد من الموسوعة يفاجأ بالجملة التالية: "لقد حشد روث جيش ا جرار ا من المحررين والمؤلفين من بين أحسن العلماء اليهود
في العالم" ٬ كما نكتشف أن الموسوعة اليهودية (جودايكا) تو صف بأنها أعظم "عمل أدبي يهودي" في هذا القرن! ولكن بأي معنى من المعاني
وليس أي علماء متخصصين؟ هل اليهودية منهج « يهود » يمكن أن تو صف موسوعة بأنها "عمل يهودي"؟ ولم كان من الضروري أن يكتبها
في البحث ورؤية للتاريخ أم عقيدة دينية وانتماء أخلاقي؟ وحتى إذ افترضنا أنها منهج في البحث وعقيدة دينية تشكل رؤية صاحبها ٬ ألم يكن
من الضروري أن يب ين لنا الكاتب كيف تو صل المحرر للإطار النظري لموسوعته من خلال عقيدته؟ وهل يف ضل هذا المنهج المناهج
الأخرى؟ ولكن بد لا من ذلك ٬ تظهر العبارة التالية في المقدمة: "هذه المفاهيم حب يسرائيل ٬ ومركزية القدس ٬ وفهم رسالة الشعب اليهودي
هي مفاهيم كلها أساسية بالنسبة لروث وتتضح كلها في صفحات الموسوعة" ٬ أي أننا أمام عمل دعائي يستخدم لغة البحث العلمي وأساليبه
ومناهجه نشره ناشر إسرائيلي في القدس المحتلة. ولذا ٬ لابد أن نكون واعين تمام الوعي بأثر هذا الحب وهذه المركزية على ما يكتبون وعلى
ما يقدمون للقارئ.

ومن الأمور المثيرة للدهشة حق ا ٬ أنه بعد مرور ما يقرب من خمسين عام ا من الصراع العربي الإسرائيلي الرسمي ٬ وما يزيد على مائة عام
من الصراع التاريخي ٬ لم يص در حتى الآن معجم عربي واحد يع رف مصطلحات هذا الصراع و يف سر مفاهيمه ٬ وبالذات المصطلحات
والمفاهيم الخاصة بالعدو ٬ سواء من ناحية وضعه التاريخي أو من ناحية رؤيته لنفسه. (ظهرت الموسوعة الفلسطينية من 4 أجزاء ٬ ثم
٬ أي أن الجانب الصهيوني هامشي ٬ أما فيما يختص بالعقيدة وبالجماعات اليهودية فلا « موسوعة فلسطينية » ظهرت ستة أجزاء أخرى ولكنها
توجد سوى إشارات هنا وهناك). وقد نجم عن هذا الوضع أن كل باحث عربي لا يزال يتع ين عليه أن يبدأ دائم ا من نقطة الصفر ٬ ولا يزال
٬« اليشوف » يتع ين عليه أن يع رف كل المصطلحات التي يستخدمها. ولذا ٬ فإن الدراسات العربية للصراع تمتلئ بتعريفات مبدئية عن
مث لا؟ وقد أ دى هذا إلى تكرار الجهد وإضاعته ٬ وانخفاض مستوى البحث ٬ لأن « الشعب المختار » ٬ فماذا تعني عبارة مثل « التلمود » و
الباحث ٬ شاء أم أبى ٬ يجد نفسه مضطر ا إلى افتراض أن قارئه لا يزال عند نقطة الصفر .

اضطر الباحث العربي إلى أن يعود باستمرار إلى المصادر الصهيونية التي قد تعطيه كمية « معجم عربي » ولكن الأخطر من هذا أن غياب
هائلة من المعلومات هي ٬ في نهاية الأمر ٬ متح يزة و مو جهة ومو ظفة في خدمة هدف مع ين .ولذا ٬ يظل الباحث العربي دائم ا تحت رحمة
المصادر الصهيونية ومقولاتها التحليلية التي لا تكشف له من الظاهرة إلا تلك الجوانب التي يهمها كشفها ٬ حاجب ة عنه كل الجوانب الأخرى .

وحتى عندما تكشف المراجع الصهيونية عن كل جوانب الظاهرة أو الواقعة ٬ فهي تفعل ذلك بعد تفتيتها إلى عناصر متفرقة متناثرة ٬ وهو ما
يح ول الظاهرة إلى كم غير متحدد ٬ ليس له مضمون مع ين ٬ يص عب الكشف عن مدلوله الحقيقي .وقد نجم عن كل هذا أن كم ا هائ لا من المفاهيم
والمصطلحات الصهيونية تسرب إلى عقولنا ولغتنا دون أن ندري.

موسوعة تفكيكية (نقدية)

٬ وجدت ([ حينما بدأت أولى دراساتي المنشورة بالعربية عن الصهيونية (نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيوني [القاهرة 1972

« الكيبوتس ») أن معظم المؤلفين العرب يضطرون إلى التوقف عند كل صفحة لتعريف بعض المصطلحات والشخصيات التي يشيرون إليها
ولهذا ٬ قررت أن أستمر في كتابة دراستي دون تو قف لتعريف كل مصطلح ٬ ذلك التوقف الذي يؤدي حتم ا .(« الماباي » « بن جوريون »

إلى تش تت القارئ ٬ على أن ألحق بالدراسة مسرد ا أو ضح فيه ما غ مض من مصطلحات و أع رف فيه بالأعلام. وتح ول مشروع المسرد تدريجي ا
إلى مشروع كتيب معجمي مستقل ترد فيه معاني المصطلحات و تع رف فيه الشخصيات بطريقة معجمية. ثم تح ول مشروع الكتيب إلى معجم
صغير ٬ والمعجم الصغير إلى معجم كبير ٬ والمعجم الكبير إلى مشروع موسوعة صغيرة (من جزء واحد) تهدف إلى توفير المعلومات

(العربية والغربية) المتاحة حتى لا يض يع الباحث العربي وقته في البحث عن المعلومات وحتى يتفرغ للعملية البحثية الحقيقية ٬ أي عملية
التفسير والتقييم


.ولكنني حين بدأت في تنفيذ مشروع الموسوعة اكتشفت بعد قليل من البحث والتعمق أن مرجعية حقل الدراسات المعني

« الشعب « باليهود واليهودية ومصطلحاته مش بعة بالمفاهيم الأولية (ال ق بلية) لليهودية والصهيونية ٬ وأن عدد ا هائ لا من المفردات (مثل
يكتسب دلالات خاصة تخرجها عن معناها المعجمي المألوف ٬ وأننا نترجم ٬ ليس فقط حين نترجم ٬ ولكننا نترجم حتى حين


الأرض » و
نؤلف وذلك بسبب غياب الرؤية النقدية. كما اكتشفت أن المعلومات ٬ مهما بلغت من كثافة وذكاء وحذق ٬ هي عملية لا نهاية لها ٬ ولا جدوى
من ورائها ٬ فهي تشبه الرمال المتحركة ٬ وهي لا تأتي بالمعرفة ولا بالحكمة لأنها محكومة بمقولات ق بلية مح ددة تتم مراكمة المعلومات في
إطارها .

حينما أدركت ذلك تحولت الموسوعة من مجرد موسوعة معلوماتية صغيرة عادية تع رف بالمصطلحات والأعلام إلى موسوعة كبيرة تحاول
تفكيك المصطلحات والمفاهيم القائمة وتوضيح المفاهيم الكامنة وراءها بد لا من تلخيصها والعرض لها. ولذا ٬ فقد صدرت الموسوعة عام

1975 بعنوان فرعي رؤية نقدية حتى أنبه القارئ إلى أنه يتعامل مع موسوعة من نوع جديد ٬ وهى تعد أول موسوعة متكاملة عن اليهود
واليهودية والصهيونية ٬ كتبها مؤرخ غير يهودي


.
موسوعة تأسيسية


وفي عام ٬1975 قررت تحديث موسوعة المصطلحات اليهودية والصهيونية: رؤية نقدية (القاهرة 1975 ) وتعميق الجانب التفكيكي النقدي ٬

anti- بالإنجليزية: آنتي أنسيكلوبيديا ) « موسوعة مضادة » بعد أن أصبح ت أكثر وعي ا به. ولذا قررت أن أكتب ما سميته حينذاك
٬ فدعوت حشد ا كبير ا من الباحثين الشبان والمتخصصين وطلبت من كل واحد منهم أن يكتب مدخ لا في حقل تخصصه ٬


encyclopedia)

على أمل أن أنتهي من تحديث الموسوعة في غضون عام أو عامين. واستغرقت العملية التفكيكية ما يقرب من عشر سنوات أي حتى عام

1985 حين اكتشفت أنني انتقلت من مرحلة إلى مرحلة أخرى دون أن أشعر ٬ إذ وجدت أنني في واقع الأمر ٬ شأني شأن الباحثين الذين
تعاونوا معي ٬ أقوم بعملية تمديد أفقي للمعلومات في الإطار التفكيكي العام


. ولا شك في أن التفكيك له فائدة ٬ بل هو أمر حتمي وضروري ٬ فهو
يكشف المفاهيم الكامنة ويزيل الغشاوات ٬ ولكنه يترك كثير ا من جوانب الظاهرة دون تفسير. فالتفكيك عملية هدم جذرية تطهيرية ولكنه ليس
عملية تفسيرية. والتفسير غير التفكيك ٬ فهو عملية إبداعية تركيبية تتطلب نحت نماذج مختلفة والربط بينها والغوص في كل الأبعاد السياسية
والاقتصادية والدينية والمعرفية للظاهرة ٬ وإعادة ترتيب الوقائع وتصنيفها في ضوء النماذج الجديدة ٬ واكتشاف حقائق جديدة مه مشة ومنحها
المركزية التفسيرية التي تستحقها ٬ وتوليد مصطلحات جديدة وإعادة تعريف بعض المصطلحات القائمة .

وقد حدث شيء مهم جد ا في حياتي الفكرية عام 1985 وهو أن همومي الفكرية الأساسية (الصهيونية كاستعمار استيطاني وكأيديولوجية
لأعضاء الجماعات اليهودية الهيجلية والحلولية ونهاية التاريخ الاستهلاكية ومصير الإنسان التحيزات المعرفية والحاجة لمشروع
حضاري مستقل الحاجة إلى استخدام النماذج كأدوات تحليلية) ٬ التي كانت مترابطة بشكل ما ٬ تلاحمت تمام ا وأدركت العلاقات فيما بينها ٬
الأمر الذي كان يعني ضرورة البدء من جديد. ومما ساعد على تعميق هذا الاتجاه ٬ اكتشافي معلومات مهمة ٬ أي إدراكي أهميتها التفسيرية

(فهي معلومات معروفة ولكنها مه مشة تمام ا) ٬ فقد وجدت أن الغالبية الساحقة من يهود العالم الغربي في نهاية القرن الثامن عشر كانوا
يوجدون في بولندا ٬ وأننا حينما نتحدث عن يهود العالم الغربي


(أي معظم يهود العالم) فإنما نتحدث في واقع الأمر عن يهود بولندا الذين
اقتسمتهم روسيا والنمسا وألمانيا باقتسام بولندا نفسها ٬ ومن صفوفهم خرجت الألوف والملايين التي هاجرت إلى إنجلترا وأستراليا وكندا
والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا ثم فلسطين. ولذا ٬ لابد للمتخصص في اليهود واليهودية والصهيونية أن يلم إلمام ا كبير ا بتاريخ بولندا
وتشكيلها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الفريد. وهنا اكتشفت جهلي التام. هل سمع أحد منا بجمهورية يحكمها ملك منتخب؟ وما علاقة
بولندا بلتوانيا وما علاقتهما بأوكرانيا؟ هل سمع أحد منا بطبقة الشلاختا (طبقة النبلاء البولنديين) أو بنظام الأرندا (نظام استئجار الأراضي من
النبلاء)؟ وما دور اليهود في الإقطاع الاستيطاني البولندي في أوكرانيا؟ إن هذه العناصر والمفردات هي التي تك ون تاريخ بولندا ومن ثم
تاريخ الجماعة اليهودية فيها ٬ ولا يمكن فهم المسألة اليهودية إلا بعد الإحاطة بهذه العناصر وغيرها إحاطة كاملة .

هذا بالنسبة لليهود. أما بالنسبة لليهودية ٬ فقد اكتشفت الدور المتزايد الذي لعبته الق بالاه اللوريانية (أي الصوفية اليهودية على طريقة إسحق
لوريا) في تقويض دعائم التلمود حتى ح لت كتب الق بالاه محله. وبنا ء على هذا ٬ فقد أحضرت عدد ا كبير ا من الدراسات في تاريخ بولندا
والق بالاه وفي غير ذلك لأملأ الفراغات في تكويني الثقافي .

عند هذه اللحظة ٬ أدركت أنني تركت مرحلة التفكيك بصورة تلقائية وانتقلت إلى مرحلة التركيب ٬ وأنني لم أعد أفكك وحسب وإنما بدأت
أطرح أسئلة وإشكاليات ومصطلحات ونماذج ومقولات تحليلية جديدة كان من شأنها تركيب تص ور جديد لتاريخ اليهودية ولأعضاء الجماعات
اليهودية. وعلى هذا ٬ فإن الموسوعة لم تعد موسوعة معلوماتية تحاول توفير المعلومات للقارئ ٬ ولا حتى موسوعة تفكيكية تحاول أن تهدم
النماذج القائمة ٬ وإنما هي موسوعة تأسيسية. ولو كانت هذه الموسوعة موسوعة معلوماتية ٬ لأصبح هذا العمل ضعف حجمه الحالي ولتم
إنجازه في بضع سنوات ٬ ولو كانت موسوعة تفكيكية وحسب ل نشرت عام 1983 مع انتهاء السادة الباحثين الذين ق دموا إسهاماتهم في
موعدها ٬ ولكنها موسوعة تأسيسية كما أسلفت .

دراسة حالة

الإنجليزية التي تعني دراسة الظواهر الإنسانية من خلال التحليل المتعمق case study» كيس ستدي » هي ترجمة لعبارة « دراسة حالة «

لحالة فردية) قد يكون شخص ا أوجماعة أو حقبة تاريخية). ويفترض هذا المنهج أن الباحث يرى أن الحالة الفردية موضع الدراسة هي حالة
ممثلة لحالات أخرى كثيرة (حالة نماذجية في مصطلحنا) ٬ أي أنها جميع ا تنتمي لنفس النموذج. وهدف الدراسة هو الوصول لهذا النموذج
متمث لا بشكل متبلور في الحالة عن طريق التحليل المتعمق. وبعد الوصول إلى هذا النموذج يمكن تطبيقه على حالات أخرى تندرج تحته .

وهذه الموسوعة قامت بتطوير نماذج ثلاثة أساسية: الحلولية الكمونية الواحدية العلمانية الشاملة الجماعات الوظيفية ٬ ثم حاولت تحديد معالم
هذه النماذج ٬ ثم قامت باختبارها عن طريق تطبيقها على حالة محددة هي الجماعات اليهودية في العالم منذ ظهورها على مسرح التاريخ حتى
الوقت الحاضر .

ثلاثة نماذج أساسية: الحلولية العلمانية
الشاملة الجماعة
الوظيفية
يمكن القول بأن الأداة التحليلية الأساسية في هذه الموسوعة هي النموذج المعرفي التحليلي المركب الذي يبتعد عن الاختزالية والتفسيرات
أحادية ال بعد. فقد قمنا بصياغة نموذج مركب فضفاض يحاول أن يتناول الظواهر اليهودية والصهيونية في أبعادها السياسية والاقتصادية
والحضارية والمعرفية ٬ بل يشير إلى بعض العناصر التي قد يعجز هو ذاته عن تفسيرها. والنموذج التحليلي المركب الذي طورناه يتسم (في
تصورنا) بأنه لا يتأرجح بحدة بين العمومية الشاملة والخصوصية المتطرفة (المتأيقنة (فهو نموذج على مستوى معقول من العمومية
والخصوصية يرمي إلى وضع اليهود واليهودية والصهيونية ٬ باعتبارهم حالة محددة ٬ في سياق إنساني عالمي مقارن يضم كل البشر ويدرك
إنسانيتنا المشتركة ٬ حتى ندرك أن الحالة المحددة ليست شيئ ا مطلق ا وإنما تنتمي إلى نمط إنساني عام ومجرد ٬ ومع هذا يحاول النموذج
التحليلي في الوقت نفسه ألا يهمل الملامح الفريدة والمنحنى الخاص للظواهر اليهودية والصهيونية. ولذا لم نقذف باليهود واليهودية
والصهيونية في صحراء العمومية ال مس طحة التي وضعهم فيها أصحاب النماذج التحليلية الموضوعية الملساء (ومن بينهم صهاينة يريدون
تطبيع اليهود) الذين يرون اليهود باعتبارهم وحدات مادية ٬ اقتصادية أو سياسية عامة ٬ ليست لها ملامح متم يزة ولا تتمتع بأية خصوصية. كما
أننا لم نتركهم في جيتو الخصوصية اليهودية ٬ المفاهيمي والمصطلحي ٬ جيتو التف رد المطلق ٬ والقداسة والدناسة ٬ والطهارة والنجاسة ٬
والاختيار والنبذ. ذلك الجيتو الذي وضعهم فيه أصحاب النماذج التحليلية من الصهاينة وأعداء اليهود الذين يرون اليهود باعتبارهم ظاهرة
الدراسات » مستقلة ٬ مكتفية بذاتها ٬ تحوي داخلها كل أو معظم ما يكفي لتفسيرها. وانطلاق ا من هذا التصور تم تأسيس مخصص ا "علمي ا " يس مى


». اليهودية
بد لا من كل هذا ٬ حاولنا أن ندخل الظواهر اليهودية والصهيونية المجال الرحب للعلوم الإنسانية وعلم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجيا والتاريخ
الإنساني ٬ حيث يمكن من خلال نماذج مركبة رؤية علاقة الكل


) العام) بالجزء (الخاص) دون أن يفقد أ ي منهما استقلاله وحدوده .

التاريخ » و « المؤامرة اليهودية » و « اليهودي الخالص » و « اليهودي المطلق » و « اليهودي العالمي » ولإنجاز كل هذا ٬ قمنا بتفكيك مقولات مثل
إلخ) لنب ين المفاهيم الكامنة فيها ٬ فهي تفترض أن اليهود لا يتغيرون بتغير الزمان أو المكان ٬ وحتى إن تغ يروا فإن مثل هذا ...) « اليهودي
التغ ير يحدث داخل إطار يهودي مقصور على اليهود داخل حركيات وآليات التاريخ اليهودي. وب ينا عجز مثل هذه المقولات عن تفسير الواقع
بأن أشرنا إلى عدد كبير من العناصر التاريخية والاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية التي لم تتعرض لها هذه المقولات لأنها تقع خارج
نطاق مقدرتها التفسيرية. وب ينا أن هذه المقولات تتسم بالعمومية المفرطة (اليهود في كل زمان ومكان) والخصوصية المفرطة) اليهود وحدهم
دون غيرهم). وأوضحنا كذلك أن من المستحيل أن نفهم سلوك اليهود ٬ وآلامهم وأشواقهم وخيرهم وشرهم ٬ من الداخل ٬ أي بالعودة إلى كتبهم
المق دسة) التوراة والتلمود) أو شبه المق دسة (الق بالاه) أو غير المقدسة (البروتوكولات
لكن تاريخ الحضارة الغربية الحديثة منذ عصر النهضة ٬ سواء في شرق أوربا أم خارجها ٬ هو تاريخ التحديث والتغريب والعلمنة الجزئية
والشاملة والمشاكل المرتبطة بظهور الدولة العلمانية القومية المركزية. وهذا التاريخ ليس تاريخ العلمنة وحسب وإنما هو أيض ا تاريخ
الإمبريالية ٬ فتاريخ التشكيل الحضاري الغربي الحديث هو أيض ا تاريخ التشكيل الإمبريالي الغربي الحديث. وقد ارتبطت الجماعات اليهودية
في الغرب ٬ منذ البداية ٬ بالتشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي ٬ وتح دد مسار هجرة أعضاء الجماعات اليهودية بحركة الاستيطان الغربي.

كما أن رؤية الإنسان الغربي للعالم ولذاته وللجماعات اليهودية أصبحت رؤية علمانية إمبريالية. ومن هنا ٬ كان لابد من توسيع نطاق النموذج
ليشمل هذه الرؤية. وكان هذا يعني ضرورة تطوير نموذج آخر هو نموذج الرؤية العلمانية الإمبريالية الشاملة ٬ وهو نموذج أكثر اتساع ا من
نموذج الجماعات الوظيفية وأكثر عمومية إذ لا يضع اليهود في سياق الأقليات وحسب وإنما في سياق التشكيل الحضاري الإمبريالي الغربي ٬
وهو التشكيل الذي هيمن على العالم بأسره وضمنه أعضاء الجماعات اليهودية. وقد طبقنا هذا النموذج على اليهود باعتبارهم حالة محددة:

أقلية إثنية دينية تعيش في عصر العلمانية الشاملة. وهنا يظهر اليهودي باعتباره الإنسان الغربي الحديث ٬ وما يحدث له (من اندماج ودمج
وتدجين وتوظيف وتنميط وعلمنة وإبادة (هو ما يحدث للملايين من البشر في العصر الحديث. وهو إنسان يعيش في عصر أزمة الحداثة) ما
بعد الحداثة) .
3 استخدمنا في دراستنا لتطور اليهودية نموذج الحلولية الكمونية الواحدية مقابل نموذج التوحيد والتجاوز (الذي يفترض وجود ثنائية
فضفاضة


) ٬ وب ينا أن الصراع بين النموذجين يشكل التوتر الأساسي في اليهودية (وفي كل الأديان). فهو تعبير عن تناقض إنساني أساسي يسم
إنسانيتنا المشتركة ٬ يأخذ شكل النزعة الجنينية (وهي الرغبة في فقدان الهوية والالتحام بالكل والتخلي عن الوعي وعن المسئولية الخلقية) في
مقابل النزعة الإنسانية والربانية (وهي أن يؤكد الإنسان هويته الإنسانية المستقلة عن الطبيعة ويتحمل المسئولية الخلقية عن هذا الوضع) .

ومن خلال نموذج الحلولية الكمونية هذا أ رخنا للعقيدة اليهودية ولتصاعد معدلات الحلولية الكمونية فيها إلى أن سيطرت الق بالاه عليها تمام ا.

وهنا يظهر اليهودي باعتباره الإنسان ممثل الإنسانية المشتركة في واقعها المأساوي والملهاوي ٬ وفي مقدرتها الهائلة على تجاوز عالم المادة
وعلى الغوص فيه ٬ وعلى الصعود إلى أعلى درجات النبل ٬ وعلى الهبوط إلى أدنى درجات الخساسة .




[/gdwl]


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
سامر عبد الله غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قدر..سامر عبد الله144 سامر عبد الله قصيدة النثر 2 27 / 05 / 2013 09 : 02 AM
مقبرة...سامر عبد الله144 سامر عبد الله قصيدة النثر 2 04 / 06 / 2008 42 : 03 PM
كلاسيكا..سامر عبد الله144 سامر عبد الله قصيدة النثر 0 25 / 05 / 2008 47 : 01 AM
سفر ..سامر عبد الله144 سامر عبد الله قصيدة النثر 6 20 / 05 / 2008 00 : 05 PM
اليهود واليهودية والصهونية2..سامر عبد الله144 سامر عبد الله إسرائيليات 0 12 / 05 / 2008 34 : 08 PM


الساعة الآن 28 : 05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|