على شاطىء النهر هنالك جلس حكيم القرية كعادته يتأمل الكون الفسيح تعلوه سيماء الوقار وتبدوا فى عينيه حكمة الشيوخ
نظر حيث كوخه القريب .. اتّسعت حدقتاه : ويح قلبى ماذا أرى؟!
صبىّ صغير قد خرج من باب الكوخ وقد جاء هرولة
تسبقه دموعه قد بدت على محيّاه أمارات الفزع والهلع ، وقد
ابتلّت ملابسه عرقا ورعبا ..
أى بنىّ! .. خبِّرنى ماذا ألمّ بك ؟ وما تلك الحالة التى أراك عليها ؟!
أبتاه : من أصل نبع الشّهد وعين جوهره قد سقتنى ، ثم ما لبثت أن جرّعتنى سمّا زعافا ...
أبتاه : أحتوتنى رقة وحنانا زمنا ثم ما لبثت أن ذبحتنى فى ساعة واحدة من نهار ...
أبتاه : من دفء أحضانها انتزعتنى وأشارت الى حيث النبع قائلة : هنالك قد خبّأت لك خبيئة هلمّ اليها فبينا أنا أسير اذ هتف فى سمعى صوت حنون قائلا : " فلتنظر خلفك " فاذا هى وقد استحالت امرأة شمطاء شعثة الرأس شائهة الوجه قد اتّقدت عيناها نارا تتأجج ، واذا بضحكاتها كالصِّراخ تخرج من جوفها
واذا بها ساخرة . ساحرة . ماكرة . بشعة . شريرة . مرعبة ..
ثم ها أنذا أهرع الى حضنك أبتاه .
أى بنىّ : هوِّن عليك ولا تبتئس
أما أنت : فلسوف يحتضنك القمر وستحتويك النجوم وستشرق الشمس يوما على جنبات فؤادك الغض وقلبك الصغير ...
أما هى : فانما هى عين الجحيم ، واعلم صغيرى أنك قد نجوت من حبائل ابليس اللعين وكيد الشيطان الرجيم
بنىّ : ألم أخبرك مرارا حبيبى أنك متى أردت الدخول على الشبكة العنكبوتية أن تتفل عن يسارك ثلاثا وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأن تغير مضجعك فى كل مرة ..
الغلام وقد أشرق سناه : سأفعل أبتاه
ابتسم العجوز وطمئن الصبىِّ وداعب خصلات من شعره وربت على كتفيه
ابتسم الصبىّ ورجع قافلا الى الكوخ .
..................................................
قصة قصيرة : (من وقائع مآسى الأنترنت) .