بروتوكولات حكماء صهيون
بروتوكولات حكماء صهيون
من أشهر وأخطر المطبوعات المعادية لليهودية . وقد نشرها أولا باللغة الروسية سيرجي نيلوس أحد الموظفين الروس في عام 1905(وهناك إحدى النسخ الأصلية منها في المتحف البريطاني) مدعيا أنه استلم المخطوطة في عام 1901 من صديق له حصل عليها من امرأة سرقتها من أحد أقطاب الماسونية في فرنسا . وتضم دروسا ألقيت على التلامذة اليهود في باريس بعبارات تقطر سما وحقدا ضد الأغيار ( والأغيار هم ألغوييم عند اليهود أي الأقوام الأخرى غير اليهود) , وتضع الخطط للتغلب عليهم والسيطرة على العالم, ومن هنا جاءت فكرة" المؤامرة اليهودية العالمية " التي ارتبط ذكرها بالبروتوكولات . ويكشف الكتاب عن تأثر كاتبه الواضح بالفكر العنصري للقرن التاسع عشر ,ومن ذلك التأكيد على سنن الطبيعة والقوة بدلا من الحق, وعلى معاداة الثورة الفرنسية ومبادئ الحرية والمساواة والإخاء, والنيل من مكانة المرأة ومن دور الرأسمال والصناعة الحديثة.
ويؤكد الكاتب أن السياسة لاتخضع للأخلاق , وأن على اليهود أن يستعملوا الحيلة والدهاء والنفاق ويستغلوا الحريات العامة وإمكانات النقد لتقويض كيان الدول,ويسعوا لإيقاعها في الحروب على ألا تؤدى هذه الحروب الى تعديلات في حدود الدول أو إلى مكاسب إقليمية ليتمكن رأس المال فقط من الخروج بالغنائم. وينبغي تركيز المنافسة في المجتمع ليجرى الجميع نحو بريق الذهب, ويصبح الدين والسياسة مهزلتين ويسود رأس المال كل شئ .
وقد اكتسح الكتاب ,لعدة سنوات, الفكر في أوربا حتى قيل: انه أصبح أكبر كتاب رائج في العالم بعد الكتاب المقدس. كما انه ترجم إلى العربية وأثر في عقول بعض الناس ردحا من الزمن. ولاشك أن أفكار الكتاب أصابت الأوساط الأوربية المحافظة في الصميم فوجدت فيه تفسيرا لكثير من المظاهر السياسية والاجتماعية والأخلاقية الحديثة التي أرعبتها. ولكن مراسل جريدة التايمس اللندنية في استانبول أعلن في عام 1921 أن الوثيقة مزورة من أولها إلى آخرها, فقد عثر على أصلها في كتاب فرنسي جاء به مهاجر روسي اشتراه من ضابط سابق في الأوخرانا (الشرطة السياسية القيصرية) . وكان الكتاب المذكور يحمل مكان النشر في جنيف وتاريخه15/10/1864 , ونفذ من الأسواق منذ سنين طويلة , وتضمن هجوما مستترا على حكم نابليون الثالث بشكل 25 حوارا بين مونتيسكيو وميكيافليي , وعنوان الكتاب :" حوار في الجحيم بين مكيافيللي ومونتيسكيو, أو سياسة مكيافيللي في القرن التاسع عشر , بقلم معاصر" .
وأدى نشر هذا الكتاب إلى سجن المؤلف المحامي موريس جولي. وجدت نسخة منه في المتحف البريطاني, ولدى مقابلة الكتابين تبين أن بروتوكولات حكماء صهيون لم تتأثر فقط بالمطبوع الفرنسي, وإنما تضمنت اقتباسات منه بالنص تقريبا. وبمزيد من التحقيق بدت البروتوكولات وكأنها من أشهر التزويرات السياسية في التاريخ . وقد أسند المؤرخ الروسي فلاديمير برستيف نشرها إلى أيعاز من الشرطة السياسية الروسية للنيل من الحركات الثورية والليبرالية وأفكار الثورة الفرنسية , ولم الشعب حول القيصر والأرستقراطية والكنيسة. ولا شك أن تركيز البروتوكولات على هذه العناصر يؤيد الانطباع.
وبالنظر للسمعة الثالثة التي اكتسبتها هذه البروتوكولات فقد استفاد الصهيونيون من ذلك بإرجاع أي نقد ضدهم إلى الوقوع في حبائل البروتوكولات. ويعتبر التعامل بالبروتوكولات أو الاستشهاد بها في الغرب الآن دليلا على معاداة السامية .وقد لوحظ أن تصرفات الصهيونية و(إسرائيل) جاءت مصداقا لما أوردته البروتوكولات من أفكار وتوقعات, ومن ذلك الارتباط الأخطبوطي للكيان الصهيوني بالكيانات اليهودية عبر العالم, مما يعطي صدى لفكرة الأفعى الرمزية التي يتردد ذكرها في البروتوكولات بجسمها وذنبها الممتد حول العالم ورأسها المستقر في (إسرائيل) . ومنها أيضا التأكيد على الصحافة وسيطرة اليهود عليها, واستخدام المال والإعلام والعلم في التأثير على الدول, والاعتماد على أي أسلوب مهما كان غير أخلاقي كالرشوة والفساد والمرأة والغش والإرهاب , ومنها أن على الدولة اليهودية – كما تقول البروتوكولات – أن تعتمد على العنف والرياء, وعلى اليهود أن يستغلوا الخلافات بين الدول ويبسطوا نفوذهم عليها ولا يتركوا اتفاقا يتم دون أن يكون لهم ضلع فيه .
ولئن لاح كل ذلك لبعض الباحثين دليلا على دقة الملاحظة والإحساس وسعة النظر مما يمتاز به المزورون عموما فان باحثين آخرين وجدوه برهانا على صحة البروتوكولات وتطبيقا مخيفا لوصايا حكماء صهيون في عودة الأفعى إلى القدس (تأسيس إسرائيل ) بعد إصابة أوروبا بالدمار والخراب . ومما يلفت النظر تزامن الوثيقة مع المؤتمر الصهيوني الأول .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|