التراب الحزين
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/18.gif');border:4px ridge deeppink;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
تحدثت من قبل وفي أماكن عدة عن مجموعة "التراب الحزين" للراحل الدكتور بديع حقي، وأجدني بين الفينة والفينة، أعود لهذه المجموعة الخصبة، لأقبس منها جمرة الإبداع الذي يأخذ اسم بديع حقي كمبدع متميز يعرف كيف يعطي الرواية أو القصة أو المقالة روحاً وجسداً ونفساً..
وفي "التراب الحزين" التي صدرت في دمشق عام 1960، الكثير من روعة أسلوب هذا الكاتب الذي يخضع اللغة لوجد وحب ومشاعر وأحاسيس، فتخرج حافلة بالمعنى والصور والجمال.. كأنَّ بديع حقي وهو يكتب هذه المجموعة كان يستحضر الشوق الفلسطيني كله ليصبه في كل قصة..
كان بديع حقي مسكوناً بهم فلسطين وحب فلسطين وعشق فلسطين.. ما حدثته مرة أو جالسته، إلا وكان أكثر مني استحضاراً لفلسطين.. إنسان يعبر عن كتلة من المشاعر والأحاسيس.. ومن عرف بديع حقي عن قرب، ومن قرأ أدبه قراءة عميقة واعية، يجد أنه قلما خرج عن الموضوعة الفلسطينية.. ففلسطين في أدب بديع حقي، وفي كل أحاديثه، تأخذ مكان الصدارة.. وكان يصل إلى شيء من النحيب وهو يلقي قصة عن فلسطين.. فالحب الذي يسكنه لا يحد، والميل إلى كل حبة تراب من فلسطين، يجعله يندفع إلى عناق ذكراها وذاكرتها دون انقطاع..
كثيراً ما حدثته عن "التراب الحزين" حيث كنت ومازلت مسكوناً بها وبشخصياتها، وكان يستمع ويعلق ويضحك بفرح المبدع الجميل الذي يهمه أن يصل أدبه إلى مدى بعيد .. وحين كتبت عن "التراب الحزين" للمرة الأولى شكرني وأخذ يحكي لي عن علاقة كتاباته بفلسطين، العلاقة التي لا تفصم عراها.. فالرجل لا يميل إلى أي كتابة تخرج عن مسار التزامه بما هو وطني وقومي.. والتزامه هذا التزام حب وعشق وشغف، لذلك كانت كتاباته رائعة بكل معنى الكلمة..
أبحث عن مجموعة "التراب الحزين" في مكتبتي بين الحين والحين، وأشعر بالضيق حين لا أجدها، فهي رفيقي وصديقي وهدية إنسان رائع هو بديع حقي، وحين تطل علي من بين الكتب آخذها إلى صدري وأبدأ بالقراءة وكأنني لم أقرأها من قبل.. وتأخذ الكلمات والجمل في التدفق، تأخذ الشخصيات في القفز والحركة هنا وهناك، يقول بديع حقي في واحدة من قصصها: "هبت، مساء اليوم، ريح لينة، ولكنها هزتني وبثت في قلبي الخوف، فارتجفت حبالي وتمايل جذعي كأنه يهوم من النعاس، ورأيت الفتى يبادر إلى حبالي فيشدها وإلى أوتادي فيدقها، وإذا أنا في الأرض ثابتة.. وشعرت بأن يداً رحيمة تطوقني بحنانها، وأحببت منذ تلك اللحظة، أحمد فتاي الصغير، حباً عنيفاً جازماً، ولم يدر أنني لثمته، خلسة، فقد لمست وجهه بأطراف شفتي، فأزاحني بمرفقه، ولعله حسب أن الريح هي التي لوتني على وجهه الحبيب" سطور من "مذكرات خيمة" ترينا إلى الجمال المصفى في أسلوب هذا المبدع الكبير..
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|