التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,848
عدد  مرات الظهور : 162,316,514

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 23 / 08 / 2008, 16 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
نزار ب. الزين
أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)

 الصورة الرمزية نزار ب. الزين
 





نزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to allنزار ب. الزين is a name known to all

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريه

العزاء - قصة قصيرة - نزار ب. الزين

[align=CENTER][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]

العزاء


قصة قصيرة


نزار ب. الزين*

[/align][/cell][/table1][/align]




جلس فادي على حافة الشرفة ، و أخذ يتأمل منظر الوادي الخلاب ، تملؤه أشجار الصنوبر كآلاف المظلات الخضراء تنتشر في كل مكان، بعضها ينحدر عميقا إلى قعر الوادي بينما يرتفع بعضها الآخر حتى حواف القمم ؛ التلال كلها و الجبل مكسوة بها ، عدا مساحة صغيرة في قمة الجبل الشرقي ، ظلت عارية .

و ثمت كتل صغيرة من الغيوم تسرع خطاها نحو الجبل و قد بدأت تلعب لعبة التحول ، تغير شكلها في كل ثانية فتثير خياله ؛ تارة يراها كحيوان جامح فقد رأسه ، و تارة على شكل رأس فتاة بلا ملامح ، و حينا تأخذ شكل سمكة لا تلبث أن تتطور إلى فيل ، أو شكل تنين متعدد الرؤوس لا يلبث أن يفقد رؤوسه الواحد إثر الآخر ، كتل تتزايد مع اقتراب المغيب و تتسارع على إيقاع نسمات صيفية عليلة ، ثم تلتقي جميعا عند سفح الجبل فتتراكم هناك في كتلة ضبابية أخذت تتضخم شيئا فشيئا .
أحس فادي اللحظة بقشعريرة ، فارتدى على الفور سترته ، ثم عاد إلى تأمل المنظر الذي لا يمل و لن يمل تأمله ، بينما بدأ الناس نساء و رجالا ، شبانا و شيبا ، يتمشون أزواجا أزواجا ، ذهابا و إيابا ، على الطريق المؤدي إلى قصر البيك .
كان يفكر:
هل موت بقرة يثير كل هذا الإشفاق ؟ لم تبق عائلة في القرية الأم أو في ضواحيها العالية ، إلا و زارت عائلة نعمة الله معزية : - " المال و لا الرجال يا روز ، المال و لا الرجال يا مطانيس " الأم بكت ، و الجدة بكت ، و الأب قطب جبينه ، و الناس ظلوا يتوافدون :
" المال و لا الرجال "
" الله يصبركم .. الله يعوضكم "
و في العصر إمتلأ البيت عن آخره ، بعض النساء ارتدين السواد ؛ و عبارات مثل : " المال و لا الرجال يا أم كميل ، عوضكم على الله يا أبو كميل " تستمر و تتكرر.
أما دعد ابنتهم ذات الثلاثة عشر ربيعا ، فلم تخرج اليوم بطوله من المطبخ ، تطهو دِلال القهوة ، دلَّة بعد دله ، حاولت جدتها العجوز مساعدتها فكسرت بيدها المرتجفة بعض الفناجين ، فنهرتها دعد ثم دفعتها بقسوة إلى خارج المطبخ و كادت تلقيها أرضا .
يا لها من فتاة شرسة ، بالأمس طردت جميلة و أهلها شر طردة ، لأسباب لا يزال يجهلها ، و اليوم تعامل جدتها بمنتهى القسوة ؛ في الثالثة عشر و لكنها تتصرف كسيدة صارمة و محنكة في الأربعين .
عاد الآن كميل من عمله في بيروت ، حضن أمه مواسيا ، ثم حضن أباه معزيا ثم جلس يستقبل مع أبويه مزيدا من المعزين :
" المال و لا الرجال يا أبو كميل "
" الله يعوضكم يا كميل و البركة فيك "
"الله يصبرك يا أم كميل "
و دعد في المطبخ مستمرة بطهو دِلال القهوة ، و فادي مستمر بتأمل المنظر الخلاب ، فقد بدأت أضواء القرى الصغيرة المتناثرة على سفح الجبل الشرقي و وادي الصنوبر ، تتلألأ و تتكاثر ، و انتشر الضباب الآن في الوادي كله و بدأ يغطي كل شيء .
بعد انصراف آخر المعزين ، دخل فادي إلى غرفة الجلوس و استرخى بقرب كميل ، كانت دعد قد أعدت العشاء ، فجلسوا جميعا يتناولونه ، بينما كان الصمت يخيم فوق رؤوسهم جميعا ، و ما لبث كميل أن قطعه :
- لا تبتئسا يا والديَّ ، فقد تجمع لديّ بعض المال ، كنت أوفره لمصاريف فرحي ، سأعطيك إياه يا أبي ، لتشتري بقرة بديلة .

- الله يرضى عليك يا إبني ، احتفظ بنقودك في جيبك ، ففرحي بك يعوض ألف بقرة !

و بعد إلحاح من كلا والديه أجابهما راجيا :
- أوافق شريطة أن تكفا عن الحزن و الأسى !
ثم إلتفت نحو فادي متساءلا :
- و أنت ما يحزنك يا فادي ، البقرة أم جميلة ؟
فضحك الجميع ، فتظاهر فادي بالضحك محاولا إخفاء خجله الشديد ، و لكن أبو كميل أشار نحوه قائلا و هو لا زال يضحك :
- أنظروا إلى وجهه لقد أصبح كالشمندر المطبوخ !
فانفجرت موجة جديدة من الضحك ، ثم علق كميل :
- مؤكد ، لو كان فادي يحمل سلاحا في تلك اللحظة لما توانى عن قتل دعد .
فانفجر بركان ضاحك جديد ، دفع فادي إلى الإنسحاب إلى فراشه .



*****



عائلة نعمة الله ، من ذوي الدخل المحدود في ضيعة ضهر الهوا ، تملك المنزل ذا الغرف الأربع في طابقين و قطعة أرض مجاورة تزرع فيها أم كميل الكرمة ، و بضع شجرات صنوبر ؛ و في الصيف تؤجر الغرف لمصطافين من مدينة بيروت ، و فادي و أهله من هؤلاء . أما الجدة فتخبز خبز الصاج و مناقيش الزعتر صباح كل يوم سبت ، فتأكل العائلة بعضه و تبيع بعضه ، أما بقية أيامها فتقضيه في الغابة تجمع الأغصان و الأوراق المتساقطة من أشجار الغابة ، لتستخدمها - من ثم - وقودا لصاجها .
و كانت البقرة المرحومة ، تنتج لبنا حليبا يفيض منه الكثير ، فتبيعه أم كميل للمصطافين في بيوت القرية الأخرى ؛ ثم مرضت ، فأحضروا لها طبيبا بيطريا ، الذي تكهن أنها ربما أكلت من نبات سام ، و أنها لن تعيش طويلا ، و ينصح العائلة بذبحها على ألا يأكل أحد من لحمها ؛ و لكن أم كميل رفضت الفكرة فتركت بقرتها تموت ميتة طبيعية .
أما كميل الذي لم يحصِّل من العلم إلا على الشهادة المتوسطة ( البروفيه ) ، فقد دخل إحدى المسابقات التي أهلته لوظيفة في إدارة الهاتف الآلي المحدثة ، و لكن دعد رفضت أن تكمل إلى أكثر من الصف السادس .



*****



عائلة لطيفة يعاملون فادي كأنه واحد منهم .
و لكن ترى لِمَ تصرفوا هكذا مع جميلة و أهلها ؟ و كيف سمحوا لدعد و هي لا زالت طفلة لم تتعدَّ الثالثة عشر ، أن تشتمهم و تقذفهم بالحجارة ؟ ترى هل تأخروا بدفع الإيجار ؟ أم لأنهم قطفوا بعض العنب من الكرم ؟ أم لأنهم إستهلكوا مزيدا من الماء فوق ما هو مقنن لهم ؟
ثم أين و كيف سيلتقي بجميلة بعد هذا الذي حصل ؟ إنه لا يعرف حتى عنوانها في بيروت .
كانت هذه التساؤلات تلح عليه قبيل أن يختطفه النوم .



*****


توجه أبو كميل منذ الصباح الباكر إلى قصر البيك فقد كان (جنايني) القصر .
و توجه كميل إلى دار خطيبته لتناول الإفطار بدعوة من أهلها .
و توجهت أم كميل إلى الكرم لتغطية عناقيد العنب التي بدأت تغزوها الدبابير .
و جلس فادي على الشرفة و بين يديه أدوات الرسم و بدأ يرسم قصر البيك و مدرجات الكرمة من حوله ، تقدمت منه دعد متسائلة :
- ألا تمل الرسم ؟ فأجابها مبتسما :
- إطلاقا ! و سألتحق يوما بمعهد لتعليم الرسم ، أجل ، أنا لا أمل الرسم و لا أضجر من عشق الطبيعة ..
- و عشق البنات الفاسدات .
أجابته ساخرة ، فقطب فادي جبينه ، مستاء و مستغربا ، ثم سألها ببعض غلظة :
- ماذا تقصدين ؟
- أقصد ما رايته ؟
- و ما ذا رأيت ؟ ترى هل جاء دوري ؟
- حسابك فيما بعد !
- حسابي ؟! سألها بمزيد الدهشة ؟ ثم أضاف:
– ما هذا الغموض و الأسلوب الملتوي ؟ أفصحي عما يدور بخلدك !
صمتت قليلا ثم أجابته متحدية :
- أنت و جميلة ، قتلتما البقرة ؟
- أنا ؟ ما هذه الفرية يا دعد ؟
- شاهدتكما و أنتما تخرجان من غرفة التبن أكثر من مرة !
- أنت تتخيلين !
- بل كانت آثار التبن عالقة على ملابسكما في كل مرة ! .
- ألهذا السبب طردت جميلة و أهلها ؟
- لهذا و لغيره !
- لو كان كلامك صحيحا لما صمتِّي ، فلسانك أطول منك !
- سكتّ كي لا أسبب لك مشكلة أو فضيحة !
قالت هذا و قد إشتعل وجهها حتى بدا بلون الجمر ، ثم ولّت هاربة.



--------------------------------------------


* نزار بهاء الدين الزين


سوري مغترب


عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب


عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata


الموقع : www.FreeArabi.com

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نزار ب. الزين غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اعذرني أرجوك - قصة قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين قال الراوي 4 01 / 10 / 2021 40 : 04 AM
اعذرني أرجوك - قصة قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 5 16 / 06 / 2020 56 : 09 PM
زيارة تفقدية - قصة قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 4 17 / 10 / 2009 39 : 04 AM
المشعوذ - رواية قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 11 / 09 / 2008 46 : 04 AM
فجور - قصة قصيرة - نزار ب. الزين نزار ب. الزين الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 2 03 / 04 / 2008 49 : 08 AM


الساعة الآن 01 : 10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|