قصة : حدثَ هناك ..!
لم ينقطع رنين الساعة العابثة إلا عندما امتدت إليها يده وأخرستها . نهض متثاقلاً صوب النافذة الكبيرة والمطلة على حديقة الدار , تنّشٌق بعمق هواء ذلك الصباح المشرق الدافيء , حيث الشمس غازلة خيوطها الذهبية المنسدلة فوق تلك الزهور ( اليابانية ) , المرتّبة وبنسق هندسي آخاذ , وهي ترسل شذاها العبيق . استدار الى الجدار الذي توسطته ساعة ( سويسرية ) أنيقة , وخطوات عقاربها خفيضة , متئدة . لم يستغرق طويلا في تحديقه اليها , فقد جاءه طرق على الباب متناغم ودقاتها . دلفت خادمته ( الفلبينية ) الرشيقة القد , وهي تحمل قدحاً من الماء مع فنجان القهوة ( البرازيلية ) . مسَّ أناملها مساً رفيقا وأحس بلين وطراءة تلك الأنامل . سرت في جسده نشوة عندما لامس ذلك العطر ( الفرنسي ) حواسه وهو ينساح سائغاً طيباً , أنساه موعده الذي من أجله كان نهوضه المبّكر هذا ......
خرج على عجل حيث سائق السيارة ( الهندي ) بانتظاره . ومع انحناءته المعتادة على الطريقة ( اليابانية ) , فتح له باب السيارة ( الأمريكية ) الصنع ليدلف فيها ويرمي بجسده وحقيبته ( الإيطالية ) الجلد على المقعد الخلفي , ويتواري في فراشها الوثير .. تناول سيكارا ( كوبيا ) وأزاح عنه غلافه اللماع الشفاف , وارتشف رائحة التبغ قبل ان يشعله .
رنَّ هاتفه الخليوي وأجاب بصوت خفيض مع قهقهات جعلت السائق يبصره من خلال المرآة التي أمامه . لكز كتف السائق وأمره بعدم النظر اليه في المرآة , وأن يغلق المذياع الذي كان يبث صوت فيروز , وهي تلهج بإغنية " نطّرونا كثير" .. أشعل السيكار , نفث دخانها الذي انساب حائماً وراسماً حلقات ودوائر لامست سقف السيارة ليتهشّم الى أسراب بيضاء غير متجانسة ..
شعر ببعض الضيق وهو يقّلب صفحات المحاضرة التي سيلقيها بعد قليل , فقد جاهد كثيراً في ترجمة بعض المصادر ( الإنكليزية ) .. نظر ملياً الى عنوان المحاضرة الذي كتب بخط ( فارسي ) أنيق , وتهجّى كلمات العنوان بصوت مسموع :
_ أحدث الوسائل الفنية في تشجيع الصناعة الوطنية !!
************************************************** ************************************************** *****************************************
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|