ناصرٌ يتجسدُ في شافيز يا امة العرب فهلا اتبعتموه؟
لقد أصيب العالم بنكسة عندما انهار الاتحاد السوفيتي، وبدأت مرحلة جديدة، استفرد فيها البنتاغون الأمريكي في رسم السياسة العالمية، وبدأ عصر مظلم من الهيمنة الأمريكية الاستعمارية على العالم.
ازداد الأمر سوءا على البشرية جمعاء، عندما أُطلِقَ العنان لعصابة رؤوس الأموال وأصحاب الشركات العملاقة في البيت الأبيض من أمثال "بوش" و "رامسفيلد" في نهب خيرات الشعوب، والمضي قدما وبخطى سريعة نحو العولمة التي تزيد من عدد الفقراء، وتحصر خيرات العالم في ثلة طاغية حاكمة تمتص دماء الشعوب.
ما كان لأنياب الامبريالية أن تنغرز في لحم الشعوب الفقيرة، لولا غياب الضد الحقيقي لها، والذي ينبه الأمم لمخاطرها، ويحشد الطاقات لمحاربتها وتحرير الشعوب من عبوديتها.
على المستوى العربي كان الزعيم الخالد جمال عبد الناصر أول من حمل راية الفداء؛ لتحرير الشعوب من قوى الاستعمار، وخاض الحروب والصراعات في كل المحافل، وشكل دول عدم الانحياز، فمهد لبناء تحالف من الشعوب المقهورة، ورسم طريق التحرر للإنسانية.
وبعد غياب ناصر استمر الاتحاد السوفيتي على المستوى العالمي في دوره البارز في مواجهة الولايات المتحدة والعالم الغربي الاستعماري، وبقي العالم متزنا صراعه بين قوى التحرر والاستعمار حتى انهار الاتحاد السوفيتي، ولكن الطبيعة تكره الفراغ، وهي مبنية على توازن الأضَّاد، فأعادت ناصر من جديد، ووضعت روح الزعيم الخالد في جسد المناضل شافيز، فحمل راية المستضعفين في الأرض وبدا يشحذ الهمم تماما كما كان ناصر يفعل في خطاباته وتحالفاته.
نعم من يفهم الصراع الحقيقي في العالم يعرف أنه بين قوتين لا ثالث لهما :
القوة الأولى وتتمثل بالامبريالية، والأنظمة الرأسمالية الغربية المتحالفة مع الصهيونية، ومن يلتف لفيفهم من الأنظمة الرجعية العربية
والقوة الآخرى: تتمثل في الشعوب المقهورة وحركات التحرر الوطنية والقومية والعالمية.
إذن شافيز يقارع الشيطان ويتحدى عنجهية الغطرسة الامبريالية، يتحدث تماما كأنه ناصر، يطرد السفير الصهيوني احتجاجا على مجازر الكيان الصهيوني في غزة رغم البعد الجغرافي والقومي بين فنزويلا وفلسطين، في الوقت الذي تحتضن فيه دولٌ عربية عديدة السفير الصهيوني، وتحافظ على علاقات الود والجوار، وكأن فلسطين لا تعني الأنظمة العربية في شيء.
لقد صفقت الجماهير العربية لشافيز ومواقفه في الوقت الذي لعنت زعماءها رغم اختلاف اللغة والدين بينهما، ولكن ما جمع شافيز مع الجماهير العربية الغاضبة هو الخندق الواحد في معركة المضطهدين في الأرض ضد الاستعمار وقوى الاستبداد والظلم، وهو تماما ما جمع ناصر مع غاندي والشعوب الإفريقية والعالمية التي تناضل من أجل تحررها ووحدتها.
يقولون أن العظماء يصنعون التاريخ، والحقيقة أن من يصنع التاريخ هو العمل الجماعي الذي يقوده رجال عظماء؛ لهذا إذا أرادت الأمة العربية أن تكتب تاريخها بأيديها، على جماهيرها أن تسقط باستيلات القمع في كل العواصم، وتسعى لوحدة أقطارها وجمعها في دولة واحدة من المحيط إلى الخليج، ومن ثم تمضي للنهضة على خطى الزعيم الخالد ناصر، ولتنتهز الفرصة للتحالف مع شافيز وأخذ دورها في الصراع العالمي القائم بين قوى الاستعمار والهيمنة من جهة وقوى التحرر العالمية التي يمثلها شافيز من جهة أخرى