12 / 03 / 2009, 26 : 07 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
ضيف
|
فرنسا : البلد العريق
[align=justify]

في مكتباتها المليئة بالفنون و العلوم و الآداب و عبر لغتها الملكية و بين طيات تاريخها العريق أضحى حوار الملائكة و الجن ممكنا بعد أن حرمه الله منذ أن طرد إبليس من الملأ الأعلى. لا أدري لماذا يصر بعض الوطنيين التاريخانيين على محاسبة الماضي الإمبريالي للجمهورية السعيدة، فهو يدل فقط على تربعها على قمة العلاقات الدولية كدولة عظمى. إذا كنا غير قادرين على تحقيق الريادة، فلا يجب أن نستمر في لوم الرائد، التفوق الذي أنجزته فرنسا يدفعنا الى محاولة تقليده لا إلى الإقتصار على ابراز أخطائه فالتقييم الذاتي مهمة خاصة بفرنسا دولة و مواطنين.
لست براغماتيا في حب فرنسا على غرار العديد من بشر العالم المتخلف، فقد أحببت الحضارة الفرنسية العالمية منذ فترة النبلاء و عبرت مع الشعب نضال اسقاط الإقطاعية و تحدي اقامة الوطن العصري. هناك من العالمثالثيين من تخلوا عن حب فرنسا إثر موت الجنرال دوغول صاحب الموقف العادل في نكسة 1967، و هو نفس الموقف الذي من المرجح أنه السبب في استبعاده من المنظر السياسي الفرنسي نحو بيت معزول حتى مات. النفاق السياسي ظاهرة رخيصة في كل دول العالم، فكثير من المناضلين في المغرب ممن كانوا أقرب إلى معاداة الملك الحسن الثاني، تاجروا بعهده للوصول الى مناصب مستحدثة أسكتت نضالهم الكرتوني، على كل حال فقد كان الحسن الثاني محقا، كلنا مصابون بما أسميه داء الحرباء الذي تناولته حكاية الدكتور جيكل و السيد هايد أو La skizophrénie و الذي يسميه علماء النفس انفصام الشخصية. كلما استدعت الظروف استحضار الشخصية الأخرى فإنها تحضر بسهولة. موليير، المسرحي العبقري الفرنسي يتفادى اللعب بالمفاهيم، فيسمي داء الحرباء و انفصام الشخصية و السكيزوفرينيا بالنفاق، هكذا.. ببساطة الشهيدة روزا لوكسمبورغ في تفسيرها الشهير لمفهوم الإقتصاد السياسي.
كي نلمس تطورات الحياة النفسية للإنسان، فيجب أن نعيش دقائق تطور الفن الفرنسي، فمن غيرية كونت مرورا بكونية فولتير و الكوجيطو الديكارتي و سوريالية الشاعر بريفير و وجودية سارتر كلها أفكار ابداعية تكاد تختصر المسار الحضاري للإنسانية جمعاء، و لا غرو إذا قيل إن الفرنسيين هم أكثر الورثة الأوروبيين إخلاصا لابن رشد و أرسطو. كل الإتجاهات الأدبية التي أسسها العقل و الوجدان الفرنسيان التي انخرطت في التطبيق ضمن العلوم الإنسانية لا تزال حاضرة بقوة في التاريخ، إذ لا يمكن أن تبحر في غياهب علم أو فن ما دون أن تعثر على مساهمة فرنسية فضلى. و في فن الطبخ للفرنسيين دور عالمي، و تشتهر فرنسا بتعدد أنواع الجبن، فتجد شارل ديغول يترجم أصالة انتمائه الفرنسي في قولته:كيف يحكم بلد يحتوي على أكثر من أربعمائة نوع من الجبن و خلال جولة دقيقة عبر سهول الوطن و تحديدا قرب نهر السين المعروف، أوحت الطبيعة إلى ديغول بكلام حكيم فردا على سؤال: من أنت يا سيادة الرئيس يجيب الجنرال:أنا فرنسا. كلام لا يطيق التفسير العربي الدكتاتوري، فقد يستشف العربي أن ديغول دكتاتوري، عليه أن يدرك أن الجنرال فرنسي و قد انسحب من السلطة بسبب تظاهرات طلابية اختلفت مع سياساته، فأدى نموذج العسكري الديمقراطي الغائب بشكل مطلق في المنطقة العربية و في العالم الثالث اجمالا. و في سياق الحديث عن فرنسا، فلا يمكن أن ننسى أسماء لامعة دافعت عن الإسلام و عبره عن القضايا العادلة و من بينها فلسطين، كروجيه غارودي و موريس بوكاي . تجربة العلماء و المفكرين الغربيين الذين اعتنقوا أو أنصفوا الإسلام بالإضافة إلى دفاعهم عن القضية الفلسطينية من خلال الاقتناع بعدالة و انسانية الخطاب الإسلامي، تثبت أن الدين هو الذي يرسم الصورة الحقيقية عن الحضارة العربية و هو عنصرها الجوهري، و ليس العرق مثلما حلا للبعض أن يقولوا خلال القرن الماضي. لم يكن للعرب وجود بالمعنى التاريخي و العملي قبل مجيء الإسلام إذ كانوا في القديم قبائل متناحرة يتقاذفها الفرس و الإغريق.
لفرنسا مواقف دولية جيدة، غير أن بعض الذين يمتنعون عن فهم أن العلاقات الدولية ليست قضية أخلاقية يسرفون في مطالبهم التي لا يفكرون للحظة أنهم قادرون على تنفيذها. إذا كنت لا تمنح لحياتك أي معنى، فلا تنتظر من الآخر أن يحترمها.
[/align]
[align=justify]
[bor=000066]
الصورة المرفقة بالمقالة تعود للنبيلة ماري أنتوانيت، ملكة فرنسا التي استباحت دماءها الأيادي الآثمة لمجموعة متطرفة من الثوار الفرنسيين. اقتيدت إلى محاكمة هزلية و دق عنقها في العام 1789، لتلحق بزوجها الملك لويس السادس عشر الذي خصصت له الثورة بعد أن استفاقت من غيبوبتها الفوضوية نخب وفاء و عرفان.
[/bor]
[/align]
Hicham Berjaoui
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|