رد: هلموا معي بين أحضان جبال الريف .
[align=justify]بعد أمطار الخيرالتي تهاطلت على المنطقة .. أشرقت الشمس من جديد مما أضفى عليها رونقا وبهاء .. ورغم برودة الجو فإنه لا يمنعنا من خرجات إلى الوادي لقضاء الظهيرة وتناول الغذاء على ضفة النهر الذي يفصل بين قبيلتي بني سلمان و بني منصور .
وقد فضلت ، وقبل أن تنطلق الرحلة من جديد ، أن نستمتع بعض الوقت ببعض الأماكن المحببة إلي وأنا لا زلت صبيا أذرع الربى والتلال وأنزل إلى الوادي صحبة رفاقي للسباحة .
هناك غدير أطلق عليه اسم "غدير شامة" .. وتتضارب الأقوال حول سبب التسمية ومنها أن فتاة راعية تم الاعتداء عليها بشناعة فسمي الغدير باسمها . وإذا سرنا بمحاذاة النهر الذي بدأ يهدر بعد الأمطار الأخيرة ، فإننا سنجد أنفسنا مضطرين للالتفاف حوله بسبب اصطفاف جدارين من الصخور الملساء على جانبيه مما يحتم علينا السباحة للانتقال إلى الضفة على بعد عدة أمتار .. هل هنا من هو مستعد للسباحة في هذا الطقس الخريفي ؟ (ابتسامة) .. لا أظن ذلك ..
هذه الصخورالملساء عادة ما تمتلئ بأوكار "الحجل" أي اليمام و بعض أنواع الصقور الصغيرة الحجم التي تختار الأعالي .. ويطلق عليها الأهالي اسم "سيوانة" .. هذا الغدير الممتد بين صفين من الصخور يسمى "المقطوعة"، أي أنه يقطع سباحة .. أو أنه مقطوع (مفصول ) عن الضفة .
وحين نصل إلى هناك حيث العشب وبعض الرمل يمكننا الجلوس بالقرب من جذع كبير جاف لشجرة قديمة .. بعد الغذاء أقترح عليكم الذرة البيضاء بنوعيها .. المسلوق و المشوي .. فالمسلوق يغلى بالماء والملح ، أما المشوي فيوضع في ماء مالح أيضا لتخمد حرارته و يستساغ طعمه .
هذا الخريف سيمكننا من جني البلوط و القسطل . وهما يؤكلان طازجين بعد أن يقشرا أو يتم شواؤهما .
ونحن في مكاننا الهادئ هذا لا نرى شيئا من حولنا سوى الجبال الشاهقة .. لكن الهدوء مريح و خرير الماء ممتع .. كنت حدثتكم عن اقتراب بعض الخنازير البرية لتشرب .. لكن لا خوف منها إن التقيناها ونحن نستكشف الغابة من حولنا .. عليك فقط ، وللتذكير ، أن تتنحى لتترك لها الطريق .. ما يخشى هو أن تكون جريحة أو تكون أنثى بصحبة صغارها .
الأشجار تغري بوضع الأرجوحات .. هذا هين لأنني جلبت معي حبالا لاستعمالها عند الضرورة .. لنعش أطفالا بعض الوقت .. لكن نهار الخريف ليس طويلا مثل نهار الصيف ، وعلينا الاستعداد للعودة قبل أن ينزل الظلام ..
طريق العودة سنسلكه عند الجسر الذي تركناه بالقرب من غديرشامة .. وسنأخذ في الصعود على مهل حتى لا نتعب سريعا ولكي نستمتع جيدا بما حولنا .. انظروا إلى أطفال يشيرون إلينا وآخرون ينزوون وراء الفرن البلدي ..
وألان .. هاهي القرية من جديد تحتضنكم .. وسنقضي الليلة عند أحد أقاربي الذي سيسعد كثيرا بعودتكم ..
فمرحبا بكم نيابة عنه .
إلى اللقاء .[/align]
|