((( وَقَالَتِ الرَّحَى )))
حِينَمَا يَعْجَزُ الإِنْسَانُ عَنْ فَهْمِ ذَاتِهِ وَحِينَمَا تَتَفَرَّقُ الطُّرُقُ وَتَتَمَزَّقُ الْمَسَارِبُ ، تَنْطَلِقُ الرَّحَى وَاعِيَةً تَحْمِلُ هَمِّيَ الإِنْسَانَ.
((( وَقَالَتِ الرَّحَى )))
عَلَى مَرْفَإِ الذِّكْرَى اكْتَفَيْتُ بِصَرْخَةٍ
تَهُزُّ فَرَاغِي .. أَيْنَ تَرْسُو .. قَوَارِبِي
لَعَلَّ رُكُوبَ الْبَحْرِ .. يُسْعِدُ رِحْلَةً
تَطُولُ وَأَنْسَى .. فِي السَّفَارِ مَتَاعِبِي
عَلَى الصَّفْحَةِ الزَّرْقَاءِ يَمْتَدُّ هَاجِسٌ
خِلاَلَ ظُنُونِي كَيْفَ تَغْفُو رَغَائِبِي؟
أَنَا الآنَ حُرٌّ لاَ تُحَدِّدُنِي الرُّؤَى
أَهِيمُ بِوَعْيٍ فِي حُطَامِ مَرَاكِبِي
أَنَا الآنَ مِنْ مِلْحٍ وَمَاءٍ وَزُرْقَةٍ
وَشَيْءٍ مِنَ الذِّكْرَى يَحُثُّ جَوَانِبِي
أَنَا الآنَ وَجَّهْتُ الرَّحِيلَ إِلَى الْمَدَى
وَسَافَرْتُ حَتَّى تَسْتَرِيحَ حَقَائِبِي
أَنَا الآنَ طِفْلٌ أَزْرَعُ الْكَوْنَ بِالْمُنَى
وَأَبْنِي مِنَ الأَحْلاَمِ بَعْضَ عَجَائِبِي
أُسَائِلُ ذَاتِي وَالرَّحَى بَعْضَ مَا أَرَى
تُحَرِّكُ صَمْتِي الآنَ تَغْزُو تَجَارُبِي
تَبَجَّسَ هَمْسِي مِنْ كُوَى الْغَيْبِ شَاكِيًا
يُلَمْلِمُ قَلْبِي فِي افْتِرَاقِ مَسَارِبِي
تَوَحَّدْتُ وَالْبَحْرَ الْمُغَامِرَ وَالرَّحَى
وَهَوَّمْتُ فِي الآفَاقِ أَقْفُو مَصَائِبِي
أَنَا السَّنْدِبَادُ الْحُرُّ يَهْزَأُ بِالرَّدَى
يَرُودُ بِحَارًا ذَلَّلَتْهَا مَرَاكِبِي
أَنَا مَنْ أَنَا يَامَوْجُ يَارِيحُ يَا أَسَى
أَنَاابْنُ الْهَوَى الْجَوَّابِ عُمْقَ غَيَاهِبِي
أَهِيمُ كَمَا شَاءَتْ يَدُ الْقَدَرِ الَّتِي
تَحِيكُ شِرَاعَ الْعُمْرِ فَوْقَ مَنَاكِبِي
أَنَا رَاحِلٌ وَالْخَوْفُ حَرَّرَ جُرْأَتِي
وَخَوْفِي يَقِينِي فِي رِيَاحِ نَوَائِبِي
غَرِيبٌ أَنَا وَالشِّعْرُ أَحْوَى غُثَاؤُهُ
أُعَانِي مَرَارَ النَّزْفِ نَزْفَ مَوَاهِبِي
أَنَارَافِضٌ شَكْلَ الْحَيَاةِ مُحَنَّطًا
أَنَارَافِضٌ زَيْفًا يَشُلُّ مَطَالِبِي
أَنَاابْنُ التُّرَابِ الْعَاتِرِيِّ إِذَا اكْتَفَتْ
حَيَاتِي بِأَمْسِي حَطَّمَتْنِي قَوَالِبِي
أُرَمِّمُ شَكْلِي مِنْ حُطَامٍ جَمَعْتُهُ
خُلُودًا مُقِيمًا فِي فَضَاءِ مَآرِبِي
تُنَادِي الرَّحَى قَلْبِي وَجَلْجَلَةُ الْهَوَى
وُجُودٌ رَمَادِيُّ الصَّدَى يَا مَغَارِبِي
تَعَالَيْ أَيَا بَذْلِي أَيَا نَزْفِيَ الَّذِي
يُغَذِّي حَيَاتِي الْآنَ تَصْفُو مَشَارِبِي
تَعَالَيْ إِذَا آوَى النَّهَارُ إِلَى الْمَدَى
وَعَانَقْتُ فِي الْأَسْفَار ِرَهْقَ مَصَاعِبِي
فَتَحْتُ لَكِ الْعُمْرَ الشَّرِيدَ لَكَمْ حَوَتْ
وُرَيْقَاتُهُ الثَّكْلَى بَقَايَا شَوَائِبِي
تَعَالَيْ فَلاَ جَدْوَى مِنَ الصَّمْتِ إِنَّنِي
بَرِيءٌ مِنَ الشَّكْوَى وَصَبْرِي مُصَاحِبِي
عَلَى السَّفْحِ جُوعٌ يَذْرَعُ الدَّهْرَ لاَهِثًا
وَأَفْوَاهُهُ الْحَيْرَى تَشُقُّ سَحَائِبِي
يَدٌ أَعْمَلَتْ إِزْمِيلَ عَادٍ وَشَكَّلَتْ
كَيَانًا يُوَاسِينِي فَتَطْفُو مَوَاكِبِي
عَلَى زُرْقَةٍ وَاسَيْتُ فَوْقَ صَفَائِهَا
عُيُونَ الْجِيَاعِ الصَّامِتِينَ بِجَانِبِي
تَنَهَّدْتُ وَهْيَ الْآنَ عُمْقٌ وَسُورَةٌ
تُرَتِّلُهَا الْأَعْمَاقُ وَالدَّمْعُ سَارَ بِي
رَحَى الْعُمْرِ دُورِي وَابْذُرِي الْخَيْرَ إِنَّنِي
رَمَيْتُ ذُنُوبِي ذَاكَ دَيْنِي وَوَاجِبِي
تَقُولُ وَتَرْوِي وَالْأَسَاطِيرُ جَمَّةٌ
عَنِ الْبَذْلِ وَالْأَنْغَامُ تَتْلُو مَسَاغِبِي
هُنَاكَ وُجُوهٌ تَقْتَفِي النَّزْفَ وَالْمُنَى
نِهَايَاتُ جُوعٍ فِي رَمَادِ غَرَائِبِي
لِأَنَّ ضَحَايَا الْغَدْرِ مِنْ عَهْدِ آدَمٍ
ضَرِيحٌ مِنَ الْجَوْعَى يَشُقُّ تَرَائِبِي
عادل سلطاني ، بئر العاتر ، الأحد 16 جويلية 1995
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|