حسن الحاجبي
|
رد: عصا المطوع والاحتفاء بالمولد النبوي الشريف
الأديبة الفاضلة هدى الخطيب
الإخوة والأخوات مع حفظ المقامات وبكل الإجلال والتقدير اللائق بالجميع
إسمحوا لي أن أعرض رأيي المتواضع كما طرحته من فوق منبر المسجد الأعظم " البراق" وفيه الرد الشافي لكن بخصوصية مغربية أتمنى أن تتقبلوها ولكم جزيل الشكر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باسم الله الرحمن الرحيم
القول اللطيف في ذكرى المولد الشريف // خطبة جمعة من مسجد البراق بالخميسات
الحمدلله بارئ النسم,ومحيي الرمم,ومجزل القسم,مبدع البدائع و شارع الشرائع دينارضيا ونورامضيا,أحمده وقدأسبغ علينا فضله الجزيل وأسبل علينا ستره الجميل,وأشهدألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد آمن بربه,وأخلص من قلبه,وارتجى العفو و الغفران لذنبه,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عليه صلاة الله و سلامه وعلى آله وصحبه,والتابعين له من أمته وحزبه.آمين. عباد الله,,كيف لاتشتاق النفوس إلى الحديث عن حبيب بذكره ترقّ القلوب وتلين،وتطمع النفوس المؤمنة إلى رؤيته والإلتقاء به عند حوضه وفي الجنان.
ياأكمل الخلق لامضاهي له // ياكامل الحسن أنت السؤل والأرب
جمعت في الحسن أوصافا فجمعت// لك الملاحة يامن عشقه يجب
أنت المراد وأنت القصد أجمعه // يامن له كرم يامن له الرتب
صلى عليك إله العرش ماطلعت // شمس النهار وماالظل يغترب
على مدى التاريخ,لانحسب أحدا من البشرنال من الإعجاب و المحبة ماناله محمد رسول الله)ص(فالمؤمنون من أتباعه لا يمنعهم من تقديسه شيء إلا نهي الله تعالى لهم أن يتوجهوا بالعبادة والتقديس لغيرالله.ومع ذلك فإن درجة الحب التي يكنها و يتوجه بها كثيرمن المسلمين إلى الرسول )ص( تكاد تفلت أحيانا في قلوب بعضهم فلايمسكهاإلاهذا النهي بجهد جهيد.وإن بعضهم الآخرلتصيبهم حالات من الوجد في حب النبي المصطفى )ص( حتى لينسون أنفسهم وتختلج مشاعرهم ويهيج وجدانهم وتنهمر أعينهم بالدموع.فعندما يتعلق الأمر بمحبة محمد )ص(يلين أقسى المسلمين قلبا,ويرق أغلظهم مشاعرا,ولاتجد منهم من لا يتوجه للرسول )ص(بالتبجيل والتعظيم حتى ولو كان من الذين يعبدون الله على حرف ولايقيمون كثيرامن قواعد الدين.هذا الأمرالمحير يظهر بشكل جلي والأمة يغشاها يوم من أيام الله الجليلة يوم فيه ولد خير الهدى فازدانت به الدنيا وأضاءت بنور خير الورى الذي به تبددت ظلمات الشرك والكفر ,وبه زال الران من على القلوب يوم يتوافق كثيرمن المسلمين على أن يجعلوامنه ذكرى يرفعون فيها رايات المحبة لرسول الله)ص( ويعلنون فيها آيات التوقير و التعظيم للنبي الكريم,فكيف يكون لمن أخرجنامن الظلمات إلى النوريوم واحد من المحبة ولاتكون له سائرالأيام تبجيلا وتعظيما ؟؟.رسول الله قدوتنا,رسول الله منهاجنا,رسول الله غايتنا وحتى ونحن نتوجه إليه بالحب فإننا لانقدره )ص(حق قدره. حبنا لنبينا حب سلبي ليس له صدى في واقع حياتنا.كيف ذلك؟ .في الحديث الشريف عن المصطفى )ص(قال"مااختلط حبي بقلب أحد إلا حرم الله جسده على النار"ونحن جميعا نحب رسول الله)ص(لكن وجب أن نعترف بأن صورة هذا الرسول العظيم في قلوب المسلمين تعاني عزلة وجدانية عميقة.محمد)ص( يسكن في أعماق أعماقنا روح نورانية شفافة وسنى مشرق,محمد )ص( ومض من النور الرائق والشعاع المتألق الدافق,ونسمة سارية في أنحاء الكون. هو)ص(حقيقة قلبية لكنناعاجزون أن نجعل من نبيناحقيقة واقعة ,وصورة حية متحركة في واقع حياتنا,لذلك بدلا من تحويل هاته الطاقة الروحانية إلى طاقة مادية محسوسة وسلوك بشري مبهر, نجنح إلى أفعال وسلوكيات تزيد الفجوة بيننا وبين نبينا )ص(. و انظر إلى حال المسلمين اليوم,يحتفلون بمولده )ص(ويحكمون شرعا غير شرعه,يحتفلون بمولده وسلوكهم أبعد ما يكون عن هديه وأخلاقهم ليس لها علاقة بأخلاقه.فيزيدون من حالة الفصام بينهم وبين نبيهم عليه السلام الذي يتمثلون تعظيمه)ص(فقط في مجرد كلام جميل,وذكر حسن وتعظيم مغشوش وبطاقات وكلمة محمد مزخرفة بخط جميل وتهاني على الواتساب...أرأيتم أمة ضحكت من جهلها الأمم كأمتنا؟ندعي محبة رسول الله )ص( و نحتفل بذكراه ونحيي ماجاء من أجل إماتته ومحاربته.محمد الرحمة المهداة والنعمة المسداة سأل ربه فقال: يارب جعلت إبراهيم خليلا وجعلت موسى كليما فماذا جعلتني؟فقال له ربه جل وعلا :ماذكرت إلا وذكرت معي.لا إله إلا الله محمد رسول الله. مفتاح الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله.وغدا يوم القيامة يأتي آدم أبو البشرية يستفتح أبواب الجنة فلا يفتح له,ويأتي إبراهيم خليل الله يستفتح فلا يفتح له,ويأتي موسى كليم الله يستفتح فلا يفتح له,حتى يأتي محمد فإذا طرق قالوا من؟فيقول: محمد. قالت الملائكة أمرناأن نفتح له ولمن يأتي من بعده,أي يأتي على هديه وعلى سبيله وصراطه ..المحبة ليست قصصا تروى ولا كلمات تقال ولاترانيم تغنى,المحبة ليست دعوى بلسان ولاهيامابوجدان ,وإنماهي طاعة لله ورسوله. المحبة عمل بمنهاج المحبوب(ص) تتجلى سلوكا وأفعالا وأقوالا..إن الإستقامة على سنة الله وطاعته واتباعه والدعوة إلى دينه هي الدليل على محبته, وتأمل قول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى :"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" قال :هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله و محبة رسول الله وهوليس على الطريقة المحمدية,فأين نحن اليوم من هدي رسول الله (ص) ومن سنته؟أليس من التناقض والغرابة أن يتقرب الإنسان إلى محبوبه بما يبغضه ويباعده عنه؟وهاقد غلب الجهل الناس وأخلوا بمنهج الشرع وضوابطه,فلا تعجبن أن تراهم في حبائل الشيطان واقعين,وفي أغلال المعاصي راسفين. وها هي ذي احتفالات المولدالنبوي الشريف وقد أصاب فيها المسلمون الشرمن حيث أرادوا الخير،ووقعوا في المأثم من حيثُ طمعوا في الأجروالمغنم،وظنوا أن حسن القصد يضمن لهم عدم الوقوع في الزلل،وقعد لهم الشيطان هذا المرصد,يصنع لهم من حسن نواياهم أعمالا باطلة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.. ليس من الحب في شيء أن نفسد على المحبوب ذكراه ونضيعها باتباع الشهوات واقتراف المنكرات,ليس من الحب في شيء أن ندنس هذه المناسبة العظيمة بالفواحش ,حتى أصبحنا من الذين اتخذوا الجهل عمادا,والباطل فراشا والبدعة وسادا,يالشقائنا ويا لجهالتن,نطرب ونحتفل وكان أجدرأن نتدبرونمتثل, ننشغل بالحديث عن إرهاصات المولد وكرامات المولد وننسى تدبر المعجزات الحقة الثابتة,التي هي محل الإعتبار والتفكر ومبعث التأمل والتفكر,وننصرف عن الحقائق إلى الدجل والخرافات .
يقول المولى عزوجل في محكم التنزيل"إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء,ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"كل الذنوب يغفرها الله سبحانه وتعالى إلا ذنب واحد هو الشرك بالله.وحين توجه عبادتك لغير الله تعالى فقد أشركت بالله,حين تطلب قضاء حاجتك من الموتى فقد أشركت بالله,حين تلتمس خدمة الجن والشياطين فقد أشركت بالله,حين تذبح الذبيحة على القبور وتجعل من سيدي فلان وسيدي فلان أوثانا تعبدهم من دون الله فقد أشركت بالله, حين تقيم الحضرة وتشعل الشموع في قبة الولي فقدأشركت بالله حين تتوسل إلى عظام بالية ترقد تحت التراب أن تشفيك من مرضك,والشافي هوالله,وأن تفرج كربتك وتفك ضيقتك,والله تعالى هو مقلب القلوب ومفجي الكروب,فقد أشركت بالله.هذا مما يعلمه عامة الناس ولكن وجه الغرابة فيه هو أن منسوب الشركيات يرتفع كلما حلت ذكرى مولد رسول الله ص .وأعظم الشرك أن تصدرعن المحتفلين سلوكات شاذة تشوه نقاء الدين وتخدش صفاءه,من قبيل شرب الماءالمغلى وأكل أظلاف الصباروالأشواك وأكل الزجاج والأفاعي وافتراس الخراف والماعز حية وشق الرؤوس بالسكاكين وذكرالله بالطبول والمزاميروتعظيم الشيخ و إشاعة الخوارق الكاذبة لاستغلال سذاجة العوام وضعاف الدين وكأننا نقول لرسول الله "أسيدنا رسول الله أجي تشوف داكشي اللي جيتي باش تحاربوها احنا كنحييوه وفالذكرى ديالك وتنقولو أننا محتفلين" ولكنها العزة بالإثم هي التي تجعل أكثرالناس يعلمون الحق ويصرون على الباطل,وهذا رسول الله ص يوصي ويقول"لاتجعلوا بيوتكم مقابر ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تصلني حيث كنتم" وفي حديث آخر"لاترفعوني فوق المنزلة التي أنزلني الله وضعوني حيث وضعني الله عبدا ورسولا " فهل بعدهذه الوصية يليق تعظيم أوتبجيل لقبور الأولياء و الصالحين في ذكرى مولد سيد المرسلين؟أليس من الخسران أن نعصى الله ونخالف وصية الرحمان ونذبح للموتى وللجان في ذكرى مولد طه العدنان؟ فاتقوا الله عباد الله,كيف تعصون ربكم الكبير المتعال,وكيف تعرضون عن بابه وتقصدون غيره بالطلب والسؤال,وربكم يعدكم بالإجابة في كل حال؟.هذه نسائم المولد النبوي الشريف تلفحكم بعبيرها,فاغتنموافيها الخيرات,وسارعوا إلى مرضاة ربكم وإلى جنة عرضها الأرض والسماوات,وتوسلوا إلى الله بالسجود له وحده,فإنه ماخاب من جعل في الله قصده.. صلوات الله وسلامه عليك ياسيدي يارسول الله,يوم ولدت طاهرا مطهرا,صلوات الله وسلامه عليك ياسيدي يارسول الله يوم بعثك ربك بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا,صلوات الله وسلامه عليك ياسيدي يارسول الله يوم خيرت فاخترت الرفيق الأعلى..فياأيهاالمحتفلون,ياأيها المحبون للحبيب,إعلموا أن الحب الحقيقي لمحمد ص ليس في البكاء عليه ولا في النحيب,وليس في قول مؤثرمن إمام أوخطيب,إعلموا أن حب محمد إمتثال لأمره واجتناب لنهيه,حب محمد وقوف عند حدوده ونصرة لسنته و اتباع لشريعته ورفع لراية دعوته,وصلاة وسلام عليه. ياأيها المحبون للحبيب,رسول الله بريء من الشرك وأصحابه,بعيد عن البهتان والإفك وطلابه,رسول الله عرضت عليه السماوات و الأرض فقال أمتي أمتي,وقال له ربه إسأل تعط يامحمد,فقال:اللهم إني ادخرت سؤالي شفاعة لأمتي ...اللهم صل وسلم على روح سيدنا محمد في الأرواح,وعلى جسده في الأجساد,صلاة وسلاما ننال بهماالرضاوالرضوان,وننجوبهمافي الآخرة من لهيب النيران اللهم بجاه حبيبك ومصطفاك,وخيرمن أجاب دعوتك ولباك,خلص أعمالنا ونق قلوبنا,ونجنا من الإحن واحفظنا من الفتن,اللهم اجعلنا من حزب طه العدنان,واكتب لنا الشفاعة عند الميزان, و اعتق رقابنا من النيران,وامنحنا البشارة والأمان,وباعد بيننا و بين الضلالة والطغيان,ولا تجعل للشيطان علينا من سلطان.
|