الخاطرة الثامنة والعشرون // بئس القاطع النازع من الله
الخاطرة الثامنة والعشرون
بئس القاطع النازع من الله
قال ابن القيم رحمه الله : وأكمل الناس لذة من جمع له بين لذة القلب والروح ولذة البدن, فهو يتناول لذاته المباحة على وجه لا ينقص حظه من الدار الآخرة,ولا يقطع عليه لذة المعرفة و المحبة والأنس بربه,وذلك قول الله سبحانه وتعالى:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة".
...وأبخس الناس حظا من اللذة من يتناولها على وجه يحول به بينه وبين لذات الآخرة,فيكون ممن يقال لهم يوم استيفاء اللذات :"أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها". فهؤلاء تمتعوا بالطيبات , وأولئك تمتعوا بالطيبات,لولا أنهم افترقوا في وجه التمتع,فأولئك تمتعوا على الوجه الذي أذن لهم فيه,فجمع لهم بين لذة الدنيا والآخرة, وهؤلاء تمتعوا بها على الوجه الذي دعاهم إليه الهوى والشهوة, وسواء أذن لهم فيه أم لا, فانقطعت عنهم لذة الدنيا وفاتتهم لذة الآخرة,فلا لذة الدنيا دامت لهم, ولا لذة الآخرة حصلت لهم.
...إن كان العبد ممن زويت عنه لذات الدنيا وطيباتها,فليجعل ما نقص منها زيادة لذة الآخرة ويحجم نفسه ههنا بالترك ليستوفيها كاملة هناك,فطيبات الدنيا ولذاتها نعم العون لمن صح طلبه لله والدار الآخرة وكانت همته لما هناك. وبئس القاطع لمن كانت هي مقصوده وهمته وحولها وبها يدندن ,وفواتها في الدنيا نعم العون لطالب الله والدار الآخرة ,وبئس القاطع النازع من الله والدار الآخرة. فمن أخذ منافع الدنيا على وجه لا ينقص حظه من الآخرة ظفر بها جميعا وإلا خسرها جميعا.
فاللهم لا تجعل الدنيا مبلغ همنا,واجعل غايتنا رضاك عنا يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|