علمني الرحيل
[align=justify]شاءت الأقدار، فجمعت بينهما بسحر على غرار طريقتها المعهودة، التي لم يتدخل بها بشر، بل قوة القدر الخفية في جذب الأقطاب الغير متنافرة، ويد النصيب الطائلة التي تمتد آلاف الكيلو مترات ، لتصل الآف الأحبال وتربط الآف القنوات، وتلئم ملايين الأوردة والروافد الدموية إلتئاما نفسيا وقلبيا، وروحيا، وكعادته حين يجمع الشتيتين، سواء بعدما تفرقا، أو بعدما ظلا عمرا طويلا لا يدري أحدهما بوجود الأخر.
فلقد تجرعت سلين من قبل كاسات الموت المزمنة، حيث لا موت قرير، و ليس سوى صدر كرير، وحياة لا تشبه الحياة، ذلك جوع الرحيل، وظمأ الغياب .
نامت أعين الناس، وقلوبهم ملأى، تعج بالجراح، وكل ذي جرح لايدري عن أحد بماذا يحدثه جرحه، وكل ذي دمعة لم تبلل سوى وجهه، وعلى غير كفيه لم تسقط، وأنفاس لم تخنق سوى صدره، والآم والآم تسبح بذاته لا بسواه
كانت تحبه حبا لا يضاهيه حب فلم تكن عبلة تتنفس عنتر، ولم تكن ليلى تتوحد بقيس للحد الذي تضبط الساعة عقاربها على نبضيهما.
وبصوت هزيل، مبحوح تنثني له المسامع وتخفض له الأعين :(إنه القدر).
كلمات لا تناسب سوى العزاء، والبلاء، ومصارع السوء .
بلبل يصدح، وعصفور يغني، وحفيف شجر تداعبه نسمات صباحية، ونافذة شفافة تشرف على حديقة غناء وستائر بنفسجية وجدائل شمس ذهبية تقبل الصباح على جبين سلين ، ومازالت نائمة الأعين، مستيقظة النبض، والفؤاد ، وحديث الروح منعقد : (حبيبي اليوم سيحفر الزمان حروفنا على طوق من نور، اليوم يطوف الأرض، والسماء، ويخبر الورد، والضياء، أن حبنا سيخلده الوجود والبقاء، هذا ردائي الأبيض، وتاج الفل، وباقات الجوري وعقد الألماس المقلد، أذكر حينما اخترته كلماتك لي :( حبيبتي كنت أود أن يكون ألماسا حقيقيا لكن .. ووضعت أصابعي على فمك، وقلت لا تكمل حديثك أنت الألماس الحقيقي الذي يحيني بريق عشقه، ولألأة عواطفه، ووجوده بجانبي أنت لا تعلم إلى أي حد قد وصل جنوني بك ، فابتسمت لي بحنان، وقبلت أصابعي، ولكمتك في كتفك بيدي، لكمة أوجعت يدي، أتذكر حبيبي، كيف تفعل هذا هل جننت؟! وجعلتني أختبئ وراء حيائي!؟ فضحكت وضحكت لكأنني أستمع لضحكاتك الأن كم أعشقها .
لم يبق على زفافنا سوى سويعات، كم هي ثقيلة خطواتها بقدمي إليك .. ما هذا سلين؟ تأدبي! هيا انهضي، وكفاك ثرثرة لقد سببت لي صداع، يا لك من ثرثارة !
كان الهاتف الصباحي يضج في غرفة المعيشة صخبا
وكأنه يتعجل الرد صراخا قد كان يحمل ما لا يحمد عقبى سماعه، لقد وضع على كاهلنا من الأخبار الغير سارة ما لا نطيق ونحتمل، لقد توفى والد خالد إثر أزمة قلبيةهاجمته فجرا، قد كان يعاني من ترددها عليه ما بين الحين، والحين.
ودون أية كلمات كان مفهوم إلغاء الحفل وبناءا عليه تأجيل الزفاف إلى ما شاء الله .
ليال عصيبات مرت على أسرتي العروسين اللذين قد نالا الجانب الأكبر من الحزن و سوء الحال .
وفي المناسبات يحضر القريب والبعيد لتأدية التعازي ومؤازرة الأهل والتخفيف قليلا من شدة الآم الرحيل .
يتبع[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|