الخاطرة الثانية والعشرون // فريق في الجنة وفريق في السعير
الخاطرة الثانية والعشرون
فريق في الجنة وفريق في السعير
أقام الله سبحانه هذا الخلق بين الأمروالنهي,والعطاء والمنع,فافترقوا فرقتين,فرقة قابلت أمره بالترك,ونهيه بالإرتكاب,وعطاءه بالغفلة عن الشكر,ونعمه بالسخط ,وهؤلاء أعداؤه.وفيهم من العداوة بحسب ما فيهم من ذلك. وفرقة قالوا:إنما نحن عبيدك فإن أمرتنا سارعناإلى الإجابة,وإن نهيتنا أمسكنا نفوسنا وكففناها عما نهيتنا عنه,وإن أعطيتنا حمدناك وشكرناك,وإن منعتنا تضرعنا إليك وذكرناك.
..ليس بين هؤلاء وبين الجنة إلا ستر الحياة الدنيا,فإذامزقه عليهم الموت صاروا إلى النعيم المقيم,كما ليس بين أولئك وبين النار إلا ستر الحياة الدنيا, فإذا مزقه الموت صاروا إلى الحسرة والألم.
...إذا تصادمت جيوش الدنيا والآخرة في قلبك,وأردت أن تعلم من أي الفريقين أنت,فانظر مع من تميل منهما ومع من تقاتل,إذ لا يمكنك الوقوف بين الجيشين. فإذا فعلت فاختر لنفسك من إستغثوا الهوى فخالفوه, واستنصحوا العقل فشاوروه,وفرغوا قلوبهم للتفكر فيما خلقوا له,وجوارحهم للعمل بما أمروا به,وأوقاتهم لعمارتها بما تعمر به منازلهم في الآخرة,إستوطنوا الآخرة قبل الإنتقال إليها,وسكنوا الدنيا وقلوبهم مسافرةعنها,واهتموا بالطاعات على قدر الحاجات,وتزودوا للآخرة على قدر المقامات.فاستلانوا ما استعوره المترفون, وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون,وصحبوا العاجلة بأبدانهم,واستشرفوا الآجلة بأرواحهم.
فاللهم اكتب لنا عيشة السعداء ومنزلة الشهداء واللطف في القضاء والثبات عند الإبتلاء آمين.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|