أمازيغ المغرب.. ’’سكر التفاؤل’’ هدية رمضان
[frame="12 95"] [align=justify]
أمازيغ المغرب.. ’’سكر التفاؤل’’ هدية رمضان
عبدلاوي لخلافة
الرباط- يترقب إدريس أوشن، المغربي المنحدر من مدينة "سلا"، قدوم شهر رمضان من كل عام كي يعيد وصل ما انقطع طوال العام من "وشائج الرحم" مع الأهل والأقرباء، عاكسا بذلك سمة مميزة لأمازيغ المغرب، حيث تكثر الزيارات العائلية في نهار رمضان، بما لا يحمل المضيف عبء الاستضافة ويعفي الضيف من ضرورة إحضار هدية، إلا قليلا من السكر أو الحليب على سبيل التفاؤل.
وبلغة تمزج الابتسامة بالحنين إلى جلسة العائلة بمنطقة "زمور" القريبة من مدينة الخميسات (غرب)، يقول إدريس: "صلة الرحم خلال رمضان لا تكلف المضيف عبء إعداد طعام للضيف، كما أن الضيف يمكنه الانصراف سريعا بعذر مقبول وهو الصوم، وإذا ما تم الاعتياد على هذه الزيارات، فلابد أن يتم الحفاظ عليها، وإلا حدثت قطيعة".
"سكر التفاؤل" ويسرد إدريس تفاصيل "يوم أمازيغي" في رمضان من الصباح حتى الإفطار قائلا: "يستيقظ أهل الدوار للعمل في الخامسة صباحًا، ويذهب كل إلى عمله بالحقل، وعندما تستعر الشمس حرارة ينتهي العمل، ويتوزع أفراد العائلة والكل يعرف مهمته الخاصة، فتذهب عمتي "فاطنة" (فاطمة) لحلب الأبقار لإضافته إلى الحريرة أو تعد "إيمرغان" (كسكس بالحليب)، أما الوالد فينتهز الفرصة لزيارة الأقارب، الذين لا يتيسر زيارتهم خلال أيام السنة".
بدوره يشير محمد إكيج، الباحث في الثقافة الأمازيغية لمراسل "إسلام أون لاين.نت" إلى أن الكثير من الأمازيغ حريصون خلال رمضان على القيام بزيارات تلقائية غير مكلفة تكون مصحوبة فقط بمنتج أبيض تفاؤلا مثل السكر أو الحليب أو الدقيق، وهو خلاف ما جرت عليه العادة في باقي الأيام، حيث لا يمكن أن يزور الشخص قريبا له ويداه فارغتان من هدية.
وليمة عائلية الزيارات العائلية في نهار رمضان لا تعد نمطا وحيدا لدى أمازيغ المغرب، حيث تلفت "فاطمة أوسرغين"، من منطقة "تونفيت" بميدلت، إلى أن أمازيغ منطقة الأطلس يختلفون عن غيرهم في طقوس الزيارات الرمضانية، وتضيف: "التزاور يكون خصيصا في منتصف رمضان، كما أنه يكون أيسر في يوم السابع والعشرين؛ إذ يقوم الوالد بذبح شاة وتجتمع العائلة للإفطار سويا، ويتم تخصيص جزء من الشاة لمن لا يستطيعون الذبح".
وتؤكد "أوسرغين" لمراسل "إسلام أون لاين.نت" أن شهر رمضان يعد "فرصة لإصلاح ذات البين" بين الأهل والأشقاء، "فمثلا إذا ما كانت أختان متخاصمتين، فإن مجموعة من النساء يقمن بمرافقة إحداهن إلى بيت أختها الأخرى، فيكون الصلح المفاجئ، ولابد للثانية من قبول وساطة النسوة والتجاوز عن سابق الخصومة".
إفطار حملة القرآن وإلى جانب الزيارات العائلية، يلفت "محمد إكيج" إلى أن أهم ما تتميز به الأسرة الأمازيغية بمنطقة "سوس" هو إعداد الطعام بالتناوب لطلبة القرآن وحفظته، خاصة أن المنطقة تشتهر بوجود المدارس العتيقة، وإن كانت هذه الأعراف قد بدأت في الاختفاء تدريجيا.
صيام الأسر الأمازيغية، بحسب أكيج، لا يختلف عما هو سائد لدى باقي العائلات العربية المغربية من حيث الحرص على أداء الشعائر التعبدية وتلاوة القرآن والأذكار، غير أن الذكور من الأمازيغ يحرصون على الاجتماع في "الزوايا" للذكر وقراءة القرآن، التي تمثل ملتقى للجماعة، أما النساء فلا يحضرن هذا الملتقى.
"أكلات أمازيغية" ومع اختلاف اللهجات الأمازيغية تأخذ أسماء الأكلات الرمضانية مسميات عدة تبعا للموقع الجغرافي واللهجات وطريقة الإعداد، حيث يوضح مراسل "إسلام أون لاين.نت" أن الرغيف الرطب المشهور مغربيا بلقب "البطبوط" يأخذ أسماء أمازيغية عدة، فهناك "أرخسيس"، "أغروم تدفنت"، "أغروم تومليلت".. وكلها مسميات تعني الرغيف المطلي بالزبدة والمهيأ على آنية فخار فوق الجمر.
ويرى الباحث في الثقافة الأمازيغية محمد إكيج أن الأسماء المذكورة ترتبط بأمازيغ الأطلس فقط، إذ هناك مسميات أخرى لدى أمازيغ سوس أيضا، وكلها ترجع إلى عادات وتقاليد موروثة عبر الزمن.
ويذكر في هذا السياق أسماء أكلات أخرى مثل "باداز" وهذه أكلة تعد باستخدام دقيق الذرة، و"إسكيف إبرين" وهو نوع من الحريرة يتم طهيه بالدشيشة أو الذرة، و"سلو توميت" وهو خليط من الدقيق المطهي والممزوج بالعسل والسمن.
"خريطة أمازيغية" ومع أن اللغة الأمازيغية تبدو هي السائدة في بعض مناطق المغرب، إلا أن مراقبين يشيرون إلى أن انتشار التدين وعلاقات الزواج والمصاهرة أدى إلى إذابة حاجز اللغة بين مكونات الشعب المغربي؛ إذ أصبح مألوفا أن تجد عائلة مغربية نصفها عربي ونصفها الآخر أمازيغي.
ويتوزع الناطقون باللغة الأمازيغية في المغرب على ثلاث مناطق جغرافية واسعة، وعدد من الواحات الصحراوية الصغيرة.
والمناطق الثلاث الأمازيغية هي:
ـ منطقة الريف الشرقي والأوسط (شمال المغرب)، ويقدر العدد الإجمالي لأمازيغ المغرب الناطقين بأمازيغية الريف (تاريفيت) بحوالي 5 ملايين ونصف مليون نسمة.
ـ منطقة الأطلس المتوسط وشرق الأطلس الكبير والصحراء الشرقية، ويبلغ عدد السكان الناطقين بالأمازيغية الزيانية (تازايانيت) فيها حوالي 6 ملايين نسمة.
ـ مناطق سهل سوس وغرب الأطلس الكبير والأطلس الصغير ومشارف الصحراء الجنوبية، ويبلغ عدد السكان الناطقين بأمازيغية الجنوب هناك حوالي 10 ملايين ونصف مليون نسمة.
[/align][/frame]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|