التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,863
عدد  مرات الظهور : 162,378,234

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > الجمهوريات العامة > هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية)
هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية) هيئة المثقفين العرب والأخبار الثقافية + صالون أدبي ومساحة إضافية للحوارات والنقاشات الأدبية تعتمد على المواضيع الأدبية والثقافية لا على الضيوف - مساحة نناقش فيها كل ما يتعلق بالأدب والثقافة.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 25 / 03 / 2008, 39 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
الدكتور سمر روحي الفيصل
ناقد وأستاذ جامعي، عضو شرف

 الصورة الرمزية الدكتور سمر روحي الفيصل
 




الدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud ofالدكتور سمر روحي الفيصل has much to be proud of

سلطة المثقَّف بين الاقتراب والابتعاد

[frame="2 10"]

[align=justify]اهتم العرب، في النصف الثاني من القرن العشرين، بعلاقة المثقّف بالسلطة. وقدّم الباحثون في هذا الحقل المعرفيّ آراء كثيرة، وعبّروا عن مواقف متباينة، بل إنهم عدُّوا هذه العلاقة (إشكاليّة) لا سبيل إلى القول الفصل فيها ما دام المثقّف مثل السلطة جزءاًمن النسيج الاجتماعيّ، وما دامت العلاقة، المباشرة أو غير المباشرة، حتميّة بين هذين الطرفين العاملين على بناء المجتمع. والواضح أن الباحثين في شؤون هذه العلاقة وشجونها لم يدرسوا بإنعام نظر الفرضيّة التي يُجملها السؤال الآتي: هل يختلف الأمرإذا كان المثقّف يتسنم السلطة؟‏[/align][align=justify]


لقدحاول الدكتور محمد فاتح زغل في كتابه (سلطة المثقف بين الاقتراب والاغتراب)
(1) مناقشة هذه الإشكالية في أثناء قراءته سيرة حياة لسان الدين بن الخطيب وتجربته السياسية في الأندلس، دون أن يغامر بتقديم حلّ ناجع لها. ولا بأس في عرض هذه الإشكالية من خلال صاحبها والباحث فيها معاً، لعلنا نعيد قراءة القراءة التي قدّمهاالدكتور زغل.‏


المعروف أن لسان الدين بن الخطيب مثقّف، ينتمي إلى شريحة الباحثين والأدباء، له عددٌ من الكتب المعروفة، هي:‏
1 ـ الكتيبة الكامنة في مَنْ لقيناه بالأندلس من شعراء المائة الثامنة (حقّقه د. إحسان عبّاس، ونشره في بيروت عام 1963).‏
2 ـ الصيب والجهام والماضي والكهام، وهو ديوان شعر ابن الخطيب (حقّقه د. محمد الشريف قاهر، ونشره في الجزائر عام 1973).‏
3 ـ روضة التعريف بالحب الشريف، وهو معارضة لديوان الصبابة لابن حجة التلمساني (حقّقه عبد القادر أحمد عطا، ونشره في القاهرة عام 1968).‏
4 ـ الإحاطة في أخبار غرناطة، وهو كتاب تراجم (حقّقه محمد عبد الله عنان، ونشره في القاهرة عام 1956).‏
5 ـ كناسة الدكان بعد انتقال السكّان، وهو رسائل سلطانية كان ابن الخطيب كتبها للسلطان أبي الحجّاج يوسف الأول (حقّقه محمد كمال شبانة، ونشره في القاهرة).‏
6 ـ اللمحة البدرية في الدولة النصرية، وهو دراسة عن مملكة غرناطة (حقّقه محب الدين الخطيب، ونشره في القاهرة عام 1374هـ).‏
7 ـ معيار الاختيار في ذكر المعاهد والديار، وهو وصف لبعض مدن الغرب والأندلس في شكل مقامات (حقّق المستشرق الإسباني سيمون يت الجزء الخاص بالأندلس، وحقّق المستشرق الألماني مولر الجزء الخاص بالمغرب).‏
8 ـ نفاضة الجراب في علالة الاغتراب، وهو سيرة حياة ابن الخطيب في المغرب (حقّق أحمد مختار العبادي الجزء الثاني من هذا الكتاب المكوَّن من ثلاثة أجزاء، ونشره في القاهرة عام 1967).‏
9 ـ أعمال الإعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام وما يجر ذلك من شجون الكلام،وهو كتاب في ثلاثة أقسام، أولها تاريخ المشرق حتى عصر المماليك، وثانيها تاريخ الأندلس، وثالثها تاريخ المغرب العربي (حقّق ليفي بروفنسال القسم الثاني، وأحمدمختار العبادي ومحمد إبراهيم الكتاني القسم الثالث ونشراه في الرباط عام 1964).‏
تلك مؤلَّفات لسان الدين بن الخطيب المتداولة، وبعضها مراجع في بابه، سواء أكانت هذه المراجع كتباً في التراجم أم دراسات في التاريخ. وهناك كتب أخرى ورسائل لابن الخطيب في الطب والتصوُّف والمختارات الشعرية مفقودة، ولكنها تخدمنا هنا في الاستنتاج بأن صاحبها مثقّف ذو اهتمامات عدّة، في الشعر والتراجم والرسائل والدراسات التاريخية والطبيّة. ويكاد ابن الخطيب يكون موسوعياً في بعض مؤلّفاته، وصاحب أسلوب شائق في بعضها الآخر، وشاعراً مرهفاً في شعره ومختاراته الشعرية. فهل هناك دلالة على انتمائه إلى حقل (الثقافة) أكثر بلاغةً من هذا الإنتاج الغزير المفيد الذي لم تنقطع الفائدة منه والعودة إليه في الدراسات والبحوث العربية المعاصرة الخاصة بالثقافة الأندلسية عموماً، وثقافة القرن الثامن الهجري خصوصاً؟.وإذا كانت مؤلّفات ابن الخطيب المعروفة والمفقودة دليلاً على أنه فاعل في كلامه (دراساته)، فإن حياته تدلُّ أيضاً على أنه متكلِّم في فعله، مكمِّل لُكثر تعريفات (المثقف) دقّة.‏
أصبح ابن الخطيب متكلِّما في فعله؛ أي أنه أصبح بتعبير عصرنا حاكماً قادراً على أن يأمر فيُطاع. واللافت للنظر في سيرة حياته أنه تدرّج في المناصب إلى أن وصل إلى (هرم السلطة). إذ وُلد (عام 1303 هـ) في بيت علم ومجد ورئاسة، كما نصَّ الدكتور محمد فاتح زغل، وكان لأسرته الغنيّة المثقفة صلات بالبيوتات الشهيرة في غرناطة،و لذلك نشأ ابن الخطيب في بيئة مترفة، ونهل من العلم في حدود ما أتاحت له علوم زمانه. وقد خَلَفَ والده أميناً لابن الجياب في ديوان الإنشاء. ولما توفي ابن الجياب خَلَفَه ابن الخطيب في ديوان الإنشاء (أي خَلَفَه في: وزارة القلم) وهو في عنفوان شبابه،بعد ثماني سنوات من عمله في هذا الديوان،وإتقانه المهمّات التي يؤدِّيها رئيس هذاالديوان للسلطان.‏
لقدميّز الدكتور زغل بين اقترابين اقتربهما ابن الخطيب من السلطة، تحقَّق أوّلهما عام 557 هـ أيام أبي عبد الله محمد الغني بالله، إذ قلَّده وزارة القلم، وهي الوزارة الخاصة بديوان الإنشاء. أما الاقتراب الثاني من السلطة فقد حدث بعد عودة محمد الغني بالله ثانية إلى الأندلس إثر القضاء على الانقلاب عليه، ذلك الانقلاب الذي دفعه إلى أن يهرب إلى المغرب. وفي هذا الاقتراب الثاني أعاد محمد الغني بالله ابن الخطيب إلى وزارة القلم ثانيةً وقلّده معه وزارة السيف؛ أي وزارة القيادة العسكرية، فأصبح ابن الخطيب ذا الرياستين والوزارتين، وزارة السيف ووزارة القلم. وفي هذا الاقتراب الثاني نفسه انفرد ابن الخطيب بالحكم، وبقي على هذه الحال إلى أن أحسَّ بالنقمة عليه، وخشي على نفسه من أعدائه، فهرب إلى فاس في المغرب، ولكن أعداءه نجحوا بعد سنة وبضعة أشهر في الوصول إليه، فقتلوه ذات ليلة، ودفنوه، ثم عادوا صباحاً فأخرجوا جثته من قبره وأحرقوها.‏
كما ميَّز الدكتور زغل بين اغترابين اغتربهما ابن الخطيب، تحقّق أوّلهما بعد الانقلاب على محمد الغني بالله وجلوس أخيه الأمير إسماعيل مكانه. فقد صانع ابن الخطيب السلطان الجديد، فأبقاه في الوزارة عدة أسابيع، ولكنه ارتاب في ولائه له فصادر أمواله وقبض عليه. ولكن سلطان المغرب أبا سالم عبد العزيز المريني، وكان صديقاً لابن الخطيب، تدخَّل فأفرج إسماعيل عن الخطيب، وتركه يسافر إلى المغرب، ويقيم في (سلا) بعيداً عن سلطانه (محمد الغني بالله) المقيم في المغرب أيضاً. وأما الاغتراب الثاني فقد تحقّق بعد عودة الحكم إلى محمد الغني بالله. إذ أعلن رغبته في إعادة ابن الخطيب إلى منصبه الوزاري السابق، وإضافة منصب وزاري جديد إليه، هو وزارة السيف. انفرد ابن الخطيب في هذا الزمن بالحكم لانشغال سلطانه محمد الغني بالله بالجهاد في أراضي قشتالة، فأحكم قبضته على شؤون الدولة ورجالاتها، وقضى على منافسيه فيها. فاتّحد أعداؤه، وزادوا عدداً وقوة، كما فترت علاقته بمحمد الغني بالله بعد خوف السلطان من نتائج تحكُّم ابن الخطيب في شؤون الدولة. ههنا أحسَّ ابن الخطيب بأن أعداءه اقتربوا من القبض عليه والانتقام منه، فهرب إلى المغرب، واستقرَّ في فاس ف يرعاية صديقه السلطان أبي سالم عبد العزيز المريني. ولم تطل مدة هذا الاغتراب الثاني؛ لأن ابن الخطيب قُتل بعد سنة وبضعة أشهر من وصوله إلى المغرب، وبعد إخفاق القاضي أبي الحسن النباهي في إعادته إلى غرناطة لمحاكمته فيها بتهمة الكفر.‏
من ميزات الدكتور محمد فاتح زغل طَرْحه الأسئلة التي أثارها الاقترابان والاغترابان، دون أن ينتهي منها إلى حكم على تجربة ابن الخطيب المثقّف الذي تسنّم السلطة وانتهى نهاية فاجعة. ويمكنني صوغ الوقائع التي قادت إلى مصير ابن الخطيب الفاجع على النحوالآتي:‏
1 ـ صَانَع ابن الخطيب السلطان إسماعيل بعد انقلابه على أخيه محمد الغني بالله، وهذا مادلَّ على جانب من شخصيته.‏
2 ـ نكَّل ابن الخطيب برجالات الدولة ليقضي على منافسيه فيها، كما فعل بشيخ الغزاةعثمان بن أبي يحيى.‏
3 ـ تدخّل ابن الخطيب في شؤون القضاء لإنفاذ مصالحه الخاصة ومصالح المقرَّبين منه.‏
4 ـ رَفَضَ ابن الخطيب آراء معارضيه،واستهان بآراء الناس عامّةً.‏
5 ـ حَرَصَ ابن الخطيب على جَمْع المال وحيازة الأراضي وبناء القصور، دون الاهتمامبالوسيلة التي تؤدّي إلى ذلك.‏
هذه الوقائع كافية للقضاء على ابن الخطيب، فهي تدلُّ على أنه حاكم مستبدٌ، لا يرى غيرنفسه ومصلحته، ولا يتمتّع بقيمة الوفاء لمن أفاء عليه النِّعم والمناصب. ولم يكتف الدكتور زغل بهذه الوقائع، بل أضاف إليها تفصيلات أخرى تُوضِّحها وتُعلِّل ميتة ابن الخطيب، هي:‏
1 ـ انفرد ابن الخطيب بالحكم في أثناء انشغال محمد الغني بالله بالجهاد، وهذا ما أساء إلى سمعته وسمعة محمد الغني بالله معاً، وزاد من أعدائهما. والواضح أن محمداً الغن يبالله لم ينس لابن الخطيب هذه الخطيئة.‏
2 ـ لم يغفر محمد الغني بالله لابن الخطيب مصانعته السلطان إسماعيل الذي انقلب عليه، ولكنه سكت عن ذلك مؤقّتاً، بل أعاد ابن الخطيب إلى الوزارة، وزاد عليها وزارة ثانية، ليضمن رضا سلطان المغرب عبد العزيز المريني الذي كان يحبُّ ابن الخطيب ويجلّه.‏
3 ـ لم ينس رجال غرناطة ما فعله ابن الخطيب بهم، فقد منع تلميذه الشاعر ابن زمرك من نيل مكاسب شخصية من منصبه، في حين سمح لنفسه بذلك. ولما أصبح ابن زمرك وزيراً لمحمد الغني بالله بعد هرب ابن الخطيب إلى الغرب سعى إلى الانتقام من شيخه وأستاذه. كما وعد محمد الغني بالله، حين كان لاجئاً في المغرب، سليمان بن داود بمنصب (شيخ الغزاة) إذا عاد إلى حكم غرناطة. ولما عاد إلى حكمها حال ابن الخطيب دون تنفيذ هذا الوعد. ولمّا هرب ابن الخطيب من الأندلس إلى المغرب أصبح سليمان بن داود وزيراًلمحمد الغني بالله، وسعى إلى الانتقام من ابن الخطيب.‏
4 ـكانت هناك مودّة وثيقة بين تربط سلطان عبد العزيز المريني بابن الخطيب، فلمّا توفي عبد العزيز نشب صراع على حكم المغرب انتهى باستلام أحد أولاده، أحمد بن عبد العزيز،مقاليد الحكم. وكان أحمد في حاجة الغني بالله اشترط على أحمد أن يُسلِّمه ابن الخطيب، فقبل بذلك، ورفع الحماية عن ابن الخطيب، بل سمح بمحاكمته بتهمة الكفر بحسب اتهام القاضي النباهي له، وزجَّ به في السجن، وسمح لرجال ابن زمرك بالإشراف على المحاكمة. ويبدو أن تغاضى عنهم حين دخلوا السجن، وخنقوا ابن الخطيب، وحين أحرقوا جثته في اليوم التالي.‏
لقدأقرَّ الدكتور محمد فاتح زغل بأهميّة ابن الخطيب الأدبيّة، وأقرَّ أيضاً بأهميته السياسية التي جعلته يُسيِّر أمور مملكة غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس في القرن الثامن الهجري. ولكنه رفض نزعته الاستبدادية، ولم يرغب في أن يحكم على تجربته في السلطة استناداً إلى المعارف المعاصرة والأيديولوجيّات السائدة في عصره نفسه. ولم ير في عراقة نسب ابن الخطيب وثقافته وشجاعته ورجاحة عقله وغنى موهبته الأدبيّة والتاريخيّة ما يجيب عن السؤال الأساسيّ: هل استطاع ابن الخطيب في أثناء اقترابه من الحكم وتفرُّده به تحقيق العدالة و الارتقاء بمملكة غرناطة؟. لم يُجب الدكتور زغل عن هذا السؤال بصراحة، ولكنه كان ميالاً إلى الرأي القائل إن ابن الخطيب ما كان قادراً على منع التدهور العامّ في الأندلس،وإنْ أخَّر سقوط غرناطة بوساطة بعض المعاهدات والعلاقات.‏
ولاشكَّ في أن الدكتور محمد فاتح زغل قدَّم قراءة في سيرة لسان الدين بن الخطيب وتجربته السياسية، كما أشار العنوان الفرعيّ لكتابه. والمعروف أن هناك اتجاها تحديثة في قراءة الحوادث والتجارب لا تحفل بالنتائج، بل تحفل بالأسئلة الحافزة إلى قراءات أخرى؛ لأن كلّ قراءة هي وجهة نظر تخصُّ صاحبها وحده. ومن ميزات القراءة التي قدّمها الدكتور زغل الموضوعيّة، إذ إنه طرح الوقائع كلها، دون أن ينحاز لابن الخطيب أو عليه، ودون أن يُسقط عليه المفهومات الحديثة عن علاقة المثقف بالسلطة، ودون أن ينتهي إلى يقين في شأن الظروف الموضوعية التي تحرّك فيها ودفعته إلى السلوك الاستبداديّ. والواضح أن الدكتور زغل كان يألف منهجية الأسئلة الحافزة، إذ تراه يُكثر منها كلما أوغل في قراءة سيرة ابن الخطيب، بحيث تراكمت هذه الأسئلة دون إجابات محدَّدة؛ لأنها من وجهة نظره كافية لإعلان ابن الخطيب إشكالياً في حياته السياسيّة، استناداً إلى سبب وحيد بسيط، هو أنه رجل مثقف ولو لم يكن كذلك لما كان لهذه الإشكالية وجود.‏
هل هناك، بعد ذلك كلّه، إمكانية لقراءة أخرى لابن الخطيب؟ أعتقد بأن هناك إمكانية لقراءات عدة، تبدأ الأولى منها بنفي صفة المثقف عن ابن الخطيب؛ لأن الحرص على العدالة الاجتماعيّة وكرامة الإنسان سمة المثقفين في كلّ زمان ومكان. فإذا كان هذاالمثقف حاكماً أصبحت هذه السمة معياراً لحركته في الحكم، فضلاً عن كونها معيار اًللحكم عليه وقياس تجربته. ليس في هذه القراءة الممكنة مثقف مستبدّ، ينفي الناس ويُبعدهم عن مصالحهم ومناصبهم ليرتقي ويكتفي بمصالحه ومناصبه. فالمثقف لا يوغر صدرالسلطان على المثقف، كما فعل ابن الخطيب بتلميذه ابن زمرك وغيره. والمثقف لا يحجب الرأي الآخر كما فعل ابن الخطيب بسليمان بن داود. ومن ثَمَّ تنتهي هذه القراءة إلى أن ابن الخطيب إنسان سلبيّ، وحاكم مستبدّ، ولا عبرة بكتبه إن لم يُجسِّد سلوكُه القيم التي أعلنتها هذه الكتب. فلا تمييز، في حال المثقف، بين الإنتاج الثقافيّ والسلوك الاجتماعيّ والسياسيّ والإنسانيّ.‏
هذه بعض جوانب القراءة المقترحة، ولكنّ الإمكانية مفتوحة لقراءات أخرى، تقول إحداها إن الحكم، في كلّ زمان ومكان، يحتاج إلى رجل (السياسة)، ولا ينفع فيه رجل (الأدب) والثقافة. إذ إن اللعبة السياسية تُضطر المشارك فيها إلى تقديم رجال وإبعاد آخرين،كما تحتاج إلى شيء من الظلم الذي يخصُّ ولا يعمُّ، وإلى بعض الهوى والمصلحةالذاتيّة، وإلى فهم معيَّن للعدالة الاجتماعية وكرامة الإنسان. وابن الخطيب في مثل هذه القراءة سيكون سياسياً ولن يكون مثقفاً؛ لأنه سيطلِّق الثقافة حين يصبح سياسياً؛ فالجمع بين الثقافة والسياسة، في المفهوم العربي، هو الجمع بين النقيضين. ولا ينفع في مثل هذه القراءة ادّعاء السياسيّ بأنه لم ينفصل عن الثقافة، وأنه ما زال يقرأ وينتج إنتاجاً نافعاً للناس. ذلك أن المثقف صاحب قيم ولكنه لايملك القوة التي تجعل الناس يميلون إلى اعتناق قيمه. أما السياسي، مَثَلُ الناس الأعلى في الحكم، فيملك القوة الماديّة والمعنوية التي تعين على تطبيق هذه القيم، فضلاً عن أنه يجب أن يجسِّدها في أقواله وسلوكه، ويُشجِّع الآخرين عليها، ويوفٍّرالقوانين التي تحميها وتنشرها. ولا يستطيع ذلك إذا لم يملك الثقافة، ولم ينفِّذ ماتقوله رؤيا المثقفين.‏
(1) وزارة الثقافة، دمشق، 2006.‏
[/align]
[/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
الدكتور سمر روحي الفيصل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 11 / 2008, 56 : 08 AM   رقم المشاركة : [2]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

رد: سلطة المثقَّف بين الاقتراب والابتعاد

[align=justify] سلطة المثقَّف بين الاقتراب والابتعاد
رائع جداً دكتور سمر حقاً اشتقنا لأبحاثك القيّمة وكتاباتك التي نحتاجها بشدة
تحياتي وتقديري
[/align]
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 01 / 2009, 05 : 01 PM   رقم المشاركة : [3]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: سلطة المثقَّف بين الاقتراب والابتعاد

الأستاذ سمر.. كل الشكر والامتنان لك على هذا المقال الذي يفتح شهية الاطلاع على كتب و حقائق تغيب عن الكثيرين ..
دمت بكل المودة والتقدير
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلطة المال: للكاتب آدم خو بوران شما الإدارة وتنمية الموارد البشرية 0 05 / 08 / 2010 49 : 12 AM
الثقافة سلطة عبد الحافظ بخيت متولى المقــالـة الأدبية 1 16 / 11 / 2009 25 : 02 AM
سلطة الحمص مرمر يوسف وصفات الطعام العربية والعالمية 0 22 / 06 / 2009 09 : 09 PM
سلطة الحديقة وفاء النجار وصفات الطعام العربية والعالمية 2 02 / 02 / 2008 40 : 12 AM
( شنطة حمراء ) ميساء البشيتي الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 0 25 / 01 / 2008 22 : 01 PM


الساعة الآن 12 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|