دعني أبكي معك وأنا أصرخ ، في مكان ناء في الخيال .. فأنا اللحظة أختنق ، وأشعر أن وقع نزيز حديد منصهر يلتحم بمسام جلدي الهرم .
دعني أمد يدي المتعبة نحوك ، وأنا دامع العينين ، ولا تقل لي إن وطء وجعك لك وحدك ، وإنك إن بنيت ، فأخطأت _ بشكل ما _ فهم أس البناء ، تتناسى ضريبة ( سخف ) العقل ، وضريبة شرف الريادة ، وأنك _ مهما حاولت _ فلن تستطع شرب ( كأس الجنون ) ، ولن تناسبك أبدا أجنحة ابن فرناس ، أو وباء مدن أفلاطون .. وإن ذلك معناه علقم وغصة شوك ، ولاهناءات .
ثق ، يا حبيبي ، أن أيوب نبي حقيقي ، كان ( رجلا ) نبيَا في الماضي ، ويبقى ( رجلا ) ، وسيكون ( رجلا ) على كرور الأيام . وأن يوسف ومأساته وأخوته ، وحذقه في تدبير غلال مصر ، كان هو أيضا ( رجلا ) نبيَا ، وسيبقى ( رجلا ) ، وسيكون ( رجلا ) على كرور الأيام .
وأنا لست أكتب لك للتذكرة ، فأنت تعرف وتوقن ، وتدرك معي أن لله مسارات محددة ، لها آلياتها وأدواتها ، وبدؤها : الرجاء وبرد اليقين بخير غد .
ابدأ معي الآن، بل منذ اللحظة ، فالعمر، رغم حثيث وقعه ما يزال أولا ، وغد هو أجمل وأكثر زهر حياة. وثق أن العين لم يخب نور يقينها بعد، وأن الحياة شاق تكليف، ممتعة نتائجه ،على مرارة وجع فشل بعض تجاربها ، إلا أنها في جميع ذلك تعني دوما شرف ريادة التجريب .
الخير كله لك ، ونستنشق معا نسائم أمل غد .