قَلَمِي يَنْحَنِي أَمَامَكَ يا صَدِيقي!
(أهديتها لصديقي الأستاذ/ إسماعيل محمد فارس بمناسبة حفل زفافه)
بقلم المهندس/ علاء زايد فارس
الساعةُ الثانيةُ صباحاً من ليلةِ فَرَحِك يا صديقي إسماعيل...
قرَّرْتُ السَّهَرَ لأكتبَ لَكَ بَعْض الكلمات..
فأنا كتبتُ لأشياء كثيرة في حياتي...
وتناسيت أن أكتبَ لك بعض السطور..
ليس عقوقاً مني لصداقتنا القوية!
ولكن لربما فعلت ذلك انتظاراً لارتقاء حروفي إلى مستوى مكانتك..
أو شفقةً عليك من فوضى كلماتي التي لا تزال في بداياتها..
ولربما رحمةً بقلمي الذي سيسقط منهكاً إذا ما قرر الكتابةَ عنك!
اعتقد أيضاً أني فضلت انتظارَ مناسبة بهذا الحجم لأقتنص الفرصة..
أو على الأقل لعلي آتي منها بقبسٍ وأستلهم الكتابة من دِفْئِها...
لذا وأمام هذه المناسبةِ السعيدة، لم أَسْتَطِع الانتظار أكثر!
فجلست أنا وقلمي نُفَكِّرُ سَوِيَّا..
اِسْتَعَنْتُ بالله أَوَّلاً..
ثُمَّ بِكُلِّ المُنَبِّهاتِ والمُهَدِّئاتِ التي خُلِقَتْ، الشاي بكافة أنواعه، القهوة بألوانها المختلفة، بالنعناع، والينسون...الخ.
جَلَسْتُ أمامَ دفاتري ذَابِلَ العينين...
اَنْظُرُ إلى الساعةِ بين الفينةِ والأُخْرى..
وفجأةً!
قاطَعْتُ جلسةَ العَصْفِ الذِهْنِيِّ الهادئة مخاطباً قلمي:
أُكْتُبْ..
-ماذا أَكْتُبْ؟؟!
-أُكْتُبْ لصديقي خاطرةً صغيرةً تليق بمكانته...
صَمَتَ القلمُ قليلاً ثم سأل عقلي:
ماذا أَكْتُبْ؟؟!
أجابه: لست مُخَوَّلاً للبَتِّ في هذا القرارِ المصيري!
أنا الآن مكتبةٌ للذِّكْرَيات، فإن أَرَدْتَ اِسْتَعْرَضْتُها أمامك لتَكْتُبَ عنها ما تشاء!
صمت قليلاً ثم أضاف:
مَهْلاً!
سَأُسْدي لكَ نصيحةً على طبقٍ من ذَهَبْ..
سَلِ القلب الذي يَسْكُنُ فيه هذا الصديق، فلا بد أنه يعرف مكانته جيداً...
التفت القلم إلى قلبي قائلاً:-
عَلِّمْنِي كيف أَنْسُج بمدادي كلاماً جميلاً يليق بهذا الصديق..
نَبَضَ القَلْبُ بِسُرْعَةٍ وأجاب:
سَلِ الروح...
فَهِيَ أقدرُ مِنِّي على إجابةِ طَلَبِك!
فَتِلْكَ الرُّوح..
مع ذاك الصديق لحظةً بلحظةٍ تَغْدُو وتروح!
إنَّها ظِلُّهُ الأَبَدِي...
فقد يموتُ العقلُ يوماً، وقد يتوقف الفؤادُ عن النَّبْض!
لكنَّ الأرواح المتآلفة تستمرُّ رغمَ ذلكَ في اللقاء...
سافر معها عَلَّها تأخذك إلى عالمِ ما وراء الطبيعة
واكتشف هناك تلك الحدائق البديعة
فقد تكشف لك بعضاً من أسرارها حول ذاك الصديق!
نظر القلم إلى الروح وقبل أن يبادِرَها بالسؤال ابتسمت له قائلة:
أُكْتُبْ أيها القلم :
هذا الصديق هو أغلى من أنايَ عندَ صاحبِ هذا الجسد!
لَهُ مَكانَةٌ لا يَحْظَى بِهَا أَحَد..
له رُتْبَةُ الصَّديقِ الصَّدوق..والزَّميل الوَدود ..والقريب المُقَرَّب ...والحبيبُ المُحَبَّبُ إلى القلب...هو الأخُ الذي لم تَلِدْهُ أمي...والمستشارُ الذي يُسْدِي إِلَيَّ النَّصِيحةَ بلا مقابل...وديوانُ المَظالمِ الذي ألجئ إليه حينما تَقْسو عَلَيَّ الحياة...هو أمين السِّرِ وكاتمُ الأسرار...هو الوردُ الذي يُزَيِّنُ حَدَائِقِي إذا ما غَزَتْها الأشواك، والغَيْمُ الذي يروي بساتيني إذا ما تعرضت للجفاف! ، هو حِصْنِيَ المنيع إذا ما أعلنت الدنيا عليَّ حُروبها، هو خارطتي وبوصلتي إذا ما اِبْتَلَعَنِي التِّيهُ في ظلامِ دروبها، إنَّه نوري الذي لا ينطفئ أبداً إذا ما سُجِنْتُ في سوادِ كهوفها، هو عَقْلِيَ الحكيم إِنْ جُنِنْتُ تَحْتَ ضَغْطِ كروبها،.............الخ.
ذُهِلَ القلم وصاحَ قائلاً:
كفى أيتها الروح...تَجَمَّدَ المِدادُ في عُروقي أمامَ هذا الصَّديق!
أستقيل من الكتابة وإلى الأبد!
م.علاء زايد فارس
31/3/2011
أهديتها لصديقي العزيز الأستاذ/ إسماعيل محمد فارس
بمناسبة حفل زفافه يوم الخميس الموافق 31/3/2011م
كما وأهديها لكل من يقدر ويفهم معنى الصداقة في كل أرجاء الأرض..