رد: الماء: المادة التي لا يملكها البشر
[frame="15 98"]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[align=center]خصائص الماء[/align]
الغليان والتجمد والتبخر Evaporation/freezing
من المسلم به أن الماء لا لون له ولا طعم ولا شكل ولا قوام له تحت الحرارة العادية وتحت ضغط عادي أي ما يعادل 76 سم من الزئبق. وعلى إثر هذه التحولات يبقى الماء المادة الوحيدة التي يستفاد من جميع أشكالها إما الثلج أو الماء السائل أو البخار.
تستعمل بعض خاصيات الماء في تعريف مقياس الحرارة. والكل يعلم أن الحرارة تقاس بالدرجات المائوية وهذه الدرجات وضعت نظرا لخاصيتين عند الماء. الأولى وهي دوبان الثلج تحت ضغط عادي 76سم زئبق وقد أخذت على أنها تعادل 0 م° والثانية وهي غليان الماء تحت ضغط عادي 76 سم وقد أخذت على أساس أنها تمثل درجة 100م° ونقسم المسافة بين 0 و 100 للحصول على مقياس للحرارة (thermometer ).
لقد استفاد علماء الفيزياء من خصائص الماء كثيرا وأدت دراسة الخصائص إلى تقدم كبير في الصناعات على مختلف أنواعها. ومع اكتشاف الآلة البخارية من عهد جيمس وات قفزت الصناعات الميكانيكية على الخصوص قفزة كبيرة. حيث أدت النظرية إلى اختراع محركات تعمل بالبخار وكان اشهر وأضخم هذه المحركات وأنفعها كذلك محرك القطار. ويتم ذلك بتسخين الماء بالفحم لينتج بخار يحدث ضغطا كبيرا حيث يستغل في تحريك العجلات وكلما زاد الضغط كلما زادت السرعة. ولا يزال بخار الماء يستغل في عصرنا الحاضر في ميدان المعالجة بالحرارة حيث يستعمل البخار تحت ضغط مرتفع لإنتاج البخار الجاف الذي يستعمل في التعقيم والبسترة وكثير من العمليات الصناعية في ميدان الصناعات الغذائية. وتعتمد هذه العملية على خاصية غليان الماء أو تحول الماء من سائل إلى بخار.
نظرية نزول الماء
لما نتكلم عن الشرب، لا يمكن أن نفكر إلا في الماء، وهو الذي يقترن بالشرب. وكل المواد تحتوي على نسبة عالية من الماء، لكن الماء له خصائصه ومميزاته، وله أسراره التي لا يعلمها إلا الخالق. نتكلم عن الماء كأول شراب، وسنحاول أن نرتب المعلومات التي تخص الماء من خلال القرآن والسنة ومن خلال العلوم كذلك، وقد نركز على الخصائص الغذائية والأحيائية أكثر ما نركز على الاستعمالات الكيماوية والفيزيائية.
من الصعب أن نتصور وجود الماء على الأرض دون أن نفكر في الأمطار أو حركة الماء في الكون، ولذلك يجب أن نتكلم عن نظرية نزول الماء، قبل أن نتكلم عن كل الحوادث التي تؤدي إلى ضبط هذه الحركة وجعلها مستمرة ومترددة في الزمان والمكان. وقد جاء وصغ نزول الماء من السماء في العديد من الآيات، والتي سنرتبها حسب التفاعلات البيئية المؤدية إلى إحكام الدورة المائية في الكون.
يقول تعالى في سورة النحل: "وَاللّهُ أَنزَل َمِن َالسَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَابِهِ الأَرْضَ بَعْد َمَوْتِهَا إِنّ َفِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْم ٍيَسْمَعُونَ " .
ونقف عند الكلمات المفتاحة لهذه الآية وأولها " أنزل ، وجل الآيات التي تخص الماء، جاءت بلفظ أنزل أو نزل، فكل النظريات التي تتعارض مع نزول الماء من السماء، تكون غير صحيحة، نظرا لسياق الآيات العديدة التي جاءت كلها بنفس الوصف. فقد يجتهد بعض الباحثين المسلمين في هذا الاتجاه، ويأتي ببعض المقاربات العلمية، التي ربما تخالف القول بأن الماء منزل، كما سنتطرق إلى ذلك، ونقول مقاربات لأنها تفسيرات تعتمد على النظريات والتحليل، وليست قابلة للتجربة أو المنهاج العلمي، لأن الأحداث سابقة، ولأن العامل الزمني شاسع جدا، من حيث لا يمكن الوقوف على الحقيقة العلمية كاملة، وكذلك العلوم الكونية كلها. وما يمكن أن يستقر عليه القول، هو الأخذ بأن الماء منزل من السماء، فليس هناك اختلاف ولا شبهة، لكن لما نخوض في النظريات، لتفسير كيفية نزول الماء سنرى أن هناك فروقا. وأما الاختلاف الذي ربما يقع، فيخص هيأة الأرض يوم خلقها الله، ومن الناحية الموضوعية أو العلمية المحضة، لا يمكن أن نتصور خروج أو وجود الماء من الأرض، أو من باطن الأرض واقترانه بإحيائها، فالمجاري كما نعلم لا تسقي الأرض كلها، ولا تسقي أراضي شاسعة، وتتطلب أعمالا كبيرة وشاقة، لصرف الماء، واستعماله للري أو السقي، لكن نزوله من السماء، يجعل الأرض تروى بسهولة، وفي وقت قصير كما نلاحظ. وهذه الظاهرة لا تحتاج إلى أدوات علمية أو بحث علمي، ومن جهة أخرى سنقف عند التناقض العلمي، الذي يأخذ بخروج الماء من الأرض. سنعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى.
ونبقى مع الكلمة القرآنية الثانية وهي "أحيى به الأرض". ولم يأتي التعبير عن المخلوقات، من نبات ودواب، وإنما جاء التعبير شاملا، وهي إحياء الأرض، وهذه الاستعارة تجعل البلاغة تذهب إلى العلوم كلها، وبجميع اختلافها، ومنها علم الأحياء، وعلم النبات، وعلم الحيوان سواء في التربة أو فوق التربة، وكذلك الأحياء والنباتات التي تعيش في المجاري الطبيعية والمحيطات والبحار. ولما نتكلم عن الأحياء نأخذها في شموليتها من الفايروسات إلى الحوت الأزرق. لكن هناك قراءات عديدة لهذه الآية، فقراءة اليسر لعامة الناس، توحي بأن يفهم الشخص، أن الماء يسقي الأرض فتنبت وتخضر وتدب فيها الحياة، وهو المعنى المعتاد، والذي يصرف إليه الفهم عند قراءة الآية. لكن هذه القراءة لا يمكن أن تواجه الحقائق العلمية، ولو أخذنا بها نحط من قيمة القرآن، ونجعله كتاب عادي ككل الكتب الأدبية أو الفلسفية. ونلاحظ أن التيارات الأدبية، التي تجاذبت معاني القرآن، ظلت كلها تقليدية منغلقة تدور حول اللغة والأدب، وربما انزلقت إلى التأويل الخاطئ، فكون القرآن جاء كآخر رسالة سماوية، يحتم علينا قراءة علمية، واستنباط الحقائق العلمية المحضة، وليست النظرية. وهذه القراءة العلمية للقرآن، تحتم على صاحبها الإلمام بالعلوم، والبحث العلمي الميداني، الذي يخص الميدان الذي يتناوله الباحث، ونفرق بين مستويين، الأول يعلم هذه الحقائق بحكم اختصاصه ومستواه العلمي الميداني، والثاني يعتمد على هذه الحقائق للأخبار بها واستعمالها في خطابه.
متى وكيف نزل الماء على سطح الأرض ؟ لا يمكن تفسير الحادث بما نلاحظه الآن، فلابد أن هناك بداية لهذا الحادث، وهنا ربما تتخصص الأمور لتأخذ أعلى المستويات، فلا يدخل في هذا الباب إلا العلماء، وإلا فليس هناك معجزة، فالكلام عادي واعتيادي، ويفهمه كل الناس، وليس هناك مكان ولا مجال للعلوم. وفي هذه الحالة يبقى القرآن دون مستواه الحقيقي.
وهناك طرحان فيما يخص العامل الزمني بالنسبة لنظرية نزول الماء، ولذلك نجد التعبير بالمضارع ينزل وبالماضي أنزل. ولذلك نفرق بين نزول الماء لأول مرة على سطح الأرض ونزول الماء بتردد كل سنة.
ومن السياق القرآني قد نستخلص ما يلي:
- ربما يكون نزول الماء يعني أول ما نزل الماء على الأرض ولم يكن تهييئها قد تم لتصبح صالحة للحياة.
- أو ربما يكون نزول الماء يعني النزول المتكرر في فصل الشتاء كل سنة، لتعود الحياة إلى الأرض بعدما أصبحت هامدة أو ميتة من جراء جفاف فصل الصيف.
يتبع بإذن الله عز وجل .
[/frame]
|