
[frame="5 75"]
قبل أيام وفي مدينة نائية بإحدى المدن الجزائرية رحل التوأم هاني ورمزي عن الدنيا وهما يحتضنان بعضهما تحت شجرة يتوسدان الأرض ويلتحفان السماء ،وجدهما أحد الرعاة صباحا بعد ليلة مطيرة شديدة البرودة ..
هاني ورمزي صاحبا الإثني عشر ربيعا غادرا المنزل و لم يعودا إلّا و هما ميتين ..
ولد رمزي قبل هاني بأربع دقائق ورحل قبله بأربع دقائق كما ذكر التقرير الطبي ، نتيجة للبرد فقد كانا يرتديان ثيابا بيتية خفيفة ، و بسبب الخوف من عواء الذئاب والخنازير حيث صرخا حتى بحّ صوتهما وشلت حبالهما الصوتية ,
عثر على التوأم وقد كان هاني يحتضن رمزي ، ورأس رمزي على صدر هاني ، في منظر هز وجدان الكثيرين .. إن لم نقل العالم بأسره .. رحم الله التوأم و ألهم ذويهما الصبر و السلوان ..
*** إنا لله و إنا إليه راجعون ***

[BIMG]http://www.echoroukonline.com/ara/dzstatic/thumbnails/article/2012/enfants_
( يمنع عرض أرقام الهواتف والجوالات بدون أذن الإدارة ) .jpg[/BIMG]
[/frame]
[frame="15 75"]
في صمت اللّيل قررّنا المسير ..
يا أخي ..
تعال نحاصر ليلا حزينا..
ألسنا وعدنا يوما .. بأن نغامر
و الغابة البعيدة تَنْشُدنا ..
تغنّي الضباع .. و لسنا نغنّي ..
يعدنا الصقيع بجولة ماسية .. فوق الجليد
تغنّي الطيور .. و لا زلنا هنا ..
لنمضي .. لنقفل صمتنا على لحن الجنون ..
هناك ..
يا أخي لملم شظايا فراق الرّحم ..
تخيّل أنّ البّراري سرا حوانا .. ككيس أمي ..
تخيّل همس الأفاعي .. كصوت أمي ..
في قصّتي الأخيرة .. اشتهيت أمرا..
أن نطيرا سوّيا .. كما حلمنا ..
شبرين سرنا .. فاخلع عنك قيد الحياة ..
منذ التقينا على خطّ الجهاد ..
التزمنا قوانين الأرض .. فلا تخن عهد التراب ..
هات كفّك و صافحني .. دقائق بعد ميلادي ..
و احمل شيئا من جسدي النّحيل ..
تعلّمت مذ بدأت الحياة .. أنّك امتدادي ..
أتذكر .. يوم أن ولدنا .. صرخنا
و ها عهد الصراخ خوفا يعاودني ..
لا صوت غير صوتي .. أم هو اتحاد الصراخ ..
فلست أبصر غير الظلام .. و شيئا يشبهني فيك ..
دمع حزين يبرح مقلتيّ .. كفكفه عنّي ..
فبعد حين .. ستغرق الدنيا من وحي بكائي ..
أم تراك تبكي أيضا .. ؟ مع بكائي ..
لا تبكي أخي ..
لا أستطيع ضمّ الدمعتين ..
و الذّئب هناك يضرب بصوته .. كعود جريء
وجدتني ضعت دونك .. بين قدميك ..
في معطف صوفي .. تمنّيته لك ..
في رغيف لم تطعمه .. لجوع سنين ..
في قطعة حلوى .. تركتها للذكرى ..
في بعد المسافات .. أين اعترضَ حذائي ..
ها قد تخلّيت عنه .. لأن أمتطِيكَ جسرا ..
لا تخف يا أخي .. فقد حان المغيب ..
الشّمس جاحدة .. فخذ ظلّي .. و قنديلا من روحي ..
يكفيني أنّي أبصرك في الظلام ..
تخيّل لو كنتُ هنا .. دونك ..
لكنت متُّ رعبا .. و شوقا ..
تخيّل لو كنتَ .. هنا .. دوني
لكنتُ هناك جسدا .. لا روحا
حان المغيب .. و الشّرق تدارى .. و عطر أمي ..
و كوخنا .. أين كوخنا .. ؟ أين سريري .. ؟
لا أجد شيئا .. غير السّماء ..
ما بال السّماء .. لبست بعد الزّرقة .. لون الحداد .. ؟
ما بال الغيوم تصبّبت عرقا ..
أم أنّي أشعر برهبتك بردا ..
تعلّمت منذ أن ولدت قبلك ..
أن ألملم عنك ذعرك .. فاجلس إلى جانبي ..
عانقني أخي .. فإنّي أشتاق عناقنا الأوّل ..
أشتاق للوحة السّماء يوم ضمّتنا ..
أشتاق نَفَسًا في الدنيا .. منّا تسرّب ..
أشتاق صمتا أبديا .. يذكّرني أنّنا لوحدنا ..
كثرت حولنا الأصوات .. فنسيت صوتي منك ..
الآن .. و قد حُقّقت مطالبنا ..
تكلّم ..
فإنّ بحّتي قد تبنّتها الطيور ..
تكلّم يا أخي .. فإنّ لك فرصة دقائق ..
و ارفع يديك .. و ضمّني ..
كلّ قوّتنا .. ليكتمل العناق .. لثانيتين ..
مشهد التئامنا رغبتي الأخيرة ..
لكنّها الأروع .. كلوحة لا ترسم ..
كنجمة فرّت من السّماء و تعثّرت هنا ..
بين الصخور ..بين ظلال السّكون ..
وداعا أخي ..
لا تطل بعدي الغياب ..
فبيننا .. كما العهد دقائق ..
فقط التقط منّي يديّ الواهنتين ..
فأنت أقوى منّي
ففي الغد سيشهد اللّيل عنا .. حوارا أبديا ..
و يشهد الكون .. دمارا فوق نشوتنا ..
ألست تحمل دفترا .. ؟
دوّن فيه لأجل والدنا آخر درس
و قبلةً فوق السّطور .. لأمي ..
ألست تحمل شيئا من الدّم ..
قد يصلح حبرا ..
دوّن فوق الصخرة القريبة ..
رسالة من السّماء .. أن لا تبكي يا أبي ..
رسالة كنّا .. و بعثتنا السّماء ..
لذلك العنوان القديم ..بتاريخ ميلادنا ..
وداعا أخي .. يا رفيقا في الخوف ..
يا ممسكًا عنّي سطوة الجوع ..
يا فاردا جناحيه فوق اللّيل .. لأن يخاف اللّيل منّي ..
وداعا .. وداعا ..

22/04/2012
[/frame]