عن المرأة أيضا
المرأة ، هذا الكائن الساحر ، اختلفت ، منذ القدم البعيد ، نظرة (الأدب) ، بمختلف أشكاله ، إليها : فهي( شكل ) فاتن تُلهم فنا وإبداع خيال.
أو(صورة ) تُحفز الذهن على تذوق جمال إشراقات النفس .
فتباينت أنماط إضاءات النصوص واتجاهاتها،وطرق مفردات تعبيرها ، وانقسم معها ، بالتالي ،(شكل ) التعبير بكافة ألوانه: فكان (الفن ) الصريح (المكشوف ):جرأة إلى حد الوقاحة والاستفزاز، بل جرأة تنتهي إلى درجة (التقزز) في أحايين كثيرة ، وإن هربت منه نماذج غاية في الروعة ودقة التعبير:(ففي أدبنا القديم وصف امرؤ القيس ، في معلقته، فرط عارم شهوته .ووصف أبو النجم العجلي في رجزه عجزه الجنسي بأسلوب ساخر.وتبعه راشد بن إسحاق أبو كريمة متحدثا عن (أحوال )صفة رجولته في ديوان كامل. واستمر ذلك صريحا ، مغالى به ، في كثير من الأحيان ، على مدار العصور،ففُقدت غاية الشعر التي هي صورة رائق سحر أحاسيس).
وإلى جانب ذلك ، كان (الوصف) الهادئ الرقيق ، المثير لبوابات سامي الأشواق :( تحدث عنترة العبسي عن عبلة ، وجميل بن معمر العذري عن بثينة ، وتجرأ عمر بن أبي ربيعة فتكلم بأسلوب عذب عن عبثه وصبوته وفتوته . ثم جاء عمر بن الفارض فصنع من (المرأة ) و( العشق ) شيئا آخر، فعُرف الوجد والتوق وحب الله من خلال رائع فتنة سحر الوصف.
ثم مع الأيام ، صارت المرأة ، وطنا وهاجس أمة ومحرض ثورة و فضاءات جمال لاتنتهي وشغف قلب ).فاكتمل حاق الفن ونبل غايته: يقول الدكتور سامي الدهان ، في مقدمة شرح ديوان صريع الغواني مسلم بن الوليد الأنصاري (ت : 208 ):لا نرى في الحب صورة غير التي ذكرها أول آدمي عشق فسعى والتمس الأسباب ، فإذا اجتمع ، مال القلب إلى القلب، وامتزج الدمع بالدمع ، ومات الحديث ، وقام الهمس ، وذبلت العيون .بدأه امرؤ القيس ولم يُختم في الشعر العربي حتى الساعة . ولكن الفرق بين هؤلاء وهؤلاء من المحبين الصادقين أو الكاذبين ، أن بعضهم التمس المادة وبعضهم سعى إلى الروح ، والمرأة مادة وروح (ص م 42) .
نعم ، المرأة: حلم وواقع ، شكل كلي رائع في حضوره وتأثيره : وما أجمل كلام الراحل / الباقي في هدب العين طلعت سيقرق ، في لقاء معه :(في شعر الغزل ابتعدت عن تشيئ المرأة أوتفكيكها ،وكأنها آلة نحولها إلى قطع : عينان شفتان قدمان !هذا خطأ ، فهي أكبرمن ذلك بكثير .. الأنثى عالم رائع كامل .. التجزؤ يقتلها ، وأنا أريد لها الحياة ).
ونعم ثانية،وثالثة ، وعاشرة ،فرق كبير بين أن نكتب لسمو متعة النفس، وبين أن نتعمد (الاستفزاز ) بدعوى حرية الكلمة أو الأدب .وفرق أيضا أن نعتمد(ميوعة ) اللفظ و(تفاهة )العبارة ، بدعوى القرب من القارئ وكسبه بمبتذل اللفظ .
المرأة هي أمي وزوجتي وابنتي وأختي ورفيقة رحلة دربي ، بل هي وطن كبير يتسع لكافة الرموز وكافة الفضاءات ومطلق شفافية التأويل .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|