03 / 06 / 2008, 53 : 03 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات
|
إيليا أبو ماضي.عصر الرشيد
عصر الرشيد
كم بين طيّات القرون الخالية عظة لأبناء الدهور الآتية
عبر اللّيالي كاللّيالي جمّة*********لكنّما النزر القلوب الواعية
الدّهر يفنينا و نحسب أنّه*******يفني بنا أيّامه و لياليه
فاذا مشى فينا الفناء فراعنا*******خلق الخيال لنا الحياة الثانية
إنّ الحياة قصيدة ، أبياتها********أعمارنا ، و الموت فيها القافية
كم تعشق الدنيا و تنكر صدّها*******أنسيت أنّ الخلف طبع الغانية ؟
و تودّ لو يبقى عليك نعيمها*******أجهلت أن عيك ردّ العارية ؟
خلذ الغرور بما لديك فإنّما********دنياك زائلة و نفسك فانية
إنّ الألى وطئت نعالهم السّهى******و طئت جباههم نعال الماشية
لو أنّ حيّا خالد فوق الثّرى*******ما مات " هارون " و زال " معاوية "
أو كان عزّ دائما ما أصبحت******" بغداد " في عدد الطلول البالية
أخنت عليها النائبات، فدروها*******خرب تعاودها الرياح السّافية
يأوى إليها البوم غير مروّع**********من كلّ نعّاب أحمّ الخافيه
نزل القضاء فما حماها سورها***********ولطالما ردّ الجيوش الغازية
و اجتاح مجتاح العروش ملوكها********فكأنهم أعجاز نخل خاوية
أين القصور الشاهقات و أهلها*******باد الجميع ، فما لهم من باقية
درست معالمها و غيّرها البلى*********و لقد ترى حلل المحاسن كاسية
أيّام لا دوح المعارف ذابل*******ذاو ، و لا دور الصّناعة خالية
أيّام لا لغة " الكتاب " غريبة*******فيها و لا همم الأعارب وانية
أيّام كان العلم يغبط أهله*********أهل الثراء ، ذوو البرود الضافية
أيّام كان لكلّ حسن شاعر*******كلف به و لكلّ شعر راويه
أيّام " دجلة " مطمئن هاديء********جذلان يهزأ بالبحور الطامية
" النيل " خادمه الأمين ، و عبده*************" نهر الفرات " و كلّ عين " جارية "
تهوى الكواكب أنّها حصباؤه*******أو أنّها شجر عليه حانيه
و تودّ كلّ سحابة مرّت به******لو أنّه سحب عليها هامية
و ترى الغزاله طيفها عند الضحى******في سطحه فتبيت عطشى راوية
أيّام كان الشرق مرهوب اللوا******يكسو الجلال سهوله و روابيه
أيّام تحسدها العواصم مثلما******حسد العواطل أختهنّ الحالية
و لطالما كانت تعزّ بعزّها****" مصر " و يحمي ذكرها " أنطاكيه " ***
أيّام " هارون " يدير شؤونها*********يا عصر هارون " عليك سلاميه
ملك أدال من الجهالة علمه******و أذلّ صارمه الملوك العاتيه
ومشت تطوّف في البلاد هباته*******تغشى حواضرها و تغشى البادية
ملأ البلاد عوارفا و معارفا******و الأرض عدلا و النفوس رفاهيه
فتحضّر البادون في أيّامه********و استأنست حتّى الوحوش الضارية
و تسربلت " بغداد " ثوب مهابة*****ليست تراه أو " تراه " ثانيه
هاتيك أيّام تلاشت مثلما تمحو********من الرقّ الحروف الماحية
لم يبق إلاّ ذكرها يا حسنها******ذكرى تهشّ لها العظام الباليه
لو أنّ هذا الدهر سفر كنت يا*****عصر الحضارة متنه و الحاشية
عصر لئن جاء البشير بعودة*****فلأخلعنّ على البشير شبابيه !..
إيه " أبا المأمون " ذكرك آبد**********في الأرض مثل الشامخات الراسيه
باق على مرّ العصور بقاءها*******و كذاك ذكر ذوي النفوس السامية
إن لم يكن لك من مثال بيننا********فلأنّ روحك كلّ حين دانيه
هي في الخمائل زهرة فيّاحة*********هي في الكواكب شمسها المتلالية
إنّي لأعجب كيف متّ و في الورى**********حيّ و كيف طوتك هذي الطاوية
ومن الزمان يهدّ ما شيّدته**********ويح الزمان أما تهيّب بانيه ؟
تشكو إليك اليوم نفسي شجوها******فلأنت مفزع كلّ نفس شاكية
أتراك تعلم أنّ دارك بدّلت*******من صوت " إسحق " بصوت النّاعية ؟
أتراك تعلم أنّ ما أثلته********قد ضيّعته الأنفس المتلاهية ؟
يا ويح هذا الشرق بعدك إنّه************للضعف بات على شفير الهاوية
ما كان يقنع بالنجوم وسائدا******و اليوم يقنع أهله بالعافية !
مسترسلون إلى الذهول كأنّما************سحروا أو اصطرعوا ببنت الخابية
مستسلمون إلى القضاء كأنّما********أخذوا و لمّا يؤخذوا بالغاشية
المجد إدراك النفيس ، و عندهم***********ما المجد إلاّ شادن أو شادية
يهوى الحياة الناس طوع نفوسهم*************و هم يريدون الحياة كما هيه
صغرت نفوسهم فبات عزيزهم*******يخشى الجبان كما يخاف الطاغية
حملوا المغارم ساكتين كأنّما*******كبرت على أحناكهم لا الناهية
لم تسمع الدنيا بقوم قبلهم*********ماتوا و ما برحوا الديار الفانية
الله لو حرصوا على أمجادهم*********فلتلك عنوان الشعوب الراقية
ملك " العلوج " أمورهم و متاعهم***********حتّى سوامهم و حتّى الآنية
وا خجلة العربيّ من أجداده*********صارت عبيدهم الطغاة موالية !..
أبني الغطارفة الجبابرة الألى*********و طئوا " اللّوار " و دوّخوا " إسبانية "
من حولكم و أمامكم تاريخهم*******فاستخبروه فذاك أصدق راويه
قادوا الجيوش فكلّ سهل ضيّق*********ورموا المعاقل فهي أرض داحيه
و سطوا فأسقطت العروش ملوكها***********رعبا و أجفلت الصروح العالية
و مشوا على هام النجوم فلم تزل*********في اللّيل من وجل تحدّق ساهية
وردت خيولهم المجرّة شزّبا************و الشهب من حول المجرّة صادية
أعطاهم صرف الزمان زمامه*********أمنوا و ما أمن الزمان دواهيه
لا أستفزّكم لمثل فتوحهم لكن*******إلى حفظ البقايا الباقية
أتذلّ آناف الملوك جدودكم*********و تسومكم خسفا رعاة الماشية ؟
كم تصبرون على الهوان كأنّكم**********في غبطة و الذّلّ نار حامية
يا للرجال ! أما علمتم أنّكم*********إن لم تثوروا ، أمّة متلاشية ؟
" دار السّلام " تحيّة من شاعر******حسدت مدامعه عليك قوافية
فأراق ماء شؤونه و لو أنّه***********في الغاديات أراق ماء الغادية
لو كان مجدك مستردا بالبكا**********قطرت محاجره الدماء القانية
فعليك تذهب كلّ نفس حسرة************و لمثل خطبك تستعار الباكية
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|