حسن الحاجبي
|
في دوحة الشعر النبطي / الخصائص والمصطلحات
التسمية
الشعر النبطي بماهو شعر , يعتبره بعض الدارسين ملحونا ويعتبره آخرون غير ملحون , وأجمل وصف مختصر في حقه هو أنه كلام العرب الخارج عن ضوابط كل معرب .
يسمى النبطي لكونه كلاما نبطا , أي غير خاضع لقواعد اللغة , وفي أصل التسمية اختلاف كبير , بين من يردها إلى العراق لبلاد فيها تسمى الأنباط , ومن يعتبر مهد هذا النوع من الشعر هو قبيلة نبطة المتفرعة عن آل السبيع بجزيرة العرب , وذهبت بعض الدراسات إلى ترجيح القول بأن النبط لغة هو الحفر في الأرض التي بها معدن أو ماء قصد استخراجه , وما سمي الشعر النبطي بتسميته إلا لنبطه في قعر الأنفس وإخراج مكامنها دونما اعتبار للقواعد , وقد انتشر ببلاد نجد وتعاطاه أهل العقيق وأهل الحجاز , ثم توسعت دائرة الإهتمام به لتشمل كافة بلاد الجزيرة العربية وبلاد اليمن وتخوم الشام والعراق .
الخصائص
ينقسم الشعر النبطي عموما إلى قسمين رئيسيين هما : القصيدة والرد .
أما القصيدة فتخدم في مجملها أغراضا شعرية متعددة لا تختلف عن أغراض القصيدة العربية من قبيل المدح والهجاء والهجو والرثاء والفخر والغزل وغيرها . وتحتفظ بكل عناصر الشعر العربي المتعارف عليها قديما , سوى أنها تعوض الإعراب والعروض الشعري ببحور وأوزان يستقيم معها الجرس الشعري النبطي , ويقاس بواسطتها الشعر المقفى من غيره , ويرجع إليها في الأحكام النقدية للقصيدة الشعرية النبطية . وتلتزم القصيدة النبطية في الغالب بقافيتين مختلفتين , أولاهما تقفي الشطر الأول وثانيهما تقفي الشطر الثاني .
وأما الرد فهو شعر شبيه بالمساجلات لأنه يقوم على استعراض مهارات الشاعر من خلال استحضار الحال وارتجال المقال , عبرترديد أشطار مرتجلة يرددها من وراء الشاعر صف من الرجال فيما يشبه التثمين والمساندة لما يقوله الشاعر , مدحا كان أم هجوا أم رثاء , وفي المقابل يقف شاعر آخر غريم له , ووراءه صف من الرجال ليرددوا بعده بدورهم في احترام تام للقوانين المرعية القائمة أساسا على عدم المقاطعة , وعدم الخروج عن الموضوع , والمعرفة بالأخبار وبالأعراف وبالطبائع , وسرعة البديهة , واجتناب الحقد والغضب .
ظل الشعر النبطي شفويا غير مكتوب حتى القرن العشرين , وأول من اهتم بتدوينه " خالد الفرج " في كتابه :"ديوان النبط" ومن بعده , " عبد الله بن خالد الحاتم " في كتابه " خير ما يلتقط من شعر النبط ", أما شعراء النبط المشهورون فنذكر من القدامى : أبو حمزة العامري ,من الأحساء , والرميزان , من أهل نجد , وقطن بن قطن , من أهل عمان , والوقداني , من أهل الحجاز , ومن المحدثين : جهز بن شرار , ورشدان بن موزة , ومحمد بن لعبون , بينما المعاصرون كثر يبقى أشهرهم : تركي بن حميد , وبندر بن سرور , وخالد الفيصل , والأبنودي , وغيرهم .
ومن بين أهم خصائص الشعر النبطي لهجته البدوية الغارفة من اللغة العربية , وهي أقرب اللهجات إلى الفصحى , والتزامه في الأغلب بالوزن الواحد والشطرين المتكررين بقافيتين مختلفتين , وبمقدار موسيقي متوازن , مع الحرص على البناء التقليدي لجسم القصيدة من حيث الإستفتاح التمهيدي ,وبسط الموضوع الرئيسي , وصولا إلى التخلص والختام .
تستوجب القصيدة الشعرية النبطية مراعاة الفكرة الواضحة والمعنى غير الملتبس والنسج على منوال يضمن بلوغ المرام والتماس المقال المناسب في المقام المناسب , من خلال ركوب بحور شعرية منها الأصلي ومنها المبتكر . فأما البحور الأصلية فهي التالية :
1 ــ الهلالي
هو أصل الشعر النبطي وأول ما نظم به هذا اللون من كلام العرب .
2 ــ الصخري
جاء بعد الهلالي وتميز بالقوة والصعوبة
3 ــ الحداء
أصله حداء أهل البادية للإبل وترانيمهم من ورائها على وقع الخطو
4 ــ المروبع
يتميز بأشطاره الأربعة , بحيث تتوفر الثلاث الأولى على قافية بينما تكون الرابعة مشتركة حتى النهاية
5 ــ القلطة
هو النظم الإرتجالي القائم على قوانين مرعية وأعراف اجتماعية محفوظة
6 ــ الرجد
ما يميز شعر أهل الشمال من جزيرة العرب حيث تنطق بعض الحروف على خلافها
وأما البحور المبتكرة فهي كالتالي :
1 ــ المسحوب
هو أقصر من الهلالي ومشتق منه , أخذ عن الحداء طابع الغناء من وراء الإبل
2 ــ الهجيني
شعر الفرسان وأهازيجهم على ظهور الخيل للتفاخر والحماسة
3 ــ السامري
شعر خاص بوضعية الجلوس والسمر يكون مصحوبا بضرب الكفوف وقرع الطبول
4 ــ الفنون
بحر مشتق من السامري تتغنى به المجالس ومنه غناء النساء فيما بينهن
5 ــ العرضة
شعر الحماسة والإنتصار وإعلان حالة الإبتهاج
6 ــ الجناس
مشتق من المروبع وهو أقل من حيث عدد الأشطار
7 ــ الزهيري
من البحور المستحدثة
أهم مصطلحات الشعر النبطي
كغيره من أنواع الأشعار , للشعر النبطي مصطلحات تتعلق بالخصائص والأحكام نذكر من بينها مايلي :
1 ــ الناعشة : والمقصود بها الشطر الأول من البيت , بحيث لايسمح بمخالفتها أو استبدالها .
2 ــالقفل : وتعني الشطر الثاني من البيت , وهي مخصوصة به , لكنها قد تطلق تجاوزا عند بعض الشعراء والمهتمين على البيت كله .
3 ــ المشد : بكسر الميم وتشديد الشين المنصوبة , وتعني صدر البيت أي شطره الأول كاملا .
4 ــ القاف : تعني البيت كاملا وقد تطلق تجاوزا على القصيدة بأكملها فيقال: قاف جميل مثلا .
5 ــ الطرق : بالتشديد على الطاء وفتح الراء , وتعني البحر أو القياس الذي نسج على منواله الكلام .
6 ــ الطاروق : هو غير الطرق والمقصود به لحن القصيدة ونغمها .
7 ــ القارعة : هي القافية عند شعراء النبط
8 ــ الراحلة : المقصود بها قريحة الشاعر ومقدرته على المواكبة والإستمرار .
9 ــ الأحضار : وتعني استحضار الشاعر للحال والتمكن من الإرتجال وثبات الشخصية الشعرية .
10 ــ الشوطار : هي من عيوب الشعر النبطي , ومعناها انعدام الترتيب والتساسل في عرض الأفكار
11 ــ الفتل : مصطلح يعني تعمد إبهام المعنى بما يجعل الشعر ممتنعا إلا على العارفين .
12 ــ النقض : هو عكس الفتل , ويعني تبسيط المعنى وإظهاره للسامع .
13 ــ الدوس : مصطلح يعني تكرار القافية فنقول : قاف دوسه صحيح أو دوسه كذا أو كذا .
14 ــ الشاب : تنطق ب" الشام " عند أهل الشمال وتعني نهاية الكلام أو ختمة الشعر .
القصيدة التي تستطيع أن تقفز بين كل المصطلحات والخصائص التي بينا سابقا , فتنجح في اكتساب المرغوب , وتتوفق في اجتناب غير المرغوب , هي وحدها القصيدة التي ترتقي عند أهل الشعر النبطي إلى مقام " القاف "ولا عيب في أن تكون قصيدة" مهملة " أي ملتزمة بقافية واحدة في جميع أشطارها , وإلا فإنها مجرد " حورانية " بمعنى أنها تخلط في الكلام ولا تستقر على :"طرق " ولا على " قارعة " . أما الشاعر النبطي فإذا نجح في استحضار كل ماسلف وتمكن من ولوج قلب
المستمع والتأثير عليه بشعره الجميل وحجز لنفسه مكانا بين الشعراء الأفذاذ فساعتها نسميه شاعرا " بيطار " أي شاعرا متمكنا وخليقا بالإنتماء إلى شعراء النبط , أما إذا كان مجرد حافظ للأشعار , وغير قادر على الإرتجال فلا يرقى إلى درجة " البيطار " وإنما هو مجرد شاعر " قصاد " .
في انتظار إمتاعكم بأشعار كل بيطار نبطي , تقبلوا جميعا خالص المودة والتقدير ,
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|