وتبقى الأحلام ...
وأنا أقف أمام المرآة والكون فيها امتداد لروحي , لوَّحَ القدرُ بيدهِ يُداعبُ أوتارَ قلبي العليل
وراح يرسم لي جناحين من خيال ... طرت بهما ما امتدَّ بصري هناك .
وكم كانت فرحتي وأنا أرقبُ روحي تجمعُ من شتاتِ الأيامِ قوالبَ أملٍ , فتبني لي بها بيتاً سقفه من قصب وعلى شباكها تدلّت لبلابةُ صبرٍ أزهرَ ورداً .. ألوانُهُ ابتسامات .. ترقبُهُ عيونُ القمر بنورٍ من سلامٍ وتهدهدهُ الغيومُ لتلامسَ جدرانه بظِلِّ الفرحِ كل مساء ..
وهناك على بعدِ نظرٍ تشمُّ أشجارُهُ عبقَ البحر ورائحةَ الشوق , تتكحَّلُ مروجُهُ الملونةُ بالوردِ والريحانِ .. تتدحرجُ إليه الشمسُ تقبّلُ بابَهُ كلَ فجرٍ جديدٍ وتودعهُ كلَّ مساءٍ على أملِ قبلةٍ وأمانٍ .
اتكأتُ على طرفِ المرآةِ , فالمشهدُ أغراني على الرغمِ من التعبِ ورُحْتُ استجديهِ البقاء وتذكرت درجي كحلي ومشطي وألواني ..
وتذكرت أنني الطفلةُ الحالمةُ وقد علَّمتني أمي أنَّ الألوانَ محرَّمةٌ على الأطفال فأدرتُ عقاربَ الأيام في قلبي ..
لِتُلبسني أمنياتُ العمر أجملَ حُللها .. وكانَ الربيع ...
وعلى وقعِ نسائمِهِ راقصتُ أغصانَ الشجر كما الأميرات ..
وراحت الجداولُ تسقي ظمئي كؤوسَ الأملِ مُـترعَةً بالشوقِ أرتشفتها الطيورَ معي رشفةً رشفة ..
وحين أعلنتُ انعتاقي صرخَ الواقعُ في المرآة فتحطَّمتْ ..
وكاد فتاتُ الزجاج يجرحُ قلبي لولا أنّ عقلي نبَّهني فهرولتُ لزاويتي قبل أنْ أشعلَ شمعةً واحدةً
.
.
.
وتبقى الأحلامُ ترسمُ الابتسامةَ في قلوبنا على الرغم مما كان وما قد يكون .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|