رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]إلصاق تهمة التطرف بكل من هو مسلم بدأ مع خيوط المؤامرة الأولى على الإسلام منذ الهجرة ..
وإذا كانت قريش تتآمر في نطاق ضيق من أجل مصالحها بذريعة الذود عن آلهتها فإن المؤامرة التي بدأت بعد الهجرة بتكالب اليهود والمنافقين ، أخذت لها أبعادا أخرى وتداعيات خطيرة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ومسلسل اغتيال الخلفاء الراشدين .
وكان لدخول أمم أخرى في الاسلام أثره في ظهور حركات شعوبية تعمل في الخفاء من أجل تقويض أركان الدين الجديد وبث سموم التفرقة بين العرب من جهة وبين ما كان يسمى بالموالي ..
المؤامرة لم تتوقف ولم تخب جذوتها مع مرور الزمن وظهرت طوائف ومذاهب جديدة ساهمت في توسعة شق التفرقة بين المسلمين ، وبدل أن يكون الاختلاف رحمة ونعمة ، أضحى نقمة ووبالا على بلاد الاسلام وخاصة على من كان يحلم بمجتمع اسلامي يستمد نقاءه ومبادئه من الرعيل الأول دون أن ينبذ فكرة التجديد ومسايرة العصر ..
العصر الحديث عرف أكبر هذه المؤامرات المتجلية في القضاء على الخلافة العثمانية التي وإن كان الكثيرون يعيبون عليها طمس الهوية العربية فإن آخر خلفائها السلطان عبد الحميد – ومن باب إعطاء كل ذي حق حقه – لم يفرط في فلسطين ورفض فكرة هجرة اليهود إليها رغم الوعد والوعيد .. ثم ما تلا ذلك من اتفاقيات سرية لتفكيك الوطن العربي واغتصاب فلسطين .
المسلم المعتدل والمسلم المتطرف صارت نغمة متداولة من أجل المضي قدما في بث روح التفرقة بين العرب والمسلمين وصرنا نجد أبناء الجلدة الواحدة يرددون كالببغاء هذا المصطلح وكأن المسلم الذي يتشبث بمبادئ الدين الداعية إلى التقوى ونبذ المحرمات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، صورة من صور هذا التطرف الذي يمقته الغرب لأنه يعارض مصالحه المتمثلة في التسلط المادي والخلقي (الربا – المتاجرة في الزنا والخمر – تشجيع القمار) وهي آفات نعلم بتسببها في انهيار مجتمعات بكاملها .. وربما لم يسمع الكثيرون بأصوات تتهم هذه الآفات بالتسبب في الأزمة الاقتصادية الحالية .. لكن الإعلام الغربي وسيطرته لا يدعان مجالا لسماع تلك الأصوات الشريفة .
المسلم المعتدل بالنسبة لهم ، كما ذكرت أستاذة هدى ، هو من يوافق الغرب في هواه ويتسلم شهادة الرضا منه ، وذلك بالإذعان لتعاليمه والاكتفاء بأداء بعض طقوس العبادة وفي حدود ..
وآخر فصول المؤامرة حاليا تتجلى في بث نار الفتنة بين السنة والشيعة ونحن نعلم أن الاختلاف ليس جوهريا بين الفئتين وإنما هو في بعض المسائل النظرية كما قال أحد الفقهاء على إحدى الفضائيات ..
طبعا هناك غلاة من الجانبين .. وهذه المغالاة هي التي تتسبب في إذكاء نار العداوة والبغضاء بين المذهبين .. وأهم ما يعيب أمتنا هو الانفعال عند تلقي الأخبار رغم أننا نعلم بمن وراءها .. فحين نسمع بخبر مفاده أن شيعيا يسب آل البيت تقوم الدنيا ولا تقعد وتصوب التهم نحو كل الشيعة بينما والحق يقال هناك منهم من يتمتع بأفكار نيرة .. والغريب أن تيارا أخذ طريقا له وسط هذا المعمعة من الاتهامات ليفسح المجال أمام العدو الصهيوني ليبدو كحمامة سلام وتنتفي عنه صبغة العداوة للأمة العربية وتحل محله إيران .
في الطرف الآخر .. نجد من السنة من يسيء إلى الأمة بتكفير كل من يدلي برأي مخالف ، بل وتشحن النفوس بالبغضاء لمجرد أن أحدا انتقد الاسلام وتعاليمه بسبب عدم إلمامه بعمق هذه التعاليم فيتم تهديده أو تهديد مصالح بلده مما يعطي صورة غير لائقة بالدين الحنيف الداعي إلى الحوار والنقاش لتوضيح الأمور .
ومن البديهي أن المسلم مدعو للدفاع عن نفسه وهويته بكل الوسائل دون عنف الله إذا كان مجبرا لرد العدوان .. فذلك من أوجب الواجبات .
شكرا لك أديبتنا الكبيرة أستاذة هدى على إفساح المجال لنا لندلي بدلونا في هذا الموضوع الشائك .
وتحية مودة وتقدير لشخصك الكريم .[/align]
|